قتل موظفي الإغاثة يزيد الضغط على إسرائيل لوقف الحرب

196 عامل إغاثة قُتلوا منذ 7 أكتوبر

فلسطينيون يحملون جثمان أحد العمال الأجانب السبعة في رفح بجنوب قطاع غزة اليوم الأربعاء (رويترز)
فلسطينيون يحملون جثمان أحد العمال الأجانب السبعة في رفح بجنوب قطاع غزة اليوم الأربعاء (رويترز)
TT

قتل موظفي الإغاثة يزيد الضغط على إسرائيل لوقف الحرب

فلسطينيون يحملون جثمان أحد العمال الأجانب السبعة في رفح بجنوب قطاع غزة اليوم الأربعاء (رويترز)
فلسطينيون يحملون جثمان أحد العمال الأجانب السبعة في رفح بجنوب قطاع غزة اليوم الأربعاء (رويترز)

في وقت تسعى فيه إسرائيل إلى احتواء جريمة مقتل الموظفين السبعة في منظمة المساعدات الدولية «وورلد سنترال كيتشن» (المطبخ المركزي العالمي) في دير البلح وإظهارها خطأ غير مقصود من جيشها، أبدت أوساط سياسية قلقها من أن تؤدي ردود الفعل الغاضبة في العالم إلى تصعيد في الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف حرب غزة وتسريع التوصل إلى اتفاق لوقف النار وتنفيذ صفقة تبادل أسرى.

وقال تلفزيون «فلسطين»، اليوم (الأربعاء)، إن طواقم الهلال الأحمر انتهت من نقل جثامين ستة من الموظفين السبعة التابعين للمنظمة الإغاثية إلى معبر رفح البري مع مصر. والقتلى السبعة يحملون جنسيات أستراليا وبولندا وبريطانيا إضافة إلى شخص يحمل الجنسيتين الأميركية والكندية وفلسطيني.

وقالت مصادر سياسية في تل أبيب إن هناك عشرات الحوادث التي وقعت خلال الحرب على غزة انتهت بمقتل عاملي إغاثة، لكن الحادثة الأخيرة جلبت على إسرائيل وبالاً شديداً. فالمنظمة المذكورة التي قدّمت حتى الآن 42 مليون وجبة طعام لأهل غزة، أوقفت نشاطها، في حين تطالب دولة الإمارات العربية التي موّلت هذه الوجبات وسفن الإغاثة الإنسانية، بتلقي تعهد بوقف المس بالمساعدات، وهو أمر وضع إسرائيل في مأزق شديد. إذ إن المتوقع وقوع مزيد من المآسي والعودة إلى اتهام إسرائيل بالتجويع، ولن يكون مفراً أمام الجيش الإسرائيلي إلا أن يتصرف كحاكم عسكري في القطاع، بحسب ما ترى أوساط إسرائيلية.

أغراض شخصية تعود لعامل الإغاثة سيف الدين عصام أبو طه الذي قُتل في الغارات الإسرائيلية على موظفي «وورلد سنترال كيتشن» في دير البلح (رويترز)

وقال الجنرال يسرائيل زيف، الرئيس السابق لدائرة العمليات في رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، إن «النتيجة الأولية للحادث هي أن أحداً لا يثق بإسرائيل ورواياتها. وإذا كان التأييد العالمي لإسرائيل في الحرب على غزة قد انحسر بنسبة 60 - 70 في المائة فإنه بهذه الحادثة سيجعلنا نفقد آخر أصدقائنا. وقد بدأنا نسمع لغة جديدة في الدول التي ينتمي إليها السبعة؛ إذ يتهمون إسرائيل بارتكاب جريمة حرب ويشككون في الرواية القائلة إنهم قتلوا بالخطأ وتزداد الاتهامات بأن الجيش الإسرائيلي يفقد توازنه وإن لديه ضباطاً منفلتين لا يتورعون عن القتل العمد لكل من هو غير إسرائيلي».

وقال ألون مزراحي، المعلق السياسي في «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، إن هذه الحادثة «هدية» تقدّم لقائد «حماس» في غزة، يحيى السنوار. وأضاف أنه إذا كان السنوار ينوي التراجع قليلاً حتى يتم التوصل إلى اتفاق معه فإنه سيشدد مطالبه الآن لأنه يرى أن العالم يدين إسرائيل ويمارس الضغوط عليها وسيقول لنفسه: «لماذا أساعدهم على النزول عن الشجرة؟ فليتلظوا في زيت القلاية ويقلعوا شوكهم بأيديهم».

وبحسب مسؤول في الخارجية، تحدث إلى «القناة 13»، فإن ضغوطاً شديدة على إسرائيل زادت خلال ساعات من الحادث كي توقف الحرب تماماً. ففي دول الغرب أيضاً يعتقدون بأنه لم تعد هناك جدوى من الحرب، وأن المدنيين هم الذين يدفعون ثمنها. والغرب لا يتحمل مساندة إسرائيل في ذلك.

صور محتجزين إسرائيليين لدى حركة «حماس» على جدار في القدس اليوم الأربعاء (إ.ب.أ)

وبحسب «القناة 11»، فإن من غير المستبعد أن تتحول حادثة دير البلح نقطة تحوّل، يبدأ منها العد العكسي لوقف الحرب. وقالت: «إذا كان الأميركيون يحذروننا من دخول رفح خوفاً من كوارث بين المدنيين فإنهم سيطالبوننا اليوم أكثر من أي وقت مضى بوقف الحرب. فالاستمرار فيها سيوقع حوادث كثيرة كهذه، واجتياح رفح بقاطنيها الحاليين سيزيد الطين بلة».

أما صحيفة «هآرتس»، فقد فنّدت رواية الجيش بأن القصف الإسرائيلي تم بسبب خطأ. وقالت نقلاً عن مصادر أمنية إسرائيلية إن «استهداف قافلة السيارات الثلاث التي أقلت عاملي الإغاثة ورافقت شاحنة مساعدات إنسانية، جرى بسبب الاشتباه بأن مسلحاً تواجد في القافلة، وخلال ذلك أطلقت طائرة مسيّرة ثلاثة صواريخ». وأضافت: «على الرغم من انه وُضعت علامات واضحة على سقف وجوانب السيارات الثلاث التي تدل على أنها تابعة لمنظمة الإغاثة، فإنهم في غرفة القيادة التابعة للوحدة المسؤولة عن مراقبة الطريق التي سلكتها القافلة رصدوا شخصاً مسلحاً على الشاحنة واشتبهوا بأنه مخرب».

دبابة إسرائيلية في موقع بمواجهة قطاع غزة اليوم (أ.ب)

جدير بالذكر، أن هذه لم تكن الحالة الأولى منذ بداية الحرب التي يهاجم فيها الجيش سيارات ومنشآت تعود لمنظمات إغاثة، محلية ودولية. وحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإنه ليس أقل من 196 عاملاً في الإغاثة الإنسانية قتلوا منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، من جراء العمليات الإسرائيلية. على سبيل المثال قُتل ستة من الفلسطينيين المرتبطين بـ«أطباء بلا حدود»، وبينهم طبيبان وطفلة، بنار الجيش الإسرائيلي. كما أصيبت سيارة للمنظمة بنيران الجيش. وقد أصيب أيضاً عدد من الفلسطينيين الذين كانوا في مبنى المنظمة البريطانية «إم إي بي» (مساعدة طبية لفلسطين). وقتل 15 من العاملين في طواقم الإنقاذ للهلال الأحمر بالنيران الإسرائيلية عندما كانوا في الطريق لإنقاذ مصابين. وأطلق الجيش الإسرائيلي النار على الشاحنات التي نقلت الغذاء والأشخاص الذين تجمعوا حولها، على الأقل 16 مرة، أشهرها تلك التي وقعت على مفترق النابلسي في غزة يوم 29 فبراير (شباط) الماضي، وفي حينه قتل 112 شخصاً، بعضهم تم الدوس عليهم من قِبل الجمهور المذعور، وغالبيتهم من القصف الإسرائيلي.

إسرائيليون يتظاهرون بأنهم من «حماس» خلال احتجاج أمام مقر وكالة «أونروا» في القدس اليوم الأربعاء (أ.ب)

وبحسب عميرة هيس، مراسلة «هآرتس» للشؤون الفلسطينية، فإن قتل عاملي المطبخ المركزي في هجوم لا يعدّ الأول من نوعه يظهر ثلاثة أسس حول طبيعة نشاطات الجيش الإسرائيلي في غزة. الأول، عدم التنسيق بين القوات المختلفة رغم التصريح عكس ذلك. الثاني، المستوى المتدني نسبياً في الجيش الذي اعطي الصلاحية الفورية للقتل من الجو. الثالث، المرونة الكبيرة في تقدير الضرر الجانبي الذي يسمح الجيش الإسرائيلي لنفسه به، أي العدد المرتفع جداً من غير المقاتلين ومن غير المسلحين، من بينهم أطفال، المسموح يقتلهم من أجل المس بـ «هدف شرعي واحد». في حادثة دير البلح يتبين أن فقط الاشتباه بـ«شخص مسلح» (حتى الآن لا نعرف هويته) كان يكفي للسماح لمشغّل المسيّرة العسكرية بأن يقتل سبعة أشخاص غير مشبوهين وغير مسلحين. هذا الإطلاق السهل هو أحد التفسيرات بأن نحو 14 ألف طفل في غزة قتلوا حتى الآن، بحسب معطيات «يونيسيف».


مقالات ذات صلة

شولتس يدعو لوقف إطلاق النار في الشرق الأوسط

أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ب)

شولتس يدعو لوقف إطلاق النار في الشرق الأوسط

دعا المستشار الألماني أولاف شولتس، مجدّداً، الأحد، إلى وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، عشية الذكرى الأولى لهجوم حركة «حماس» على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تحليل إخباري نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

أزمة حادة بين ماكرون ونتنياهو، والإليزيه يسعى لتطويقها... ورسالة فرنسية ضمنية إلى بايدن تدعوه «للانسجام» في المواقف.

ميشال أبونجم (باريس)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في القمة الفرنكوفونية التاسعة عشرة في باريس (رويترز)

تحليل إخباري دعوة ماكرون لوقف تسليح إسرائيل... هل يمكن تفعيلها؟

وسط تصعيد إسرائيلي للحرب في لبنان وتواصلها في غزة، أثارت دعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن الكف عن تسليم أسلحة لإسرائيل، تساؤلات بشأن إمكانية تفعيلها

«الشرق الأوسط» (القاهرة ) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس (أ.ب)

هاريس: الولايات المتحدة ستواصل الضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار

أعلنت نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس أن الولايات المتحدة ستواصل الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

مصر: الاحتفاء الواسع بـ«6 أكتوبر» يتفاعل مع الاضطرابات الإقليمية

برغم مرور 51 عاماً على حرب السادس من أكتوبر عام 1973، تشهد مصر منذ أيام احتفالات واسعة بالنصر على إسرائيل الذي تحلّ ذكراه بالتزامن مع استمرار الحرب في غزة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

استنفار إسرائيلي واسع عشية ذكرى «طوفان الأقصى»

إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)
إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)
TT

استنفار إسرائيلي واسع عشية ذكرى «طوفان الأقصى»

إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)
إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)

أعلنت إسرائيل حالة تأهب قياسي، الأحد، بالمواكبة مع الذكرى الأولى لأحداث «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفي حين استنفرت إسرائيل قواتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، تلقّت هجوماً في محطة مركزية ببئر السبع، ما أسفر عن مقتل مجنَّدة إسرائيلية، وإصابة أكثر من 10 أشخاص.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، حالة تأهب قصوى؛ استعداداً لذكرى السابع من أكتوبر، التي تحل الاثنين، وبدء عملية مركزة في منطقة جباليا شمال قطاع غزة، ودفع تعزيزات إلى الضفة الغربية وإسرائيل.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية «كان» إن الجيش يقف في حالة تأهب قياسي، بعد تقديرات بأن الفصائل الفلسطينية ستشن هجمات.

وتستعد القوات الإسرائيلية، وفق تقديرات استخباراتية، لصد محاولات اختراق الحدود مع إسرائيل، ويعتقد قادة الجيش أن ثمة احتمالاً كبيراً بأن تكون هناك محاولات تنفيذ هجمات داخل إسرائيل، وربما احتمال إطلاق صواريخ من غزة تجاه إسرائيل.

وأعلن الدفاع المدني في غزة، الأحد، أن غارات إسرائيلية على منطقة جباليا في شمال القطاع الفلسطيني أدت إلى مقتل 17 شخصاً، على الأقل، بينهم تسعة أطفال.

بدوره، أعلن الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق صواريخ من شمال غزة، في اتجاه جنوب الدولة العبرية. وقال الجيش إنه «جرى رصد عدة قذائف صاروخية أُطلقت من شمال قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وجرى اعتراض قذيفة واحدة، في حين سقطت الأخريات في مناطق مفتوحة».

كما أكد الجيش مقتل ضابط، برتبة رائد احتياط، متأثراً بجراح أصيب بها في معارك شمال غزة، في يونيو (حزيران) الماضي.

وقال الجيش إنه يبذل كل جهد لتأمين «كل المراسم والفعاليات المخطط لها في المنطقة المحيطة بقطاع غزة». وجاء في بيان للجيش: «سنسمح، بالقدر الذي يسمح به الوضع الأمني، بإقامة الفعاليات كافة، وإقامة جميع المراسم التذكارية، هذا مهم لنا».

وأضاف أنه «جرى تفعيل نظام قتالي منتظم، وتعزيز القوات الدفاعية في فرقة غزة بعدد من السرايا المقاتِلة، وتنتشر القوات لحماية البلدات ومنطقة الحدود، ويستعد المقاتلون للدفاع عن المنطقة، بالتعاون مع قوات الأمن في البلدات والشرطة و(نجمة داود الحمراء)؛ من أجل توفير الرد الكامل على مختلف الأحداث في القطاع».

وقبل يوم من السابع من أكتوبر الحالي، عززت إسرائيل «فرقة غزة» بعدد من السرايا المقاتِلة، وأطلقت عملية مركزة ضد جباليا، شمال القطاع، متهمة حركة «حماس» بإعادة التموضع هناك، كما عززت قواتها في الضفة الغربية، ووسط إسرائيل.

امرأة فلسطينية تبكي مقتل أقاربها بعد غارة إسرائيلية في جباليا شمال غزة (رويترز)

وقال قائد المنطقة الجنوبية، التابع للجيش الإسرائيلي، خلال جلسة لتقييم الأوضاع، إن القوات الإسرائيلية تواصل أنشطتها العسكرية الهجومية في شمال وجنوب ووسط القطاع، وتعزز الاستنفار لمواجهة «أي تهديدات محتملة».

ووفق إذاعة الجيش الإسرائيلي، ثمة مخاوف لدى الجيش و«الشاباك» من إمكانية قيام حركة «حماس» بمحاولة حشد الفلسطينيين في غزة، للتوجه نحو الشريط الحدودي الفاصل.

وقال مسؤولون في الجيش لـ«i24NEWS» بالعبرية، إن الاستعدادات في الجهاز الأمني لاحتمال التصعيد عالية.

لكن في ذروة الاستنفار الأمني في غزة والضفة وفي الداخل، تلقت إسرائيل ضربة مبكرة، بعدما هاجم مسلَّح مجموعة من الموجودين في المحطة المركزية ببئر السبع، وقتل مجنَّدة وجرح 13 آخرين.

وقالت شرطة الاحتلال إن «عملية إطلاق نار وطعن حدثت في المحطة المركزية ببئر السبع، وجرى إطلاق النار على المنفّذ».

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن التحقيقات الأولية أظهرت أن المنفّذ وصل إلى مدخل المحطة المركزية، إلى فرع ماكدونالدز، وأطلق النار من مسدسه على الأشخاص الموجودين في مدخل الفرع. وفي وقت قصير، ردّت قوات الأمن والجنود المسلحون الموجودون هناك، وأطلقوا النار على المنفّذ وقتلوه.

ووفق إذاعة «كان»، فان المنفّذ من سكان حورة في صحراء النقب، ويُدعى أحمد سعيد العقبي، وعمره 29 عاماً ويحمل جنسية إسرائيلية.