الأردن: تحذيرات من الفتنة وتأثير «حماس» الخارج في مواقف المحتجين

توقيف عدد من «مثيري الشغب» بمخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين

مظاهرات دعم للفلسطينيين في محيط السفارة الإسرائيلية بعمان السبت (رويترز)
مظاهرات دعم للفلسطينيين في محيط السفارة الإسرائيلية بعمان السبت (رويترز)
TT

الأردن: تحذيرات من الفتنة وتأثير «حماس» الخارج في مواقف المحتجين

مظاهرات دعم للفلسطينيين في محيط السفارة الإسرائيلية بعمان السبت (رويترز)
مظاهرات دعم للفلسطينيين في محيط السفارة الإسرائيلية بعمان السبت (رويترز)

شدد الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، الأحد، على أهمية تحصين الجبهة الداخلية، وحمايتها من كل مظاهر إثارة الفتنة، أو أحداث تهدد السلم المجتمعي، أو تلحق الضرر بأمن الوطن واستقراره، أو تحاول التشكيك في جهود الأردن لدعم الأشقاء في قطاع غزة، في تعليق على الاحتجاجات التي يشهدها الأردن مؤخراً.

ونفذت السلطات الأردنية، الأحد، حملة اعتقالات واسعة لعدد من الذين يُعتقد قيامهم بأعمال شغب طالت الاعتداء على عناصر من الأمن وممتلكات في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين شمال العاصمة، ليل السبت - الأحد.

وأعلنت مديرية الأمن العام في بيان صحافي، صباح الأحد، أن «قوة أمنية ألقت القبض على عدد من مثيري الشغب في منطقة البقعة إثر قيامهم بأعمال شغب وتخريب، وإشعال النيران، وإلقاء الحجارة على المركبات بالطريق العامة».

وأوضح البيان أن مديرية الأمن العام «تعاملت، ليلة السبت، مع بعض الوقفات والتجمعات التي حدثت في بعض مناطق العاصمة، وأن رجال الأمن الموجودين لحفظ الأمن والنظام تعاملوا خلالها بمنتهى الانضباط والحرفية مع المشاركين، وهو الأمر الذي دأب عليه رجال الأمن العام منذ أشهر كثيرة، خرج بها آلاف المواطنين إلى الشوارع، ولم يجرِ منع أي منهم من التعبير عن رأيه.

وأشار البيان إلى أنه خلال الليلة الماضية وما سبقها، شهدت هذه الوقفات «تجاوزات وإساءات ومحاولات للاعتداء على رجال الأمن العام، ووصفهم بأوصاف غير مقبولة على الإطلاق»، فضلاً عن محاولات تخريب واعتداء على ممتلكات عامة وخاصة، والجلوس في الطرقات، ومنع مرور المركبات فيها، وشارك في هذه التجاوزات رجال وسيدات تعمدوا على مدى أيام الاحتكاك مع رجال الأمن العام.

ولفت البيان إلى أن رجال الأمن العام خلال ذلك تحلّوا بأقصى درجات ضبط النفس، خصوصاً تجاه بعض الفتيات المشاركات، إلا أنه، مع ازدياد هذه التجاوزات ووصولها حداً غير مسبوق، وإصرار البعض على تعمد الاعتداء والإساءة، قد قُبض على عدد من الأشخاص، لافتاً إلى أن المديرية ستقوم بدراسة جميع الفيديوهات التي جرى تصويرها أو تداولها، والتحقيق فيها.

ونشرت مديرية الأمن العام في صفحتها على منصة «إكس»، مساء السبت، تسجيلين مصورين قصيرين مدتهما 31 ثانية و34 ثانية، تضمنا مشاهد شغب وإشعال نيران وإغلاق طرق، ومحاولات اعتداء على رجال الأمن من خلال رمي حجارة وزجاجات تجاههم.

يُذكر أن مخيم البقعة الذي يضم أكثر من 100 ألف لاجئ فلسطيني، هو الأكبر في الأردن، ويقع على مسافة 20 كيلومتراً شمال العاصمة عمان، ويتوزع نشاط الحراكيين السياسيين فيه على انتماءات مختلفة للفصائل الفلسطينية، مع حضور واسع لحزب «جبهة العمل الإسلامي».

صورة نشرها الجيش الأردني في 31 مارس لإنزال مساعدات إنسانية جواً فوق شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال رئيس الاتحاد خالد الفناطسة، في بيان أوردته وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن «الاتحاد والنقابات العمالية المنضوية تحت مظلته، تدعم جهود الدولة الأردنية المستمرة للدفع نحو وقف الحرب، وبذل كل جهد ممكن لإيصال المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية إلى غزة براً وجواً. وحذر من «إثارة الفتنة الداخلية، ومظاهر الخروج على الدولة، والاعتداء على رجال الأمن، والعبث بأمن الوطن واستقراره وأوضح أن «الموقف الوطني رسمياً وشعبياً، متناغم خلف القيادة الهاشمية».

تشكيك بالموقف الرسمي

وعادت الاحتجاجات أمام السفارة الإسرائيلية في عمّان؛ منتصف الأسبوع الماضي، بشعارات «تُشكك بالموقف الرسمي الأردني»، وتطالبه باتخاذ خطوات تجاه العدوان على قطاع غزة، رغم مضاعفة الأردن جهوده الدبلوماسية الضاغطة تجاه الوقف الفوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية.

وقالت مصادر رسمية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يحدث يتطلب «مراجعات رسمية»، نظراً لطبيعة وحجم المعلومات المتوافرة عن «اتصالات خارجية ودعوات تدفع الشارع الأردني نحو التصعيد ضد حكومته».

مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

وشهد محيط السفارة الإسرائيلية في منطقة الرابية، اعتصامات لعشرات الألوف، وبدأت منصات إعلامية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي «داخلية وخارجية» تدعو للمشاركة في تلك الوقفات الاحتجاجية التي تتصدرها شعارات مؤيدة لـ«حماس» و«كتائب القسام»، وتستعيد تسجيلات لقياداتها التي «تطالب أهل الأردن بالتحرك»، وذلك بخلاف الاحتجاجات العفوية التي خرجت في الأيام الأولى من الحرب.

وتتهم مصادر رسمية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» «قيادات من الحركة الإسلامية في عمان بالتنسيق مع قيادات حركة (حماس) في الخارج، والهدف إقحام الشارع الأردني في معركة غزة، وتوسيع نطاق توتر جوار فلسطين المحتلة».

ويحتكر منظمو الفعاليات الليلية مكبرات صوت وهتافات في اختطاف ومصادرة لمواقف الآخرين، وسط محدودية الحضور الحزبي لتيارات سياسية، لا تستطيع منافسة الحركة الإسلامية في الشارع الأردني.

ورأت مصادر متابعة أنه على الرغم من سلسلة المواقف الرسمية التصعيدية في مواجهة الصلف الإسرائيلي، وتعنت حكومة اليمين المتطرف وتعسفها باستخدام القوة ضد المدنيين والحصار الجائر الذي يتعرض له القطاع، وتجميد العلاقات الأردنية مع إسرائيل، فإن المتظاهرين يطالبون الحكومة باتخاذ خطوات أبعد بقطع العلاقات، وإلغاء اتفاقية السلام.

تحليلات ومخاوف

يرى محللون أن استمرارية العلاقة مع إسرائيل هي التي ساعدت عمّان في كسر حصار غزة، وتنفيذ إنزالات جوية لطرود إغاثية عاجلة منذ الأيام الأولى للحرب. فبعد نجاح سلاح الجو الملكي في إيصال مساعدات دوائية عاجلة للمستشفيين العسكريين في قطاع غزة، توسعت جغرافياً الإنزالات الجوية للمساعدات، وركزت على شمال غزة بمشاركة دول عربية وغربية والولايات المتحدة الأميركية، كما ضغطت عمّان لفتح المعبر البري من جهتها «كرم أبو سالم» لضمان إدخال قوافل المساعدات.

وتحدثت مصادر عن «حملات تشكيك واسعة مدفوعة من الخارج يتعرض لها الشارع الأردني عبر منصات التواصل الاجتماعي»، وتعبئة الشارع الغاضب.

يُذكر أن أحد مطالب الشارع في احتجاجاته اليومية، وقف «الجسر البري» الذي يغذي إسرائيل بالسلع والخضراوات، في حين أكدت الحكومة أن شيئاً لم يتغير منذ 25 عاماً على الحدود مع دولة الاحتلال، وحركة السلع والخدمات على المعابر هي من تجار أردنيين مرتبطين بعقود مع إسرائيل.

وخرج وزير الإعلام الأردني مهند مبيضين، الجمعة، على فضائية عربية منتقداً التصريحات الأخيرة لقادة حركة «حماس» مؤكداً «أن أيَّ محاولات للتحريض على الدولة الأردنية هي محاولاتٌ يائسة تريد أن تشتت البوصلة».

مبيضين قال في ظهور محلي على قناة «المملكة» الرسمية، إن «الأردنيين خرجوا منذ بداية حرب غزة هذه، بتعبير وطني محترم مسؤول ضمن القانون لدعم الأهل في قطاع غزة، و(لكن) بعض الأطراف تريد اختطاف الشارع وممارسة الشعبوية».


مقالات ذات صلة

زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ الأميركي: إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها

الولايات المتحدة​ زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر (أ.ف.ب)

زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ الأميركي: إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها

قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جندي إسرائيلي فوق دبابة بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع غزة (أ.ب)

تقرير: «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترحات جديدة

أكد مصدر قيادي فلسطيني اليوم (السبت)، أنه في ظل ما يردده رئيس الوزراء الإسرائيلي عن أنه سيقدم اقتراحاً جديداً، فإن حركة «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترح.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون في مستشفى «ناصر» يندبون ويحزنون حول جثث ذويهم الذين قتلوا خلال هجوم الجيش الإسرائيلي على غزة (د.ب.أ)

إسرائيل تطلب من سكان غزة إخلاء مناطق جنوب خان يونس «مؤقتاً»

قال بيان للجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، إن الجيش طلب من الفلسطينيين إخلاء الأحياء الجنوبية في منطقة خان يونس بقطاع غزة «مؤقتاً».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ صورة آخر لقاء جمع الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي في 15 سبتمبر 2020 (أ.ب)

نتنياهو يلتقي ترمب بأمل الحصول على تأييد أكبر لإسرائيل

يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه بالرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، على نيل تأييد أكبر لأمن إسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن)

مصر تحذّر من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان

جانب من عملية تشييع قتلى الهجوم على مجدل شمس الأحد (أ.ف.ب)
جانب من عملية تشييع قتلى الهجوم على مجدل شمس الأحد (أ.ف.ب)
TT

مصر تحذّر من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان

جانب من عملية تشييع قتلى الهجوم على مجدل شمس الأحد (أ.ف.ب)
جانب من عملية تشييع قتلى الهجوم على مجدل شمس الأحد (أ.ف.ب)

حذّرت مصر، الأحد، من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان، وذلك على خلفية الأحداث الأخيرة التي شهدتها قرية مجدل شمس بالجولان السوري، ما قد يؤدّي إلى انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة، وفق ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية في بيان: «تؤكد مصر على أهمية دعم لبنان وشعبه ومؤسساته، وتجنيبه ويلات الحرب، كما تناشد القوى المؤثرة في المجتمع الدولي التدخل الفوري لتجنيب شعوب المنطقة المزيد من التبعات الكارثية لاتساع رقعة الصراع، التي قد تشكّل تهديداً للسلم والأمن الدوليين».

وتابع البيان: «كما تجدّد مصر التحذير من مخاطر استمرار إسرائيل في حربها ضد قطاع غزة، مطالِبة بضرورة التوصل لوقف فوري وشامل لإطلاق النار يُنهي المعاناة الإنسانية بقطاع غزة في أسرع وقت، وتمكين المجتمع الدولي من احتواء تداعيات الأزمة السلبية على الشعب الفلسطيني الشقيق وعلى الأمن والاستقرار في المنطقة».

كانت إسرائيل قد اتهمت «حزب الله» بتنفيذ الهجوم على مجدل شمس، الذي أسفر عن مقتل 12 طفلاً وشاباً، السبت، وتوعّدت بالرد. ونفى «حزب الله» أي علاقة له بالهجوم.

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأحد، أن «حزب الله» مسؤول عن الهجوم المُميت، مشيراً إلى أن الجماعة المدعومة من إيران سوف تدفع الثمن.