آمال «هدنة غزة» تسابق مخاوف «اجتياح رفح»

تل أبيب توجه وفدين إلى الدوحة والقاهرة... والفصائل تتمسك بـ«وقف الحرب»

طفل فلسطيني نازح يلهو بطائرة ورقية بالقرب من الحدود مع مصر في رفح (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني نازح يلهو بطائرة ورقية بالقرب من الحدود مع مصر في رفح (أ.ف.ب)
TT

آمال «هدنة غزة» تسابق مخاوف «اجتياح رفح»

طفل فلسطيني نازح يلهو بطائرة ورقية بالقرب من الحدود مع مصر في رفح (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني نازح يلهو بطائرة ورقية بالقرب من الحدود مع مصر في رفح (أ.ف.ب)

من المنتظر أن تُستأنف في قطر ومصر مفاوضات الهدنة بقطاع غزة وسط مساعٍ متسارعة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، تسابق تحركات إسرائيل لتنفيذ عملية برية في مدينة رفح الحدودية مع مصر، والتي يتكدس فيها نحو 1.5 مليون فلسطيني.

وأعلنت إسرائيل أنها سترسل وفدين إلى الدوحة والقاهرة للمشاركة في المحادثات المرتقبة بشأن «الهدنة» بمشاركة أميركية، بينما أبدت حركتا «حماس» و«الجهاد» تمسكاً بمواقفهما السابقة التي ترتكز على ضرورة «وقف الحرب وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من غزة وحرية عودة النازحين، وإدخال المساعدات»، وهو ما سبق أن رفضته إسرائيل، الأمر الذي أدى إلى تعثر المفاوضات وحال دون التوصل إلى اتفاق حتى الآن.

وفي ما يخص مصر، يتوجه وفد إسرائيلي مكون من ممثلين للشاباك والجيش الإسرائيلي والموساد إلى القاهرة الأحد لإجراء محادثات مع المخابرات المصرية في محاولة لكسر الجمود في المفاوضات، فيما تجتمع حكومة الحرب الإسرائيلية غداً مساءً لدرس المستجدات ومناقشة قضية المختطفين ومواصلة المفاوضات.

وتأتي اجتماعات التفاوض غير المباشر المقبلة، بعد سلسلة من اللقاءات المكثفة التي استضافتها مصر وقطر خلال الأسبوعين الماضيين، وشارك في جانب منها قادة أجهزة الاستخبارات في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة إلى قطر ومصر، كما شارك في الاجتماعات بصورة منفصلة وفد من المكتب السياسي لحركة «حماس».

وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان، الجمعة، بأنّه «بناءً على ما ورد عن مفاوضات لإطلاق سراح الرهائن، وَجب التوضيح أن رئيس الوزراء تحدث مع مدير «الموساد» ومدير جهاز الأمن العام (الشاباك)، ووافق على الجولة التالية من المحادثات - في الأيام المقبلة - في الدوحة والقاهرة، مع توجيهات للمضي قدماً في المفاوضات».

في الوقت نفسه، من المرجح أن يصل وفد إسرائيلي رفيع المستوى إلى واشنطن، الاثنين، للبحث في عملية عسكرية محتملة في رفح.

صيغ بديلة

وتوقع أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاهرة والجامعة الأميركية بمصر والمتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية الدكتور طارق فهمي، أن تنطلق المحاد2ثات المقبلة بشأن التهدئة في غزة مما جرى البناء عليه في المفاوضات السابقة، سواء في القاهرة أو في الدوحة، مشيراً إلى أن الجولة الأخيرة للتفاوض في قطر شهدت تأكيداً من جانب الوسطاء على أهمية عدم الانطلاق من نقطة الصفر، بل عبر تقديم صيغة مبدئية يجري العمل على التوافق بشأنها، لافتاً إلى أنه جرى إعداد «صيغ بديلة» عن طريق الفرق الفنية المشاركة في التفاوض لضمان عدم إهدار مزيد من الوقت ولسد «الثغرات» التي تؤدي إلى عدم التوصل إلى اتفاق إلى الآن.

وتوقع فهمي لـ«الشرق الأوسط» أن يركز التفاوض المرتقب في القاهرة والدوحة على «مسائل فنية محددة»، دون التطرق إلى قضايا جديدة أو توسيع نطاق التفاوض لموضوعات لم يجرِ التطرق إليها مسبقاً، مشدداً على أن الوسطاء «لديهم إرادة قوية من أجل التوصل إلى اتفاق وشيك، رغم ما يكتنف عملية التفاوض من صعوبات وتصلب في مواقف الأطراف أحياناً».

فتاتان فوق أنقاض مبنى دمرته غارة إسرائيلية الجمعة (أ.ب)

يُشار إلى أن هيئة البث الإسرائيلية ذكرت أن تغيراً ملموساً طرأ على موقف الوزراء في الحكومة الإسرائيلية؛ ما يسمح بالتقدم في إنجاز صفقة تبادل الأسرى مع حركة «حماس». وأوضحت الهيئة أن الاجتماع الذي عُقد، الخميس، ظهر فيه هذا التغير، لافتة إلى أن جميع الوزراء، باستثناء وزير الدفاع ورئيس الوزراء، أعربوا عن دعمهم لـ«المرونة مع (حماس)».

ونقلت الهيئة عن رئيس جهاز «الموساد» ديفيد برنياع الذي يقود المفاوضات قوله إن العامل الحاسم حالياً في الصفقة هو التوافق بشأن عودة سكان شمال قطاع غزة إلى مناطقهم التي نزحوا منها.

تحسين شروط التفاوض

وفي المقابل، برز تمسك الحركات الفلسطينية بمواقفها من عملية التفاوض، إذ أكدت حركتا «حماس» و«الجهاد»، عقب اجتماع بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والأمين العام للجهاد الإسلامي زياد النخالة في طهران، أن نجاح أي مفاوضات «يعتمد على وقف الحرب وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من غزة وحرية عودة النازحين وإدخال المساعدات».

وبدوره، رجّح أستاذ العلاقات الدولية والسياسي الفلسطيني الدكتور أسامة شعث، أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي «أكثر جدية» في مفاوضات التهدئة المقبلة، مشيراً إلى أن نتنياهو كان يحاول خلال الأسابيع الأخيرة تحسين شروط التفاوض كي لا يظهر في صورة المهزوم، مؤكداً في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن التمسك الإسرائيلي بالهجوم على رفح، واستمرار إسرائيل في عمليات الهجوم المركز لاغتيال قادة «حماس»، فضلاً عن التعنت الواضح بشأن إدخال المساعدات كلها أدوات استخدمها رئيس الحكومة الإسرائيلية لتحسين موقفه التفاوضي.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» نهاية الأسبوع الماضي، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي أكد لعائلات جنود محتجزين في غزة أن إسرائيل «تستعد لدخول رفح»، ولن تترك أحداً من جنودها هناك.

جنديان إسرائيليان عند حدود غزة السبت (رويترز)

ونقلت الصحيفة عن بيان لمكتب نتنياهو قوله إنّ «الضغط العسكري وحده هو الذي سيضمن تحرير المحتجزين»، مضيفاً: «استمرار الضغط العسكري، الذي نمارسه، وسنظل نقوم به، هو ما يضمن عودة الجميع».

وتوقع شعث ألا تقدم إسرائيل على هجوم شامل في رفح، لتفادي إغضاب واشنطن أو الدخول في تعقيدات مع مصر، إضافة إلى وجود صعوبات في تعبئة أعداد أكبر من الجنود، مرجحاً أن تلجأ قوات الاحتلال إلى تنفيذ اجتياح محدود تتفق على آلياته مع الولايات المتحدة، أو ترتيب عملية اجتياح مرحلي بطريقة الدخول التدريجي إلى أحياء مدينة رفح، وهذا يستغرق وقتاً طويلاً يحتاج إليه نتنياهو لإطالة أمد الحرب، أو اللجوء إلى سيناريو العمليات الجراحية المركزة لاغتيال قادة «حماس» السياسيين والعسكريين في غزة، مشيراً إلى أن هذا السيناريو هو المفضَّل أميركياً.

وتتصاعد المخاوف والتحذيرات الإقليمية والدولية من خطورة قيام إسرائيل بعملية عسكرية برية في مدينة رفح الحدودية مع مصر، التي لجأ إليها نحو 1.5 مليون فلسطيني نزح معظمهم من مختلف مناطق قطاع غزة بعد قصف مساكنهم خلال الأشهر الستة الماضية.

كما يُخشى أن يؤدي اجتياح إسرائيل للمدينة الفلسطينية التي باتت الملاذ الأخير للفلسطينيين في غزة إلى إجهاض مفاوضات التهدئة التي تجري منذ أسابع بوساطة أميركية وقطرية ومصرية، والتي تسعى إلى إقرار هدنة جديدة، إذ كانت تلك الوساطة قد نجحت في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في إقرار أول هدنة بالقطاع، والتي استمرت أسبوعاً واحداً، وجرى خلالها إطلاق سراح 105 من المحتجزين في قطاع غزة مقابل 240 أسيراً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المشرق العربي المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص نازح يطل من مبنى متضرر على الدمار في حي تل الهوى بمدينة غزة يوم السبت (أ.ف.ب)

خاص «الخارجية المصرية» لـ«الشرق الأوسط»: نعمل على تهيئة الأوضاع لمؤتمر «إعمار غزة»

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية إن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر إعادة الإعمار في غزة.

محمد الريس (القاهرة )
المشرق العربي فلسطينيون على متن عربة تجرها سيارة في مخيم بمدينة غزة إثر هطول أمطار غزيرة أمس (أ.ف.ب)

«حماس» تدرس التحوّل إلى حزب سياسي

أفادت مصادر من حركة «حماس» بأن قيادات منها، داخل غزة وخارجها، تخوض نقاشاً داخلياً بشأن مستقبلها السياسي في ظل واقع ما بعد الحرب الإسرائيلية على القطاع.

«الشرق الأوسط» ( غزة)
شؤون إقليمية مسلحون فلسطينيون يستقلون مركبة عسكرية إسرائيلية استولوا عليها خلال هجوم 7 أكتوبر 2023 (رويترز) play-circle 00:25

إسرائيل: إقالة قادة عسكريين وتوبيخ آخرين لإخفاقاتهم في «7 أكتوبر»

أقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير عدداً من كبار قادة الجيش ووبَّخ آخرين بسبب دورهم في الإخفاقات التي وقعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مسلحون فلسطينيون يستقلون مركبة عسكرية إسرائيلية استولوا عليها خلال هجوم 7 أكتوبر 2023 (رويترز) play-circle

تقرير: «حماس» جمعت معلومات عن قواعد ودبابات إسرائيلية من وسائل التواصل الاجتماعي

كشفت التحقيقات الإسرائيلية عن أن حركة «حماس» أمضت سنوات في جمع معلومات استخباراتية عن الجيش الإسرائيلي من نشاط الجنود على وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.


قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.


سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.