أحزاب عراقية تلوّح بـ«ورقة البنزين» في وجه السوداني

مسؤول نفطي لـ«الشرق الأوسط»: رفع أسعار الوقود لا يشمل ذوي الدخل المحدود

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني يعاين الأعمال في مشروع مجسر وسط بغداد (إكس)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني يعاين الأعمال في مشروع مجسر وسط بغداد (إكس)
TT

أحزاب عراقية تلوّح بـ«ورقة البنزين» في وجه السوداني

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني يعاين الأعمال في مشروع مجسر وسط بغداد (إكس)
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني يعاين الأعمال في مشروع مجسر وسط بغداد (إكس)

لم يمر سوى يومين على رفع أسعار وقود السيارات في العراق، حتى بدأت بوادر احتجاج برلماني وسياسي ضد الحكومة، وفيما بدا أنها بوادر حملة لتقويض نفوذ رئيس الوزراء في الشارع، أكد مسؤول نفطي أن القرار لا يستهدف أصحاب السيارات من ذوي الدخل المحدود.

ومع أن القرار يعيد أسعار البنزين المحسن إلى ما كانت عليه قبل عام 2021 عندما تم خفضها من 850 ديناراً للتر الواحد إلى 650 ديناراً بسبب تداعيات جائحة «كورونا»، فإنه أثار غضباً في الشارع سرعان ما استغلته أحزاب، لا سيما خصوم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بعد تقارير تفيد بارتفاع شعبيته في الشارع العراقي.

وقرر مجلس الوزراء يوم 26 مارس (آذار)، رفع أسعار وقود السيارات بنسبة نحو 30 في المائة للبنزين المحسن، وبنسبة 25 في المائة لنوعية «السوبر»، اعتباراً من شهر مايو (آيار) المقبل.

وتزامن قرار رفع أسعار البنزين غير العادي مع تواتر أنباء عن عودة محتملة لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى العمل السياسي من جديد، وما قد يترتب عليه من إرباك كبير، سوف يطول بالدرجة الأولى معظم قيادات قوى «الإطار التنسيقي الشيعي».

وطبقاً لما أكده مصدر سياسي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، فإن «الاحتجاج السياسي وصل الآن إلى حد دعوة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير النفط عبد الغني حيان إلى البرلمان».

ووقع عدد من أعضاء البرلمان على طلب استضافة كل من رئيس الوزراء ووزير النفط حيان عبد الغني تحت قبة البرلمان للاستيضاح حول أسباب قرار رفع أسعار المشتقات النفطية البنزين بنوعيه (المحسن والسوبر).

ازدحام وسط العاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)

مواجهة السوداني

وقال المصدر: «بعض القوى السياسية تحاول وضع السوداني في زاوية حرجة، وجعله يواجه نقم الشارع على ارتفاع الأسعار».

وأضاف المصدر المطلع، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، أن «إشكالية خصوم السوداني في الوسط الشيعي تتمثل في القلق من خسارة مقاعدهم المحتملة في الانتخابات المقبلة، مع إمكانية تشكيل السوداني تحالفاً سياسياً سينافس في البرلمان المقبل».

ورأى المصدر أن «إمكانية عودة الصدر إلى المشهد السياسي ستكون بالضد من معظم قوى (الإطار)، لكنها لن تؤثر على السوداني، ما يعني أن الصدر والسوداني ربما يكونان القوة الشيعية الأكبر خلال الانتخابات المقبلة، لأن كليهما سيتقاسم مقاعد بقية قوى (الإطار التنسيقي)».

وقال المصدر: «قوى (الإطار التنسيقي) لن تسمح بمثل هذا السيناريو، وتعمل من الآن على تقييد السوداني بكل الطرق، ولن تتقاعس عن استخدام ورقة البنزين لهذا الغرض»، مرجحاً تصاعد موجة الاحتجاجات ضد الحكومة في الأيام المقبلة.

استهلاك البنزين

وفصّل مسؤول نفطي عراقي قرار الحكومة ومدى تأثيره على أصحاب السيارات، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «رفع أسعار البنزين لم يشمل الوقود العادي الذي تستعمله السيارات العادية، ومنها سيارات الأجرة، في مقدمتها نوع (سايبا) إيرانية الصنع التي تستخدم على نطاق واسع في العراق»، فضلاً عن «عدم شمول السيارات التي تستخدم وقود الديزل وهي غالبية سيارات النقل العام».

وأوضح المسؤول النفطي، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن «العراق يستهلك يومياً من البنزين بأنواعه الثلاثة العادي والمحسن والسوبر 31 مليون لتر، نصفها تقريباً من الوقود المستورد من الخارج، ويكلف الدولة أكثر من 3 مليارات دولار سنوياً، بينما تقدم الحكومة دعماً للبنزين بنسبة تتراوح بين 20 إلى 60 في المائة».

وأضاف المصدر أن «كميات كبيرة من هذا البنزين المدعوم تهرّب بسبب انخفاض سعره في محافظات الوسط والجنوب، بينما تهدف الزيادة إلى الحد أو تقليل هذا التهريب، وأيضاً لترشيد الاستهلاك».

وطبقاً للمسؤول، فإن «نسبة استهلاك البنزين العادي تبلغ 82 في المائة من المجموع الكلّي لاستهلاك الأنواع الثلاثة، ما يعني أن الزيادة لا تشمل سوى 18 في المائة من السيارات المشمولة، وهي في العادة حديثة لا يستخدمها ذوو الدخل المحدود».


مقالات ذات صلة

مصر والأردن والعراق لتوسيع الشراكة في «النقل البحري»

شمال افريقيا محادثات وزراء النقل في مصر والأردن والعراق بالإسكندرية (النقل المصرية)

مصر والأردن والعراق لتوسيع الشراكة في «النقل البحري»

تعزز مصر والأردن والعراق شراكتها في مجال النقل البحري، من خلال التوسع في الخطوط الملاحية وأعمال شركة «الجسر العربي» للملاحة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي قلعة أربيل في كردستان (متداولة)

مواقف متباينة في كردستان حيال التعداد السكاني في العراق

يثير إلغاء سؤال «القومية» في التعداد السكاني المقرر إجراؤه في العراق، مخاوف في المناطق المتنازع عليها، خصوصاً بين العرب والكرد والتركمان.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني (يسار الصورة) مع رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني في أربيل الأربعاء (رئاسة وزراء العراق)

السوداني يدخل على خط الوساطة لتذليل عقبات تشكيل حكومة إقليم كردستان

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع حكومة إقليم كردستان الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، فضلاً عن السبل الكفيلة بتشكيل حكومة الإقليم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عمار الحكيم خلال مؤتمر صحافي في النجف

عمار الحكيم: يجب أن نتجنب الحرب ونحن غير مهيئين لخوضها

في أوضح موقف من الحرب الإسرائيلية ضد لبنان وغزة يصدر عن شخصية رفيعة في «قوى إدارة الدولة»، رفض رئيس «ائتلاف قوى الدولة الوطنية» عمار الحكيم انخراط بلاده بالحرب.

فاضل النشمي (بغداد)
الولايات المتحدة​ أحد المعتقلين يظهر داخل زنزانة انفرادية خارجية وهو يتحدث مع جندي في سجن أبو غريب بالعراق (أ.ب)

القضاء الأميركي يمنح 3 من معتقلي «أبو غريب» السابقين 42 مليون دولار

أصدرت هيئة محلفين أميركية، اليوم (الثلاثاء)، حكماً بمنح 42 مليون دولار لثلاثة معتقلين سابقين في سجن أبو غريب العراقي سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إسرائيل تعيد تفعيل استراتيجية «عقيدة الضاحية»

رجل يتفقد الدمار اللاحق في مبانٍ استهدفها القصف الإسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
رجل يتفقد الدمار اللاحق في مبانٍ استهدفها القصف الإسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعيد تفعيل استراتيجية «عقيدة الضاحية»

رجل يتفقد الدمار اللاحق في مبانٍ استهدفها القصف الإسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
رجل يتفقد الدمار اللاحق في مبانٍ استهدفها القصف الإسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

يطرح انتقال الجيش الإسرائيلي إلى القصف المكثف للضاحية الجنوبية لبيروت خلال ساعات النهار، بعدما كان يعمد بشكل أساسي خلال المرحلة الماضية إلى القصف ليلاً، كما توسيع عملياته لتشمل مناطق جديدة ضمن الضاحية، علامات استفهام كثيرة حول خلفية هذا الموضوع، وما إذا كان يشكل مؤشراً للانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب أكثر خطورة، باعتبارها قد تكون الأخيرة وتستمر حتى استلام الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب مهامه رسمياً في العشرين من يناير (كانون الثاني) المقبل.

ويرى مطلعون من كثب على عملية تطور الضربات الإسرائيلية أن تل أبيب أعادت في اليومين الماضيين تفعيل ما يُسمى «عقيدة الضاحية»، وهي استراتيجية عسكرية تعتمد على التدمير الواسع واستخدام القوة المفرطة للتأثير على معنويات الخصم وبيئته لإجباره على تقديم التنازلات.

وهذه الاستراتيجية انتهجتها إسرائيل في حربها على لبنان عام 2006 واتخذت اسمها من الضاحية الجنوبية لبيروت التي شهدت تدميراً كبيراً في تلك الحرب ثم اعتمدتها أيضاً في حربها على غزة.

الدمار الناتج من استهداف إسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

أعنف موجة غارات على الضاحية

وبين يومي الثلاثاء والأربعاء، وخلال 24 ساعة فقط، استُهدفت الضاحية بنحو 30 غارة طالت مناطق جديدة كالغبيري والشياح وروضة الشهيدين، واعتُبرت هذه الساعات هي الأعنف على الضاحية منذ اندلاع الحرب.

واستهدفت 6 غارات إسرائيلية على الأقلّ الضاحية الجنوبية لبيروت ظهر الأربعاء، جاءت بعد نحو ساعة من إصدار الجيش الإسرائيلي إنذاراً للسكان بالإخلاء. وارتفعت سحب دخان سوداء فوق المناطق المستهدفة وأظهرت مقاطع فيديو شباناً يتجولون على مقربة من مواقع الغارات مذهولين في حين غادر قسم كبير من السكان المواقع التي تم تحديدها بوقت سابق بصفتها مواقع مستهدفة، خصوصاً أن كثيراً من السكان كانوا يعودون في الصباح لتفقّد منازلهم ومتاجرهم.

لحظة استهداف صاروخ إسرائيلي مبنى في منطقة الغبيري بضاحية بيروت الجنوبية (الشرق الأوسط)

استراتيجية الردع

ويعدّ الخبير العسكري والاستراتيجي العميد حسن جوني أن «الإسرائيلي انتقل لنمط نهاري للتدمير بديلاً عن النمط الليلي يهدف من خلاله إلى أن يكون مشهد الدمار أوضح باعتباره يحصل في النهار»، لافتاً إلى أن «ما يريده العدو أن يتم تناقل مشاهد المباني التي تنهار خلال ثوانٍ معدودة لما لذلك من تأثير معنوي ونفسي».

ويشير جوني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك استراتيجية أساسية يقوم بها العدو بكل حروبه ويسعى لتكريسها وهي استراتيجية الردع، بدأت معه منذ إنشاء إسرائيل على اعتباره دولة صغيرة في محيط معاد لها لا تستطيع أن تخسر لأن ذلك يعني نهايتها؛ لذلك بنوا هذه الاستراتيجية لمنع أعدائهم من مهاجمتهم، وقد تكرست فعلياً لدى هؤلاء قناعة أن أي مس بالحدود الإسرائيلية أو الجنود الإسرائيليين سيؤدي لدمار واسع وشامل، وقد حماهم ذلك لمدة طويلة حتى عملية (طوفان الأقصى)»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ردة فعل إسرائيل سواء في غزة أو لبنان تدخل في سياق إعادة تكريس معادلة الردع هذه من خلال الزرع في الأدهان أن كل من يفكر لاحقاً في مهاجمتها سيكون الدمار والموت من نصيبه».

لبناني على دراجة نارية قرب موقع غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

تفاوض تحت النار

من جهته، يرى مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، أن «هذه الضربات تندرج تحت العنوان الذي أعلنه الإسرائيلي نفسه، أي التفاوض تحت النار؛ ما يعني مزيداً من الضغط العسكري حتى التوصل إلى اتفاق»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تل أبيب مصرّة على ما تسميه (إنجازات تكتيكية) لتحسين موقعها التفاوضي، ولديها فترة سماح حتى تنصيب ترمب للقيام بذلك من دون أي رادع أميركي».