دبلوماسيون يقترحون «توسيع المنطقة العازلة» بين لبنان وإسرائيل

منعاً للانزلاق إلى الحرب ولأنه «لم يعد كافياً» العودة إلى الوضع السابق

عربة تابعة للقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) قرب سيارة مدمرة في خراج مدينة صور الساحلية (أ.ب)
عربة تابعة للقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) قرب سيارة مدمرة في خراج مدينة صور الساحلية (أ.ب)
TT

دبلوماسيون يقترحون «توسيع المنطقة العازلة» بين لبنان وإسرائيل

عربة تابعة للقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) قرب سيارة مدمرة في خراج مدينة صور الساحلية (أ.ب)
عربة تابعة للقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) قرب سيارة مدمرة في خراج مدينة صور الساحلية (أ.ب)

لمح دبلوماسيون في الأمم المتحدة إلى وجود اقتراحات لـ«توسيع نطاق المنطقة العازلة» بين لبنان وإسرائيل كإجراء لوقف دوامة التصعيد الحالية بين «حزب الله» وإسرائيل، في ظل مخاوف متزايدة من «سوء تقدير» يمكن أن يؤدي إلى توسيع الحرب في غزة.

وورد الكلام عن هذه الاقتراحات والمخاوف خلال الجلسة المغلقة التي عقدها مجلس الأمن الثلاثاء، حين استمع الأعضاء الـ15 إلى إحاطتين، الأولى من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونتسكا والثانية من وكيل الأمين العام لشؤون عمليات حفظ السلام جان بيار لاكروا في شأن التقرير الأخير للأمين العام أنطونيو غوتيريش حول الجهود المتواصلة لتنفيذ القرار 1701، على رغم عمليات القصف المتبادلة على جانبي الخط الأزرق والاستهدافات الإسرائيلية في عمق الأراضي اللبنانية، وصولاً إلى الضاحية الجنوبية لبيروت ومنطقة البقاع.

عمود دخان بعد غارة إسرائيلية على بلدة مروحين في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وطبقاً لما قاله أحد الدبلوماسيين من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجلسة «شهدت إجماعاً» على «القلق من التصعيد عبر الخط الأزرق في الأسابيع الأخيرة»، وكذلك على «الحاجة إلى التنفيذ الكامل» للقرار 1701، فضلاً عن «دعم دور اليونيفيل للمساعدة في الحيلولة دون المزيد من التصعيد».

دور «اليونيفيل»

وهذا ما عكسه أيضاً دبلوماسي آخر بقوله: «نحن لا نزال قلقين للغاية من الوضع على الحدود» اللبنانية - الإسرائيلية بسبب استمرار التوتر وعمليات القصف، محذراً من أن «أي استفزاز يمكن أن يقود إلى التصعيد، وهذا ما ينبغي أن يتجنبه الجميع». وإذ لمح إلى الاتصالات التي تجريها بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن مع إيران بالإضافة إلى كل من إسرائيل ولبنان، شدد على أهمية أن تضطلع اليونيفيل بـ«دور أكثر فاعلية» عبر تسيير المزيد من الدوريات و«الاستعداد لخفض التوتر في حال التصعيد»، مشيراً إلى «البحث عن طريقة ما لتوسيع المنطقة العازلة (بهدف) حماية إسرائيل» من الهجمات التي تتعرض لها من الجانب اللبناني، وأن «تقوم القوات المسلحة اللبنانية بضبط الوضع الأمني في الجنوب، في استكمال للجهود التي تقوم بها منذ عام 2006».

بيت متضرر بعد ضربة صاروخية من «حزب الله» طبقاً للسلطات الإسرائيلية (رويترز)

تهديد خطير

وتزداد مخاوف غوتيريش التي عبر عنها خلال تقريره حيال الوضع المتوتر عبر الخط الأزرق في ظل الانتهاكات المستمرة لوقف الأعمال العدائية وتبادل إطلاق النار المتكرر بين «حزب الله» والجماعات المسلحة الأخرى غير الحكومية في لبنان من جهة وإسرائيل من الجهة الأخرى، ما «يشكل تهديداً خطيراً لاستقرار لبنان وإسرائيل والمنطقة»، مطالباً بـ«عملية سياسية لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع» انطلاقاً من التنفيذ الكامل للقرار 1701. وحض الطرفين على «الاستفادة الكاملة من آليات الاتصال والتنسيق» التابعة للقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل». وكرر التعبير عن «المخاوف الجدية في شأن حيازة أسلحة غير مرخصة خارج سلطة الدولة في المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والخط الأزرق»، مسمياً «حزب الله» وغيره من الجماعات المسلحة من غير الدول.

الجيش اللبناني

جنديان لبنانيان قرب منزل دمر بغارة إسرائيلية في بلدة سرعين البقاعية اللبنانية (رويترز)

وأجمعت الخلاصات التي تلقاها الدبلوماسيون في الأمم المتحدة حول الجلسة المغلقة على ضرورة معالجة ثلاثة محاور أساسية من التصعيد الحالي عبر الخط الأزرق، ومنها أولاً «تهدئة الوضع الأمني» و«وقف الاستفزازات» بين إسرائيل من جهة و«حزب الله» وغيره من الجماعات المسلحة في جنوب لبنان بما يسمح بـ«عودة عشرات آلاف النازحين من الجانبين الإسرائيلي واللبناني إلى قراهم وبلداتهم». وهذا ما «يستوجب تعزيز الدور الذي يضطلع به الجيش اللبناني مع القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان وتوفير الدعم اللازم وصولاً إلى هذه الغاية». وأقر ممثلو الدول بأن هذا الهدف «لا يمكن التوصل إليه إلا من خلال تفعيل مؤسسات الدولة اللبنانية، وأبرزها حالياً انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة قادرة على القيام بالإصلاحات المالية والاقتصادية وتعيد ثقة المؤسسات الدولية، ومنها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بلبنان».

رافعات وحاويات في مرفأ بيروت (أ.ب)


مقالات ذات صلة

هل تسمح تحولات المنطقة للبنان باستكمال تنفيذ «اتفاق الطائف»؟

تحليل إخباري جانب من المشاركين في حفل إطلاق تجمع «الدستور أولاً» (حساب الدستور أولاً عبر إكس)

هل تسمح تحولات المنطقة للبنان باستكمال تنفيذ «اتفاق الطائف»؟

في ظل التحولات السياسية الكبرى التي يشهدها لبنان والمنطقة، أُطلق مؤخراً «تجمّع الدستور أولاً»، وهو مبادرة سياسية تهدف إلى تفعيل تطبيق الدستور اللبناني بشكل كامل

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص وزير المال اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: استعادة أموال المودعين على 3 مراحل play-circle 01:09

خاص وزير المال اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: استعادة أموال المودعين على 3 مراحل

أكد وزير المال اللبناني ياسين جابر لـ«الشرق الأوسط» أن «الحضن العربي» هو «المكان الطبيعي» للبنان. وأعلن أن ودائع اللبنانيين في المصارف ستُعاد على 3 مراحل.

علي بردى (واشنطن)
خاص خضر عواضة أمام ركام منزله الجاهز الذي استهدفته إسرائيل ليلة عيد الفطر (الشرق الأوسط)

خاص الاستهدافات الإسرائيلية للمنازل الجاهزة بجنوب لبنان تحرم السكان من «المأوى المؤقت»

نشطت في الفترة الأخيرة الاستهدافات الإسرائيلية التي طالت المنازل الجاهزة في القرى الحدودية الجنوبية، إذ اختارها جنوبيون كثر للسكن المؤقت.

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي أفراد من الجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لقيادي في «الجماعة الإسلامية» جنوب بيروت (أ.ف.ب)

عون: اللبنانيون ملّوا الحروب ولا حل للانتهاكات الإسرائيلية إلا بالدبلوماسية

جدد الرئيس اللبناني جوزيف عون تمسكه بالحلول الدبلوماسية لأزمة الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب والخروق الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طلاب يتجمعون على درج المتحف الوطني في بيروت (رويترز)

المناصفة الطائفية في انتخابات بلدية بيروت يكتنفها الغموض ومخاوف من خلط الأوراق

أحدثت اقتراحات القوانين الرامية إلى تعديل قانون البلديات لحماية المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لبيروت إرباكات.

محمد شقير (بيروت)

لبنان يطالب بتفعيل آلية المراقبة لوقف «الاعتداءات الإسرائيلية»

الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع وفد من الباحثين في معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن
الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع وفد من الباحثين في معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن
TT

لبنان يطالب بتفعيل آلية المراقبة لوقف «الاعتداءات الإسرائيلية»

الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع وفد من الباحثين في معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن
الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع وفد من الباحثين في معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن

كرر الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام مطالبتهما الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية ووقف خروقها القرار 1701، وحمَّلا تل أبيب مسؤولية عرقلة جهود لبنان لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها. وفي حين أكد عون أن قرار «حصرية السلاح» بيد الدولة «أمر نهائي ولا رجوع عنه»، أكد سلام أن «الدولة قد اتخذت قراراً واضحاً» بشأن السلاح «بناءً على البيان الوزاري الذي صوّت (حزب الله) لصالحه».

وشدد عون على أن مكافحة الفساد هي من أبرز الأهداف التي يعمل لها بالتعاون مع الحكومة ومجلس النواب الذي اقرَّ قوانين تصبّ في مصلحة المسار الإصلاحي المنشود. بدوره عدَّ سلام أن الإصلاحات التي تنفذها الحكومة تشكل المدخل الأساسي للإصلاح المالي المرتقب.

الجيش يقوم بواجباته

وأكد عون أمام وفد من الباحثين في معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن (MEI) أن الجيش اللبناني يقوم بواجباته كاملة في منطقة جنوب الليطاني ويطبّق القرار 1701 في البلدات والقرى التي انتشر فيها، مضيفاً، وفق بيان للرئاسة اللبنانية، أن «ما يعيق استكمال انتشاره حتى الحدود هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي لخمس تلال لا أهمية استراتيجية لها. وكان من المفترض أن ينسحب الإسرائيليون منها منذ 18 فبراير (شباط) الماضي، لكنهم لم يفعلوا على رغم المراجعات المتكررة التي قمنا بها لدى راعيي الاتفاق الولايات المتحدة وفرنسا العضوين في لجنة المراقبة المشكلة بموجب اتفاق 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي».

وكرر دعواته إلى الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل كي تنسحب من هذه التلال وتعيد الأسرى اللبنانيين ليتولى الجيش مسؤولية الأمن بشكل كامل بالتعاون مع «يونيفيل» ويبسط بذلك سلطة الدولة اللبنانية على كامل التراب الجنوبي. وإذ لفت عون للوفد الأميركي إلى أن «قرار حصرية السلاح لا رجوع عنه لأنه يلقى تأييداً واسعاً من اللبنانيين والدول الشقيقة والصديقة»، جدد التأكيد أن «سحب السلاح لن يكون سبباً لاضطرابات أمنية في البلاد، بل سيتم من خلال الحوار مع المعنيين الحريصين أيضاً على الاستقرار والسلم الأهلي ودور الدولة المركزية».

وأشار إلى «حاجة الجيش والقوى المسلحة إلى المساعدة العاجلة لتتمكن الوحدات العسكرية من تحمل مسؤولياتها في حفظ الأمن والاستقرار في البلاد»، ولفت إلى أنه «من مصلحة الولايات المتحدة الأميركية أن يبقى لبنان مستقراً وآمناً، وعليها أن تساعد لبنان لتحقيق ذلك».

النازحون السوريون

ولفت عون إلى أن «لبنان متمسك بإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، لا سيما أن لبنان ليس قادراً على استيعابهم، خصوصاً أن الأسباب السياسية والأمنية لوجود غالبية هؤلاء النازحين في لبنان، قد زالت»، عادَّاً أن «رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا يحرّك من جديد الاقتصاد السوري ويوفر فرصاً للنازحين للعودة إلى بلادهم».

وأشار إلى أن «الوضع على الحدود اللبنانية - السورية يلقى متابعة مستمرة منه، وأن الجيش موجود على هذه الحدود لمنع التهريب على أنواعه ولضبط حرية التنقل بين البلدين».

وشدد على أن «لبنان ماض في إجراء الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية وان اللقاءات التي عقدها في واشنطن الوفد اللبناني إلى اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كانت جيدة»، مضيفاً: «ونأمل أن تكون لها نتائج إيجابية على الصعيدين المالي والاقتصادي».

من جهته، قال سلام إن «الاعتداء على الضاحية الجنوبية، والاعتداءات الإسرائيلية الأخرى، تشكّل خرقاً لترتيبات وقف الأعمال العدائية»، وإن «تفعيل آلية المراقبة أمر مطلوب لوقف هذه الاعتداءات». وأشار إلى أن «لبنان يريد وضع حدّ لكل هذه الانتهاكات، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للتلال الخمس ولكل الأراضي اللبنانية».

وأضاف سلام، خلال استقباله وفداً من نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي أنه «إذا لم تنسحب إسرائيل بالكامل، فإن ذلك سيهدد الاستقرار»، مؤكداً أن «لبنان ملتزم بالاتفاق، وعلى الجانب الإسرائيلي أن يلتزم بدوره، ويهمنا بقاء الموقفين الأميركي والفرنسي إلى جانب لبنان لتحقيق ذلك».

وتحدث سلام عن «استمرار العمل لحشد كل القوى الدبلوماسية من أجل وقف الاعتداءات»، مشيراً إلى «التواصل المستمر مع الأميركيين، والفرنسيين، وكل القوى المؤثرة، ولا سيما الدول العربية والأوروبية، مع الحفاظ على هذا الضغط وتفعيله أكثر».

وعن موقف «حزب الله» من تطبيق حصر السلاح بيد الدولة، قال سلام إن «الدولة اتخذت قراراً واضحاً بهذا الشأن، بناءً على البيان الوزاري الذي صوّت الحزب لصالحه».

ولفت إلى أن «الحكومة بدأت العمل على خطة لإعادة الإعمار، وبدأ العمل الآن على توفير الإمكانات، وقد باشرت الحكومة التفاوض مع البنك الدولي، وتم حتى الآن تأمين مبلغ 325 مليون دولار، مع السعي لزيادته».