واشنطن تطلب خطة تفصيلية لاجتياح رفح... و«سفير ترمب» يتهم بايدن بمساعدة «حماس»

رئيس الوزراء الإسرائيلي تحدث عن «خلاف» مع الرئيس الأميركي... وأنباء عن محادثة «قاسية ومشحونة ومتوترة» بينهما

الرئيس الأميركي بقاعدة أندروز بميريلاند في طريقه للسفر إلى نيفادا الثلاثاء (أ.ب)
الرئيس الأميركي بقاعدة أندروز بميريلاند في طريقه للسفر إلى نيفادا الثلاثاء (أ.ب)
TT

واشنطن تطلب خطة تفصيلية لاجتياح رفح... و«سفير ترمب» يتهم بايدن بمساعدة «حماس»

الرئيس الأميركي بقاعدة أندروز بميريلاند في طريقه للسفر إلى نيفادا الثلاثاء (أ.ب)
الرئيس الأميركي بقاعدة أندروز بميريلاند في طريقه للسفر إلى نيفادا الثلاثاء (أ.ب)

في تعليق على الأنباء التي أفادت بأن المحادثة التي جرت ليلة الاثنين - الثلاثاء، بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كانت قاسية ومشحونة ومتوترة، أطلق الدبلوماسي ديفيد فريدمان، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل والمقرّب من الرئيس السابق دونالد ترمب، تصريحات هجومية على إدارة بايدن، ووصف طريقة التعامل مع إسرائيل بالمقرفة، وعدّها مساندة لـ«حركة حماس».

وتكلم فريدمان للقناة 14 اليمينية الاستيطانية في تل أبيب، فقال: «لا يوجد أحد يهتم ويتابع تصريحات وممارسات بايدن في العالم بقدر ما يتابعه يحيى السنوار (زعيم حماس في غزة). فالمعروف أن (حماس) لا تستطيع هزم إسرائيل عسكرياً. لذلك تعلق آمالها على أميركا أن تمارس ضغوطاً وتجبر إسرائيل على وقف الحرب. وهذه أبشع رسالة يمكن لبايدن أن يرسلها إلى (حماس) في خضم المفاوضات».

السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل ديفيد فريدمان (حسابه على منصة إكس)

وقال فريدمان إن سبب سياسة بايدن هذه يكمن في السياسات الحزبية «الصغيرة الضيقة»، موضحاً أن بايدن ينافق بذلك المصوّتين العرب في ميشيغان ومينيسوتا وغيرهما من الولايات التي يوجد فيها العرب والمسلمون.

وسئل فريدمان عما سيحصل إذا فاز ترمب في الانتخابات، وهل لديه تصور عن كيفية تصرفه في موضوع الحرب على غزة، فتهرب من الجواب المباشر، وقال: «الأمر الأول الذي سيفعله هو تغيير السياسة تجاه إيران، إذ إن بايدن جعل الأمة الإيرانية من أغنى الأمم في العالم. ولم ينفذ العقوبات عليها. بينما ترمب سوف يدير سياسة متشددة، وسيعود إلى توسيع اتفاقيات إبراهيم، وتشديد القبضة على الإرهاب».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيرسل وفداً إلى واشنطن لمناقشة خطط رفح (أ.ف.ب)

وكانت مصادر سياسية في تل أبيب قد أكدت أن بايدن أجرى مكالمة هاتفية حادة مع نتنياهو للمرة الأولى منذ أكثر من شهر، آخر مرة تكلما كانت في 15 فبراير (شباط) الماضي. وبحسب (القناة 11) للتلفزيون الإسرائيلي فإن بايدن لم يحاول مسايرة نتنياهو أو تلطيف الأجواء المتوترة التي تفاقمت بينهما في الأيام الأخيرة. بل واصل التكلم إليه بلهجة حادة وتقديم طلبات. وقال له إنه يشعر بأنه (أي نتنياهو) يتعمد الدخول في صدام مع الإدارة الأميركية، ونصحه بألا يكرر تجارب الماضي في هذا الشأن؛ لأنه (أي بايدن) لن يمر على ذلك مرور الكرام.

وأضافت القناة 12 أن بايدن أبلغ نتنياهو أن أميركا تفضّل التخلي عن فكرة اجتياح رفح. فسأله نتنياهو: «هل تخليتم عن دعمنا في خطة تصفية (حماس)»؟ فأجاب الرئيس الأميركي: «بلى نحن نؤيدكم في تصفية قيادة (حماس)، ولكننا لا نؤيد أن يترافق الأمر مع قتل مدنيين في غزة أو تجويعهم». وأضاف: «أميركا لا تستطيع أن تدعم اجتياحاً لرفح، قبل أن ترى خطة تفصيلية عن أهدافها الدقيقة، وطرق تحقيقها، ومعرفة كيفية إخلاء رفح من السكان، وهل سيتم بالتهديد العسكري أو بطرق تضمن حياة الناس وكيفية إطعامهم. وقال له إنه يعتقد أنه لا توجد خطة جدية في هذا السبيل، وأنه يخشى أن تكون هناك محاولة لإفشال المفاوضات الجارية في الدوحة وفرض الاجتياح لرفح بالأمر الواقع».

الرئيس الأميركي جو بايدن مع مسؤولة بسلاح الجو بقاعدة أندروز بميريلاند في طريقه للسفر إلى نيفادا الثلاثاء (أ.ب)

وقد اتفقا على إرسال وفد إسرائيلي سياسي - أمني - استراتيجي يوضح الخطط الإسرائيلية في هذا الشأن. وطلب بايدن أن يكون الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة إيجابياً، ويملك صلاحيات لإنجاح المفاوضات.

وقال نتنياهو، أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست (البرلمان)، اليوم الثلاثاء، أن الجيش الإسرائيلي سيدخل رفح في عملية برية، وأنه أبلغ الرئيس جو بايدن بذلك في مكالمتهما الهاتفية الاثنين. وقال نتنياهو: «هناك خلاف مع الأميركيين حول ضرورة دخول رفح. لا يتعلق الأمر بالحاجة إلى القضاء على حماس، بل بالحاجة إلى دخول رفح. ولا نرى سبيلاً للقضاء على حماس عسكرياً دون تدمير هذه الكتائب المتبقية. نحن مصممون على القيام بذلك»، بحسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
وأضاف نتنياهو: «لقد أوضحت للرئيس في حديثنا، بأوضح الطرق، أننا مصممون على استكمال القضاء على هذه الكتائب الموجودة في رفح، ولا توجد طريقة للقيام بذلك إلا من خلال عملية برية». وتابع نتنياهو أنه وبايدن اتفقا على آلية للأميركيين لتبادل أفكارهم بشأن المساعدات الإنسانية وإجلاء المدنيين، وهو القلق الذي تشاركه
إسرائيل.

منع لقاءات مع باربرا ليف

وكان مسؤولون أميركيون في تل أبيب قد سربوا للإعلام أن نتنياهو منع مسؤولين إسرائيليين استخباراتيين اثنين رفيعي المستوى، من عقد اجتماع كان مقرراً مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، التي تزور إسرائيل حالياً، وذلك في غمرة توترات محتدمة بين تل أبيب وواشنطن بشأن أسلوب إدارة نتنياهو للحرب على غزة.

وقالت (القناة 12) إن نتنياهو أمر كلاً من رئيس المخابرات العامة (الشاباك)، رونين بار، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، أهرون حليوة، بإلغاء الاجتماعات المقررة لهما مع ليف، بوصف ذلك جزءا من الرد على الخلافات المتصاعدة بين الجانبين، والذي طفا على السطح خلال الفترة الأخيرة. وأفادت بأنه تم الاتفاق في نهاية المطاف على عقد الاجتماع الذي كان مقرراً بين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية والمسؤولة الأميركية «بعد ساعات طويلة من التأخير والمماطلة»، في حين لا يزال لقاء رئيس الشاباك مع المسؤولة الأميركية ملغياً، في ظل عدم صدور توجيهات من نتنياهو تتيح عقد الاجتماع.

ونقلت (القناة 12) عن مصادر إسرائيلية مطلعة أن إلغاء الاجتماعات مع المسؤولة الأميركية جاء في سياق «محاولة من نتنياهو لبث رسائل للرئيس الأميركي وكبار المسؤولين في إدارته تعبّر عن رفضه لما يعده تدخلاً في الشؤون السياسية الداخلية في إسرائيل». وأفاد التقرير بأن المسؤولة الأميركية اجتمعت الاثنين بعدد من كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين في إسرائيل، لبحث تطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، وكذلك بحث ملفات تتعلق بالضفة الغربية، التي بدأت واشنطن تهتم بالعمليات الحربية العنيفة التي تمارسها إسرائيل هناك يومياً.

جيك سوليفان يقدم إحاطة للصحافيين عن الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي مساء الاثنين (أ.ب)

وفي واشنطن، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان للصحافيين مساء الاثنين، بعد الاتصال الهاتفي بين بايدن ونتنياهو، إن «موقفنا هو... تنفيذ عملية برية كبيرة هناك (في رفح) سيكون خطأ». وأضاف سوليفان دون إسهاب: «الأهم هو أن الأهداف الرئيسية التي تريد إسرائيل تحقيقها في رفح يمكن بلوغها بوسائل أخرى». وأردف أن موفدين إسرائيليين سيصلون إلى واشنطن قريباً للاستماع إلى المخاوف الأميركية، و«وضع نهج بديل». وعبّر عضو مجلس الأمن الإسرائيلي، وزير الزراعة آفي ديختر، عن تشككه في إلغاء عملية اجتياح رفح. وقال ديختر لهيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان): «لا توجد وسيلة للقضاء على البنية التحتية الإرهابية والعسكرية لـ(حماس) و(الجهاد الإسلامي) في غزة، ومنها رفح، من خلال العمليات الجوية أو عمليات المراسلة أو من خلال أي بدائل أخرى». وتوقع أن تركز مداولات واشنطن على خطط نقل المدنيين.


مقالات ذات صلة

مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

خاص مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية play-circle 06:14

مخيم اليرموك... دمار يحاكي غزة وغموض لا تبدده قرارات ظرفية

«هذه ليست غزة. إنه مخيم اليرموك»... لا تكفي قراءة اللافتة مراراً عند مدخل المخيم الفلسطيني المحاذي لدمشق لترسخ هذه الحقيقة في ذهن الزائر.

بيسان الشيخ (مخيم اليرموك (دمشق))
شؤون إقليمية فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخرت إعلان الاتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

خاص «هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

مصادر مصرية وفلسطينية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تشير إلى «شروط جديدة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأخرى من (حماس)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
TT

ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)

أخذت الاشتباكات الداخلية الفلسطينية في مخيم جنين بمدينة جنين شمال الضفة الغربية، منحى خطيراً، بعدما قتل مسلحون عنصراً في الحرس الرئاسي الفلسطيني، وأصابوا ضحايا آخرين في هجوم داخل المخيم، ما يذكّر بفترة الاقتتال الداخلي في قطاع غزة الذي راح ضحيته مئات الفلسطينيين برصاص فلسطيني.

وقتل مسلحون في المخيم في اشتباكات ضارية، الأحد، مساعد أول، ساهر فاروق جمعة أرحيل، أحد عناصر الحرس الرئاسي، وأصابوا 2 آخرين، في ذروة المواجهات التي تشتد يوماً بعد يوم، كلما تعمّقت السلطة داخل المخيم الذي تحول منذ سنوات الانتفاضة الثانية إلى مركز للمسلحين الفلسطينيين، ورمزاً للمقاومة والصمود.

وتستخدم السلطة قوات مدربة وآليات مجهزة ومدرعات مسلحة برشاشات وأسلحة حديثة وكلاباً بوليسية لكشف المتفجرات وقناصة، بينما يستخدم المسلحون أسلحة رشاشة وعبوات ناسفة وسيارات مفخخة، في مشهد لا يحبّذه الفلسطينيون، ويُشعرهم بالأسوأ.

 

آثار طلقات نار على برج مراقبة تابع للسلطة الفلسطينية بعد الاشتباكات بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين في مخيم جنين (د.ب.أ)

«رفض الانفلات»

شدد مسؤولون في حركة «فتح» على أهمية الوحدة الوطنية، وتجنُّب الفتن وضرب السلم الأهلي. وقال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح إن الوحدة الوطنية والتماسك الشعبي ضروريان لمواجهة مخططات الاحتلال وكل الأجندات الخارجية، داعياً الفلسطينيين إلى الابتعاد عن الفتن، وحماية المشروع الوطني الفلسطيني من التهديد الوجودي لشعبنا فوق أرض وطنه. ودعا عضو مجلس ثوري «فتح» عبد الله كميل «الجميع إلى اتخاذ موقف وطني مشرِّف في رفض الانفلات». وحذر عضو مجلس ثوري «فتح» تيسير نصر الله من استمرار الجهات الخارجة على القانون في ضرب السلم الأهلي، واتهم آخرون الجماعات المسلحة بمحاولة تنفيذ انقلاب في مناطق السلطة.

وبدأت السلطة قبل أكثر من أسبوعين عملية واسعة في جنين ضد مسلحين في المخيم الشهير، في بداية تحرُّك هو الأقوى والأوسع من سنوات طويلة، ويُفترض أن يطول مناطق أخرى، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة. وأكد الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب، الأحد، أن الأجهزة الأمنية ستُطبِّق القانون في مختلف أنحاء المحافظات الشمالية (الضفة الغربية)، وستلاحق الخارجين على القانون، لفرض النظام والأمن. ونعى رجب، خلال لقاء مفتوح مع عدد من الإعلاميين والصحافيين، في جنين المساعد أول أرحيل الذي قُتل في جنين، وقال إن قتله لن يزيد السلطة إلا إصراراً على على ملاحقة الخارجين على القانون. ووصف رجب قتلة عنصر الأمن بأنهم فئة ضالة، يتبعون جهات لم تجلب لفلسطين إلا الدمار والخراب والقتل، حيث وظفتهم لخدمة مصالحها وأجندتها الحزبية. وأضاف: «نحن مستمرون، ولا نلتفت إلى إسرائيل وأميركا والمحاور ولا للشائعات. ماضون ودون هواة حتى فرض السيادة على كل سنتيمتر تحت ولاية السلطة».

وجاءت تصريحات رجب لتأكيد خطاب بدأته السلطة قبل العملية، باعتبار المسلحين داخل المخيم وكثير منهم يتبع حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» «متطرفين وداعشيين يتبعون أجندات خارجية»، لكن المسلحين ينفون ذلك، ويقولون إنهم «مقاتلون ضد إسرائيل»، ولذلك تريد السلطة كبح جماحهم باعتبارها «متعاونة مع إسرائيل». وقتلت السلطة خلال العملية مسلحين، واعتقلت آخرين، بينما تواجه سيلاً من الاتهامات «بالاستقواء على المسلحين، بدلاً من إسرائيل ومستوطنيها».

وتجري الاشتباكات في حارات وشوارع المخيم وعبر القناصة على أسطح المنازل، ما حوّل المخيم إلى ساحة قتال حقيقي.

وأطلقت السلطة حملتها على قاعدة أن ثمة مخططاً لنشر الفوضى في الضفة الغربية وصولاً إلى تقويض السلطة، وإعادة احتلال المنطقة. وخلال عام الحرب على غزة، هاجمت الرئاسة وحركة «فتح»، إيران أكثر من مرة، واتهمتها بالتدخل في الشأن الفلسطيني، ومحاولة جلب حروب وفتن وفوضى.

تأثير التطورات في سوريا

بدأت الحملة الفلسطينية في جنين بعد أيام من تحذيرات إسرائيلية من احتمال تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، تحت تأثير التطورات الحاصلة في سوريا (انهيار نظام الأسد) ضمن وضع تعرفه الأجهزة بأنه «تدحرج حجارة الدومينو». وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) أمر شخصياً بتنفيذ العملية الواسعة، بعد سقوط النظام في سوريا. وبحسب «تايمز أوف إسرائيل»، أدركت السلطة الفلسطينية أن مشهد سيارات التندر وبنادق «الكلاشينكوف» التي خرجت من إدلب ودخلت دمشق بعد أيام يمكن أن ينعكس بشكل خطير على الوضع في الضفة الغربية.

وتعد إسرائيل ما يحدث في جنين «اختباراً مهماً لعباس»، ويقولون إنه يعكس كذلك قدرة السلطة على حكم قطاع غزة المعقّد في وقت لاحق. وقال مسؤول أمني إسرائيلي: «كل دول المنطقة والمنظمات الإرهابية تنظر إلى جنين. إذا لم يتمكن أبو مازن من التغلب على 50 مسلحاً في جنين، فسيكون هناك من سيقول دعونا نقم بانقلاب. الوضع خطير الآن».

ونشر الجيش الإسرائيلي قبل أيام قليلة، قوات قائلاً إنه يدعم توصيات سياسية بتقوية السلطة. وقال مسؤولون إن الجيش الإسرائيلي يدعم الجهود الرامية إلى زيادة التنسيق والتعاون مع السلطة الفلسطينية، ويأمل الجيش في تشجيع السلطة الفلسطينية على مواصلة تنفيذ عمليتها في جنين وفي مناطق أخرى في الضفة، لكن السلطة الفلسطينية ترفض ربط العملية في جنين، بأي توجيهات إسرائيلية أو أميركية، أو أي مصالح مشتركة.

«حملة فلسطينية خالصة»

قال رجب إن الطلبات الأميركية بدعم السلطة قديمة، وهو حق مشروع وليس مرتبطا أبداً بما يجري في جنين. وأضاف أن حملة «حماية وطن» التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في جنين ومخيمها، هي فلسطينية خالصة، وتستند إلى رؤية أمنية وسياسية فلسطينية، لحماية مصالح شعبنا وقضيتنا الوطنية. وتابع: «ندرك التحولات في المنطقة وما يشهده قطاع غزة من حرب إبادة إسرائيلية، ومحاولة إعادة رسم الوضع الجغرافي والديموغرافي في القطاع بما يخدم الاحتلال، ومن هنا كانت رؤية القيادة لعدم الوصول إلى ما يريده الاحتلال من جرِّنا لمربع المواجهة الشاملة، وهو ما يستدعي فرض النظام والقانون، وبسط السيادة الفلسطينية».