حراك في بكركي للبحث في الهواجس المسيحية ورؤية لحل أزمات البلد

باسيل يدعو للقاء القيادات وتحمل مسؤولية المقاطعة 

بكركي والبطريرك الراعي والهواجس المسيحية (الوكالة الوطنية)
بكركي والبطريرك الراعي والهواجس المسيحية (الوكالة الوطنية)
TT

حراك في بكركي للبحث في الهواجس المسيحية ورؤية لحل أزمات البلد

بكركي والبطريرك الراعي والهواجس المسيحية (الوكالة الوطنية)
بكركي والبطريرك الراعي والهواجس المسيحية (الوكالة الوطنية)

تشهد البطريركية المارونية في بكركي منذ أسابيع أكثر من حراك بعيداً عن الأضواء، وعلى أكثر من مستوى، للبحث في الهواجس المسيحية، في ظل الشغور الرئاسي المتمادي، واعتبار معظم القوى المسيحية، وضمناً مرجعيتهم الروحية، أن «هناك عملية إقصاء مبرمج للموارنة»، ومحاولة للانقضاض على دور وصلاحيات الرئاسة الأولى.

وبعدما كانت أولوية هذه القوى طوال الفترة الماضية الدعوة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بات الجزء الأكبر منها يعتبر أنه يفترض الإجابة عن أسئلة وجودية مرتبطة بدور وشكل لبنان، وصياغة تفاهم وطني بهذا الخصوص قبل الذهاب لانتخاب رئيس.

بكركي: نحن أين وإلى أين؟

وتقول مصادر مطلعة على جو بكركي إن «هناك حراكاً حاصلاً منذ فترة في البطريركية يتطور مع مرور الأيام للإجابة عن سؤال: نحن أين وإلى أين؟»، لافتة إلى «حلقات نقاش قائمة في هذا الخصوص ليس مستبعداً أن تتطور، فتتم الدعوة إلى طاولة حوار بين القيادات المسيحية لبحث هواجسها، والتحديات التي نعيشها، والتفاهم على تصور للخروج من هذه الأزمة، فيكون عندها الاتفاق على انتخاب رئيس معين جزءاً من هذا التصور، ولا تكون أي دعوة لحوار في بكركي تحت عنوان التفاهم حصراً على مرشح رئاسي معين».

وطالب رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، في احتفال حزبي الأحد، البطريرك الماروني بجمع القيادات السياسية المسيحية، معتبراً أنه لا سبب لعدم التلاقي. وتوجه لهذه القيادات بالقول: «الوقت ليس للمزايدات، ولا للعدائية التي يظهرها البعض، فالانتخابات ليست حاصلة غداً، ومن يعتقد أنه قادر على أن يلغي الآخر فهذا وهم».

وكان باسيل حمّل في وقت سابق من يرفض تلبية دعوة البطريرك «مسؤولية غيابه والإقصاء أمام التاريخ والناس، وعندها تنكشف كذبة الحجّة وكذبة الشعار».

«الكتائب»: أي لبنان نريد؟

وعما إذا كان حزب «الكتائب» قد يلبي دعوة من هذا النوع، يقول عضو كتلة الحزب البرلمانية النائب سليم الصايغ لـ«الشرق الأوسط»: «إذا ما تمت الدعوة سنستوضح الغاية والهدف، خاصة أن هناك مخاضاً فكرياً وسياسياً انطلق في بكركي، وقد تم تبادل أوراق عمل للتوصل لقواسم مشتركة بين القوى المسيحية، وتصور مشترك يعزز حضور المسيحيين ودورهم، ويكون ذلك من خلال قوانين انتخابية أكثر عدالة، وتقسيمات إدارية أفضل، واعتماد اللامركزية، والاتفاق على السياسة الدفاعية والأمنية ودور لبنان الخارجي».

وشدد الصايغ على وجوب «التوصل لإجابة مشتركة عن سؤال: أي لبنان نريد؟»، لافتاً إلى أن «هذه هي الأولوية الوحيدة التي تتقدم على الانتخابات الرئاسية، لأننا في نهاية المطاف لا نريد رئيساً ليشرّع الأمر الواقع القائم ويكون صندوق بريد ينقل الرسائل، إنما نريد رئيساً بمهمة إعادة إنعاش الشراكة الوطنية الحقيقية». وأضاف: «الحوار المسيحي - المسيحي ليس انغلاقاً ولا انعزالاً ولا انفصالاً، إنما يندرج في إطار تعزيز الطرح الوطني وإرساء شراكة وطنية حقيقية على مبدأ المساواة بين اللبنانيين. فعندما يكون المسيحيون مشتتين تصبح التوازنات الداخلية هشة، ما يسهل الاستفراد بالقرارات الوطنية».

«القوات اللبنانية»: المشكلة هي باسيل

من جهتها، تربط مصادر «القوات اللبنانية» المشاركة في أي حوار في بكركي بتقديم باسيل أولاً إجابات عن أكثر من سؤال، معتبرة أن رئيس «التيار» يشكو من «ممارسات حلفائه في الحكومة، علماً بأن الإشكالية برأينا هي من طبيعة سيادية وليست من ممارسات تحصل في زمن الشغور الرئاسي. وأساس المشكلة هو مصادرة قرار الدولة، وبالتالي هذا ما يجب أن يُبحث. فهل باسيل مستعد لأن يبحث موضوع خطف حليفه (حزب الله) للدولة؟».

وتشدد مصادر «القوات» على أن «أي دعوة للقيادات المسيحية يجب أن تكون على أساس ثوابت سياسية، لذلك قدم حزب القوات وثيقة للبطريرك تتضمن رؤيته للبلد القائمة بشكل أساسي على وجود سلاح واحد هو سلاح الجيش اللبناني، واحترام تعددية وحياد البلد. ونعتقد أن هذه العناوين هي الواجب بحثها، وبالتالي: هل باسيل في وارد أن يقبل باجتماع لبكركي يتم خلاله التأكيد على أنه لا حماية للبنان إلا بالجيش اللبناني، وتسليم سلاح (حزب الله) للجيش؟».

وهزأت المصادر ذاتها من انتقاد باسيل لعدم التزام «حزب الله» بمشروع بناء دولة، متسائلة: «كيف يمكن لدويلة أن تساهم في مشروع كهذا؟».

وفي فبراير (شباط) الماضي، شن البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي هجوماً عنيفاً على معطلي انتخاب رئيس للجمهورية، متحدثاً عن «عملية إقصاء مبرمج للموارنة عن الدولة، بدءاً من عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وإقفال القصر الجمهوري»، مستهجناً «انتهاك الدستور عبر بدعة الضرورة التي يعتمدها مجلس النواب ومجلس الوزراء لإجراء التعيينات».

من جهته، يعترض «التيار الوطني الحر» على قيام حكومة تصريف الأعمال بتعيينات في ظل شغور سدة الرئاسة. إلا أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يؤكد أن ما يقوم به يندرج في إطار تسيير أعمال الدولة بغياب رئيس للبلاد، ويعتبر «أن من يقصي نفسه ويغيّب حضوره لا يمكن له أن يحمّل المسؤولية لمن يقوم بتسيير شؤون الوطن والعباد».


مقالات ذات صلة

«القوات» و«الاشتراكي»: اختلافات بالجملة واتفاق على عدم الخصومة

المشرق العربي رئيس «القوات» سمير جعجع يستقبل رئيس «الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط لطرح مبادرة رئاسية (إعلام الاشتراكي)

«القوات» و«الاشتراكي»: اختلافات بالجملة واتفاق على عدم الخصومة

تمر العلاقة بين حزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» في أسوأ مراحلها رغم محاولة الطرفين الظهور عكس ذلك.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي مترئساً مجلس الوزراء الذي عُقد الخميس (الوكالة الوطنية للإعلام)

تسوية سياسية «جزئية» تسمح بقبول ضباط في الكلية الحربية بلبنان

أقرّ مجلس الوزراء اللبناني إجراء مباراة جديدة لاختيار ضباط جدد وإلحاقهم بالدورة السابقة التي عرقلها الخلاف بين وزير الدفاع وقائد الجيش.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي خلال تشييع الأطفال السوريين الثلاثة الذين قُتلوا بجنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

تصاعُد في الخسائر المدنية بجنوب لبنان... و«حزب الله» يستهدف مستعمرات

يتزايد في اليومين الأخيرين عدد القتلى المدنيين جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي، الذي نتج عنه يوم الثلاثاء مقتل 5 سوريين، بينهم 3 أطفال.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ملتقياً المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين في زيارة سابقة له إلى بيروت (إ.ب.أ)

إسرائيل تتبع التدمير البطيء جنوباً لتطبيق الـ«1701» على طريقتها

يتخوف اللبنانيون من تراجع الاهتمام الدولي ببلدهم بخلاف ما يتوهمه البعض من أهل السياسة نظراً لانشغال الدول بمشاكلها الداخلية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي أعضاء في «كشافة المهدي» يحملون صورة لنصرالله خلال الاحتفال بذكرى عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

نصرالله يعد مناصريه بإعمار القرى الجنوبية اللبنانية المدمرة

قال أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله إن الجهة التي تفاوض باسم لبنان هي الدولة اللبنانية، نافياً وجود اتفاق جاهز للوضع في الجنوب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تركيا: الأعمال مستمرة لإنشاء مركز عمليات مشتركة ضد «الكردستاني»

جنود أتراك مشاركون في العمليات العسكرية بشمال العراق (وزارة الدفاع التركية)
جنود أتراك مشاركون في العمليات العسكرية بشمال العراق (وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا: الأعمال مستمرة لإنشاء مركز عمليات مشتركة ضد «الكردستاني»

جنود أتراك مشاركون في العمليات العسكرية بشمال العراق (وزارة الدفاع التركية)
جنود أتراك مشاركون في العمليات العسكرية بشمال العراق (وزارة الدفاع التركية)

أكدت تركيا أن عملياتها العسكرية الموجهة ضد «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق «مستمرة بنجاح وتجري بتنسيق مع الحكومة العراقية وإدارة إقليم كردستان».

وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية: «إن الأعمال الفنية الخاصة بإنشاء مركز للعمليات المشتركة مع العراق ضد العمال الكردستاني، مستمرة دون أي مشاكل».

وأضاف المسؤول، في إفادة صحافية، الخميس، رداً على الأسئلة المتعلقة بآخِر تطورات العمل في مركز العمليات المشتركة المزمع إنشاؤه مع العراق، قائلاً: «حربنا ضد الإرهاب مستمرة، والعمل الميداني يتواصل بنجاح بشكل إيجابي ومنسق مع السلطات العراقية والإدارة الإقليمية في شمال العراق (حكومة كردستان العراق)، ونقوم بالأعمال الفنية الخاصة بإنشاء مركز العمليات المشتركة دون أي مشاكل».

عسكريون أتراك وعراقيون ومسؤولون من أربيل أثناء اجتماع تنسيقي حول عملية «المخلب - القفل» في شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

وتصاعدت، في الفترة الأخيرة، الشكاوى من جانب بغداد من عمليات توغل عسكري تركية واسعة. وكلف رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، بالتنسيق مع سلطات إقليم كردستان؛ للبحث في تداعيات التوغل التركي المتكرر في شمال العراق.

وأكد وزير الخارجية، فؤاد حسين، أن بلاده لم تمنح تركيا ضوءاً أخضر للقيام بعمليات في إقليم كردستان، وأن الحكومة بحاجة لمزيد من النقاشات الأمنية مع الأتراك، مع الإقرار بأن« العمال الكردستاني» مشكلة عراقية أيضاً.

وندّد مجلس الأمن الوطني بالتوغل التركي لأكثر من 40 كيلومتراً داخل الأراضي العراقية.

لكن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قال، في تصريحات، السبت الماضي، إن أنقرة ترحب بالخطوات التي تتخذها بغداد وأربيل لمكافحة «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي»، وتعدها «جيدة لكن غير كافية».

وأضاف أن وزارتي الدفاع وأجهزة الاستخبارات في كل من تركيا والعراق تتمتع بـ«علاقات تعاون جيدة».

وبشأن عملية «المخلب - القفل» العسكرية التركية المستمرة ضد «العمال الكردستاني» في شمال العراق، منذ أكثر من عامين، قال إردوغان: «بعد زيارتنا العراق في أبريل (نيسان) الماضي، رأينا أنه جرى للمرة الأولى اتخاذ خطوات ملموسة للغاية على أرض الواقع في القتال ضد حزب العمال الكردستاني من جانب الإدارة العراقية».

وأكد «أن مجلس الأمن الوطني العراقي أعلن حزب العمال الكردستاني منظمة محظورة، والآن نرى انعكاسات ذلك على أرض الواقع، وبعد الزيارة كان تعاون قواتنا الأمنية وإدارة أربيل أمراً يبعث على الارتياح، كما أننا نتعاون مع كل من وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات في العراق، ولدينا علاقة جيدة».

وقال مسؤولون بوزارة الدفاع التركية، الأسبوع الماضي، إن عملية «المخلب - القفل»، كانت «غير عادية، وغير متوقعة، وسريعة، واستمرت بنجاح كما هو مخطط لها، وإن القفل يغلق».

تركيا أكدت استمرار عملية «المخلب - القفل» في شمال العراق بتنسيق مع بغداد وأربيل (وزارة الدفاع التركية)

في سياق متصل، ألقت قوات الأمن، بالتعاون مع المخابرات التركية، القبض على تركيين متورطين في هيكل الاستخبارات، التابع لـ«حزب العمال الكردستاني»، إلى جانب دعم أنشطته المالية.

وقالت مصادر أمنية تركية، الخميس، إنه جرى القبض على صادق توبال أوغلو ومحمد صاواش، الملقب بـ«خليل»، اللذين تبيَّن أنهما مسؤولان عما يسمى الهيكل الاستخباري لـ«حزب العمال الكردستاني»، في عملية مشتركة بين المخابرات ومديرية أمن إسطنبول.

وأضافت أن صادق توبال أوغلو ذهب إلى منطقة جبل قنديل في شمال العراق بشكل غير قانوني، وتلقّى تدريبات استخبارية، وخلال عملية التدريب عقد اجتماعات مع القيادي في «العمال الكردستاني» جميل بايك، وتظاهر بأنه صحافي وقام بجمع معلومات في تركيا لصالح المنظمة الإرهابية «العمال الكردستاني».

وتابعت المصادر أنه بعد ذلك تبيَّن أن محمد صاواش قام بأنشطة مالية نيابة عن المنظمة، وقام بتزويد أعضائها في سوريا بالموارد من خلال شركات واجهة، وجرى القبض عليهما بتهمة «الانتماء إلى منظمة إرهابية».