لبنان: تمسّك «حزب الله» بفرنجية يعرقل المبادرات لإنهاء الشغور الرئاسي

«القوات» و«الوطني الحر» يدعمان أزعور طالما لا تنازلات مقابلة

بري مجتمعاً مع أعضاء تكتل «الاعتدال» السبت (الوكالة الوطنية)
بري مجتمعاً مع أعضاء تكتل «الاعتدال» السبت (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان: تمسّك «حزب الله» بفرنجية يعرقل المبادرات لإنهاء الشغور الرئاسي

بري مجتمعاً مع أعضاء تكتل «الاعتدال» السبت (الوكالة الوطنية)
بري مجتمعاً مع أعضاء تكتل «الاعتدال» السبت (الوكالة الوطنية)

عرقل تمسك «حزب الله» بدعم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية للانتخابات الرئاسية، محاولات إحداث خرق في الحراك السياسي الداخلي القائم الذي اصطدم برفض الحزب البحث في «خيار ثالث»، ورفض المعارضة لحوار يرأسه رئيس البرلمان نبيه بري، فيما تتجه الأنظار إلى جوله سفراء «الخماسية» التي تبدأ الاثنين على قيادات سياسية ودينية، علها تساهم في إحداث خرق.

ويلتقي سفراء «الخماسية» (سفراء الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا ومصر وقطر)، الاثنين، البطريرك الماروني بشارة الراعي والرئيس بري، أما الثلاثاء فيلتقون الرئيس السابق ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط.

وإلى جانب حراك سفراء «الخماسية» في بيروت، بادرت كتلة «الاعتدال الوطني» إلى تسويق مبادرة تقوم على إنجاز حوار ليوم واحد، تليها جلسة انتخابية بدورات متتالية ومفتوحة، لانتخاب رئيس. لكن هذه المبادرة تعرضت لانتكاسة، أولاً في اشتراط رئيس البرلمان نبيه بري إدارة جلسة الحوار، وهو ما ترفضه المعارضة، وثانياً أن الكتلة تنتظر موقفاً من «حزب الله» لتقوم بجولة أخرى على القيادات السياسية، وهو ما لم يحصل بعد، حسبما تقول مصادر مواكبة.

وعبّرت عضو كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائبة غادة أيوب عن المشهد المغلق، بالقول إن «الملف اليوم هو في حركة بلا بركة»، مشيرة في تصريح لقناة «الجديد» إلى أن «ثنائي (حزب الله) و(حركة أمل) غير جاهز بعد للتنازل في الملف الرئاسي». كما قالت إن «ذهاب اللجنة الخماسية إلى الخيار الثالث للرئاسة واضح». وأكدت أن التقاطع بين قوى المعارضة على دعم الوزير السابق جهاد أزعور «لا يزال موجوداً طالما أن الفريق الآخر لا يقدم تنازلات، إذ لا يزال سليمان فرنجية مرشحاً».

وعلى غرار «القوات»، أعلن «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه النائب جبران باسيل تمسكه بترشيح أزعور. وقال عضو كتلة «لبنان القوي» النائب سيراز أبي خليل إن التيار «يتعاطى بإيجابية مع مساعي الدول الهادفة لتقريب وجهات النظر والتوافق على اسم يرضى به المسيحيون ولا يستفز الفريق الآخر، بعيداً من سياسة الفرض». وأضاف في تصريح إذاعي: «حتى الآن لا يزال التيار متمسكاً باسم الوزير السابق جهاد أزعور، وسينتخبه في أي جلسة يتم الدعوة إليها الآن».

وأكد أبي خليل أن كل طرح خارج إطار التحدي «يرحب به التيار»، مشيراً إلى أن الرئيس بري، كما «التيار الوطني الحر» وسواه، «هو ممر إلزامي لإتمام الانتخابات الرئاسية لكونه يمثل جزءاً كبيراً من اللبنانيين بشخصه أو بعلاقته مع الحزب».

وتحمل «حركة أمل»، الثنائي المسيحي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» مسؤولية عدم انتخاب رئيس. وقال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب محمد خواجة: «أحمّل مسؤولية عدم انتخاب رئيس لمن رفض الحوار منذ البداية أي (التيار الوطني الحر) و(القوات)». وأكد في تصريح لقناة «أل بي سي آيه» أنه «في حال عدنا لدورات المجلس النيابي اليوم لانتخاب رئيس، سنشهد الأمر نفسه، كما الجلسات السابقة، ولا جلسة انتخاب رئيس من دون ميثاقية»، في إشارة إلى انسحاب كتل نيابية من الجلسات، مما يؤدي لأن تفقد الجلسات نصابها القانوني.

وقال خواجة: «الموضوع الرئاسي منفصل تماماً عن الحرب في غزة وفي الجنوب، ولو ساروا بمبادرة الرئيس بري العملية والحقيقية لكان هناك رئيس جمهورية خلال 10 أيام»، وأكد أنه «يجب على رئيس الجمهورية أن يكون صناعة لبنانية».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

المشرق العربي فتاة لبنانية تلتقط صوراً لمكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

أكد «حزب الله» اللبناني، الأحد، مقتل القيادي علي كركي في غارة إسرائيلية استهدفت بعض قياديي الجماعة في لبنان وعلى رأسهم أمينها العام حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)

رئيس الوزراء اللبناني: لا خيار لدينا سوى الحل الدبلوماسي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، الأحد، إنه ليس لديه خيار سوى الخيار الدبلوماسي، رداً على سؤال بشأن الجهود الدبلوماسية لوقف تصعيد إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أنصار الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله يحملون صوره أثناء تجمعهم في صيدا بعد مقتله في غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

بطريرك الموارنة: قتل إسرائيل لنصر الله جرح قلوب الشعب اللبناني

دعا بطريرك الموارنة في لبنان بشارة بطرس الراعي، وهو أكبر رجل دين مسيحي في البلاد، إلى الدبلوماسية في الصراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)
عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)
TT

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)
عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها وحماية نفسه وقاعدته الشعبية، وفق ما يقول محللون.

ولطالما شكل نصر الله، الذي يعدّ حزبه القوة العسكرية والسياسية الأبرز في لبنان، العدو اللدود لإسرائيل. ومنذ توليه منصبه عام 1992، اكتسب هالة بوصفه قاد حزباً خاض منازلات عدة مع إسرائيل، وخرج منها بمظهر المنتصر.

بعد نحو عام من فتح حزبه جبهة «إسناد» لحليفته حركة «حماس» من جنوب لبنان ضد إسرائيل، جاء مقتل نصر الله بغارة إسرائيلية في معقله بضاحية بيروت الجنوبية، الجمعة، بعد خسائر غير مسبوقة تلقاها تباعاً في الأسبوعين الأخيرين.

ويقول مدير ملف سوريا والعراق ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية هايكو فيمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إذا لم يرد (حزب الله) في هذه المرحلة بضربة استراتيجية، مستخدماً ترسانته من الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى، فيمكن عندها افتراض أنه ببساطة غير قادر على فعل ذلك». ويضيف: «إما أن نرى رد فعل غير مسبوق من (حزب الله) أو ستكون الهزيمة الكاملة».

عنصر من «حزب الله» يشغلون راجمة صواريخ مختفية تحت الأرض داخل إحدى القواعد (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

و«حزب الله» هو التشكيل الوحيد في لبنان الذي احتفظ بسلاحه بعد انتهاء الحرب الأهلية (1975 - 1990) بحجة «مقاومة إسرائيل» التي احتلت مناطق واسعة في جنوب البلاد بين عامي 1978 و2000. وله ترسانة أضخم من أسلحة الجيش اللبناني، بحسب خبراء.

لكن بعد نحو عام من بدء تبادله القصف مع إسرائيل، بوتيرة ارتفعت حيناً وتراجعت حيناً آخر، حوّلت إسرائيل تباعاً ثقل عمليتها العسكرية من غزة إلى لبنان، حيث أسفرت غارات كثيفة تشنها منذ الاثنين، عن مقتل المئات وتشريد نحو 120 ألف شخص من منازلهم.

«معادلة الردع»

أعقبت الغارات الكثيفة التي استهدفت بشكل رئيسي مناطق في جنوب لبنان وشرقه، تفجير الآلاف من أجهزة اتصال يستخدمها «حزب الله» الذي اتهم إسرائيل بالوقوف خلفها، ما أسفر عن مقتل 39 شخصاً وإصابة نحو 3 آلاف آخرين بجروح.

وفي الأسبوع الأخير، أسفرت الضربات الإسرائيلية على بيروت عن مقتل عدد من قادة «حزب الله» البارزين، واحداً تلو الآخر.

ويقول الباحث في مؤسسة «سنتشري» سام هيلر، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن امتناع «حزب الله» عن ردع إسرائيل بعد قتلها زعيمه، قد يشجعها على المضي بشكل أكبر في هجماتها ضده.

وخلال نحو عام من التصعيد عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، يرى هيلر أن «حزب الله» لم يستنفد بعد القدرات العسكرية التي لطالما لوّح بامتلاكها «وافترض معظمنا أنه يحتفظ بها»، حتى عندما كثّف خصمه الغارات ضده ونفذ عمليات متقدّمة. ولا يستبعد أن تكون قدرات «حزب الله» «مبالغاً فيها»، أو أنه جرى تدميرها بالكامل من إسرائيل.

ومنذ حرب صيف 2006 التي خاضها «حزب الله» والدولة العبرية، و«هزم فيها الإسرائيليين»، كرّس «حزب الله»، وفق هيلر، «معادلة الردع الطويلة الأمد» مع إسرائيل، لكن «يبدو واضحاً اليوم أنه لا يستطيع حماية نفسه».

عناصر من «حزب الله» يوجهون راجمة صواريخ داخل إحدى القواعد (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«رفع معنويات»

مع خسارة قائدهم والرجل الأكثر نفوذاً في لبنان، فإن أنصار زعيم «حزب الله» الذين شرّدتهم الغارات الإسرائيلية وحرمتهم أفراداً من عائلاتهم، سيتوقعون أكثر من رد رمزي، وفق محللين.

وترى الأستاذة المحاضرة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون «حزب الله» أمل سعد، أن الحزب، الذي بات من دون قائد بعد الضربة الهائلة، سيحتاج إلى تحقيق توازن دقيق في اختيار رده.

وتتوقع أن يسعى الحزب من جهة إلى تفادي دفع إسرائيل لشنّ «حملة قصف شامل ضد بيروت أو أنحاء لبنان»، بينما يتعيّن عليه في الوقت ذاته «رفع معنويات» أنصاره ومقاتليه.

وسيتعيّن على «حزب الله» أيضاً أن يُظهر أنه قادر على حماية شعبه، والانتقام من إسرائيل، مع الحفاظ على السلام بين مختلف المكونات الطائفية في لبنان، المنقسمة حول قضايا رئيسية بينها تحكّم «حزب الله» بقرار السلم والحرب.

وتدفّق عشرات الآلاف من مناصري الحزب المدعوم من طهران، من جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية إلى مناطق أخرى ذات مكونات طائفية مختلفة، بحثاً عن مأوى من الغارات الإسرائيلية.

ويرى الباحث في معهد «كارنيغي» للشرق الأوسط مهند حاج علي، أن خسائر «حزب الله» الأخيرة أصابته بـ«شلل»، محذراً في الوقت عينه من استبعاد الحزب عن المشهد تماماً.

ويقول: «يتطلب الأمر قيادة جديدة، ونظام اتصالات، واستعادة سرديته والتواصل مع قاعدته الشعبية»، لكن سيكون من «الصعب جداً تخيل زوال التنظيم بهذه السرعة».

ولطالما كرّر كبار قادة «حزب الله» الإشارة إلى أن القضاء على قياديين من صفوفهم لا يؤثر على بنية الحزب العسكرية وقدراته الميدانية.

وتشرح أمل سعد في هذا السياق أن بنية «حزب الله» بوصفه مجموعة مسلحة، «مصمّمة لاستيعاب صدمات مماثلة»، مشيرة على سبيل المثال، إلى مقتل القائد العسكري البارز في الحزب عماد مغنية بتفجير سيارته في دمشق عام 2008، والذي نُسب إلى إسرائيل.

وتضيف: «عندما ينقشع الغبار، فإن أداء (حزب الله) لا يعتمد على شخص واحد»، مضيفة أن نصر الله في نهاية المطاف «ليس شخصية أسطورية؛ بل إنسان عادي».