إيران تسعى لإبعاد «فخ» الحرب الشاملة مع إسرائيل وارتداداتها عنها

لقاءات مكثفة لقاآني مع حلفاء طهران ونصر الله «يطمئنه»: سنخوض الحرب وحدنا

مناصرات لـ«حزب الله» يرفعن صور نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)
مناصرات لـ«حزب الله» يرفعن صور نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)
TT

إيران تسعى لإبعاد «فخ» الحرب الشاملة مع إسرائيل وارتداداتها عنها

مناصرات لـ«حزب الله» يرفعن صور نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)
مناصرات لـ«حزب الله» يرفعن صور نصر الله في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

أعفى «حزب الله»، إيران، من القتال ضد اسرائيل في حال توسّع الحرب، إذ طمأن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قاآني خلال زيارته الأخيرة بيروت في فبراير (شباط) الماضي، إلى أن الحزب «لا يريد أن تنجر إيران إلى حرب مع إسرائيل أو الولايات المتحدة»، وفق ما نقلت «رويترز» عن مصادر، بينما رأى مصدران أميركي وإسرائيلي أن إيران «تريد تجنب عواقب أي حرب بين إسرائيل و(حزب الله)».

وتعدّ هذه المعلومات، أول كشف للقاءات جمعت نصر الله وقاآني، ذلك أنه لم يُعلن عن أي لقاء جمع الطرفين منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقالت 7 مصادر لـ«رويترز» إنه وسط الهجوم الذي تتعرض له حركة «حماس» في غزة، زار قائد قاآني بيروت في فبراير لبحث المخاطر التي قد تنشأ إذا استهدفت إسرائيل، «حزب الله» اللبناني.

وذكرت المصادر أن قاآني اجتمع في العاصمة اللبنانية مع نصر الله للمرة الثالثة على الأقل منذ بدء حرب غزة. وأضافت أن الحديث تحول إلى احتمال أن تشن إسرائيل هجوماً شاملاً في لبنان. وقال مصدر إيراني مطّلع على المباحثات أنه في الاجتماع الذي لم يعلن عنه سابقاً، طمأن نصر الله قاآني بأنه لا يريد أن تنجر إيران إلى حرب مع إسرائيل أو الولايات المتحدة وأن «حزب الله» سيقاتل وحده. وقال نصر الله لقاآني: «هذه هي معركتنا».

نصر الله يستقبل في بيروت وزير خارجية ‏إيران حسين أمير عبداللهيان في فبراير الماضي (إعلام حزب الله)

وقالت مصادر أمنية إسرائيلية في وقت سابق إن إسرائيل لا تسعى إلى توسيع نطاق الأعمال القتالية، لكنها على استعداد للقتال على جبهات جديدة إذا لزم الأمر. وقال مصدران متوافقان مع آراء الحكومة في طهران إن إيران و«حزب الله» يدركان المخاطر الجسيمة التي قد تترتب على حرب أوسع نطاقاً في لبنان، بما في ذلك توجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية.

اجتماعات طهران

وذكر مسؤول إيراني أنه قبل اللقاء مع نصر الله في بيروت، ترأس قاآني اجتماعاً مدة يومين في إيران في مطلع فبراير مع قادة العمليات في فصائل باليمن والعراق وسوريا و3 ممثلين عن «حزب الله» ووفد من الحوثيين. وأضاف المسؤول أن القائد العام لـ«الحرس الثوري» الإيراني اللواء حسين سلامي كان حاضراً أيضاً، لكن «حماس» لم تشارك في اللقاء. وأردف المسؤول: «اتفق كل المشاركين في النهاية على أن إسرائيل تريد توسيع دائرة الحرب، وأنه يجب تجنب الوقوع في هذا الفخ؛ لأنه سيبرر وجود قوات أميركية إضافية في المنطقة».

إيران تتجنب العواقب

وتحدثت «رويترز» إلى 4 مصادر إيرانية واثنين من المصادر الإقليمية إلى جانب مصدر لبناني أكد فحوى الاجتماع. وقال مصدران أميركيان ومصدر إسرائيلي إن إيران تريد تجنب عواقب أي حرب بين إسرائيل و«حزب الله». وطلب الجميع عدم الكشف عن هوياتهم لحساسية الأمر. ويرى محللون إن اجتماع بيروت يسلط الضوء على الضغوط التي تتعرض لها استراتيجية إيران المتمثلة في تجنب تصعيد كبير في المنطقة، وفي الوقت نفسه إظهار القوة والدعم لغزة في أنحاء الشرق الأوسط من خلال الجماعات المسلحة المتحالفة معها في العراق وسوريا واليمن. وقال جون ألترمان من «مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية» رداً على سؤال بشأن الاجتماع إن قاآني ونصر الله يريدان «إبعاد إيران بشكل أكبر عن عواقب دعم مجموعة من الجهات الفاعلة بالوكالة في الشرق الأوسط». وأضاف: «ربما لأنهما يقدران أن احتمالات القيام بعمل عسكري في لبنان تزداد ولا تتراجع».

مناصرون لـ«حزب الله» يشيعون 4 أشخاص من أسرة واحدة ينتمون للحزب قتلوا بضربة إسرائيلية في خربة سلم (أ.ف.ب)

رد فعل إيراني منضبط

ويقول دبلوماسيون عرب وغربيون إن إسرائيل تبدي إصراراً قوياً على منع وجود مقاتلي «حزب الله» الرئيسيين على حدودها خشية وقوع هجوم مماثل لهجوم حماس في 7 أكتوبر. وقالت المسؤولة السابقة في المخابرات الإسرائيلية سيما شاين (ترأس حالياً برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي): «إذا جرى التوصل لوقف إطلاق النار في (غزة)، هناك اتجاهان داخل إسرائيل وانطباعي هو أن الاتجاه الذي يؤيد مواصلة الحرب على الحدود مع (حزب الله) هو الأقوى».

واتفق مسؤول إسرائيلي كبير مع الرأي القائل إن إيران لا تسعى إلى حرب شاملة، مشيراً إلى رد فعل طهران المنضبط على الهجوم الإسرائيلي على «حماس». وقال المسؤول: «يبدو أنهم يشعرون بتهديد عسكري حقيقي. لكن هذا التهديد قد يحتاج إلى أن يصبح أكثر مصداقية».

قائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني يظهر مع قادة «الحرس الثوري» خلال مراسم الشهر الماضي (تسنيم)

«خط الدفاع الأول»

وقال مصدران إقليميان إن اندلاع حرب في لبنان يؤدي إلى إضعاف «حزب الله» بشكل خطير سيكون بمثابة ضربة قوية لإيران التي تعتمد عليه. وقال عبد الغني الإرياني، وهو الباحث البارز في «مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية باليمن»: «(حزب الله) في الحقيقة هو خط الدفاع الأول عن إيران».

وقالت المصادر الإيرانية في الدائرة الداخلية للسلطة إنه إذا قامت إسرائيل بعمل عسكري كبير ضد «حزب الله»، قد تجد طهران نفسها مضطرة إلى تكثيف حربها بالوكالة. ومع ذلك، أقر مسؤول أمني إيراني بأن تكلفة مثل هذا التصعيد قد تكون باهظة جداً بالنسبة للجماعات المتحالفة مع إيران. وأضاف أن مشاركة إيران بشكل مباشر قد تخدم مصالح إسرائيل، وتوفر مبرراً لاستمرار وجود القوات الأميركية في المنطقة. وقال مسؤول أميركي إنه بالنظر إلى علاقات طهران الواسعة والممتدة منذ عقود مع «حزب الله»، سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، الفصل بينهما.

الإيرانيون يتهيبون الاشتباك مع أميركا

ووفقاً لأحد المصادر الإيرانية في الدائرة الداخلية للسلطة، لا يريد المرشد الأعلى علي خامنئي أن تمتد الحرب إلى إيران، حيث تحول استياء المواطنين من النظام الحاكم، العام الماضي، إلى احتجاجات حاشدة. وقال الإرياني: «الإيرانيون براغماتيون، ويخشون اتساع نطاق الحرب». وأضاف: «لو كانت إسرائيل وحدها لقاتلوها، لكنهم يعلمون أنه إذا اتسعت دائرة الحرب، فستتدخل الولايات المتحدة».


مقالات ذات صلة

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

المشرق العربي 
رئيس الجمهورية اللبناني مجتمعاً مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة المكلف أمس (رويترز)

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

تكثفت الاتصالات في لبنان لمعالجة تداعيات تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة وسط معارضة «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري لهذا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يلوح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ) play-circle 01:44

ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟

يستغرب كثيرون معارضة «الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل)» الشديدة تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يدلي بتصريح عقب اجتماع مع الرئيس اللبناني جوزيف عون في القصر الرئاسي في بعبدا (إ.ب.أ)

عون يقود مساعي لتجنب مقاطعة شيعية للحكومة... وبري: الأمور ليست سلبية للغاية

وصل رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام إلى بيروت، لبدء المشاورات النيابية لتشكيل حكومةٍ طمأن إلى أنها «ليست للإقصاء».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي كتلة نواب «حزب الله» بعد لقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون (أ.ب)

لبنان... «الثنائي الشيعي» يهدد وسلام يستوعب رد فعله ويطمئنه

توقفت الأوساط السياسية أمام رد فعل «الثنائي الشيعي» على التبدُّل المفاجئ للمزاج النيابي الذي سمّى رئيس «محكمة العدل الدولية» نوّاف سلام رئيساً للحكومة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون خلال اجتماعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الاثنين في قصر بعبدا (أ.ف.ب)

«خريطة طريق» فرنسية طموحة جداً للبنان

تواكب باريس عن قرب التطورات الإيجابية التي يشهدها لبنان بدءاً بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وتكليف نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى.

ميشال أبونجم (باريس)

سوريا تعتقل أحمد المنصور بعد بثه فيديوهات تهدد الحكومة المصرية

سوريا تعتقل أحمد المنصور بعد بثه فيديوهات تهدد الحكومة المصرية
TT

سوريا تعتقل أحمد المنصور بعد بثه فيديوهات تهدد الحكومة المصرية

سوريا تعتقل أحمد المنصور بعد بثه فيديوهات تهدد الحكومة المصرية

قال مصدر بوزارة الداخلية السورية ومصدر أمني عربي لوكالة «رويترز» اليوم الأربعاء إن السلطات الحاكمة الجديدة في سوريا ألقت القبض على المصري أحمد المنصور بعد بثه تسجيلات مصورة يهدد فيها الحكومة المصرية.

وكان المنصور أعلن تشكيل ما وصفه بـ«حركة ثوار 25 يناير».

ووفقاً لوسائل إعلام مصرية، فإن أحمد المنصور انضم إلى جماعات إرهابية قبل فراره إلى سوريا، حيث كان عضواً في «حركة حازمون» التي أسسها حازم صلاح أبو إسماعيل، وشارك في اعتصام رابعة العدوية والنهضة في 2013.

وتبرأ عاطف، والد المنصور، من نجله بسبب أفعاله، ونفى عاطف مزاعم رددها ابنه بأن السلطات المصرية تحتجز أفراد أسرته.

وذكر أن الدولة المصرية «أنفقت مليون جنيه على تعليم شقيق أحمد ليحصل على درجة الماجستير من إيطاليا».

عناصر من «هيئة تحرير الشام» أمام المصرف المركزي السوري في دمشق (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وذكرت المصادر لـ«رويترز» أن السلطات السورية ألقت القبض على المنصور، وهو معتقل حالياً في مركز احتجاز.وقال المصدر العربي إن «السلطات السورية هي التي ألقت القبض عليه بعدما تلقت الرسالة من الحملة الإعلامية المصرية»، وأضاف: «إنها إشارة إلى القاهرة التي تعتبر هذه القضية مهمة للغاية».