إطلاق مخطط إعادة إعمار مرفأ بيروت... وميقاتي: المشروع سينفذ من إيراداته أو عبر المساعدات

أعدّته فرنسا التي تراه إحدى الأولويات في دعم لبنان

رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال إطلاق مخطط إعادة إعمار المرفأ (أ.ب)
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال إطلاق مخطط إعادة إعمار المرفأ (أ.ب)
TT

إطلاق مخطط إعادة إعمار مرفأ بيروت... وميقاتي: المشروع سينفذ من إيراداته أو عبر المساعدات

رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال إطلاق مخطط إعادة إعمار المرفأ (أ.ب)
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال إطلاق مخطط إعادة إعمار المرفأ (أ.ب)

أطلقت وزارة الأشغال العامة والنقل اللبنانية العرض الخاص لمخطط إعادة إعمار وتطوير مرفأ بيروت، الذي أعدته فرنسا، بينما كان تأكيد المسؤولين اللبنانيين أن المشروع سيأخذ طريقه إلى التنفيذ عبر مساهمات خارجية أو من إيرادات هذا المرفق.

وشكر رئيس حكومة تصريف الأعمال فرنسا، مثنياً على دعمها المستمر للبنان، قائلاً: «هذا الدعم له أهمية خاصة لأن فرنسا تمثل قلب المجتمع الدولي المكون من أشقائنا العرب وأصدقائنا في العالم»، مستذكراً «زيارة التضامن التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان ومرفأ بيروت تحديداً بعد يومين من التفجير المدمّر في 4 أغسطس (آب) 2020 التي تلتها زيارة ثانية في بداية سبتمبر (أيلول) 2021».

وأكد أن هذا المشروع سيأخذ طريقه إلى التنفيذ في أسرع وقت، من خلال مساهمات خارجية نتطلع إلى توافرها أو من إيرادات المرفأ، مضيفاً: «نتطلع إلى استئناف التحقيق في ملف تفجير المرفأ لإحقاق الحق والعدالة».

وأكد ميقاتي أن «ورشة النهوض بمرفأ بيروت من جديد وإعادة إعماره ونفض غبار الحرب عنه، تبقى أولوية وطنية واقتصادية، لكون هذا المرفأ هو الشريان الحيوي الأبرز على البحر الأبيض المتوسط وإلى العمق العربي».

من جهته، قال وزير الأشغال علي حمية إن إعادة النهوض بمرفأ بيروت لا بد أن تمر بمحطات ثلاث؛ التفعيل والإصلاح وإعادة الإعمار.

وأكد أن «المحطة الثالثة هي درة التاج في استكمال مسار النهوض بهذا المرفق الحيوي، حيث قاربنا هذه المحطة من خلال السير بين خطوط وطنية بامتياز تراعي دور المرفأ ونظرتنا الحالية والمستقبلية إليه، وتحاكي تاريخه وموقعه وجواره على حد سواء، فلم نكن لنقبل مطلقاً بأي مخططات تُخرج المرفأ من دوره وتاريخه وموقعه، ولم نكن لنرضى مطلقاً بأي مشاريع وتصورات لمخططات تجعل من المرفأ فاقداً لهويته التي هو عليها، أو أن تجعله متمدداً إلى خارج نطاقه الجغرافي نحو ممتلكات جيرانه، بل إن ما أردناه فعلاً أن يكون هذا المخطط مراعياً لكل ذلك، وعاملاً على خدمة الصالح العام على صعيدي الدولة والناس معاً».

بدوره، استذكر السفير الفرنسي هرفيه ماغرو ضحايا الانفجار المأساوي الذي ضرب مرفأ بيروت منذ أكثر من ثلاث سنوات وعائلاتهم، متوقفاً عند الخلاف حول هدم الإهراءات، قائلاً: «نحن ندرك رمزية الإهراءات وبالتالي لم تشملها الدراسات، إذ لا يعود للخبراء الفرنسيين اتخاذ القرار بشأنها».

وأضاف: «يبقى مرفأ بيروت أداة أساسية للبنان ولاقتصاده، ولهذا السبب أراد الرئيس إيمانويل ماكرون أن تدعم فرنسا تعافيه. وهو اليوم إحدى أولوياتنا في دعمنا للبنان ومحور رئيسي لتعاوننا».

وذكّر السفير الفرنسي بما قامت به بلاده منذ اليوم الأول للانفجار، من انتشار الجيش الفرنسي خلال شهر أغسطس 2020 للمساعدة في تأمين منطقة الكارثة وفرز وجمع الأنقاض الرئيسية، إلى تمويل إزالة وإعادة تدوير الحبوب من الصوامع المنتشرة حول الميناء، وتمويل دراسة لتقدير قيمة الحطام الذي يجب إزالته. كما قدمت باريس ​​جهاز مسح لمرفأ بيروت، الذي لا يزال هو الوحيد العامل حتى اليوم، إضافة إلى حشد إحدى الشركات الفرنسية العديد من الخبراء الفنيين لمساعدة المرفأ على تحديث إدارته وسلامته وأمنه. ولفت إلى أن «فرنسا تعمل بشكل خاص على استعادة قدرات تكنولوجيا المعلومات الجمركية ووضع استراتيجية لإدارة المخاطر»، مؤكداً أن ميناء مرسيليا ملتزم بالكامل إلى جانب ميناء بيروت، على النحو الرسمي في اتفاقية التعاون الموقعة في يونيو (حزيران) 2022.

وأعلن عن تقديم «إنجازين مهمين على أنهما دليل على هذا التعاون: من ناحية تقديم مقترحات لتنظيم الميناء، بالإضافة إلى الوثائق الفنية التي ستمكن من إطلاق دعوات لتقديم العطاءات بشأن أعمال البنية التحتية ذات الأولوية، إضافة إلى تقييم أمن المرفأ ويتضمن إجراءات عملية لتهيئة الظروف الأمنية في مرفأ بيروت بما يتوافق مع المعايير الدولية. وهذا أمر ضروري، ولكنه يمثل أيضاً ميزة اقتصادية وتجارية على المدى الطويل».

كذلك، تحدث مدير مرفأ بيروت عمر عيتاني، معلناً أن مرفأ بيروت بات اليوم جاهزاً لتقديم كل الخدمات المرفئية في حال بدأت عملية إعادة إعمار سوريا.

وأكد أن المرفأ «استطاع تخطي أزمة السيولة التي كان يمر بها نتيجة الانهيار الاقتصادي»، متوقفاً عند المساعدة القيمة التي قدمتها الدولة الفرنسية عبر تخصيص موازنة لمساعدة المرفأ ترجمت بتكليف شركة استشارية وخبراء دوليين عبر دراسة خطة للتخلص من مخلفات الانفجار ووضع مخطط لإنشاء الطاقة المستدامة، كما تم توقيع مذكرة تعاون مع مرفأ مرسيليا لتبادل الخبرات.

وأوضح: «أما بالنسبة للإيرادات فقد استطاع مرفأ بيروت في عام 2023 تحقيق ما يقارب 150 مليون دولار أميركي مجمل إيرادات بعد أن كانت قد وصلت إلى أدنى مستوياتها في عام 2020، حيث بلغت ما يقارب 182 مليار ليرة أي ما يوازي 9 ملايين دولار أميركي في حينه لتعود وترتفع تدريجياً، حيث حقق المرفأ في عام 2021 ما يقارب 140 مليار ليرة و5 ملايين دولار، ليستعيد مرفأ بيروت عافيته المالية مجدداً. كما واصل المرفأ تحقيقه أرقاماً قياسية فيما يخص موضوع الحاويات، حيث وصل عدد الحاويات النمطية التي تعامل معها المرفأ في شهر أغسطس إلى ما يقارب 90 ألف حاوية مع العلم أن هذا الرقم لم يحققه المرفأ منذ عام 2019».

كذلك سُجّل ارتفاع تدريجي لمجموع الحاويات النمطية من 500 ألف حاوية سنة 2021 إلى ما يقارب 800 ألف حاوية سنة 2023، والتعامل أيضاً مع ما يقارب 900 باخرة في عام 2023 مقابل 731 باخرة في عام 2021.


مقالات ذات صلة

انتخاب رئيس للبنان يتأرجح مناصفة بين التفاؤل والتشاؤم

تحليل إخباري من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

انتخاب رئيس للبنان يتأرجح مناصفة بين التفاؤل والتشاؤم

يصعب على الكتل النيابية التكهُّن، منذ الآن، بأن جلسة انتخاب رئيس للجمهورية المقررة في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل ستنتهي إلى ملء الشغور الرئاسي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي قائد سلاح الجو الإسرائيلي يزور معرضاً لأسلحة غنمها الجيش من «حزب الله» (الجيش الإسرائيلي)

إسرائيل تواصل تطبيق مفهومها لوقف النار بـ8 غارات على الحدود اللبنانية - السورية

واصلت إسرائيل عملياتها العسكرية في لبنان، رغم مضي شهر على اتفاق وقف النار، معلنةً عن إحباط محاولات لـ«حزب الله» إدخال أسلحة إلى لبنان عبر الحدود مع سوريا.

بولا أسطيح
الخليج الأمير خالد بن سلمان لدى لقائه العماد جوزيف عون (وزارة الدفاع السعودية)

خالد بن سلمان وعون يبحثان مستجدات لبنان

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع العماد جوزيف عون قائد الجيش اللبناني، مستجدات الأوضاع في لبنان والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مواطنون يسيرون بالقرب من مسجد مدمر في قرية خيام اللبنانية (رويترز)

غارة جوية إسرائيلية على شرق لبنان

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، فجر اليوم (الأربعاء)، منطقة بعلبك شرق لبنان، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد نجيب ميقاتي (وسط الصورة من اليسار) في صورة مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (وسط الصورة من اليمين) والوزراء بعد اجتماع وزاري في مدينة صور (مكتب رئيس الوزراء)

السندات الدولية تنذر بمقاضاة لبنان أمام القضاء الأميركي

بلغت السندات اللبنانية السيادية السقوف المرتقبة للارتفاع بنسبة قاربت 100 في المائة من أدنى مستوياتها في الأسواق المالية الدولية.

علي زين الدين (بيروت)

غزة: غارة إسرائيلية تُخرج «مستشفى كمال عدوان» عن الخدمة

مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

غزة: غارة إسرائيلية تُخرج «مستشفى كمال عدوان» عن الخدمة

مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
مسعفون بالقرب من مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ العملية العسكرية التي شنّتها إسرائيل الجمعة تسببت بخروج مستشفى كمال عدوان وهو آخر مرفق صحي رئيس شمالي القطاع، عن الخدمة.

وقالت المنظمة الأممية في بيان، مساء الجمعة، إنّ «الغارة التي شنّتها إسرائيل صباح اليوم على مستشفى كمال عدوان أدّت إلى خروج آخر مرفق صحّي رئيس في شمال غزة عن الخدمة. التقارير الأولية تشير إلى أنّ بعض الأقسام الرئيسة احترقت ودُمّرت بقوّة خلال الغارة».

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، السبت، أن الجيش الإسرائيلي احتجز مدير مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع وأفراد من طاقمه، واقتادهم إلى التحقيق. وقالت في بيان إن «قوات الاحتلال تقتاد العشرات من طواقم مستشفى كمال عدوان بما في ذلك مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية إلى مركز للتحقيق».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في وقت سابق أمس (الجمعة) أنّه أطلق عملية عسكرية في محيط مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمالي القطاع، مشيراً إلى أنها تستهدف عناصر من (حماس)، بينما اتهمته وزارة الصحة التابعة للحركة باقتحام المرفق الطبي. وتأتي العملية غداة إعلان أبو صفية أن خمسة من أفراد طاقمه بينهم طبيب قتلوا في غارة إسرائيلية مساء الخميس.

حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان في غزة يتفقد الأضرار 18 ديسمبر الجاري (رويترز)

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنّه بدأ «العمل خلال الساعات الماضية في منطقة مستشفى كمال عدوان وذلك بعد ورود معلومات استخباراتية مسبقة حول وجود مخربين وبنى تحتية إرهابية وتنفيذ أنشطة إرهابية هناك». وأضاف «تعمل القوات في المنطقة بشكل دقيق مع تجنب المساس بالأشخاص غير المتورطين والمرضى والطواقم الطبية إلى أكبر قدر ممكن»، مؤكداً أنه «سمح قبل وأثناء النشاط للسكان والمرضى والموظفين في المستشفى بإخلاء المنطقة بطريقة منظمة»، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

لكنّ وزارة الصحة في غزة اتهمت الجيش باقتحام المستشفى، مشيرة إلى انقطاع التواصل مع طاقمه. وقالت في بيان «بعد اقتحام قوات الاحتلال اليوم الجمعة (أمس) لمستشفى كمال عدوان وانقطاع التواصل مع مدير المستشفى فإن مصير الكادر الصحي والمرضى أصبح مجهولاً». وأوضحت أن الجيش «أجبر الطواقم الطبية والمرضى والمرافقين على خلع ملابسهم في البرد الشديد واقتادهم خارج المستشفى إلى جهة مجهولة»، كما حمّلت وزارة الصحة إسرائيل «المسؤولية الكاملة عن حياة المرضى والجرحى والطواقم الطبية». ونقلت الوزارة عن أبو صفية قوله إن «جيش الاحتلال يحرق جميع أقسام العمليات في المستشفى»، مضيفاً أن الجيش «أخلى كامل الطاقم الطبي والنازحين واعتقل عدداً من الطاقم الطبي»، مشيراً إلى أنه ما زال في المستشفى مع آخرين.

وذكر شهود عيان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنه تم إخلاء المستشفى وإجبار مئات الفلسطينيين المقيمين في محيطه على الإخلاء والتوجه إلى مدرسة الفاخورة والمستشفى الإندونيسي شبه المدمر في جباليا بشمال القطاع المحاصر.

وفي وقت لاحق الجمعة، نشرت حركة «حماس» بياناً نفت فيه التصريحات الإسرائيلية وقالت «ننفي نفياً قاطعاً وجود أي مظهر عسكري أو تواجد لمقاومين في المستشفى، سواء من كتائب القسام أو أي فصيلٍ آخر، فالمستشفى كان مفتوحاً أمام الجميع والمؤسسات الدولية والأممية». وأضافت «إن أكاذيب العدو حول المستشفى هي لتبرير الجريمة النكراء التي أقدم عليها جيش الاحتلال اليوم بإخلاء وحرق كافة أقسام المستشفى، تطبيقاً لمخطط الإبادة والتهجير القسري»، كما طالبت الحركة «الأمم المتحدة (...) بتشكيل لجنة تحقيق أممية للنظر في حجم الجريمة التي يرتكبها الاحتلال في شمال قطاع غزة (...) والعمل أيضاً على توفير الخدمات الطبية لأهلنا بعد تدمير الاحتلال لكافة المرافق الصحية في الشمال».

وتشنّ القوات الإسرائيلية عملية عسكرية واسعة في شمال قطاع غزة منذ السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تقول إنها تهدف إلى منع «حماس» من إعادة تجميع قواها في ظل الحرب المتواصلة منذ أكتوبر 2023. وقال الجيش أمس (الجمعة) إن مستشفى كمال عدوان بات «بمثابة مركز إرهابي لـ(حماس) في شمال قطاع غزة... وعمل مخربون منه طوال فترة الحرب».

وسبق لإسرائيل أن اتهمت «حماس» باستخدام العديد من المنشآت المدنية في قطاع غزة خصوصاً المستشفيات، كمراكز لعملياتها، وهو ما نفته الحركة بشدة. وفي الأيام الأخيرة، أعرب أبو صفية مراراً عن مخاوفه بشأن وضع المستشفى، متهماً القوات الإسرائيلية باستهداف أقسامه، وقال الاثنين «يجب على العالم أن يفهم أن مستشفى كمال عدوان مستهدف بقصد قتل وتهجير الناس بالقوة في الداخل». ووصفت منظمة الصحة العالمية الظروف في مستشفى كمال عدوان بأنها «مروعة» وقالت إنه يعمل بالحد «الأدنى».