العراق يقيم سياجاً شائكاً لتأمين حدوده مع إيران

السوداني يطلق نسخة جديدة من «وعد الحق» لمطاردة «داعش»

جنود عراقيون خلال إحدى المهام (وكالة الأنباء العراقية)
جنود عراقيون خلال إحدى المهام (وكالة الأنباء العراقية)
TT

العراق يقيم سياجاً شائكاً لتأمين حدوده مع إيران

جنود عراقيون خلال إحدى المهام (وكالة الأنباء العراقية)
جنود عراقيون خلال إحدى المهام (وكالة الأنباء العراقية)

بعد أيام من إعلان وزير الداخلية العراقي، الفريق عبد الأمير الشمري، تأمين الحدود مع الجانب السوري بالكامل تقريباً، بدأت بغداد في تنفيذ خطة لنصب «أكبر حاجز من الأسلاك الشائكة مع إيران». وأعلن مصدر أمني عراقي، الأحد، «بدء تنفيذ أكبر حاجز من الأسلاك الشائكة ضمن الوديان والمنحدرات في العمق على الحدود العراقية - الإيرانية»، في وقت أفاد الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة بإطلاق نسخة جديدة من عملية «الوعد الحق»؛ لمطاردة خلايا «تنظيم داعش»، بهدف محاصرة ما تبقى من «التنظيم الإرهابي» في «أخطر حواضنه» بين مناطق محافظتي: الأنبار، وديالى.

وكان وزير الداخلية العراقي، أعلن الأسبوع الماضي خلال مشاركته في «ملتقى الرافدين» ببغداد أنه «بات من المؤكد أن الحدود مع سوريا (محكمة) بالكاميرات»، لكنّه عدّ أن الوضع «قلق» مع الجارة التركية بسبب وجود «حزب العمال الكردستاني» على أراضي إقليم كردستان.

وأكد الوزير أن «التدخل التركي استباح مساحات حدودية لاستخدامها ساحة حرب ضد (العمال الكردستاني)»، وأوضح أن «الحدود من جهة دهوك (شمال) تخضع للتدخل التركي، وتحولت إلى صراع مع الحزب». وفي الوقت الذي أكد الشمري أن «الوضع مع تركيا يحتاج إلى وقت لوعورة المنطقة»، فقد تم الإعلان عن بدء تنفيذ أكبر حاجز من الأسلاك الشائكة على الحدود العراقية - الإيرانية.

وطبقاً لمصدر أمني عراقي، فإنه «وفق أوامر عليا شرعت هندسة الحدود والتشكيلات الساندة لها في تنفيذ أكبر حاجز من الأسلاك الشائكة يمتد من شرق ديالى، ضمن محاور مندلي وقزانية وبقية المناطق امتداداً لمحافظتي واسط والسليمانية».

وأضاف أن «الحاجز السلكي (وهو أول إجراء من نوعه بعد عام 2003) سيُعزز بكاميرات حرارية متطورة، وأبراج مراقبة على مسافات لتعزيز القوة الماسكة من أجل منع أي حالات تسلل أو تهريب».

وأشار إلى «فتح طرق في عمق الشريط الحدودي مع إعادة التموضع، والذي يأتي ضمن استراتيجية تعزيز قوة السيطرة على الحدود على نحو يعزز الأمن الداخلي، ويمنع تهريب المواد الممنوعة بكل أنواعها». ويأتي بدء تنفيذ المشروع في سياق اتفاق أمني مشترك بين بغداد وطهران جرى توقيعه خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وهو المرحلة الثانية مع اتفاق ضبط الحدود بين البلدين.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتوسط مسؤولين من العراق وإيران في مارس الماضي خلال توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين (وكالة أنباء العراق)

يذكر أن هناك اتفاقاً أمنياً مشتركاً بين بغداد وطهران لتأمين الشريط الحدودي بين البلدين، خاصة من جهة إقليم كردستان، ومنع أي عوامل تسهم في إثارة التوتر وحالة عدم الاستقرار الأمني، وبالتزامن مع قرار إبعاد مقرات الأحزاب الإيرانية المعارضة عن مناطق التماس.

في سياق ذلك أعلن الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول، أنه «في ضوء توجيهات القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أطلقت القوات الأمنية نسخة جديدة مع عمليات (الوعد الحق) التي تتولى بموجبها القوات العراقية من مطاردة (تنظيم داعش) في بعض المناطق التي لا تزال بمثابة حواضن له».

وقال رسول في بيان إن «عمليات (وعد الحق) الثالثة انطلقت في صلاح الدين وكركوك فجر (الأحد)، لملاحقة الإرهاب»، مُبيناً أن «العملية تمت بإشراف قيادة العمليات المشتركة، حيث تأتي هذه العمليات الواسعة وفق معلومات استخبارية دقيقة، وبإسناد من الأبطال في القوة الجوية وطيران الجيش، وبعض الوكالات والدوائر الأمنية الساندة».

وفي السياق نفسه أعلنت قيادة العمليات المشتركة، الأحد، مقتل 10 عناصر من «تنظيم داعش» خلال عمليات «وعد الحق» العسكرية الجارية في محافظتي الأنبار وديالى. وقالت القيادة في بيان إنه «استمراراً للعمليات التعرضية خلال عملية (وعد الحق)، وأثناء تعقب الإرهابيين في صحراء وادي الثرثار من قبل فوج حشد الغربية وفوج حشد القائم، تمت ملاحقة عجلة نوع (بيك أب) بداخلها 4 إرهابيين أحدهم يرتدي حزاماً ناسفاً». وأضاف البيان أن «القوة المنفذة للواجب تمكنت من قتلهم جميعاً، وبهذا يكون عدد الإرهابيين القتلى خلال الساعات الـ24 الماضية 10 إرهابيين»، وأوضحت أن «العملية انطلقت بهدف استمرار نهج القيادة في تعقب ومطاردة العناصر الإرهابية المهزومة، وإدامة الضغط على هذه المجموعات الهاربة السائبة والانقضاض عليها».


مقالات ذات صلة

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)

رئيس البرلمان العراقي: المنطقة قريبة من «نكبة ثانية»

قدم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يزور مقر وزارة التخطيط المشرفة على التعداد صباح الأربعاء (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: انطلاق عمليات التعداد السكاني بعد سنوات من التأجيل

بدت معظم شوارع المدن والمحافظات العراقية، الأربعاء، خالية من السكان الذين فُرض عليهم حظر للتجول بهدف إنجاز التعداد السكاني الذي تأخر لأكثر من 10 سنوات.

فاضل النشمي (بغداد)

ماذا يعني إعلان «حزب الله» العودة للعمل السياسي تحت سقف «الطائف»؟

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
TT

ماذا يعني إعلان «حزب الله» العودة للعمل السياسي تحت سقف «الطائف»؟

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)

كان لافتاً أن يخرج أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أخيراً، للحديث عن مرحلة ما بعد وقف النار وانتهاء الحرب الإسرائيلية، ليعلن أن خطوات الحزب السياسيّة وشؤون الدولة ستكون «تحت سقف الطائف»، ويتحدث عن «مساهمة فعالة» لانتخاب رئيس للجمهورية، مع إشارة واضحة إلى ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، التي عدّها «الرصيد المتبقّي الذي نستطيع من خلاله أن نبني وطننا». وهذه الثلاثية هي عبارة ترد في البيان الوزاري للحكومات اللبنانية منذ أعوام، وفيها تشريع مبطن لعمل الحزب العسكري.

واختلفت قراءة مواقف الحزب تلك. ففيما عدَّ البعض أنه يمهّد من خلالها لتنازلات في المرحلة المقبلة مرتبطة بسلاحه، رأى آخرون أنها تنحصر بـ«المشروع السياسي»، إذ إن آخر ما قد يُقدم عليه «حزب الله» اليوم طالما الحرب مستمرة وفي أوجها الحديث عن سلاحه ومصيره.

ما الذي نص عليه «الطائف»؟

وقسّم «اتفاق الطائف»، الذي يُعرف بـ«وثيقة الوفاق الوطني اللبناني»، التي صادق عليها مجلس النواب في عام 1989، المراكز والمناصب على الطوائف، وحدد صلاحيات السلطات الأساسية. ونصّ على «حلّ جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها إلى الدولة اللبنانية»، لكنه في الوقت عينه أشار إلى «اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي، وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها».

ولطالما حاول «حزب الله» إبداء تمسكه بـ«اتفاق الطائف». وفي يوليو (تموز) 2023، أكد الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله أن «الحديث عن أن (حزب الله) يريد إلغاء (اتفاق الطائف) والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين هو كذب وتضليل مقصود».

المشروع السياسي

ووصف الكاتب والباحث السياسي قاسم قصير، المطلع عن كثب على شؤون «حزب الله»، موقف قاسم، بـ«المهم»، معتبراً أنه «يؤكد التزام الحزب بالاتفاق، وأنه لن يكون له مشروع سياسي داخلي مختلف». وشدد قاسم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أنه «ليس لهذا الموقف علاقة بالسلاح باعتبار أن (اتفاق الطائف) له علاقة بالمشروع السياسي».

مصلحة شيعية

من جهته، رأى عضو كتلة «تحالف التغيير» النائب ميشال دويهي أن «مفهوم (اتفاق الطائف) عند عدد كبير من القوى السياسية يتخطى (الطائف) والصلاحيات الدستورية. فنرى هذه القوى، وعلى رأسها (الثنائي الشيعي)، أي (حزب الله) وحركة «أمل»، تنتقي ما تريد من هذا الاتفاق وتطبقه»، متسائلاً: «ألم ينص الاتفاق على حل كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة وهو أمر لم يحصل؟».

وعدَّ دويهي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل السلوك السياسي والدستوري والقانوني لـ(الثنائي)، هو تعدّ على (الطائف)»، مضيفاً: «آخر ملامح خرق (الطائف) تولي الرئيس بري مفاوضات وقف النار بدلاً عن رئيس الجمهورية»، ولافتاً إلى أنه «بعد الحرب الكبيرة والمؤلمة لجميع اللبنانيين، نرى أنه لدينا فرصة لتطبيق (الطائف)، واستعادة الدولة وبناء المؤسسات، ونعتقد أن للطائفة الشيعية مصلحة وجودية وكيانية بالعودة إلى الدولة والمساهمة في بناء دولة قوية».

لا شيء مضمون

أما رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي بول مرقص، فعدَّ أن الشيخ قاسم، وبحديثه في هذا التوقيت عن «الطائف»، إنما «غمز باتجاه أن الحزب سيكون من الآن وصاعداً حزباً سياسياً يعمل وفق أطر اللعبة السياسية التي أرسى قواعدها (اتفاق الطائف) لا ميليشيا مسلحة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «قصد أيضاً أن الحزب لن يذهب باتجاه (العد)، أي اعتبار أن أكثرية طائفية معينة يمكنها أن تحتل مركز طائفة أخرى. لكن الأمرين أشار إليهما من باب الغمز، لا من باب الضمانة أو التأكيد، لأن لا شيء يمنع أن يستمر الحزب بحمل سلاحه طالما العبارة لم تأت واضحة وصريحة».

وأضاف مرقص: «(الطائف) نصّ على حل جميع الميليشيات إلا أنه أبقى على مفهوم المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية، لذلك يفسره (حزب الله) على النحو الذي يريده، بحيث يبقي على سلاحه تحت هذا الشعار، من هنا لا يمكن اعتبار عبارة (تحت سقف الطائف) عبارة ضامنة إنما تحتمل الكثير من الالتباس والتأويل».