فشل «الفرصة الأخيرة» لاختيار رئيس البرلمان العراقي

الأحزاب السنية لم تستجب لمبادرة السوداني بالخروج بمرشح توافقي

الأحزاب العراقية فشلت مرات عديدة في اختيار بديل للرئيس المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات عديدة في اختيار بديل للرئيس المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
TT

فشل «الفرصة الأخيرة» لاختيار رئيس البرلمان العراقي

الأحزاب العراقية فشلت مرات عديدة في اختيار بديل للرئيس المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات عديدة في اختيار بديل للرئيس المقال محمد الحلبوسي (رويترز)

في محاولة لجمع الأطراف السنية للخروج باتفاق نهائي على مرشح واحد لرئاسة البرلمان العراقي، التقى رئيس الوزراء قادة أحزاب السنية، لكن اجتماعهم فشل في التوصل إلى اتفاق.

وضم الاجتماع محمد الحلبوسي رئيس حزب «تقدم»، وخميس الخنجر رئيس حزب «السيادة»، ومثنى السامرائي رئيس تحالف «عزم»، وثابت العباسي رئيس تحالف «الحسم».

وطبقاً لما خرج بعد الاجتماع من انقسام واضح بين القيادات السنية، فإن الكرة باتت الآن في ملعب قوى «الإطار التنسيقي الشيعي»، في ترجيح كفة المرشح السني القادم لرئاسة البرلمان، بعدما رفضت القيادات السنية الاستجابة لمبادرة السوداني لإعلان مرشح واحد يمثل كل السنَّة و«ليس أغلبية على حساب أقلية»، كما تنقل المصادر.

وفي هذا السياق، قررت الكتل السُنية الثلاث (تحالف «السيادة»، و«العزم»، «والحسم الوطني»)، ترشيح النائب سالم مطر العيساوي لمنصب رئيس مجلس النواب المقبل، وهو ما يعارضه «حزب تقدم».

ووجَّه قادة القوى السنية الثلاثة مذكرة إلى قادة «الإطار التنسيقي الشيعي»، ومذيَّلة بتوقيع خميس الخنجر، «السيادة»، ومثنى السامرائي، «العزم»، وثابت العباسي، «الحسم الوطني»، بترشيح سالم العيساوي.

البرلمان العراقي يعمل من دون رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)

ودعا الموقِّعون على المذكرة إلى الإسراع بتحديد الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس مجلس النواب، وخاطبوا قادة الإطار بالقول إن «دعمكم لمرشحنا يستكمل الاستحقاقات الدستورية نحو العملية السياسية بما يخدم العراق ووحدته وسيادته». وعقد البرلمان العراقي، في 13 يناير (كانون الثاني) الماضي، جلسة استثنائية لاختيار رئيس مجلس النواب الجديد، وانتهت الجولة الأولى من التصويت، بفوز حزب «تقدم»، شعلان الكريم، بـ152 صوتاً من أصل 314 صوتاً، وجاء خلفه النائب سالم العيساوي بـ97 صوتاً، والنائب محمود المشهداني بـ48 صوتاً، والنائب عامر عبد الجبار بـ6 أصوات، والنائب طلال الزوبعي بصوت واحد، إلا أن مشادات كلامية حصلت داخل قاعة المجلس؛ ما اضطر رئاسة المجلس إلى رفع الجلسة حتى إشعار آخر.

لا ضوء سنياً في نهاية النفق

وأبلغ سياسي سني بارز «الشرق الأوسط» بأن «هناك اتفاقاً على ضرورة انتخاب رئيس مجلس النواب في أقرب وقت، قبل أن تعطي (المحكمة الاتحادية) قرارها حول الجلسة التي جرت فيها الانتخابات، خصوصاً أن التنافس سينحصر بين سالم العيساوي ومحمود المشهداني».

وتفيد الترشيحات المتداولة بأن العيساوي هو الأوفر حظاً بالمنصب، وهو ما يثير تحفظ الحلبوسي لأنهما يتحدران من مدينة الفلوجة في الأنبار.

وأضاف السياسي أن «الحلبوسي، ولكي لا يحصل ذلك، فإنه حاول استمالة عمار الحكيم زعيم (تيار الحكمة) وهادي العامري زعيم (تحالف نبني)، ومن ثم تحرك على القادة السياسيين بمن فيهم الزعامات الكردية لتقديم أي مرشح من حزبه، لكن بعد تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب».

وأشار إلى أن «السوداني استضاف الاجتماع بين القيادات السنية لحلحلة الأزمة التي لا تزال مستعصية، وربما تليه لقاءات أخرى في غضون يومين».

من جهته، يقول السياسي المستقل عمر الناصر لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد مبادرة السوداني الأولى التي تتعلق بفك الانسداد السياسي في كركوك، وترأسه لائتلاف إدارتها كحل مؤقت لأزمة المحافظة، يأمل أن تنجح الطريقة ذاتها في حل أزمة البرلمان».

وأوضح الناصر أنه «طبقاً لما يجري الحديث عنه، فإن هناك نية لتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب دون الاكتراث إلى قرار المحكمة الاتحادية الذي قطع الطريق أمام إطالة أمد أزمة اختيار رئيس مجلس النواب في قرارها الأخير، حيث إن تعديل النظام الداخلي قد يُعدّ محاولة للالتفاف على الدستور والمحكمة الاتحادية».

الحلبوسي وهادي العامري خلال لقائهما في بغداد الأسبوع الماضي (إكس)

صراع زعامات

في السياق نفسه، يرى الباحث سيف السعدي، لـ«الشرق الأوسط» أن «مبادرة رئيس الوزراء لا تأتي بشيء جديد، لأن الخلاف السُني عميق، وهو صراع زعامات، وسوف يستمر المشهد إلى بعد شهر رمضان المبارك».

وأضاف السعدي أن «أطرافاً سنية تدفع باتجاه بقاء محسن المندلاوي رئيساً بالإنابة إلى نهاية الدورة، وهذا ينسجم مع الهدف غير المعلَن لـ(الإطار الشيعي)، وهناك أطراف سنية أخرى تدفع لحسم الموضوع مقابل دفع مرشح يخضع لسياسة (الإطار)، والمستفيد من هذا الموضوع هو الفاعل السياسي في الإطار؛ كون البيت السنِّي مشغولاً بحسم رئيس جديد على حساب مطالب ورقة الاتفاق السياسي، مثل قانون العفو العام، والتعويضات، وقانون المحكمة الاتحادية، وقانون مجلس الاتحاد، والانتخابات المبكرة، وإعادة انتشار الجيش والحشد خارج المدن».


مقالات ذات صلة

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

المشرق العربي صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي (الاثنين) من بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية، ستتم مناقشة الموضوع في جلسة سرية.

حمزة مصطفى (بغداد )
المشرق العربي القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

تؤكد مصادر نيابية متطابقة قيام القضاء العراقي بإرسال كتب رسمية إلى البرلمان وجميع مؤسسات الدولة لملاحقة المتورطين بالتنصت والتسريبات الصوتية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

رغم انتخاب رئيس جديد له بعد شغور المنصب لمدة سنة وتمديد الفصل التشريعي لمدة شهر، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلساته.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

TT

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)
سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن الهجوم المسلح الذي وقع قرب السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية في عمّان، وصنفته الحكومة «إرهابياً»، حتى مساء الأحد، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، أن يكون «عملاً فردياً ومعزولاً وغير مرتبط بتنظيمات».

وكان مسلح أطلق النار، فجر الأحد، على دورية شرطة تابعة لجهاز الأمن العام الأردني، وانتهى الهجوم بمقتل المنفذ بعد ساعات من الملاحقة، ومقاومته قوات الأمن بسلاح أتوماتيكي، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر أمنية.

وذهبت المصادر الأردنية إلى أن «(الهجوم الإرهابي) لم يؤكد نوايا المنفذ، إذ بادر بإطلاق النار على دورية أمن عام كانت موجودة في المنطقة التي تشهد عادة مظاهرات مناصرة لغزة».

أردنيون يُلوحون بالأعلام خلال احتجاج خارج السفارة الإسرائيلية في عمان على خلفية حرب غزة (أ.ف.ب)

وأفادت معلومات نقلاً مصادر قريبة من عائلة المنفذ، بأنه «ينتمي لعائلة محافظة وملتزمة دينياً، تسكن إحدى قرى محافظة الكرك (150 كيلومتراً جنوب عمّان)، وأن الشاب الذي يبلغ من العمر (24) عاماً، قُتل بعد مطاردة بين الأحياء السكنية، وهو صاحب سجل إجرامي يتعلق بتعاطي المخدرات وحيازة أسلحة نارية، وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر».

«عمل معزول»

ووصفت مصادر أمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» الحادث بأنه «عمل فردي ومعزول وغير مرتبط بتنظيمات»، وأضافت المصادر أن التحقيقات الأولية أفادت بأن المهاجم تحرك «تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة، وقد تم ضبط زجاجات ومواد حارقة، الأمر الذي يترك باب السؤال مفتوحاً عن هدف منفذ العملية ودوافعه».

وذكّرت عملية فجر الأحد بحدث مشابه نفذه «ذئب منفرد» لشاب اقتحم مكتب مخابرات عين الباشا شمال العاصمة، وقتل 5 عناصر بمسدس منتصف عام 2016، الأمر الذي يضاعف المخاوف من تحرك فردي قد يسفر عن وقوع أعمال إرهابية تستهدف عناصر أمنية.

وكشف بيان صدر عن «جهاز الأمن العام»، صباح الأحد، عن أن «مطلق الأعيرة النارية باتجاه رجال الأمن في منطقة الرابية، مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات».

وذكر البيان الأمني الذي جاء على لسان مصدر أن «من بين القضايا المسجلة بحق هذا الشخص حيازة المخدرات وتعاطيها، وفي أكثر من قضية، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر».

دورية أمنية أردنية تتحرك يوم الأحد قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

ولفت البيان إلى أن «منفذ العمل الإرهابي كان قد بادر وبشكل مباشر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه عناصر دورية أمنية (نجدة) كان توجد في المكان قاصداً قتل أفرادها بواسطة سلاح أوتوماتيكي كان مخبئاً بحوزته، إضافةً إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة».

«الدفاع عن النفس»

وأضاف البيان أن «رجال الأمن اتخذوا الإجراءات المناسبة للدفاع عن أنفسهم وطبقوا قواعد الاشتباك بحرفية عالية، للتعامل مع هذا الاعتداء الجبان على حياتهم وعلى حياة المواطنين من سكان الموقع»، موضحاً أن «رجال الأمن المصابين قد نُقلوا لتلقي العلاج، وهم في حالة مستقرة الآن بعد تأثرهم بإصابات متوسطة، وأن التحقيقات متواصلة حول الحادث».

وعدَّ الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني، في تصريحات عقب الهجوم أنه «اعتداء إرهابي على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها»، مؤكداً أن «المساس بأمن الوطن والاعتداء على رجال الأمن العام سيقابل بحزم لا هوادة فيه وقوة القانون وسينال أي مجرم يحاول القيام بذلك القصاص العادل».

ولفت المومني إلى أن «الاعتداء قام به شخص خارج عن القانون، ومن أصحاب سجلات إجرامية ومخدرات، وهي عملية مرفوضة ومدانة من كل أردني»، مشيراً إلى أن «التحقيقات مستمرة حول الحادث الإرهابي الآثم لمعرفة كل التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها».