قالت مصادر عراقية موثوقة إن رئيس الوزراء منح القوى الفائزة في انتخابات مدينة كركوك 10 أيام للتوافق على توزيع المناصب، قبل أن يطرح هو رؤيته لإدارة المدينة، فيما تميل القوى السياسية إلى التناوب على تسلم منصبي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة، فيما يشبه «لعبة الكراسي».
واتفق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الشهر الماضي، مع القوى السياسية في كركوك على تشكيل ائتلاف موحد يضم الفائزين في الانتخابات المحلية التي أُجريت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في خطوة متقدمة نحو تشكيل الحكومة المحلية.
وأسفرت الانتخابات عن فوز العرب بـ6 مقاعد، بينما حصل التركمان على مقعدين، وهم من السنة (الجبهة التركمانية)، بينما حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على مقعدين، وتمكن الاتحاد الوطني الكردستاني من الحصول على 5 مقاعد، ومقعد واحد لـ«الكوتة» المسيحية، لصالح حزب ريان الكلداني المتحالف مع الاتحاد الوطني الكردستاني.
وتتمسك القوى الكردية باستعادة منصب المحافظ الذي فقدته عام 2017، على خلفية عمليات «إعادة فرض القانون» التي نفّذتها حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، فيما تصرّ القوى العربية على الاحتفاظ بالمنصب الذي حصلت عليه بوصفه من نتائج تلك العمليات.
لعبة كراسي
والآن، كلما اتفقت المكونات الثلاثة على صيغة للحكم، تراجع طرف عنها، لتعود المفاوضات إلى المربع الأول.
وقال سياسي من كركوك، لـ«الشرق الأوسط»، إن العرب في البداية وافقوا على تولي الكرد منصب المحافظ، على أن يحصلوا هم على منصب رئيس المجلس، لكنهم تراجعوا لاحقاً وغيَّروا رأيهم كلياً للتمسك بمنصب المحافظ.
وعلى أمل فك الاختناق السياسي، طرحت قوى سياسية مشروع «الإدارة بالتناوب» بين العرب والكرد، وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الفكرة كانت تقترح «سنتين للعرب ومثلهما للكرد، كما لو كانت التناوب في لعبة الكراسي»، لكنَّ التركمان أرادوا المشاركة وأن يحصلوا على منصب المحافظ لعام أو اثنين، وعاد الحوار إلى حالة الانسداد.
مقترح تداول منصب المحافظ بين المكونات القومية الثلاثة في كركوك وتمثيل باقي المكونات في المناصب الاخرى جيد ويجعل من يتولى المنصب اكثر حذراً والتزاماً بالقانون وعدالة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالادارة وتوزيع الموارد والخدمات حيث سيأتي بعده من يصحح القرار الخطأ الذي اتخذه كما...
— مشعان الجبوري (@mashanaljabouri) March 6, 2024
وقالت المصادر إن الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، اقترح تسلم منصب المحافظ لعام واحد اعتباراً من الآن، خصوصاً قبل أن يخوض العام المقبل انتخابات برلمان إقليم كردستان.
ويحاول هذا الحزب الاستفادة من تعكر العلاقة الجيدة بين خصمه الكردي بافل طالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، مع الإطار التنسيقي الشيعي، بعد تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها أخيراً.
وقال طالباني، خلال حوار في «ملتقى الرافدين» ببغداد، إنه لا يعدّ القوات الأميركية «قوات احتلال، بل صديقة للعراقيين»، مما أزعج حلفاءه في التحالف الحاكم.
ومع ذلك، لا تفضل القوى الشيعية منح منصب المحافظ للكرد، بسبب الخشية من تدهور الأوضاع في المدينة.
كان مسؤول مركز تنظيمات كركوك في حزب «الاتحاد الوطني» لوند ملا محمود، قد ألقى باللائمة على ممثلي العرب والتركمان في تعقيد مسار مفاوضات تشكيل الحكومة المحلية والتئام مجلس المحافظة.
وأوضحت المصادر إصرار «العرب والتركمان ومعهم أحزاب (السيادة) و(عزم) و(تقدم) والجبهة التركمانية، وعصائب أهل الحق، ورئيس هيئة الحشد الشعبي، على أن يكون لكركوك محافظ عربي».
وقال أحد المصادر: «الكفة تميل لصالح المحافظ الحالي راكان الجبوري، للاستمرار في منصبه ولاية ثانية».
وقالت المصادر إن الخطوة الاستباقية لرئيس الحكومة كانت تهدف إلى رسم حلول وطنية من بغداد بعيداً عن الانسداد السياسي، وقطع الطريق أمام التدخلات الإقليمية في هذه المدينة.
وقال السوداني خلال «ملتقى الرافدين»، إن «التدخل بين الأطراف السياسية في كركوك يهدف إلى تقريب وجهات النظر، وبحكم الثقة من المكونات العراقية سنعمل على حل الأزمة هناك».