السوداني يتفق مع أحزاب عراقية على «خريطة طريق» في كركوك

5 مبادئ تحدد الشراكة والتوافق بين القوى الفائزة في الانتخابات المحلية

جانب من اجتماع السوداني بقادة الأحزاب السياسية في كركوك (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع السوداني بقادة الأحزاب السياسية في كركوك (إعلام حكومي)
TT

السوداني يتفق مع أحزاب عراقية على «خريطة طريق» في كركوك

جانب من اجتماع السوداني بقادة الأحزاب السياسية في كركوك (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع السوداني بقادة الأحزاب السياسية في كركوك (إعلام حكومي)

في تطور مفاجئ، توصّل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى «اتفاق مبادئ» يهدف إلى إخراج محافظة كركوك من أزمة تشكيل الحكومة المحلية بين القوى الفائزة في الانتخابات التي أُجريت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وترأس السوداني، مساء الأربعاء، اجتماعاً لأقطاب مجلس محافظة كركوك، انتهى باتفاق من 5 مبادئ من المفترض أن يتيح المجال لتشكيل الحكومة المحلية في المحافظة.

وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء إنه «برعاية وحضور السوداني، عقد ممثلو القوى السياسية الفائزة بانتخابات مجلس محافظة كركوك، اجتماعاً تحت رؤية مبادرة وطنية لتشكيل الحكومة المحلية في المحافظة، وفق الاستحقاق العادل الذي عبّرت عنه نتائج الانتخابات، ومن ثم الاتفاق على برنامج خدمي اقتصادي يتوافق مع البرنامج الحكومي الذي تعمل به الحكومة الاتحادية».

وأشار السوداني إلى أن «كركوك تتمتع بوضع خاص، يمثل هاجساً لجميع القوى الوطنية العاملة على دعم التماسك الاجتماعي والأخوة والاستقرار فيها، مثلما تتطلب من الجميع بذل الجهود الخالصة للنهوض بالخدمات والأوضاع الاقتصادية بالمحافظة، بما يليق بمكوّناتها».

وأضاف السوداني، طبقاً للبيان، أن «استحقاق الانتخابات المحلية في كركوك، المعطّل منذ عام 2005، قد أُنجز بجهود وتكاتف الجميع، وقد شهد مشاركة واسعة مقارنة بباقي المحافظات، وهو محطة تعتز به الحكومة بوصفه (الاستحقاق الانتخابي) التزاماً ضمن برنامجها».

وأكد البيان أن المجتمعين الذين يمثلون مختلف أطياف كركوك وقواها الفائزة في الانتخابات خرجوا باتفاق مبادئ؛ للمضي بتشكيل الحكومة المحلية في المحافظة، تضمّن نقاطاً عديدة من أبرزها «مراعاة مصالح أبناء كركوك، والحفاظ على العيش المشترك، وتعزيز أواصر الأخوة والتعاون بين أبنائها، وأن يكون الدستور المظلة التي يحتمي بها الجميع».

وتضمّن الاتفاق أن «يكون منهج الشراكة والتوافق وعدم الإقصاء أساساً للعمل المشترك في محافظة كركوك، بالإضافة إلى التوافق على تشكيل ائتلاف إدارة كركوك من كل القوى الفائزة في مجلس المحافظة، ويكون المظلة السياسية لها، وأن يترأس رئيس مجلس الوزراء جلسات الائتلاف لحين تنفيذ الاستحقاقات الدستورية في تشكيل الحكومة المحلية، والاتفاق على البرنامج وآليته والنظام الداخلي للائتلاف».

وأقرّ الاتفاق «إعداد برنامج الإدارة المحلية في كركوك، يتبناه التحالف المزمع تشكيله، وتلتزم به القوى المؤتلفة، وتتبنى الإدارة الجديدة في المحافظة تنفيذه وفق آليات وتوقيتات واضحة وعملية».

ومن المقرر أن تقدم القوى السياسية أوراق عمل خلال 7 أيام، تتضمن رؤيتها بإعداد برنامج متكامل للمحافظة، والآليات المناسبة لتشكيل الحكومة المحلية فيها.

صورة نشرها مكتب السوداني لاجتماعه بقادة القوى السياسية في كركوك

هل انتهى الانسداد؟

يرى مراقبون أن الاتفاق قد ينهي الانسداد السياسي في كركوك، في حين يتخوف آخرون من استمرار ممارسة العامل الخارجي دوره في التأثير في مكونات كركوك.

وطبقاً لنتائج الانتخابات، فقد حصل «الاتحاد الوطني الكردستاني» على 5 مقاعد، بينما حصل «الحزب الديمقراطي الكردستاني» على مقعدين، وحصل «التحالف العربي» على 3 مقاعد، وحصل «تحالف القيادة» على 3 مقاعد، وحصلت «الجبهة التركمانية» على مقعدين، ومقعد واحد لكوتا المسيحيين.

وبشأن الاتفاق الذي رعاه السوداني بين قوى كركوك الفائزة، قال ناظم الشمري رئيس هيئة الرأي العربية في كركوك لـ«الشرق الأوسط» إن «عرب كركوك يباركون الخطوة، برئاسة ائتلاف إدارة محافظة كركوك، لحين اتفاق الأطراف جميعها على تشكيل حكومتها المحلية»، داعياً «القوى السياسية من المكونات جميعها للجلوس على طاولة الحوار تحت سقف الدستور، والاتفاق على تشكيل إدارة موحّدة هدفها تقديم الخدمات لمناطق المحافظة جميعها، ومواصلة حملة الإعمار ومحاربة الفساد».

من جهته، رأى الباحث في الشأن السياسي سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بسبب التنوع الديموغرافي في كركوك، وعدم إجراء الانتخابات المحلية منذ عام 2005، فإن تشكيل الحكومة لن يكون سهلاً؛ بسبب تعقد الخلافات، والتنافس القومي بين العرب والكرد والتركمان».

وافترض السعدي أن «مبادرة السوداني مع القوى الفائزة تهدف إلى حسم تشكيل الحكومة المحلية بالتوافق والشراكة دون إقصاء لمكون أو طيف سياسي له وزن في المحافظة».

وبيّن السعدي أن «وضع كركوك معقّد جداً؛ بسبب التأثير الإقليمي في أطراف داخلية تدعمها وتدفع بها لتوجهات تخدم مسارها السياسي، وهنا المتأثر من هذه المعادلة العرب، والتركمان، كونهما منقسمَين ومشتتَين، عكس الحزبين الكرديين، (البارتي) و(اليكتي)، على الرغم من الخلاف بينهما، ولكن عندما شعرا بأن منصب المحافظ قد يذهب للعرب توحّدا تحت تحالف واحد لتحقيق الأغلبية المطلقة»، متوقعاً «أن يتأخر تشكيل حكومة كركوك رغم اتفاق المبادئ الذي رعاه السوداني».


مقالات ذات صلة

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

الاقتصاد السوداني ملتقياً ممثلي 24 شركة بريطانية كبرى خلال زيارته المملكة المتحدة (وكالة الأنباء العراقية)

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الأربعاء، أن العلاقة بين العراق وبريطانيا شهدت مشاريع حقيقية بقيمة 1.5 مليار دولار خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن - بغداد)
الاقتصاد أثناء توقيع مذكرة التفاهم بين الجانب العراقي و«بي بي» بحضور وزير النفط حيان عبد الغني (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يوقِّع مذكرة تفاهم مع «بي بي» لتقييم إمكانية إعادة تطوير حقل كركوك والحقول المجاورة

وقَّع العراق مذكرة تفاهم مع شركة «بريتيش بتروليوم» (بي بي) البريطانية، لتقييم إمكانية إعادة التطوير المتكامل لحقل كركوك والحقول المجاورة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)

اتفاق بريطاني ــ عراقي على مكافحة تهريب البشر

اتفق العراق والمملكة المتحدة على معالجة الهجرة غير الشرعية، وإعادة الذين لا يملكون حق الوجود في الأراضي البريطانية ضمن اتفاقية شراكة وصفتها بغداد بـ«التاريخية».

«الشرق الأوسط» (لندن) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق (إكس)

صراع داخل «الإطار التنسيقي» يفضي إلى إقالة محافظ عراقي

صوّت مجلس محافظة ذي قار الجنوبية، الثلاثاء، بالأغلبية على إقالة المحافظ مرتضى الإبراهيمي، في تطور عدّه مراقبون مؤشراً على الانقسام داخل «الإطار التنسيقي».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز) play-circle 01:44

رئيس وزراء العراق: سأوقِّع شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إنه سيوقِّع اتفاق شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا بعد توجُّهه إلى هناك في زيارة رسمية، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

هل تكون خطة «اليوم التالي» في غزة «نقطة خلاف» جديدة؟

رد فعل امرأة وهي تتفقد الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة (أ.ف.ب)
رد فعل امرأة وهي تتفقد الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة (أ.ف.ب)
TT

هل تكون خطة «اليوم التالي» في غزة «نقطة خلاف» جديدة؟

رد فعل امرأة وهي تتفقد الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة (أ.ف.ب)
رد فعل امرأة وهي تتفقد الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة (أ.ف.ب)

وسط جهود مكثفة نحو تنفيذ هدنة جديدة في قطاع غزة، تزايد الحديث عن خطة «اليوم التالي» لانتهاء الحرب، كان أحدثها تصريحات أميركية شملت تفاصيل، بينها وجود أجنبي في القطاع، وسط تمسك رام الله بإدارة وحيدة، ومطالبات مصرية بتمكين السلطة الفلسطينية.

تلك الخطة التي كشف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن خطوط عريضة منها، ستسلم إلى إدارة دونالد ترمب الوشيكة، غير أن خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن ذلك المخطط الأميركي سيكون «نقطة خلاف جديدة»، خاصة في ظل رفض مصري لمشاركة قوات أجنبية، وتمسك عربي بأن تدير السلطة الفلسطينية الأمور بقطاع غزة، فضلاً عن احتمال ألا ينفذها الرئيس الأميركي الجديد ويطرح خطة بديلة.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الأربعاء، إن السلطة الفلسطينية لا بد أن تكون السلطة الحاكمة الوحيدة في غزة بعد الحرب، بحسب «رويترز»، وذلك غداة حديث بلينكن، الثلاثاء، أن إدارة القطاع يجب أن تتولاها رام الله بعد انسحاب إسرائيل، ولكن مع أدوار مؤقتة للأمم المتحدة وأطراف أجنبية، ووجود قوات أمنية مؤقتة ستتشكل من قوات من دول شريكة وعناصر فلسطينيين تم التحقق من هوياتهم.

أشخاص يتفقدون الدمار في أعقاب غارة إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث بلينكن لم يكن الأول وسط تسارع جهود الوسطاء لتنفيذ هدنة جديدة في غزة، سبقه قبل أيام تأكيد وزير الخارجية الأميركي في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» على إنهاء خطة «اليوم التالي» مع شركاء، وبخاصة «عرب».

تفسير مختلف

الخبير العسكري والاستراتيجي سمير راغب يرى أن كل شيء سيخضع للنقاش، بشأن الخطة، داعياً لعدم استباق الأمور، خاصة المتعلقة بالقوات الأجنبية؛ إذ إن تفسيرها يختلف من طرف لآخر.

وبتقدير المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، فإن «الخطة المطروحة يفترض أن تكون محل نقاشات بالمرحلة الثالثة والأخيرة من اتفاق الهدنة، وتحتاج إلى ترتيبات، وستحمل اختلافات، خاصة أنه ليس معروفاً هل ستقبل إسرائيل بإدارة فلسطينية أم لا».

وهذا ما يذهب إليه أيضاً المحلل السياسي الفلسطيني والمختص بالشأن الإسرائيلي نهرو جمهور، بالقول إن «الخطة ستكون نقطة خلاف مستقبلاً، وإسرائيل أكبر تهديد لها، خاصة أنها ليست لديها أي تصورات بشأن اليوم التالي، وقبولها بتطبيق أولى مراحل الهدنة قد يكون من باب المناورة وطرح عقبات مستقبلاً والعودة للقتال تحت أي ذريعة لتجاوز أزماتها الداخلية».

مصر لم تعلق بعد على الخطة التي تحدث عنها بلينكن، غير أن وزير الخارجية بدر عبد العاطي أكد، خلال اتصال هاتفي مع المنسقة الأممية للإعمار بالقطاع سيغريد كاخ، الثلاثاء، ضرورة عودة السلطة الفلسطينية للقيام بواجباتها في غزة، وفق بيان للخارجية المصرية.

جاء ذلك بعد أقل من أسبوع من تصريحات متلفزة بعدم قبول القاهرة نشر أي قوات أجنبية في القطاع.

وفيما لم يعلن ترمب أي موقف بشأن مستقبل القطاع، شدد متحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، على أن بلاده منفتحة على كل ما يمكن أن يدير المرحلة الانتقالية بشكل مناسب، ما دام القرار «فلسطينياً - فلسطينياً».

ويرجح راغب أن ترمب قد لا يمانع في تمرير الخطة والاستفادة منها في إنهاء الحرب، بوصفها حالة نجاح يريد الحصول عليها سريعاً، خاصة والحرب ليست أولوية لديه، مؤكداً أن مصر ستلعب دوراً كبيراً في تذليل عقبات اليوم التالي، وتمكين السلطة الفلسطينية.

و«الموقف المصري مهم جداً على صعيد ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وآلية التشارك المستقبلية في إدارة القطاع»، وفق نهرو جمهور، متوقعاً أن «إدارة ترمب لن تقبل بالحروب اللانهائية، وقد تفتح نافذة فرص نحو فرض حلول على نتنياهو، كما فعلت بالهدنة. وأياً كان، فالواقع بالقطاع سيفرض معطياته، خاصة أن المقاومة لم ترفع الراية البيضاء بعد».

وبتقدير الرقب، فإن القاهرة ستحاول جاهدة أن تتجاوز أي ثغرات قد تستغلها إسرائيل لرفض وجود السلطة الفلسطينية، متوقعاً مفاوضات شاقة وترتيبات خاصة في عدم حسم شكل القوات الموجودة أو حسم ترمب موقفه من الخطة، داعياً للانتظار لرؤية ملامح تنفيذ الهدنة على أرض الواقع؛ لمعرفة ما تنوي إسرائيل تنفيذه أو تعطيله لاحقاً.

ويأتي الحديث عن ترتيب الوضع في غزة بعد الحرب، غداة اتصال هاتفي تلقاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من الرئيس الأميركي جو بايدن، تناول مستجدات جهود الوساطة التي تقوم بها مصر والولايات المتحدة وقطر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل المحتجزين في قطاع غزة.

ووفق الرئاسة المصرية، فإن الزعيمين أكدا «أهمية التزام الأطراف المعنية بتذليل العقبات وإبداء المرونة اللازمة للتوصل إلى الاتفاق».

فيما أشار البيت الأبيض إلى تعهد الرئيسَين «باستمرار التنسيق الوثيق والمباشر، وكذلك عبر فريقيهما خلال الساعات المقبلة». وأضاف البيت الأبيض أن «الزعيمين شددا على الحاجة الملحة لتنفيذ الاتفاق».