«لعبة كراسي» قد تحل أزمة كركوك... والسوداني يتدخل بتسوية

سنتان للكرد ومثلهما للعرب لإدارة المدينة... والإطار الشيعي يريد بقاء المحافظ الحالي

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
TT

«لعبة كراسي» قد تحل أزمة كركوك... والسوداني يتدخل بتسوية

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)

قالت مصادر عراقية موثوقة إن رئيس الوزراء منح القوى الفائزة في انتخابات مدينة كركوك 10 أيام للتوافق على توزيع المناصب، قبل أن يطرح هو رؤيته لإدارة المدينة، فيما تميل القوى السياسية إلى التناوب على تسلم منصبي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة، فيما يشبه «لعبة الكراسي».

واتفق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الشهر الماضي، مع القوى السياسية في كركوك على تشكيل ائتلاف موحد يضم الفائزين في الانتخابات المحلية التي أُجريت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في خطوة متقدمة نحو تشكيل الحكومة المحلية.

صورة نشرها مكتب السوداني لاجتماعه بقادة القوى السياسية في كركوك الشهر الماضي

وأسفرت الانتخابات عن فوز العرب بـ6 مقاعد، بينما حصل التركمان على مقعدين، وهم من السنة (الجبهة التركمانية)، بينما حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على مقعدين، وتمكن الاتحاد الوطني الكردستاني من الحصول على 5 مقاعد، ومقعد واحد لـ«الكوتة» المسيحية، لصالح حزب ريان الكلداني المتحالف مع الاتحاد الوطني الكردستاني.

وتتمسك القوى الكردية باستعادة منصب المحافظ الذي فقدته عام 2017، على خلفية عمليات «إعادة فرض القانون» التي نفّذتها حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، فيما تصرّ القوى العربية على الاحتفاظ بالمنصب الذي حصلت عليه بوصفه من نتائج تلك العمليات.

لعبة كراسي

والآن، كلما اتفقت المكونات الثلاثة على صيغة للحكم، تراجع طرف عنها، لتعود المفاوضات إلى المربع الأول.

وقال سياسي من كركوك، لـ«الشرق الأوسط»، إن العرب في البداية وافقوا على تولي الكرد منصب المحافظ، على أن يحصلوا هم على منصب رئيس المجلس، لكنهم تراجعوا لاحقاً وغيَّروا رأيهم كلياً للتمسك بمنصب المحافظ.

وعلى أمل فك الاختناق السياسي، طرحت قوى سياسية مشروع «الإدارة بالتناوب» بين العرب والكرد، وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الفكرة كانت تقترح «سنتين للعرب ومثلهما للكرد، كما لو كانت التناوب في لعبة الكراسي»، لكنَّ التركمان أرادوا المشاركة وأن يحصلوا على منصب المحافظ لعام أو اثنين، وعاد الحوار إلى حالة الانسداد.

وقالت المصادر إن الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، اقترح تسلم منصب المحافظ لعام واحد اعتباراً من الآن، خصوصاً قبل أن يخوض العام المقبل انتخابات برلمان إقليم كردستان.

ويحاول هذا الحزب الاستفادة من تعكر العلاقة الجيدة بين خصمه الكردي بافل طالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، مع الإطار التنسيقي الشيعي، بعد تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها أخيراً.

وقال طالباني، خلال حوار في «ملتقى الرافدين» ببغداد، إنه لا يعدّ القوات الأميركية «قوات احتلال، بل صديقة للعراقيين»، مما أزعج حلفاءه في التحالف الحاكم.

ومع ذلك، لا تفضل القوى الشيعية منح منصب المحافظ للكرد، بسبب الخشية من تدهور الأوضاع في المدينة.

عناصر من البيشمركة يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في ضواحي كركوك (أرشيفية - إ.ب.أ)

كان مسؤول مركز تنظيمات كركوك في حزب «الاتحاد الوطني» لوند ملا محمود، قد ألقى باللائمة على ممثلي العرب والتركمان في تعقيد مسار مفاوضات تشكيل الحكومة المحلية والتئام مجلس المحافظة.

وأوضحت المصادر إصرار «العرب والتركمان ومعهم أحزاب (السيادة) و(عزم) و(تقدم) والجبهة التركمانية، وعصائب أهل الحق، ورئيس هيئة الحشد الشعبي، على أن يكون لكركوك محافظ عربي».

وقال أحد المصادر: «الكفة تميل لصالح المحافظ الحالي راكان الجبوري، للاستمرار في منصبه ولاية ثانية».

وقالت المصادر إن الخطوة الاستباقية لرئيس الحكومة كانت تهدف إلى رسم حلول وطنية من بغداد بعيداً عن الانسداد السياسي، وقطع الطريق أمام التدخلات الإقليمية في هذه المدينة.

وقال السوداني خلال «ملتقى الرافدين»، إن «التدخل بين الأطراف السياسية في كركوك يهدف إلى تقريب وجهات النظر، وبحكم الثقة من المكونات العراقية سنعمل على حل الأزمة هناك».


مقالات ذات صلة

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

المشرق العربي السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأحد عن فقدان منظومة الكهرباء لـ5500 ميغاواط بسبب توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل.

فاضل النشمي (بغداد)
خاص صدام مع ابنته حلا في صورة غير مؤرخة (غيتي) play-circle 01:12

خاص جمال مصطفى: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم يرف لهم جفن

يروي جمال مصطفى السلطان، في الحلقة الثانية من المقابلة الخاصة معه، كيف تلقت أسرة صدام حسين نبأ إعدامه، وقصة زواجه من حلا، كريمة صدام الصغرى، وأكلاته المفضلة.

غسان شربل
شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

خاص جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

TT

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)
سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن الهجوم المسلح الذي وقع قرب السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية في عمّان، وصنفته الحكومة «إرهابياً»، حتى مساء الأحد، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، أن يكون «عملاً فردياً ومعزولاً وغير مرتبط بتنظيمات».

وكان مسلح أطلق النار، فجر الأحد، على دورية شرطة تابعة لجهاز الأمن العام الأردني، وانتهى الهجوم بمقتل المنفذ بعد ساعات من الملاحقة، ومقاومته قوات الأمن بسلاح أتوماتيكي، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر أمنية.

وذهبت المصادر الأردنية إلى أن «(الهجوم الإرهابي) لم يؤكد نوايا المنفذ، إذ بادر بإطلاق النار على دورية أمن عام كانت موجودة في المنطقة التي تشهد عادة مظاهرات مناصرة لغزة».

أردنيون يُلوحون بالأعلام خلال احتجاج خارج السفارة الإسرائيلية في عمان على خلفية حرب غزة (أ.ف.ب)

وأفادت معلومات نقلاً مصادر قريبة من عائلة المنفذ، بأنه «ينتمي لعائلة محافظة وملتزمة دينياً، تسكن إحدى قرى محافظة الكرك (150 كيلومتراً جنوب عمّان)، وأن الشاب الذي يبلغ من العمر (24) عاماً، قُتل بعد مطاردة بين الأحياء السكنية، وهو صاحب سجل إجرامي يتعلق بتعاطي المخدرات وحيازة أسلحة نارية، وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر».

«عمل معزول»

ووصفت مصادر أمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» الحادث بأنه «عمل فردي ومعزول وغير مرتبط بتنظيمات»، وأضافت المصادر أن التحقيقات الأولية أفادت بأن المهاجم تحرك «تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة، وقد تم ضبط زجاجات ومواد حارقة، الأمر الذي يترك باب السؤال مفتوحاً عن هدف منفذ العملية ودوافعه».

وذكّرت عملية فجر الأحد بحدث مشابه نفذه «ذئب منفرد» لشاب اقتحم مكتب مخابرات عين الباشا شمال العاصمة، وقتل 5 عناصر بمسدس منتصف عام 2016، الأمر الذي يضاعف المخاوف من تحرك فردي قد يسفر عن وقوع أعمال إرهابية تستهدف عناصر أمنية.

وكشف بيان صدر عن «جهاز الأمن العام»، صباح الأحد، عن أن «مطلق الأعيرة النارية باتجاه رجال الأمن في منطقة الرابية، مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات».

وذكر البيان الأمني الذي جاء على لسان مصدر أن «من بين القضايا المسجلة بحق هذا الشخص حيازة المخدرات وتعاطيها، وفي أكثر من قضية، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر».

دورية أمنية أردنية تتحرك يوم الأحد قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

ولفت البيان إلى أن «منفذ العمل الإرهابي كان قد بادر وبشكل مباشر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه عناصر دورية أمنية (نجدة) كان توجد في المكان قاصداً قتل أفرادها بواسطة سلاح أوتوماتيكي كان مخبئاً بحوزته، إضافةً إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة».

«الدفاع عن النفس»

وأضاف البيان أن «رجال الأمن اتخذوا الإجراءات المناسبة للدفاع عن أنفسهم وطبقوا قواعد الاشتباك بحرفية عالية، للتعامل مع هذا الاعتداء الجبان على حياتهم وعلى حياة المواطنين من سكان الموقع»، موضحاً أن «رجال الأمن المصابين قد نُقلوا لتلقي العلاج، وهم في حالة مستقرة الآن بعد تأثرهم بإصابات متوسطة، وأن التحقيقات متواصلة حول الحادث».

وعدَّ الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني، في تصريحات عقب الهجوم أنه «اعتداء إرهابي على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها»، مؤكداً أن «المساس بأمن الوطن والاعتداء على رجال الأمن العام سيقابل بحزم لا هوادة فيه وقوة القانون وسينال أي مجرم يحاول القيام بذلك القصاص العادل».

ولفت المومني إلى أن «الاعتداء قام به شخص خارج عن القانون، ومن أصحاب سجلات إجرامية ومخدرات، وهي عملية مرفوضة ومدانة من كل أردني»، مشيراً إلى أن «التحقيقات مستمرة حول الحادث الإرهابي الآثم لمعرفة كل التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها».