طبيبان أردنيان يرويان تجربة تطوعهما في المستشفى الأوروبي بغزة

تتطلب صعوبة الإصابات وبتر الأطراف توفر جرّاحي العظام والأوعية الدموية بالدرجة الأولى

الطبيبان الأردنيان يتحدثان عن تجربتهما التطوعية في قطاع غزة بمقر منظمة «أرض» في عمّان (الشرق الأوسط)
الطبيبان الأردنيان يتحدثان عن تجربتهما التطوعية في قطاع غزة بمقر منظمة «أرض» في عمّان (الشرق الأوسط)
TT

طبيبان أردنيان يرويان تجربة تطوعهما في المستشفى الأوروبي بغزة

الطبيبان الأردنيان يتحدثان عن تجربتهما التطوعية في قطاع غزة بمقر منظمة «أرض» في عمّان (الشرق الأوسط)
الطبيبان الأردنيان يتحدثان عن تجربتهما التطوعية في قطاع غزة بمقر منظمة «أرض» في عمّان (الشرق الأوسط)

لم تتوقف دموع استشاري جراحة الأوعية الدموية وزراعة الكلى الطبيب الأردني وليد مسعود، وكذلك زميله استشاري جراحة العظام والمفاصل الطبيب طارق التميمي، طوال تقديم شهادتهما حول رحلة تطوعهما في قطاع غزة، مؤخراً، مع وفد طبّي دولي عبر منظمة «رحمة العالمية» (Rahma worldwide) ومقرها الولايات المتحدة الأميركية.

وتحدث الطبيبان الأردنيان، عن 14 يوماً من العمل المتواصل في المستشفى الأوروبي بمنطقة خان يونس، خلال استضافتهما في ندوة خاصة بمقر منظمة النهضة العربية «أرض» في العاصمة عمّان. وذكرا أنهما حملا خلال الرحلة ما قدّر لهما من معدات ومستلزمات طبية، وأجريا العشرات من العمليات الجراحية للمصابين من مختلف الفئات العمرية في مستشفى يشغله نحو 700 مريض ومصاب مع عائلاتهم، عدا عن 30 ألفا من النازحين توزعوا في ممرات المستشفى وأجنحته.

بدأت مهمة الوفد الطبي الدولي المؤلف من نحو 19 طبيباً وجراحاً في 2 فبراير (شباط) الماضي، وانتهت في 18 من الشهر ذاته، انطلاقاً من مدينة القاهرة، وصولاً إلى الإسماعيلية، فمنطقة سيناء، ومن ثم إلى رفح، حيث توزعوا على 4 باصات محملة بالمعدات الطبية والأدوية.

يقول الطبيب مسعود الذي تطوّع عشرات المرات في مهمات سابقة، إن هناك حاجة ماسة لمختلف الاختصاصات الطبية للخدمة في القطاع، إلا أن الأولوية اليوم تتمثل في «جرّاحي العظام بالدرجة الأولى، وجراحي الأوعية الدموية ثانيا»، بسبب صعوبة الإصابات وبتر الأطراف للمصابين، إضافة إلى الطواقم التمريضية واختصاصيي التخدير.

استشاري جراحة العظام والمفاصل طارق التميمي وزميله استشاري جراحة الأوعية الدموية وزراعة الكلى وليد مسعود (الشرق الأوسط)

التحق الطبيبان بالوفد الدولي، بالرغم من تسجيل ما لا يقل عن 850 طبيباً أردنياً للتطوع في غزة من خلال سجلات نقابة الأطباء الأردنيين، حيث يتعذّر إرسال وفد للنقابة حتى الآن، بسبب رفض النقابة الأردنية التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي، إلا أنه من المتوقع أن يصار إلى إرسال وفود نقابية، رسميا، من خلال التنسيق مع أطراف مصرية وعربية في المرحلة المقبلة.

وتجري نقابة الأطباء وكذلك نقابة الممرضين الأردنيين، اتصالات لإنجاح إرسال وفود طبية وتمريضية رسمية من خلال «جمعية الإغاثة الطبية العربية»، وتجهيز مستشفى ميداني خاص في القطاع، وفقاً لما أكده نقيب الأطباء الأردنيين، زياد الزعبي، خلال اللقاء، مشيراً إلى أن أعداد المصابين والجرحى في القطاع تقدّر اليوم بنحو 70 ألفاً.

استغرقت عملية الوصول إلى غزة أياماً، بحسب رواية الطبيبين بسبب طول الإجراءات اللازمة من سلطات المعابر، بإشراف منظمة الصحة العالمية التي تولت مهمة التنسيق والموافقات، ومنظمة «رحمة العالمية». وبدأت الوفود بالتطوع إلى غزة منذ بداية العام بشكل ملحوظ.

ويقول الطبيب مسعود، إن هناك حاجة أيضاً لأطباء الترميم والتجميل، لكثرة الإصابات بالحروق وفقدان الجلد بالكامل، إلى جانب جراحة الصدر بسبب إصابات الشظايا وجراحة الأطفال، عدا عن اختصاص التمريض والتخدير.

مصابون جراء الغارات الإسرائيلية على الأرض بانتظار تقديم المساعدة لهم داخل أحد مستشفيات غزة نوفمبر الماضي (رويترز)

ويؤكد الطبيب مسعود، أن فتح باب التطوع بات أمراً ملحاً في قطاع غزة، بسبب استشهاد كثير من الكوادر الطبية، عدا عن عزوف أطباء كثر في غزة عن العمل لفقدانهم عشرات الأفراد من عائلاتهم واضطرارهم للعناية بأبنائهم. يقول: «أحد الأطباء الذين أعرفهم كان متطوعاً نشطاً في مستشفى الشفاء، أخبرني أنه ترك عمله بعد استشهاد إخوته وأزواج شقيقاته، وبقاء ما لا يقل عن 52 طفلاً من العائلة بحاجة إلى معيل».

استطاع الدكتور مسعود، الملقب بـ«منقذ الأطراف»، وهو من سبق له زيارة غزة 41 مرة، تشغيل غرفة عمليات القسطرة الكبرى في المستشفى الأوروبي التي كانت معطلة منذ أشهر. «كانت المستشفيات الأخرى ترسل لنا الحالات الصعبة والكبيرة، والمستشفى الأوروبي كان الأكثر عملاً، ويقع بين خان يونس ورفح».

مرضى ونازحون في مستشفى الشفاء بمدينة غزة (أ.ف.ب)

يرى الدكتور مسعود أن أولوية اختصاصات العظام والأوعية الدموية في الوقت الراهن، مردها إلى الحاجة لإنقاذ حياة المصابين في غزة بالدرجة الأولى، في ظل الوضع القائم.

في الأثناء، قال الدكتور التميمي، إن التعامل مع إصابات الكسور تتراوح بين نوعين، كسور سابقة التي لم تتم معالجتها بالشكل الصحيح، وكسور حديثة جراء استمرار القصف الإسرائيلي، مؤكداً أن العمليات أجريت والقصف الإسرائيلي لم يتوقف على مسافة بضعة كيلومترات.

عن رحلة الوصول أفاد التميمي بأنهم انتظروا نحو «9 ساعات في منطقة الإسماعيلية دون أن يسمح لهم بالمرور، بالرغم من وصول قائمة بأسماء الوفد الذي ضم عدداً من الأطباء الأميركيين أيضاً»، مضيفاً «عندما علمنا بأننا سنتأخر بكينا جميعاً؛ لأن كل ساعة تأخير كانت ثمينة لأهل القطاع ولنا».

وأكد التميمي في حديثه، أن عدد شاحنات المساعدات قيد الانتظار على جانبي الطريق، للدخول إلى رفح، يقدر بالآلاف، مشدداً على أنه «بالرغم من ذلك يجب ألا تتوقف التبرعات»، مشيداً بدور الهيئة الخيرية الهاشمية التي تبذل جهوداً جبارة لإيصال المساعدات إلى القطاع رغم كل المعيقات.

وأشار التميمي إلى أن تفاعل الغزيين الإيجابي مع الطواقم الأردنية، يختلف عن أي تفاعل آخر، حيث فتح النازحون ممراً آمناً للوفد بأكمله حال وصوله إلى المستشفى الأوروبي الذي يعج بالنازحين والمرضى، «المواطن الغزّي مؤدب جدا، يطلب منك طلباً من دون أي تذمّر أو تلفّظ»، مؤكداً أن نحو 100 عملية ترميم عظام أجريت خلال أسبوعين من بينها «45 عملية عظام كبرى».

وأضاف «العمليات لم تتوقف، إصابات مفتوحة والتهابات غير معالجة، وإصابات تراجع غرف العمليات دون توقف. الفريق الطبي كان يعمل حتى الساعة 12 ليلاً، وبعض العمليات التي تستغرق ساعة في الأوضاع الطبيعية كانت تستغرق معنا نحو 4 ساعات بسبب مضاعفات الكسور».


مقالات ذات صلة

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل أحد جنوده في معارك في شمال قطاع غزة. وأضاف أن الجندي القتيل يدعى رون إبشتاين (19 عاماً) وكان ينتمي إلى لواء غيفعاتي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مجازر إسرائيلية جوالة في لبنان


مواطن لبناني يغادر منطقة البسطا في بيروت بعد ضربة إسرائيلية أمس (رويترز)
مواطن لبناني يغادر منطقة البسطا في بيروت بعد ضربة إسرائيلية أمس (رويترز)
TT

مجازر إسرائيلية جوالة في لبنان


مواطن لبناني يغادر منطقة البسطا في بيروت بعد ضربة إسرائيلية أمس (رويترز)
مواطن لبناني يغادر منطقة البسطا في بيروت بعد ضربة إسرائيلية أمس (رويترز)

وسعَّت إسرائيل مجازرَها الجوالة داخل الأراضي اللنبانية بين بيروت والجنوب والبقاع، بالتزامن مع زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايك كوريلا إلى تل أبيب، ولقائه رئيس الأركان هرتسي هاليفي، حيث بحثا القضايا الأمنية الاستراتيجية والوضع في لبنان، فيما شدَّد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، على التزام الولايات المتحدة بالتوصل إلى حل دبلوماسي للصراع في لبنان بما يسمح «بعودة المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين إلى منازلهم في المناطق الحدودية».

وقتل 20 شخصاً على الأقل في غارة فجراً استهدفت منطقة البسطا في وسط بيروت، وانتقلت المجازر مساء إلى شرق لبنان، حيث قتل 13 شخصاً في حصيلة أولية في بوداي وشمسطار. وبالتوازي، تقدمت القوات الإسرائيلية بالفعل إلى أحياء داخل مدينة الخيام، انطلاقاً من أطرافها الجنوبية والشرقية، ووسعت دائرة التوغل إلى الأطراف الشمالية الشرقية، بغرض إحكام الطوق على المدينة. وقطعت القوات الإسرائيلية خطوط الإمداد الناري المتوقع من الحقول المواجهة للأطراف الغربية، عبر السيطرة على أطراف برج الملوك وتل النحاس وبساتين الزيتون في القليعة.

وتواصل القصف الجوي على الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث سجلت 10 غارات تلت إنذارات بالإخلاء.