إطلاق عملية عسكرية ضد «داعش» غربي العراق

استمرار الجدل حول مهام التحالف الدولي

مروحية للجيش العراقي وعربات عسكرية في صحراء غرب العراق (خلية الإعلام الأمني)
مروحية للجيش العراقي وعربات عسكرية في صحراء غرب العراق (خلية الإعلام الأمني)
TT

  إطلاق عملية عسكرية ضد «داعش» غربي العراق

مروحية للجيش العراقي وعربات عسكرية في صحراء غرب العراق (خلية الإعلام الأمني)
مروحية للجيش العراقي وعربات عسكرية في صحراء غرب العراق (خلية الإعلام الأمني)

فيما أعلنت خلية الإعلام الأمني التابعة لقيادة العمليات المشتركة إطلاق عملية عسكرية كبيرة لمطاردة تنظيم داعش في صحراء الأنبار غربي العراق، كشف رئيس أركان الجيش العراقي عما أسماه وجود جدية من قبل التحالف الدولي بشأن تنظيم وجوده في العراق.

وأعلنت خلية الإعلام الأمني وفي بيان انطلاق عملية «وعد الحق الثانية» فجر اليوم الأحد، ضمن قواطع قيادات عمليات (الجزيرة والأنبار وكربلاء)، وتشترك قوات من وزارتي الدفاع والداخلية وهيئة الحشد الشعبي وجهاز مكافحة الإرهاب بإسناد من القوة الجوية وطيران الجيش.

وأضاف البيان أن هذه العملية «تأتي بناءً على معلومات استخبارية للضغط على المفارز الإرهابية وتطهير الصحراء من مخلفاتهم، وصولاً إلى الحدود الدولية بالتعاون والتنسيق مع قوات الحدود».

صورة جوية من تحرك رتل عسكري عراقي في صحراء الأنبار غرب العراق (خلية الإعلام الأمني)

وأوضح البيان أن «القطعات الأمنية حددت أهدافها في هذه المرحلة ووضعت الخطط المرسومة لتنفيذها لدحر ما تبقى من عناصر عصابات داعش الإرهابية وتدمير أوكارهم الخاوية».

ومن جهته، قال قائد عمليات الأنبار للحشد الشعبي قاسم مصلح في بيان مماثل إن العملية «هي الأكبر من بين العمليات العسكرية التي شنتها القوات العراقية في الصحراء الغربية». وأضاف أنها «جاءت بهدف إجهاض المخططات الإرهابية في الأنبار... لتعزيز الأمن والاستقرار وملاحقة بقايا فلول داعش الإرهابية»، مبينا أن «العملية نفذت عقب معلومات استخباراتية تشير إلى وجود تحركات لعصابات داعش الإرهابية على شكل خلايا بهدف إرباك الوضع الأمني في الأنبار».

وبين مصلح أن «العملية انطلقت بإشراف وتخطيط من قيادة العمليات المشتركة وبمشاركة قيادات عمليات الأنبار وقيادة الحشد الشعبي لمحافظة الأنبار وقيادة عمليات الفرات الأوسط والقطعات الملحقة بها، بالاشتراك مع الجيش».

الفريق قيس المحمداوي نائب قائد العمليات المشتركة أمام ضباط في الجيش العراقي (خلية الإعلام الأمني)

شراكة ثنائية مع التحالف الدولي

تأتي العملية في وقت تتناقض التصريحات بين ما يقوله المسؤولون العراقيون بشأن قرب انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق وخصوصاً الولايات المتحدة ذات الوجود الأكبر وتصريحات ممثلي التحالف التي لا تتضمن فقرة الانسحاب.

وأكد رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول عبد الأمير رشيد يارالله استمرار اجتماعات اللجنة العسكرية العليا لإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق.

ونقلت وكالة «الأنباء العراقية» الرسمية عن يارالله قوله إن زيارة وفد عسكري عراقي رفيع إلى واشنطن 2023 «ناقش الكثير من القضايا ومنها ملف إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق»، مبيناً أن «خلاصة البيان كان الاتفاق على تشكيل لجنة عليا من العراق وأيضا لجنة عليا من قوات التحالف تأخذ على عاتقها إنهاء مهمة التحالف الدولي وبتوقيتات زمنية».

ولفت إلى أن «القائد العام للقوات المسلحة أمر بعد عودتنا من واشنطن بتشكيل اللجنة العليا برئاستي وعضوية عدد من الضباط وكانت اللجنة عسكرية بحتة، بينما من جانب التحالف تشكل لجنة برئاسة قائد قوات المنطقة الوسطى الأميركية».

وضم الوفد العراقي كلا من رئيس الأركان ووزير الدفاع ونائب قائد العمليات المشتركة ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب ورئيس أركان البيشمركة.

وبحسب يارالله أن «ثلاث لجان شكلت بعد انعقاد الجلسة الأولى برئاسة القائد العام للقوات المسلحة، الأولى تتعلق بتقييم داعش الإرهابي، والثانية لجنة البيئة العملياتية التي تتعلق بساحات العمليات فيما تتمحور الثالثة على قدرات القوات الأمنية العراقية»، مضيفاً: «نحن في الجانب العراقي شكلنا اللجان حيث كانت لجنة تقييم داعش ولجنة البيئة والعملياتية ولجنة القدرات».

وبين أنه «تم عقد الاجتماع الثاني للجنة الأسبوع الماضي والذي سيكون كل 15 يوماً» مشيرا إلى أن «الاجتماعات مستمرة وتسير بشكل سلس وصولاً إلى ملف تحديد التوقيتات الزمنية لإنهاء مهمة التحالف في العراق».

وكشف يارالله عما أسماه «وجود جدية لمسناها في الاجتماعات لدى التحالف الدولي وأن هنالك تجاوباً من قبل التحالف بما يتعلق بمتطلباتنا وماذا نحتاج منهم».

وزير الدفاع الأميركي لويد ج. أوستن يتحدث خلال لقاء مع وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في واشنطن يوم 7 أغسطس (أ.ب)

وبشأن مهام التحالف الدولي، قال يارالله إن «التحالف الدولي تقتصر مهامه الآن على الإسناد الجوي ولا توجد لديه أي قوات عسكرية على الأرض وهذا العمل مناط فقط لقواتنا الأمنية بمختلف المسميات من الجيش والحشد الشعبي وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية».

وأوضح يارلله أن «النقاش مع التحالف الدولي يركز على الجانبين الجوي والاستخباري أما من الناحية البرية فنحن قادرون على أداء مهامنا ولا نحتاج لأي قوة لدعمنا أو إسنادنا».

وشدد على أن «الرؤية العراقية هي إنهاء مهمة التحالف بالكامل وتحديد سقف زمني لإنهاء مهمة التحالف بالكامل مع الانتقال إلى مرحلة الشراكة الثنائية ووفق مذكرات تفاهم بين وزارة الدفاع العراقية وعدد من دول التحالف».


مقالات ذات صلة

العراق: نكسة 2014 لن تحدث مجدداً

المشرق العربي وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي يصل إلى قاعدة عسكرية في سنجار شمال البلاد (وزارة الدفاع)

العراق: نكسة 2014 لن تحدث مجدداً

عزّز العراق حدوده الغربية مع سوريا بوحدات من الجيش و«الحشد الشعبي»، في حين استبعد مسؤولون عسكريون تكرار «انهيار الموصل» كما حدث عام 2014.

حمزة مصطفى (بغداد)
العالم العربي وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي برفقة وفد أمني رفيع المستوى إلى قاطع عمليات غرب نينوى في سنجار (واع)

قائد عسكري عراقي: حدودنا مؤمنة ولا مجال لاختراقها

قال محمد السعيدي، قائد قوات الحدود العراقية، اليوم (السبت)، إن الحدود العراقية «مُؤمنَّة، ولا مجال لاختراقها».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي خلال تفقده الحدود العراقية السورية 15 نوفمبر 2024 (قناته على تطبيق «تلغرام»)

ثابت العباسي: الجيش جاهز ويواصل حماية حدود العراق وسمائه من أي خطر

قال وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، إن الجيش بكافة تشكيلاته جاهز، ويواصل مهامه لحماية حدود العراق وسمائه من أي خطر.

المشرق العربي مهاجرون يعبرون بحر المانش (القنال الإنجليزي) على متن قارب (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 00:32

العراق وبريطانيا يوقعان اتفاقاً أمنياً لاستهداف عصابات تهريب البشر

قالت بريطانيا، الخميس، إنها وقعت اتفاقاً أمنياً مع العراق لاستهداف عصابات تهريب البشر، وتعزيز التعاون على الحدود.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تحالف «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاته في بغداد (إكس)

العراق: أحكام غيابية بالسجن لمتهمين في «سرقة القرن»

عاد ملف «سرقة القرن» إلى الواجهة بالعراق، بعد صدور أحكام غيابية بالسجن بحق متهمين فيها، بينما يتصاعد الجدل حول تسريبات صوتية منسوبة لمسؤولين بالحكومة.


أبناء جنوب لبنان يعودون إلى قراهم: لا مقومات للحياة لكننا متمسكون بالبقاء

مواطنون يبحثون عن مقتنياتهم بين ردم منزلهم في بلدة الشهابية في جنوب لبنان (أ.ب)
مواطنون يبحثون عن مقتنياتهم بين ردم منزلهم في بلدة الشهابية في جنوب لبنان (أ.ب)
TT

أبناء جنوب لبنان يعودون إلى قراهم: لا مقومات للحياة لكننا متمسكون بالبقاء

مواطنون يبحثون عن مقتنياتهم بين ردم منزلهم في بلدة الشهابية في جنوب لبنان (أ.ب)
مواطنون يبحثون عن مقتنياتهم بين ردم منزلهم في بلدة الشهابية في جنوب لبنان (أ.ب)

في اليوم الرابع لوقف إطلاق النار، تبدو شوارع جنوب لبنان أقل زحمة من الأيام الأولى لوقف إطلاق النار، باستثناء مداخل المدن الرئيسيّة كصيدا وصور، وداخل البلدات الجنوبيّة.

وعلى طول الخط الجنوبي، من صيدا وحتّى القرى الحدوديّة، يطغى مشهد الدمار. يخفت قليلاً في الساحل ليعود ويرتفع كلما اقتربنا من القرى الحدودية. هناك، تبدلت معالم المكان من هول الدمار؛ مبان ومتاجر أصبحت على هيئة ركام، ورغم ذلك اختار الناس العودة إلى قراهم لتفقد منازلهم وأرزاقهم والاطمئنان على أقاربهم.

سنبقى في قرانا حتّى لو نصبنا خيمة

تقول زينب بكري، من بلدة صديقين الجنوبيّة (قضاء صور): «ما زلنا غير قادرين على تصديق أننا عدنا إلى هنا، رغم الدمار والخسارات الكبرى؛ إذ خسرنا أحباباً كثيرين».

وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «وصلنا إلى قريتنا يوم أمس، قدِمنا من بيروت، حيث كنا نازحين، أنا وكل أفراد عائلتي، المكونة من 6 أشخاص. ووجدت أن منزلي قد دمرته إسرائيل، بكيت حينها، لكنني عشت الحزن ونقيضه، فأنا هنا موجودة في قريتي وقد انتهت الحرب؛ أتمنى ألّا تتكرر مرة أخرى، حتّى لو نصبنا خيمة وسكنا فيها أفضل من العيش في غير مكان».

شهدت طريق الجنوب زحمة سير خانقة يوم الأربعاء مع بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار (إ.ب.أ)

ليست مجرد أماكن نملكها

ومثل بكري، عائلات كثيرة، خسرت منازل نشأت وترعرعت فيها، وشكّلت ذكرياتها الأولى وتفاصيل حياتها، تقول إحدى سكان البلدة، التي صودف مرورها في المكان: «هي ليست مجرد أماكن نملكها؛ بل تسكن فينا وليس العكس، لنا فيها ذكريات طفولتنا، وملامح وجه أبي الذي فقدناه قبل أعوام قليلة، وصبر أمي، وأشياء كثيرة لا ندركها إلّا بعد خسارات كهذه».

في هذه البلدة (صديقين)، لا يمكن وصف حجم الدمار، غالبية المباني تحولت إلى ركام. ينتشر أهالي البلدة على جوانب الطرقات، لا حول لهم ولا قوة، يواسون بعضهم بعضاً في خساراتهم، ويتبادلون التهنئة بالعودة، أو بالنجاة من الحرب، كما يحلو للبعض تسميتها. أصحاب المتاجر والمصالح أيضاً، يقفون أمام أرزاقهم المدمرة، قلة قليلة من تلك التي لم تبعثرها الغارات الإسرائيلية، اختار أصحابها ترتيبها، تحضيراً لإعادة افتتاحها في وقت قريب.

خساراتنا كبيرة

في بلدة كفرا الجنوبيّة، المحاذية لها، يبدو مشهد الدمار أقل وطأة، تقول عبير: «عدنا أخيراً بعد نزوح دام 66 يوماً، إلى حيث نشأنا وترعرعنا، لا مقومات الآن للحياة، لكننا متمسكون بالبقاء».

تروي عبير لـ«الشرق الأوسط» كيف قضت أكثر من 9 ساعات وهي في طريقها من زغرتا (حيث نزحت في شمال لبنان)، إلى بلدتها كفرا، وتقول: «وصلنا عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، في نفس اليوم الذي أعلن فيه قرار وقف إطلاق النار، كنا قد انتظرناه طويلاً، لا سيّما منذ زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى لبنان».

وتضيف: «فرحت بالخبر حينها، لكنني بكيت بشدة حين وصلت إلى الجنوب، وتحديداً إلى مدينة صور، إذ شاهدت حجم الدمار الهائل، بعض القرى التي مررنا بها، أضعت فيها الطريق؛ فلا معالم واضحة ولا أسماء أماكن اعتدنا زيارتها قبل نشوب العدوان، ولا كلمات تصف مشاعرنا، ما نعرفه أننا كنا في كابوس والآن باتت لحظة الحقيقة، خساراتنا كبيرة».

وعن تفاصيل الليلة الأولى، تقول: «يومها لم أتمكن من النوم، قضيناها في منزل شقيقتي، أنا ووالديّ وشقيقي، فمنزلنا غير صالح للسكن، عُدنا في اليوم التالي، لا كهرباء ولا مياه ولا إنترنت ولا متاجر مفتوحة في المكان، ولا حتّى تغطية للشبكة في هواتفنا تمكننا من الاتصال والتواصل مع من نحتاج، لكننا رتبنا أمورنا ومكثنا في الطابق السفلي، كونه الأقل تضرراً بين الطوابق».

المسيرات الإسرائيلية لا تفارقنا

تُكمل حديثها، فتُخبرنا عن صوت المسيرات الذي أعاد إلى ذاكرتها حال الحرب التي عاشها الناس منذ ما قبل العدوان، أيّ منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، «عادت الزنانة فوق رؤوسنا، لم تفارقنا طوال اليوم الأول لعودتنا، لكننا اعتدنا سماعها» إضافة إلى صوت الطائرات الحربيّة التي تخرق الأجواء بين الحين والآخر.

أما عن المخاوف، فتقول: «في اليوم الأول للعودة، سمعنا صوت الغارات الإسرائيلية، لم ترعبنا، لكننا نخاف من نشوب الحرب مع إسرائيل مرة أخرى، لنخوض تجربة النزوح البشعة التي لا نريدها أبداً». وتختم: «اليوم نشعر بالامتنان من عودتنا، أكثر من أيّ وقت مضى، لا نريد الحرب، ولا نريد أن يموت لنا عزيز، هي خسارات لا تعوض».

على مقربة منها، بلدة ياطر الحدوديّة، التي حذّر الجيش الإسرائيليّ أهلها من العودة إليها، لكن رغم ذلك، يأتي الناس إليها لتفقد منازلهم المتضررة بمعظمها، وكذلك فعل غالبية أبناء القرى العشر التي شملها التحذير.

ولم تتمكن عائلات كثيرة، من أبناء القرى الأمامية، من العودة إلى منازلهم، تقول منى ابنة بلدة حولا التي تبرز فيها مشاهد الحرب الطاحنة، لـ«الشرق الأوسط»: «أشعر بالأسى والحزن. بالأمس كنت في حال يرثى لها، لقد حُرق منزلي في حولا، فقدت ذكريات عائلتي وأطفالي، ولا شيء يمكن أن يعيدها لنا».

وتضيف: «منزلي في كفررمان (النبطية) متضرر أيضاً، سنبقى الآن حيث نزحنا منذ بدء العدوان في عرمون إلى أن نتمكن من العودة إلى منزلنا».