ضغط بغداد يدفع أربيل لإعادة التوازن مع الأميركيين

بارزاني: ديمقراطية العراق مهددة... ولو كان «الموساد» في أربيل لما قصفتها إيران

مسرور بارزاني خلال لقائه في واشنطن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
مسرور بارزاني خلال لقائه في واشنطن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
TT

ضغط بغداد يدفع أربيل لإعادة التوازن مع الأميركيين

مسرور بارزاني خلال لقائه في واشنطن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
مسرور بارزاني خلال لقائه في واشنطن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

يتحرك مسؤولون كرد نحو واشنطن وتركيا، بالتزامن مع تدهور العلاقة بين حكومة الإقليم والمركز في بغداد، في حين وجّه زعيم الحزب الديمقراطي انتقادات لاذعة للنظام في بغداد.

وأجرى كل من رئيس الحكومة مسرور بارزاني، ورئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، زيارتين لافتتين هذا الأسبوع، إلى واشنطن وأنطاليا التركية، بعد أيام من قرار مثير للجدل أصدرته المحكمة الاتحادية ألزم كردستان بتوطين رواتب الموظفين في مصارف بغداد الحكومية، فيما يشبه رفع اليد عن صلاحيات الإقليم المالية.

وشدد مسرور بارزاني، لعدد من أعضاء الكونغرس الأميركي، على ضرورة تطبيق الدستور العراقي ضماناً لحقوق شعب كردستان الدستورية وحماية كيان الإقليم، كما اتفق مع رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي جاك ريد، على «مواصلة الولايات المتحدة والتحالف الدولي دعم قوات البيشمركة».

ويأتي هذا الخطاب مغايراً لنزعة القوى الشيعية في بغداد، التي تشكل التحالف الحاكم، نحو إخراج القوات الأميركية، في حين تحاول حكومة محمد شياع السوداني التفاوض على جدولة انسحابها.

مسرور بارزاني (أ.ف.ب)

دعم أميركي

وقال مسرور بارزاني، بعد لقائه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء الماضي، إنه حث الولايات المتحدة على مواصلة دعمها للنظام الاتحادي و«الحقوق الدستورية لإقليم كردستان العراق».

وأعرب الوزير بلينكن عن دعمه للتعاون البنّاء بين حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان والوحدة الكبرى ضمن إقليم كردستان العراق، وذلك بغرض تعزيز الاستقرار والازدهار الاقتصادي للشعب العراقي كله.

وأوضح بيان للخارجية الأميركية، أن المسؤولين ناقشا المشاركة الكردية في اللجنة العسكرية الأميركية - العراقية، والتي ستتيح الانتقال إلى شراكة أمنية ثنائية دائمة بين البلدين، بما في ذلك إقليم كردستان.

وقال بلينكن: «إقليم كردستان سيستمر حجر زاوية للعلاقة الديناميكية الواسعة النطاق بين الولايات المتحدة والعراق».

من جانبه، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان لدى استقباله رئيس حكومة الإقليم بالبيت الأبيض الدعم لأمن الإقليم، مندداً بالهجمات التي تشنها إيران وجماعات متحالفة معها على مواقع هناك.

وقال البيت الأبيض في بيان إن «سوليفان شدد على دعم الولايات المتحدة لجهود حكومة كردستان والحكومة العراقية من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن اقتسام الإيرادات والموازنة يعزز الاستقرار والحكم الرشيد والتقدم الاقتصادي في أنحاء العراق وكردستان».

إعادة تموضع

إلى أنقرة، سافر الجمعة رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، للمشاركة مع عدد من القادة والمسؤولين رفيعي المستوى في مؤتمر أنطاليا الدبلوماسي.

وبحسب بيان كردي، فإن بارزاني سيجري سلسلة لقاءات واجتماعات مع المشاركين في المنتدى للتباحث حول العلاقات وأوضاع المنطقة.

ويشير توقيت الزيارتين للولايات المتحدة وتركيا إلى تحرك كردي لإعادة التموضع دولياً وإقليمياً للتخلص من الضغط الهائل الذي تضعه بغداد على الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني.

رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني (موقع الحزب الديمقراطي)

في السياق، قال محمود خوشناو، وهو قيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «علاقة الكرد بالأميركيين ثابتة واستراتيجية، مع أن الكرد يحاولون الموازنة في علاقاتهم مع واشنطن من جهة، ومع دول الجوار من جهة أخرى»، لكن خوشناو أوضح أن «لهذه الموازنة ارتدادات، وفي المحصلة لا يفكر الكرد بمعاداة إيران مثلما يحتفظون بصلاتهم الاستراتيجية مع أميركا».

وأشار خوشناو إلى أن «قرارات المحكمة الاتحادية ملزمة لكل السلطات، وأي حديث بعدها لا جدوى منه (...) لكن هناك مشكلة بين الطرفين على مدى 10 سنوات تم خلالها تجاوز الاتفاقات السابقة لجهة تمويل رواتب موظفي الإقليم من حصة الإقليم في الموازنة، وهي أزمة مستمرة وانعكست بشكل خطير على حياة الناس».

وقال خوشناو: «لا أحد يجرؤ أن يتكلم ضد قرارات المحكمة، وفيما إذا كانت دستورية بالفعل، لكن الواقع يقول إن المتضرر الأكبر منها هو سكان الإقليم».

ديمقراطية مهددة

لم يتردد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، في توجيه انتقادات حادة للمحكمة الاتحادية، وأعرب عن قلقه من «التهديد الذي تتعرض له الديمقراطية في العراق»، خصوصاً بعدما «تجاوزت المحكمة الاتحادية صلاحياتها الدستورية».

وحذر الزعيم الكردي مسعود بارزاني، من أن النموذج الديمقراطي العراقي مهدد من الداخل والخارج، متهماً أطرافاً لم يسمها بأنها تعرقل عمل الحكومة الاتحادية، وفي حين وصف قرارات المحكمة الاتحادية بـ«المجحفة» بحق الإقليم، عدّ خروج القوات الأميركية من عدمه منوطاً بالحكومة وليس غيرها.

رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني (PDK)

وقال بارزاني، خلال مقابلة بثتها إذاعة «مونت كارلو»، إن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني يواجه عقبات في تطبيق بنود الاتفاق السياسي، الذي سمح بالمشاركة في هذه الحكومة.

وبعد الهجوم الإيراني الأخير على أربيل، الذي أودى بحياة مدنيين، نفى بارزاني كل اتهامات طهران التي تطال الإقليم بتوفير ملجأ ﻷعداء إيران، وقال: «لو كان (الموساد) في أربيل حقاً لما ضربت إيران».

وتحدث بارزاني عن مخاوفه «من تكرار سيناريو عام 2011، واحتلال تنظيم (داعش) بعد فترة من انسحاب الأميركيين لثلث العراق، لولا دعم قوات التحالف التي ساهمت في دحر التنظيم».


مقالات ذات صلة

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

شؤون إقليمية تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

نفذت القوات التركية غارات جوية استهدفت مواقع لحزب «العمال» الكردستاني في مناطق شمال العراق، أسفرت عن تدمير 25 موقعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
رياضة عالمية سجاد غانم (الأولمبية العراقية)

«الأولمبية العراقية»: لن نقف مكتوفي الأيدي بعد سقوط غانم في اختبار المنشطات

قرر عقيل مفتن، رئيس اللجنة الأولمبية العراقية، اليوم (السبت) فتح تحقيق لكشف ملابسات سقوط مصارع الجودو سجاد غانم في اختبار منشطات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

أعلن العراق، أمس الجمعة، فتح تحقيق في اختفاء آلاف الباكستانيين، كانوا قد دخلوا البلاد لزيارة المراقد الدينية خلال شهر محرم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي باكستانيون خلال مشاركتهم في طقوس «عاشوراء» بمدينة كراتشي (إ.ب.أ)

50 ألف باكستاني اختفوا في العراق

فجر وزير باكستاني مفاجأة مدوية حين أعلن اختفاء 50 ألفاً من مواطنيه في العراق، ودفع حكومة بغداد سريعاً إلى فتح تحقيق في تسربهم إلى سوق العمل.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون في قاعدة عين الأسد (أرشيفية - الجيش الأميركي)

فصائل مسلحة تنهي الهدنة مع الأميركيين في العراق

استأنفت فصائل موالية لإيران هجماتها ضد قواعد أميركية في العراق وسوريا، بعد أيام من اتفاق أمني شمل تعهد بغداد بحماية المستشارين والقوافل الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)
الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)
TT

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)
الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)

أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، اليوم (السبت) أن «الضوء الأخضر الذي حصل عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الإدارة الأميركية، جعله يستمر في عدوانه ضد شعبنا وأرضنا، وآخرها المجزرة البشعة التي ذهب ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى من أبناء شعبنا، جرَّاء استهداف جيش الاحتلال مدرسة تؤوي آلاف النازحين في مدينة دير البلح، ومستشفى ميدانياً».

ونقلت «وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية» (وفا) عن أبو ردينة قوله إن «هذه المجازر الوحشية تتحمل مسؤوليتها الإدارة الأميركية والكونغرس اللذين صفَّقا وأعطيا الدعم السياسي والمالي والسلاح لهذا الاحتلال، ليستمر في قصف الأطفال والنساء والشيوخ؛ لأنه يعلم مسبقاً أنه محمي من العقاب، جراء الدعم الأعمى والمنحاز من قبل الجانب الأميركي؛ خصوصاً لقاءاته الأخيرة في الكونغرس».

وأشار أبو ردينة إلى أن «الاحتلال انتهك كل المحرمات التي أقرها القانون الدولي، بقصف مدرسة تؤوي مدنيين عزلاً يبحثون على ملاذ آمن، غير موجود بالأساس في قطاع غزة، بعد نحو 10 أشهر من العدوان المتواصل، وفي كل مرة يقصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين لا نرى سوى بعض الإدانات والاستنكار الذي لن يجبر إسرائيل على وقف عدوانها الدموي».

وطالب أبو ردينة الإدارة الأميركية بـ«إجبار إسرائيل على وقف عدوانها، والامتثال لقرارات الشرعية الدولية وقرارات المحاكم الدولية، وعدم إعطائها الدعم للاستمرار في الجرائم الوحشية، وهي تتحمل مسؤولية كل ما يجري من عدوان على غزة والضفة والقدس».