موسكو ترى في غزة تجسيداً لـ«الأزمة الأخلاقية» الغربية

السفير الروسي في القاهرة دعا للضغط على واشنطن لإنهاء معاناة القطاع

دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

موسكو ترى في غزة تجسيداً لـ«الأزمة الأخلاقية» الغربية

دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

عدّت موسكو ما يجري في قطاع غزة «تجسيداً لأزمة الغرب الأخلاقية». وقال السفير الروسي في القاهرة، غيوري بوريسينكو، الأربعاء، إن «الغرب والولايات المتحدة الأميركية يسعون لإيجاد موطئ قدم في عالم جديد متعدد الأقطاب عبر نشر مبادئ أخلاقية تتنافى مع المعتقدات والتقاليد الإنسانية المتعارف عليها في عدد من الثقافات والحضارات حول العالم».

وأضاف السفير الروسي، في كلمته خلال ندوة نظمها «مركز الدراسات العربية - الأوراسية»، بالتعاون مع «البيت الروسي» (آلية للتعاون الثقافي)، بالقاهرة، (الأربعاء)، أن «ما يحدث في غزة تجسيد لتلك المبادئ الغربية»، مشيراً إلى أن «إسرائيل حليف رئيسي للولايات المتحدة التي دعمت بدورها قَتْل آلاف المدنيين في قطاع غزة، بشكل يتنافى مع القيم الإنسانية والتقاليد الإسلامية».

حديث السفير الروسي جاء في معرض تأكيده على «الاتجاه نحو عالم متعدد الأقطاب يسعى الغرب فيه إلى أن يحافظ على مكانته»، في إطار الندوة التي حملت عنوان «مستقبل التعددية القطبية بعد عامين من المواجهة الروسية - الأطلسية في أوكرانيا»، وأدارها الإعلامي المصري عمرو عبد الحميد، لافتاً إلى «تداعيات الهيمنة الغربية على ما يجري في غزة من حرب إبادة لم يسبق لها مثيل».

ورداً على سؤال «الشرق الأوسط» بشأن فرص تخفيف الأزمة الإنسانية والسياسية في غزة، قال السفير الروسي إن «هناك دائماً فرصاً لمواجهة الأزمة الإنسانية في غزة»، وإن ذلك يأتي عبر «تضافر جهود المجتمع الدولي للضغط على واشنطن، التي تقدم غطاء لما تقوم به إسرائيل من أعمال في غزة، وتعرقل أي مبادرات إنسانية أو قرارات لوقف الحرب»، مؤكداً أن «حشد جهود المجتمع الدولي يمكن أن يسهم في حل الأزمة».

نازحون فلسطينيون فروا في وقت سابق من منازلهم بسبب الضربات الإسرائيلية (رويترز)

وأشار إلى أن «عدداً من الدول التي كانت تسير في فلك الولايات المتحدة بدأت تعبِّر عن عدم تفهمها لموقف أميركا من الحرب في غزة، وتستنكر أفعال إسرائيل»، معرباً عن أمله في أن «تسهم موجة الغضب والاستنكار الدولي في وقف الحرب».

واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في «مجلس الأمن»، الثلاثاء، لإجهاض مشروع قرار أعدته الجزائر بدعم عربي للمطالبة بـ«وقف فوري ودائم للنار لأسباب إنسانية» في غزة، مقترحةً نصاً بديلاً يدعو إلى «وقف مؤقت للنار في أقرب وقت عملياً».

وحصل مشروع القرار العربي على تأييد 13 من الدول الـ15 الأعضاء في «مجلس الأمن»، بينما عارضته الولايات المتحدة، وامتنعت بريطانيا عن التصويت. وانتقدت دول عربية عدة، بينها السعودية ومصر، «الفيتو» الأميركي، كما استنكرته روسيا والصين، وأعربت فرنسا وسويسرا عن أسفهما لعدم تمرير مشروع القرار.

تدخل فج

من جانبها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في كلمة مسجَّلة بُثّت خلال الندوة، إن «رغبة الغرب في الحفاظ على مكانته دفعت إلى مآسٍ عدة حول العالم نجد آثارها في ليبيا والعراق وأوكرانيا، وغيرها من المناطق، حيث يتدخل الغرب بشكل فج في الشؤون الداخلية لتلك الدول».

واتفق معها المفكر الروسي ألكسندر دوغين، عادّاً أن ما يشهده العالم من أزمات «يقف خلفه دائماً الغرب وسعيه نحو عالم أحادي القطب»، ضارباً المثل بالحرب الروسية - الأوكرانية، والصراع بين الصين وتايوان، والحرب في غزة.

وقال دوغين إن «صراع الغرب على النفوذ تظهر آثاره في قطاع غزة، الذي يُعدّ واحداً من جبهات التحول المرعب والمأساوي من نظام القطب الواحد إلى التعددية القطبية، حيث تحاول القوى الغربية الحد من قوة العالم الإسلامي والعربي كأحد أقطاب النظام العالمي الجديد القائم على التعددية». وأكد أن «العالم الإسلامي يملك المقومات ليكون قطباً من أقطاب النظام العالمي الجديد».

بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، السياسي الفلسطيني أيمن الرقب، في كلمته خلال الندوة، إن «وجود صراع قيمي بين دول المنطقة والغرب الذي يحاول فرض قيم غير مقبولة إنسانياً يعمق الأزمات في المنطقة». ولفت إلى «دعم روسيا لفلسطين ومعالجة الانقسام بين الفصائل التي من المقرَّر أن تتوجه إلى موسكو، الأسبوع المقبل، لبحث المصالحة».

وأكد أن «(مجلس الأمن) بات رهينة للولايات المتحدة الأميركية التي تدعم إسرائيل بالسلاح في حربها على قطاع غزة»، في إشارة إلى استخدام واشنطن حق النقض (الفيتو) ضد تمرير قرارات لوقف إطلاق النار في غزة.


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
TT

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

وقالت الصحة اللبنانية في بيان، اليوم السبت، إن «الغارات الإسرائيلية المتواصلة على مختلف المناطق اللبنانية تسببت بمقتل 3670 شخصاً وإصابة 15413 آخرين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية»، وفقاً للوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

فرق الإنقاذ تبحث تحت أنقاض مبنى مدمر بعد غارات إسرائيلية على منطقة سكنية في حي البسطة بوسط بيروت (إ.ب.أ)

ولفت البيان إلى أن حصيلة الغارات الإسرائيلية على مختلف المناطق اللبنانية أسفرت عن مقتل 25 شخصاً، وإصابة 58 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة خلال الساعات الـ24 الماضية.

يذكر أن الطائرات الحربية الإسرائيلية بدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول) الماضي بشن سلسلة واسعة من الغارات لا تزال مستمرة حتى الساعة، استهدفت العديد من المناطق في جنوب لبنان والبقاع شرق لبنان والعاصمة بيروت والضاحية الجنوبية لبيروت وجبل لبنان وشمال لبنان.

وبدأ الجيش الإسرائيلي في أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عملية عسكرية برية مركزة في جنوب لبنان.

وطالت الغارات الإسرائيلية منازل المواطنين والمنشئات المدنية والصحية والطرقات، ومراكز للجيش اللبناني والقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل».