العاهل الأردني والرئيس الفرنسي يبحثان حرب غزة

الملك عبد الله في باريس في محطته الثالثة من جولته الخارجية

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه (أ.ب)
TT

العاهل الأردني والرئيس الفرنسي يبحثان حرب غزة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه (أ.ب)

يحط العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني في باريس، المحطة الثالثة من الجولة الدولية التي يقوم بها والتي قادته حتى اليوم إلى الولايات المتحدة وكندا. وفي واشنطن أجرى الملك عبد الله جولة مشاورات موسعة مع الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس ووزير الخارجة أنتوني بلينكن. وفي كندا، تباحث العاهل الأردني مع رئيس الوزراء جاستن ترودو.

وفي كل لقاءاته التي تركزت عل الحرب في غزة وأوضاع الشرق الأوسط بشكل عام، شدد الملك عبد الله الثاني على ضرورة وقفٍ لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية، والتحذير من خطط إسرائيل لاجتياح رفح، ومنع تهجير الفلسطينيين، فضلاً عن ضرورة إطلاق المسار السلمي الذي يتعين أن يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وفي باريس، أعلن قصر الإليزيه، يوم الخميس، أن الرئيس إيمانويل ماكرون يستضيف الملك عبد الله الثاني على غداء عمل ظهر الجمعة، وأن محادثاتهما ستكون «تتمة للقائهما السابق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في مدينة العقبة». وأشار البيان الرئاسي إلى أن رئيسي الدولتين «سيتناولان الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار في غزة، الأمر الذي يكفل في نهاية المطاف حماية المدنيين ودخول كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية». كما يناقش الزعيمان سبل وقف الحرب في غزة، والطريق نحو تحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط.

العاهل الأردني مع الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض الاثنين الماضي (أ.ب)

مؤتمران في باريس وعمان

وأشار البيان الفرنسي إلى أن باريس وعمان تعملان معاً منذ بدء الأزمة، من «أجل الاستجابة للحاجات الإنسانية» في قطاع غزة، وذلك من خلال مؤتمرين الأول استضافته فرنسا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والثاني عقد أواخر الشهر نفسه في عمان. وفي السياق عينه، ووفق البيان الفرنسي، فإن البلدين سيثابران على العمل المشترك من أجل إيصال المساعدات المكثفة إلى سكان غزة. ومرة أخرى، أشار البيان الفرنسي إلى «معارضة الرئيس ماكرون الشديدة لهجوم إسرائيلي على رفح من شأنه التسبب في كارثة إنسانية». فضلاً عن ذلك، ووفق بيان الإليزيه، فإن ماكرون وعبد الله الثاني سيتباحثان بشأن «السبل الآيلة إلى منع تمدد النزاع في المنطقة والعمل المشترك من أجل توفير الشروط المفضية إلى سلام دائم في الشرق الأوسط».

وشدد الرئيس الفرنسي، في اتصال هاتفي أجراه الأربعاء برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على «الضرورة المطلقة للتوصل من غير تأخير إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة يكون من شأنه «أن يوفر، أخيراً، الحماية لجميع المدنيين والدخول المكثف للمساعدات الإنسانية الطارئة»، مضيفاً أن «حصيلة الضحايا والوضع الإنساني لا يمكن السماح بهما. كما أن العمليات العسكرية الإسرائيلية يجب أن تتوقف».

العاهل الأردني خلال لقائه جاستن ترودو رئيس وزراء كندا الأربعاء في أوتاوا (أ.ب)

إطلاق جميع الرهائن

جاء ذلك في البيان الذي أصدره قصر الإليزيه، وأشار إلى أن «إطلاق جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الفرنسيون الثلاثة، يعد أولوية مطلقة بالنسبة لفرنسا». ومجدداً، أكد ماكرون «معارضة فرنسا الشديدة» لهجوم إسرائيلي يستهدف مدينة رفح؛ لأن من شأنه أن «يفضي إلى كارثة إنسانية واسعة»، كما تعارض فرنسا أي «ترحيل قسري» للفلسطينيين. وكلتا المشكلتين تشكل «انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، ومن شأنهما أن يدفعا إلى تصعيد إقليمي إضافي».

ويأتي لقاء ماكرون وعبد الله الثاني بعد اتصال هاتفي أجراه الرئيس الفرنسي برئيس الوزراء الإسرائيلي يوم الأربعاء.

وفي بيان مطول أصدره قصر الإليزيه عن الاتصال، وتميز بشموليته وبلهجته القاسية إزاء إسرائيل وحربها على غزة والتي تختلف عن السردية الفرنسية في بدايات الحرب، أشار البيان إلى أن «حصيلة الضحايا والوضع الإنساني لا يمكن التسامح معهما. كذلك فإن العمليات العسكرية الإسرائيلية يجب أن تتوقف».

نازحون فلسطينيون يفرون من خان يونس باتجاه رفح (أ.ب)

تصعيد يصعب التحكم به

وبالتوازي مع تطور الأوضاع في غزة، دعا ماكرون رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى «تجنب أي تدابير من شأنها أن تقود إلى تصعيد يصعب التحكم به في القدس والضفة الغربية»، مجدداً «التنديد بسياسة الاستيطان الإسرائيلية»، وداعياً إلى تفكيك البؤر الاستيطانية التي تخالف حتى القوانين الإسرائيلية.

ولم يفت قصر الإليزيه التركيز على أهمية أن تضع إسرائيل حداً لأعمال العنف التي يمارسها بعض المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وبهذا الخصوص تجدر الإشارة إلى أن باريس، بعد واشنطن ولندن، فرضت عقوبات على مجموعة من 28 مستوطناً حمّلتهم مسؤولية العنف المرتكب في الضفة، والذي وصل أحياناً إلى جريمة القتل.

وفيما أعلن نتنياهو رفضه لقيام دولة فلسطينية، وكذلك فعل عدة وزراء من حكومته، فإن بيان الإليزيه رأى أن حل الدولتين هو الوحيد القادر على ضمان أمن إسرائيل والاستجابة لتطلعات الفلسطينيين المشروعة. وحث نتنياهو على «التحلي بالشجاعة» لتوفير السلام لمواطنيهم، مبدياً استعداد فرنسا لتحمل مسؤولياتها في هذا الخصوص، بما في ذلك في مجلس الأمن الدولي، حيث تتمتع فرنسا بمقعد دائم.

وأخيراً، وبالنظر إلى الدور الذي تسعى باريس للقيام به، شدد ماكرون على «أهمية تجنب اشتعال المنطقة» من خلال توسع النزاع، مشيراً بشكل خاص إلى لبنان والبحر الأحمر، منوهاً بما تقوم به باريس من «إيصال الرسائل إلى اللاعبين الإقليميين، ومن بينهم إيران». وبالنسبة للبنان، دعا ماكرون إلى التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 1701 الصادر في عام 2006. والأسبوع الماضي، قدمت باريس ورقة تتضمن مقترحاتها لخفض التصعيد على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية تمهيداً للتوصل إلى التطبيق الكامل للقرار المذكور.


مقالات ذات صلة

السعودية تبرز نهضتها الثقافية في «مهرجان جرش»

يوميات الشرق يُقدّم مجموعة حِرفيين سعوديين أعمالاً مبتكرة أمام زوار المهرجان (وزارة الثقافة)

السعودية تبرز نهضتها الثقافية في «مهرجان جرش»

تستعرض السعودية تنوعها الثقافي والفني أمام زوّار «مهرجان جرش للثقافة والفنون 2024» في المدينة التاريخية الأردنية، وذلك خلال الفترة بين 24 يوليو و3 أغسطس.

«الشرق الأوسط» (جرش)
المشرق العربي صورة من الداخل لمجلس النواب الأردني (الديوان الملكي)

حل البرلمان الأردني... و«التواصل الاجتماعي» يحتفل بمغادرة نواب

أصدر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قراراً بحل مجلس النواب التاسع عشر، بعد ساعات من عودته إلى البلاد.

محمد خير الرواشدة (عمان)
يوميات الشرق رئيسة مهرجان عمّان السينمائي الدولي الأميرة ريم علي متوسّطةً الفائزين (إدارة المهرجان)

مهرجان عمّان السينمائي يختتم فعالياته ويتوّج أجمل حكاياته

«مهرجان عمّان السينمائي الدولي» يختتم دورته الخامسة ويوزّع جوائز «السوسنة السوداء» على مجموعة من الأفلام الروائية والوثائقية العربية والأجنبية.

كريستين حبيب (عمّان)
المشرق العربي إنشاء مكتب اتصال لحلف الناتو في عمان تطور طبيعي في العلاقة المتنامية (رويترز)

إنشاء مكتب اتصال لـ«الناتو» في الأردن

أعلنت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية عن إنشاء مكتب اتصال لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في المملكة، وبما يسهم في تعزيز علاقات التعاون المشترك مع الحلف.

«الشرق الأوسط» (عمان)
شمال افريقيا لقاء عبد العاطي والصفدي في القاهرة (حساب المتحدث باسم الخارجية المصرية على «إكس»)

رفض مصري - أردني لاستمرار سيطرة إسرائيل على معبر رفح

توافقت مصر والأردن على «الرفض الكامل لسيطرة إسرائيل على معبر رفح من الجانب الفلسطيني».

فتحية الدخاخني (القاهرة)

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
TT

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)

تعرض مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فجر السبت، لهجوم بأسلحة خفيفة من قبل مجهولين في محافظة كركوك.

يأتي الهجوم في غمرة الحديث عن قيادة بارزاني لمفوضات مع المكونين العربي والتركماني لحسم معضلة الحكومة المحلية ومنصب المحافظ بعد نحو 7 أشهر على إجراء الانتخابات المحلية، فيما نفى مسؤول كردي رفيع ذلك، وذكر لـ«الشرق الأوسط» أن «مسعود بارزاني يوجد خارج البلاد هذه الأيام ولم يلتق أعضاء في مجلس كركوك».

وقالت مصادر أمنية في المحافظة إن مسلحين مجهولين أطلقوا فجر السبت النار على مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» في منطقة ساحة العمال وسط كركوك ولم يسفر عن الهجوم أي إصابات بشرية أو أضرار مادية.

وحضرت قوة من الشرطة عقب الهجوم إلى موقع الحادث، وفتحت تحقيقاً وعممت أوصاف المهاجمين الذين فروا إلى جهة مجهولة.

وسبق أن أثار مقر «الحزب الديمقراطي» في كركوك أزمة كبيرة داخل المحافظة نهاية العام الماضي، بعد أن طالب قيادة العمليات العسكرية بتسليم المقر الذي تشغله منذ عام 2017، وحدثت مواجهات بين أنصار الحزب والقوات الأمنية أدت إلى مقتل أفراد إلى جانب ضابط في قوات «البيشمركة».

وانتهت الأزمة بعد قيام رئيس الحزب مسعود بارزاني بتسليم وإهداء المقر، في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى جامعة كركوك لـ«يكون في خدمة طلب العلم والمثقفين في المدينة».

متظاهرون من الكرد فوق بناية مقر حزب بارزاني في كركوك (أرشيفية - شبكة روادو)

معلومات أولية عن الهجوم

وأعلن المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الديمقراطي» في كركوك عن امتلاك الحزب «معلومات عن استهداف المقر»، في حين قال الباحث الكردي كفاح محمود إن «الشبهات تحوم حول المستفيد من تعطيل عمل مجلس المحافظة وعدم التوصل إلى شخصية متفق عليها لإدارة المحافظة».

وأضاف محمود في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «باستنتاج بسيط يمكن الربط بين عمليات حرق الأسواق في أربيل وكركوك ودهوك وبين هذه العملية التي كانت تستهدف اختراق سور الحماية والدخول إلى المبنى وإحراقه، خصوصاً وأنها تشبه توقيتات حرق الأسواق التي جرت في ساعة متأخرة من الليل وتحديداً في الساعات الأولى للصباح».

وتابع محمود: «هذه الأذرع لديها مراكز ووجود وتتسبب في إشكاليات إقليمية بين العراق وإقليم كردستان من جهة وبين دول الجوار من جهة أخرى».

وذكر محمود أن «الأمر المتعلق بمعرفة الجناة يبقى معلقاً لحين كشف تسجيلات منظومة الكاميرات التي صورت حركة تلك العناصر التي استخدمت مبنى قيد الإنشاء».

وتتهم أوساط «الحزب الديمقراطي»، منذ فترة طويلة، عناصر «حزب العمال» الكردستاني التركي بالتورط في مختلف الأعمال العدائية التي تقع ضده وضد بعض الشركات النفطية وشركات الغاز العاملة في الإقليم، خصوصاً في محافظتي كركوك والسليمانية، كما تحمله مسؤولية توغل القوات التركية داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان.

وقال المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» في كركوك، مريوان جلال، السبت، إن «الفرع كان يمتلك معلومات عن استهداف المقر، وإن الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وتزامن مع دور الحزب في تقريب وجهات النظر لتشكيل إدارة كركوك ومجلسها».

وأضاف في تصريحات صحافية أن «الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وهو ليس استهدافاً للحزب الديمقراطي الكردستاني، بل يستهدف جميع مكونات كركوك، وجاء في وقت يعمل فيه الحزب الديمقراطي بتقريب وجهات النظر بين مكونات المحافظة للشروع بتشكيل إدارة المحافظة، وتفعيل عمل المجلس لغرض تقديم الخدمات لجميع مكونات المحافظة».

السوداني خلال استقباله نواباً من المكون التركماني (إعلام حكومي)

السوداني يجتمع بالتركمان

من جانبه، استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، عضوين من المكون التركماني في مجلس محافظة كركوك، وحثهم على الاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة.

ولم تفلح جهود رئيس الوزراء محمد السوداني حتى الآن في حل أزمة المحافظة برغم لقاءاته المتكررة مع القوى الفائزة في مقاعد مجلسها.

وأشار السوداني، خلال اللقاء، طبقاً لبيان صادر عن مكتبه، إلى «أهمية تقديم مصلحة أبناء كركوك في أي اتفاق بين القوى السياسية التي فازت بالانتخابات، إثر النجاح في إجرائها بعد تعطل استمر منذ عام 2005».

وشدد السوداني على ضرورة «اختيار الإدارات الحكومية المحلية الناجحة، والاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة».

وتتردد منذ أسابيع أنباء عن سعي القوى المتخاصمة في مجلس المحافظة للاتفاق على صيغة لحسم منصب المحافظ من خلال تدويره بين الكتل الفائزة، بحيث يشغل الأكراد المنصب في السنتين الأولى، ثم يذهب إلى العرب في السنتين الأخيرتين من عمر دورة مجلس المحافظة المحددة بأربع سنوات، وهناك حديث عن أن للتركمان حصة في عملية التدوير رغم امتلاكهم لمقعدين فقط من أصل 16 مقعداً في المجلس.