إسرائيل تقتحم مجمع ناصر الطبي وتجبر المرضى والنازحين على الرحيل

مرضى فلسطينيون يصلون إلى رفح بعد إجلائهم من مستشفى ناصر في خان يونس بسبب العملية البرية الإسرائيلية (رويترز)
مرضى فلسطينيون يصلون إلى رفح بعد إجلائهم من مستشفى ناصر في خان يونس بسبب العملية البرية الإسرائيلية (رويترز)
TT

إسرائيل تقتحم مجمع ناصر الطبي وتجبر المرضى والنازحين على الرحيل

مرضى فلسطينيون يصلون إلى رفح بعد إجلائهم من مستشفى ناصر في خان يونس بسبب العملية البرية الإسرائيلية (رويترز)
مرضى فلسطينيون يصلون إلى رفح بعد إجلائهم من مستشفى ناصر في خان يونس بسبب العملية البرية الإسرائيلية (رويترز)

قال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، إن القوات الإسرائيلية اقتحمت مجمع ناصر الطبي بخان يونس في ساعة مبكرة من اليوم الخميس، وأجبرت مَن تبقى به من نازحين ومرضى وعائلات الأطقم الطبية على الخروج منه، في حين قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن قوات خاصة تنفذ عملية عسكرية «دقيقة» في المجمع.

وقال القدرة إن القوات الإسرائيلية طلبت من إدارة المجمع الطبي نقل كل المرضى، بمَن فيهم مرضى العناية المركزة، ومنهم 6 تحت أجهزة التنفس الصناعي، إلى مبنى ناصر القديم، مضيفاً أنها تستهدف مقر الإسعاف وخيام النازحين وتقوم بتجريف المقابر الجماعية داخل المجمع بعدما حولته إلى ثكنة عسكرية، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

وأفاد التلفزيون الفلسطيني بدوي إطلاق نار كثيف وأصوات قصف مدفعي بمحيط المجمع، وهو أكبر مستشفيات محافظة خان يونس.

الجيش يبحث عن جثث

من جهة أخرى، قال المتحدث العسكري الإسرائيلي إن قوات خاصة تنفذ عملية عسكرية دقيقة في مجمع ناصر الطبي، مضيفاً: «لدينا معلومات استخباراتية موثوقة بأن (حماس) تحتجز رهائن تحت مجمع ناصر في خان يونس، وأنه قد تكون هناك جثث لمحتجزين في المنشأة الطبية».

ولم يقدّم الجيش أدلة على هذه الاتهامات، أو يردّ على الفور على أسئلة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بشأن متى وُجد هؤلاء الرهائن في مستشفى ناصر، وما إذا كان قد سبق للجيش تحديد وجود رهائن في أحد مستشفيات القطاع أم لا.

«كارثة إنسانية وشيكة»

وحذرت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، في بيان، من «كارثة إنسانية وشيكة» جراء أوامر إخلاء المجمع الطبي، وناشدت الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية الدولية التدخل.

وأضافت أن «ما يفعله الاحتلال في مجمع ناصر الطبي، يكرر الجرائم المروعة التي حدثت في مشافي قطاع غزة، وبينها مجمع الشفاء الطبي، حين أجبر النازحين على إخلاء المستشفى، واستهدفهم بالنار والاعتقال خلال خروجهم».

وتابعت قائلة: «تحاصر قوات الاحتلال المجمع الطبي لليوم الخامس والعشرين على التوالي؛ حيث تستهدف قناصتها من يوجدون داخله، أو في ساحاته، وهو ما أدى إلى عدم تمكن الطواقم الطبية من الحركة بين مبانيه، في ظل وجود 300 كادر صحي و450 مريضاً وجريحاً وأكثر من 10 آلاف نازح».

وأظهرت لقطات فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي عشرات الأشخاص يسيرون في زقاق ضيق في أثناء خروجهم من المستشفى. وفي مقطع آخر، يظهر رجال الإنقاذ وهم يحاولون نقل المرضى من جناح العظام بالمستشفى بعد تعرضه للقصف إلى غرف آمنة أخرى.

كما أظهرت اللقطات رجال الإنقاذ يستخدمون مصابيح يدوية وهم يسحبون سريراً عليه مريض يحاولون تأمين سلامته، بينما شوهد آخرون يحملون مريضاً باستخدام بطانية وسط الركام.

وفي لقطات وزعتها وزارة الصحة في غزة، بدا صف من المرضى على أسرّتهم مكدسين في أحد ممرات مبنى المستشفى.

«لا معلومات محددة»

وكان ممرض في المستشفى تحدث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، هذا الأسبوع، عن وضع كارثي تواجهه المنشأة في ظل العمليات العسكرية الإسرائيلية، يشمل استهداف القنّاصة للموجودين فيه، وغمر مياه الصرف الصحي لغرفة الطوارئ ونقص مياه الشرب.

وإضافة إلى الطواقم الطبية والجرحى، شكّلت المستشفيات ملاذاً لعشرات الآلاف من النازحين الفارين من المعارك والدمار الذي طال مناطق واسعة في القطاع.

ومنذ بدء هجومها البري في قطاع غزة، قامت القوات الإسرائيلية بدهم المستشفيات بشكل متكرر، واتهمت «حماس» باستخدامها مراكزَ قيادة وبنى تحتية عسكرية. وتنفي الحركة هذه الاتهامات.

وقال الجيش الإسرائيلي، الخميس، إن «أكثر من 85 في المائة من المرافق الطبية الرئيسية في غزة استخدمتها (حماس) في عمليات إرهابية»، وذلك استناداً إلى ما أوضح أنها «تقديرات استخباراتية ومعلومات من الأرض».

وأكد متحدث باسم الجيش، الخميس، مداهمة المستشفى ليلاً «في أعقاب معلومات استخباراتية عن وجود جثث لمختطفين إسرائيليين هناك»، مشيراً إلى أنه «في هذه المرحلة لا توجد معلومات محددة حول وجود الجثث»، وأنه في حال «تمّ العثور على النتائج ذات الصلة، سيتم إبلاغ عائلات الرهائن على الفور».

وقد وصفت منظمة الصحة العالمية مستشفى ناصر بأنه مرفق بالغ الأهمية «لغزة بأكملها»، حيث لم يعد سوى عدد محدود من المستشفيات يعمل بشكل جزئي.

وأعرب المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأربعاء، عن «قلقه» من التقارير الواردة من مستشفى ناصر الذي وصفه بأنه «العمود الفقري للنظام الصحي في جنوب غزة».

وأشار عبر منصة «إكس» إلى أن المنظمة مُنعت من الوصول إلى المستشفى في الأيام الماضية، وفقدت الاتصال بالعاملين هناك.

وضع «كارثي»

ووصفت وزارة الصحة في غزة الوضع في المستشفى بأنه «كارثي»، حيث لم يتمكن الموظفون من نقل الجثث إلى المشرحة بسبب المخاطر التي ينطوي عليها الأمر.

وشدد الجيش على أن «مهمته هي ضمان استمرار مستشفى ناصر في مهمته المهمة المتمثلة في علاج مرضى غزة».

واندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إثر هجوم غير مسبوق لحركة «حماس» على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصاً، حسب حصيلة أعدّتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.

تقول إسرائيل إن 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، من بينهم 29 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصاً خُطفوا في يوم الهجوم.

وردّت إسرائيل بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 28663 شخصاً في قطاع غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفّذ عملية عسكرية أسفرت عن إنقاذ اثنين من الرهائن كانوا محتجزين في مدينة رفح بأقصى جنوب القطاع، ضمن عملية تخللها قصف واسع أسفر عن مقتل نحو 100 شخص، بحسب وزارة الصحة في غزة.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي فلسطينيون ينقلون جريحاً نتيجة غارة في خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)

66 قتيلاً بينهم 22 طفلاً حصيلة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة فجراً

قُتل 66 فلسطينياً، بينهم 22 طفلاً، في غارات إسرائيلية على جنوب وشمال قطاع غزة، منذ الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية متظاهرون يلوحون بالأعلام الفلسطينية في الحديقة الغربية لجامعة كولومبيا الأميركية (أ.ف.ب)

إسرائيل تهدد بقطع التمويل عن أي جامعة تستضيف فعاليات في «ذكرى النكبة»

هدّد وزير التعليم الإسرائيلي يوآف كيش الثلاثاء بقطع التمويل عن أي جامعة إسرائيلية تنظم فعاليات لإحياء ذكرى النكبة الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكان سقوط صارخ أطلقه الحوثيون على مطار بن غوريون في تل أبيب في 4 مايو 2025 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً أُطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي أن الدفاعات الجوية اعترضت بنجاح صاروخاً باليستياً أطلقه الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن على إسرائيل قبل قليل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دبابات للجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة كما تظهر من جنوب إسرائيل... 4 مايو 2025 (أ.ب)

إعلام إسرائيلي: الجيش يستهدف القيادي ﺑ«حماس» محمد السنوار في غارة على خان يونس

أفاد موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، بأن الجيش استهدف القيادي بحركة «حماس» محمد السنوار في غارة شنها على خان يونس بجنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

لقاء يجمع محمد بن سلمان وترمب والشرع في الرياض

TT

لقاء يجمع محمد بن سلمان وترمب والشرع في الرياض

ولي العهد السعودي يتحدث مع الرئيس السوري وفي الخلفية الرئيس الأميركي خلال الاجتماع في الرياض (واس)
ولي العهد السعودي يتحدث مع الرئيس السوري وفي الخلفية الرئيس الأميركي خلال الاجتماع في الرياض (واس)

عقد في الرياض، الأربعاء، لقاء جمع الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، مع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع، وبمشاركة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هاتفياً.

وأفادت مسؤولة في البيت الأبيض وكالة الصحافة الفرنسية بأن ترمب والشرع التقيا قبل اجتماع أوسع لقادة الخليج في السعودية خلال جولة ترمب في المنطقة.

كان ترمب أعلن، الثلاثاء، أنه سوف يأمر برفع العقوبات عن سوريا، عقب طلب من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، معلناً أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو سوف يلتقي نظيره السوري لاحقاً في تركيا.

جانب من اجتماع ولي العهد السعودي والرئيسين الأميركي والسوري في في الرياض (واس)

وخلال كلمته في «منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي» الذي أعقب «القمة السعودية الأميركية»، الثلاثاء في الرياض، برئاسة الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال الرئيس الأميركي إنه قام بأولى الخطوات لتطبيع العلاقات مع سوريا، وإنه يرفع عنها العقوبات، ليعطي الشعب السوري «فرصة رائعة»، مطالباً السوريين بأن يظهروا «شيئاً خاصّاً» على حد وصفه، وأشار إلى أن الرئيس التركي طلب منه أيضاً رفع العقوبات عن سوريا.

من جانبه، أكد الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، أن «هناك إدراكاً على المستويين الإقليمي والدولي، أنه لا يمكن الاستغناء عن الدور السعودي في السياسة الإقليمية والدولية».

وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «المملكة تمتلك مميزات متعددة تؤهلها للعب دور محوري، ومن الصعب أن تجتمع في دولة أخرى، كونها موطن الدين الإسلامي ومركزه، وهي ميزة لا يمكن لأي طرف آخر منافستها».

وتابع: «كما أن دورها، بصفتها من أهم الدول العربية، يضمن لها دوراً قومياً، وبصفتها أكبر الدول الخليجية، يمنحها دوراً وبعداً قيادياً آخر، هذا بجانب مركزها النفطي، والمالي، والاقتصادي».

ووصف ترمب العقوبات بأنها كانت وحشية لكنها كانت أداه مهمة في ذلك الوقت، في إشارةٍ إلى فرضها إبان وجود نظام بشار الأسد، عادّاً أنه حان الوقت لسوريا للارتقاء والحفاظ على مصلحة الناس، معرباً عن أمله في أن تنجح بتحقيق الاستقرار، وشدّد على أن إدارته تسعى للسلام مع الجميع.

ترحيب سوري

جانب من الاجتماع الذي شهد مشاركة هاتفية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان (واس)

وعقب لحظات من إعلان ترمب، رحّبت سوريا بتصريحاته بشأن رفع العقوبات التي فُرضت على سوريا. وأعرب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في بيان نشره حساب وزارته في «إكس»، عن جزيل الشكر والتقدير للسعودية قيادةً وحكومةً وشعباً، على «الجهود الصادقة التي بذلتها في دعم مساعي رفع العقوبات الجائرة عن سوريا»، عادّاً هذه الخطوة «انتصاراً للحق وتأكيداً على وحدة الصف العربي».

وأكّد الشيباني أن ‏‏الدبلوماسية السعودية أثبتت مجدداً أنها «صوت العقل والحكمة في محيطنا العربي»، وأضاف أن مساهمتها الفاعلة في رفع العقوبات عن سوريا تعكس «حرصاً حقيقياً على وحدة سوريا واستقرارها وعودة دورها الفاعل في الإقليم».

الرئيس الأميركي يصافح الرئيس السوري خلال الاجتماع في الرياض (واس)

‏ولفت الشيباني، إلى أن دمشق تنظر إلى رفع العقوبات كبداية جديدة في مسار إعادة الإعمار، وعدّ أنه بفضل «مواقف الأشقاء، وفي مقدمتهم السعودية، نفتح صفحة جديدة نحو مستقبل يليق بالشعب السوري وتاريخه».

وقال الشيباني في تصريح لـ«وكالة الأنباء السورية» (سانا)، إن هذه العقوبات فُرضت «رداً على جرائم الحرب البشعة التي ارتكبها نظام الأسد». وأضاف أن هذا التطوّر يمثِّل نقطة تحول محورية للشعب السوري، «بينما نتجه نحو مستقبل من الاستقرار، والاكتفاء الذاتي، وإعادة الإعمار الحقيقية بعد سنوات من الحرب المدمّرة».

وأكّد الشيباني أن بلاده تنظر إلى هذا الإعلان بإيجابية بالغة، مؤكّداً الاستعداد لبناء علاقة مع الولايات المتحدة تقوم على الاحترام المتبادل، والثقة، والمصالح المشتركة. وفقاً لوصفه، وكشف أنه يمكن للرئيس ترمب أن «يُحقق اتفاق سلام تاريخياً ونصراً حقيقياً للمصالح الأميركية في سوريا»، لافتاً إلى أنه قدّم للشعب السوري «أكثر من أسلافه الذين سمحوا لمجرمي الحرب بتجاوز الخطوط الحمراء وارتكاب مجازر لا إنسانية».