عباس وتميم يناقشان «اليوم التالي» للحرب... وإطلاق مسار سياسي

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: قطر تسعى لتوافق فلسطيني داخلي حول حكم غزة

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مستقبلاً الرئيس الفلسطيني محمود عباس والوفد المرافق له في الدوحة الاثنين (وفا)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مستقبلاً الرئيس الفلسطيني محمود عباس والوفد المرافق له في الدوحة الاثنين (وفا)
TT

عباس وتميم يناقشان «اليوم التالي» للحرب... وإطلاق مسار سياسي

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مستقبلاً الرئيس الفلسطيني محمود عباس والوفد المرافق له في الدوحة الاثنين (وفا)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مستقبلاً الرئيس الفلسطيني محمود عباس والوفد المرافق له في الدوحة الاثنين (وفا)

دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى وقف الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة فوراً، وعقد مؤتمر دولي للسلام بضمانات دولية، وبجدول زمني محدد، من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.

وناقش عباس اقتراحه هذا مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في لقاء جمعهما، يوم الاثنين، في العاصمة القطرية الدوحة. وكان عباس قد وصل إلى الدوحة، الأحد، بدعوة من تميم.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الأمير القطري الذي اتصل سابقاً بعباس مرتين، يدفع باتجاه توافق فلسطيني داخلي على اليوم التالي في قطاع غزة بعد الحرب.

صورة تذكارية للقاء الفصائل الفلسطينية في العلمين بمصر يوليو الماضي (وفا)

ووفق المصادر، تريد قطر الوصول إلى اتفاق فلسطيني يشمل أن تحكم السلطة الفلسطينية القطاع، مثلما يحدث في الضفة، على أن يكون ذلك باتفاق مع حركة «حماس» التي اشترطت في مفاوضات وقف إطلاق النار، أن يكون حكم غزة خارج المفاوضات مع إسرائيل، بوصفه شأناً فلسطينياً داخلياً.

وأكدت المصادر أن لدى «حماس» تصوراً لليوم التالي يقوم على أن تحكم غزة حكومة توافق مهمتها إعمار القطاع، وإجراء انتخابات لاحقة شاملة.

وقالت المصادر، إن قطر تريد اتفاقاً فلسطينياً داخلياً حول المسألة، لكن عباس يربط تسلمه غزة باتفاق دولي على مسار سياسي ينتهي بإقامة الدولة الفلسطينية، ويريد ضمانات بشأن ذلك، كما يشترط ضمانات متعلقة بالحكم والسيطرة والأمن والإعمار.

قصف رفح جنوب غزة (أ.ف.ب)

والتقى عباس مع تميم في اجتماع عام ثم في اجتماع مغلق. وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية، إن عباس وتميم استعرضا آخر مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والجهود المبذولة لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة من آلة القتل الإسرائيلية، كما ناقشا الجهود العربية الحثيثة الساعية إلى وقف العدوان، والتمهيد لحل سياسي قائم على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

وأكد حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الذي رافق عباس إلى قطر، أنه «جرى استعراض التطورات الحاصلة في المنطقة جراء استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، والتحرك الثنائي والعربي والدولي على كل المستويات لوقف هذا العدوان، وسبل الدخول في حل سياسي يضمن تنفيذ حل الدولتين فوراً، وفق القانون الدولي والشرعية الدولية. وكذلك تمتين وتصليب الجبهة الفلسطينية الداخلية لمواجهة كل التحديات الحالية والمستقبلية».

رئيس الوزراء محمد أشتية يترأس اجتماع مجلس الوزراء في رام الله الاثنين (وفا)

ويشكل اليوم التالي للحرب على غزة معضلة كبيرة في ظل خلافات أميركية إسرائيلية حول الجهة التي ستحكم غزة، وخلافات إسرائيلية فلسطينية، وأميركية فلسطينية كذلك.

واتهم رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، إسرائيل بالعمل على إبعاد السلطة عن قطاع غزة، «من خلال حجز الأموال، وإغلاق جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، ومنع إيصال أي مساعدات من الضفة الغربية والقدس إليها».

وقال أشتية في مستهل جلسة الحكومة الفلسطينية، الاثنين: «إسرائيل تمارس تدميراً اقتصادياً ومالياً للسلطة».

وتريد الولايات المتحدة سلطة «مؤهلة» لحكم قطاع غزة بعد الحرب، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعهد بألا تحكم غزة أي سلطة فلسطينية، مستخدماً جملة: «لا حماسستان ولا فتحستان» في إشارة إلى حركتي «حماس» و«فتح».

أما السلطة فتريد حكم غزة في إطار عملية سياسية تقود إلى دولة فلسطينية مستقلة، ومستعدة لإجراء إصلاحات، ولكن ليس وفق المنظور الأميركي.


مقالات ذات صلة

القاهرة لتنشيط التنسيق مع الغرب بهدف احتواء التصعيد الإقليمي

شمال افريقيا الرئيس المصري يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

القاهرة لتنشيط التنسيق مع الغرب بهدف احتواء التصعيد الإقليمي

شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لوقف التصعيد بالأراضي الفلسطينية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بن غفير عند مدخل المسجد الأقصى يوم 13 أغسطس (أ.ب)

مصر تطالب إسرائيل بوقف «التصريحات الاستفزازية»

صعَّدت مصر من لهجتها ضد إسرائيل، مطالبة إياها بـ«وقف التصريحات الاستفزازية التي تهدف إلى مزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية الرئيس الفلسطيني محمود عباس يحيي النواب الأتراك في البرلمان التركي بأنقرة الخميس (أ.ب)

زعيم المعارضة التركية سيزور فلسطين دعماً لقضيتها

أعلن زعيم المعارضة التركية رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، أنه سيزور فلسطين تلبية لدعوة الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، وتعبيراً عن دعم الشعب الفلسطيني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية استقبال إردوغان لعباس خلال زيارته لتركيا في يوليو 2023 (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع عباس التطورات في غزة والأراضي الفلسطينية

استقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في مستهل زيارته لتركيا التي تستمر يومين يلقي خلالها كلمة أمام البرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي تشييع ضحايا مدرسة التابعين بمدينة غزة السبت (رويترز)

عبد الله الثاني يجدد رفضه أن يكون الأردن ساحة حرب

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء بشر الخصاونة، وكذلك وزير الخارجية أيمن الصفدي، أكدوا موقف المملكة في أنها «لن تكون ساحة حرب».

محمد خیر الرواشده (عمان)

«هدن إنسانية» للتلقيح ضد شلل الأطفال في غزة

TT

«هدن إنسانية» للتلقيح ضد شلل الأطفال في غزة

طفل يتلقى جرعة التطعيم في مستشفى بخان يونس (أ.ب)
طفل يتلقى جرعة التطعيم في مستشفى بخان يونس (أ.ب)

من المقرر أن تبدأ الأحد «هدن إنسانية» لا تزال ملامحها غير واضحة، هدفها السماح ببدء التطعيم ضد مرض شلل الأطفال على نطاق واسع في قطاع غزة.

وأعلن مسؤول في وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بدء حملة التلقيح ضد شلل الأطفال وسط قطاع غزة السبت، بعدما أفادت الأمم المتحدة بموافقة إسرائيل على «هدن إنسانية» للسماح بتطعيم الأطفال رغم الحرب المستمرة منذ نحو 11 شهراً.

وقال الطبيب موسى عابد، مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة بقطاع غزة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن فرق وزارة الصحة بالتعاون مع الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية بدأت «أمس (السبت) بحملة التطعيم ضد شلل الأطفال في المنطقة الوسطى».

من جهته، أوضح عامل أجنبي في المجال الإنساني أن وزارة الصحة أطلقت حملة التطعيم السبت، لكن الحملة ستنفّذ على نطاق أوسع الأحد.

وقالت السلطات الإسرائيلية من جانبها، إن اللقاحات سيجري تقديمها من الساعة السادسة صباحاً حتى الثانية من بعد الظهر، من الأحد إلى الثلاثاء، في وسط القطاع. وأضافت: «في نهاية كل حملة تطعيم مناطقية، سيجري تقييم للوضع».

وحددت وزارة الصحة في غزة ووكالات الأمم المتحدة 67 مركزاً للتطعيم، في المستشفيات والمستوصفات والمدارس في وسط القطاع الفلسطيني الصغير.

وفي الجنوب، سيكون هناك 59 مركزاً، إضافة إلى 33 مركزاً في الشمال الذي بات غير مأهول إلى حد كبير. وفي هذين الجزأين من القطاع، سيجري التطعيم في مرحلة ثانية ثم ثالثة.

وبعدما غاب 25 عاماً عن الأراضي الفلسطينية، تأكدت أول إصابة بشلل الأطفال في غزة لدى طفل في شهره العاشر بدير البلح، بعد رصد الفيروس في عيّنات مياه جمعت نهاية يونيو (حزيران) في خان يونس ودير البلح.

وأرسلت الأمم المتحدة 1.2 مليون جرعة، واللقاحات عبارة عن قطرات فموية وليست حقناً.

وقال فلسطينيون قدموا مع أطفالهم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهم حضروا من أجل تلقي الجرعة الأولى خوفاً من انتشار الأوبئة بين الأطفال، وكلهم تقريباً من النازحين.

- عدم توافر النظافة

وجاء عائد أبو طه (33 عاماً) مع طفله الذي يبلغ 11 شهراً إلى مستشفى ناصر في خان يونس، للحصول على الجرعة الأولى من التطعيم.

وقال إنها «حملة مهمة جداً للتطعيم ضد شلل الأطفال في ظل تكدّس أعداد النازحين وانتشار كثير من الأمراض بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية».

وتابع: «جئت ليأخذ ابني الجرعة الأولى من هذا التطعيم لشدة خوفي على ابني من أن يصيبه أي مرض».

كذلك، حضر بكر ديب (35 عاماً) ليحصل أطفاله الثلاثة؛ وهم طفل في عامه الثالث وطفلة تبلغ 5 سنوات وأخرى عمرها 8 سنوات، على الجرعة الأولى.

وقال: «كنت في البداية متردداً وخائفاً جداً من مدى أمان هذا التطعيم. لكن بعد التأكيدات على أمانه وذهاب الجميع لنقاط التطعيم، قررت الذهاب بأطفالي أيضاً كي أحميهم من الأمراض».

وأضاف: «أطفالي أصيبوا بأمراض عدة بسبب الحرب وعدم توافر النظافة نتيجة الظروف التي نعيشها».

وأدى هجوم «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (ترين الأول)، إلى مقتل 1199 شخصاً، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وخُطف 251 شخصاً في ذلك اليوم، لا يزال 103 منهم محتجزين في غزة، بينهم 33 أعلن الجيش موتهم.

وتسبّب القصف والعمليات البرية الإسرائيلية على قطاع غزة رداً على هجوم «حماس» بمقتل ما لا يقل عن 40 ألفاً و691 شخصاً، وفقاً لآخر أرقام وزارة الصحة التابعة لـ«حماس». وتؤكد الأمم المتحدة أن غالبية القتلى من النساء والأطفال.

وفي قطاع غزة، قتل 9 فلسطينيين من عائلة واحدة، بينهم امرأتان، في قصف صباح السبت، على منزل في مخيم النصيرات، بحسب ما أفاد الطبيب مروان أبو نصار «وكالة الصحافة الفرنسية» في مستشفى العودة إلى حيث نقلت جثامينهم.

وأكد أحمد الكحلوت من «الدفاع المدني» في غزة سقوط قتلى وجرحى بعد غارة إسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع.

وبحسب صور بثتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، لجأ رجال إنقاذ إلى أضواء المشاعل أو الهواتف الجوالة لنقل مصابين إلى سيارات إسعاف، بينما بحث آخرون عن مفقودين تحت الأنقاض.

وفي جنوب القطاع، أفاد «الهلال الأحمر» الفلسطيني بمقتل 5 أشخاص في قصف لمنزل بخان يونس.

وفي المساء، أفاد «الدفاع المدني» ومصدر طبي في مستشفى المعمداني بسقوط «شهداء وجرحى نتيجة قصف إسرائيلي على أرض ملاصقة لقسم المختبرات بمستشفى المعمداني بمدينة غزة».

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية «استهداف حرم المستشفى الأهلي (المعمداني) مساء أمس (السبت)» في هجوم أسفر عن «كثير من الشهداء والإصابات».

وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة، أنه أنهى عملية استمرت شهراً في خان يونس (جنوب) ودير البلح (وسط).

- العملية العسكرية في الضفة

توازياً، دارت معارك في جنين السبت، إذ واصل الجيش الإسرائيلي لليوم الرابع توالياً عمليته العسكرية الدامية في شمال الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967.

وفي الحي الشرقي لمدينة جنين، قالت فايزة أبو جعفر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وهي تشير إلى الدمار المحيط بها: «الوضع صعب، صعب جداً، على الأطفال وعلى الجميع. خوف ورعب. ودمار...».

وقال مجدي المهدي: «المياه مقطوعة والكهرباء مقطوعة... كل البنية التحتية دمّرت. لم تبقَ بنية تحتية».

ووصف ما حدث بأنه «حرب»، مضيفاً: «أقاموا ثكنة عسكرية قبالتنا، وكانوا يُحضرون الشبان إليها للتحقيق معهم».

ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، ازدادت أعمال العنف في الضفة الغربية.

وتشهد الضفة الغربية توغلات إسرائيلية منتظمة، لكن من النادر أن تنفذ بشكل متزامن في مدن عدة، وبإسناد جوي، كما يحدث منذ الأربعاء.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن المسؤول في بلدية جنين بشير مطاحن، قوله إن «المياه قد انقطعت عن 80 في المائة من المدينة وكامل المخيم، بسبب تدمير الشبكات وعدم قدرة الطواقم الفنية على الوصول إلى تلك الشبكات».

وخلال زيارة لجنين السبت، قال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، إن القوات الإسرائيلية «لن تسمح للإرهاب (في الضفة الغربية) بأن يرفع رأسه» لتهديد إسرائيل.

وأضاف: «لذلك، فإن المخطط هو الذهاب من مدينة إلى مدينة، ومن مخيم إلى مخيم، بمعلومات استخبارية ممتازة وبقدرات عملياتية جيدة جداً وبغطاء استخباري جوي متين جداً».

وقُتل 22 فلسطينياً على الأقل، معظمهم مقاتلون، خلال العملية الإسرائيلية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية المحتلة التي بدأتها الدولة العبرية الأربعاء. وقال الجيش الإسرائيلي إنهم جميعهم «إرهابيون»، بينما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن من بين القتلى رجلاً ثمانينياً.

وأعلنت «حماس» وحركة «الجهاد الإسلامي» أن 14 على الأقل من القتلى ينتمون إلى جناحيهما العسكريين؛ «كتائب القسام» و«سرايا القدس».