رئيس جيبوتي: نتابع تطورات البحر الأحمر... ونرفض استهداف أي طرف من أراضينا

كشف لـ«الشرق الأوسط» عن مشاريع مع المملكة في النقل البحري والجوي وإقامة منطقة حرة سعودية

TT

رئيس جيبوتي: نتابع تطورات البحر الأحمر... ونرفض استهداف أي طرف من أراضينا

الرئيس إسماعيل عمر جيلة يتحدث للشرق الأوسط من القصر الرئاسي بالعاصمة جيبوتي (تصوير: تركي العقيلي)
الرئيس إسماعيل عمر جيلة يتحدث للشرق الأوسط من القصر الرئاسي بالعاصمة جيبوتي (تصوير: تركي العقيلي)

أكد الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة، أن بلاده تتابع التطورات الأخيرة في منطقة باب المندب وخليج عدن عن كثب، وتحرص على تأمين البحر الأحمر والمضيق الاستراتيجي وتذليل العقبات أمام التجارة الدولية.

وتحدث الرئيس جيلة في حوار موسع مع «الشرق الأوسط» من مقره الرئاسي عن تنسيق وتعاون مع القوى الكبرى منها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، والدول المشاطئة للبحر الأحمر وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لحماية الملاحة البحرية ومكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الأمنية التي تؤرق المنطقة والعالم بأسره.

وشدد الرئيس على رفض جيبوتي استهداف أي طرف انطلاقاً من أراضيها، مشيراً إلى أن القواعد العسكرية الدولية في البلاد تهدف إلى حفظ الأمن والسلم الدوليين ومكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية ‏وحماية الملاحة في هذا الموقع الاستراتيجي المهم من العالم.

وتطرق الرئيس كذلك للعديد من الملفات المهمة منها مشروع طريق الحرير الصين وأثره على منطقة القرن الأفريقي، وسياسة الحياد التي تنتهجها جيبوتي مع وجود القواعد العسكرية، وغيرها من المواضيع، فإلى تفاصيل الحوار..

علاقات جيبوتي مع السعودية

* فخامة الرئيس، كيف تصفون العلاقات الجيبوتية السعودية في الوقت الراهن ومستوى التنسيق بين البلدين وآفاق تطورها خاصة في مجالات التعاون الاقتصادي والسياسي؟

- في البداية أشيد بصحيفة «الشرق الأوسط» ودورها الرائد في مجال الإعلام واهتمامها المستمر في تنوير القارئ العربي بما يجري في العالم وخاصة في منطقتنا، بالنسبة للعلاقات الجيبوتية السعودية هي علاقة متينة وعميقة الجذور، ولا تزال هذه العلاقات منذ استقلال جيبوتي عام 1977 تزداد قوة وتناغماً في الرؤى السياسية تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية.

ويتجلى التعاون والتنسيق المستمرين في لجان عدة، منها الأمنية والعسكرية، واللجنة الجيبوتية السعودية المشتركة التي تمثل إطاراً عاماً يندرج تحته التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات، إضافة إلى وجود مجلس مشترك لرجال الأعمال الجيبوتيين والسعوديين. ومنذ عام 2008 تم التوقيع على نحو 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين في مختلف المجالات.

وانطلاقا من التطور الهائل الذي حققناه خلال العقدين الماضيين في مجال الموانئ من حيث الكم والنوع، نتطلع إلى تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في مجال النقل البحري والخدمات اللوجيستية والموانئ.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال استقباله رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلة في الرياض ديسمبر الماضي (واس)

ويجري العمل حالياً على إنشاء مشاريع مشتركة في مجال النقل البحري والجوي المباشر، وإقامة منطقة حرة ومستودعات خاصة بالصادرات والمنتجات السعودية داخل منطقة التجارة الحرة الدولية في جيبوتي، مما يسهم في تعزيز تدفق الصادرات السعودية نحو القارة الأفريقية.

* كيف يمكن أن تلعب جيبوتي دوراً في تنمية العلاقات العربية - الأفريقية باعتبارها جسراً بين الجانبين؟

- الموقع الجغرافي على الضفة الغربية الجنوبية من البحر الأحمر وعلى بعد نحو 25 كيلومترا من اليمن الشقيق، يجعل جمهورية جيبوتي جسراً حيوياً يربط بين قارة أفريقيا والجزيرة العربية، ومن شأن هذه الميزة الجغرافية لبلدنا أن تساهم في تنمية العلاقات العربية الأفريقية، ويؤدي دوراً بارزاً في حماية الأمن القومي العربي.

أما على المستوى الاقتصادي فتعد جمهورية جيبوتي بوابة لدول منظمة الإيغاد ومجموعة كوميسا على البحر الأحمر، إضافة إلى البنية التحية المتطورة في موانئ جيبوتي، كلها عوامل تساهم بفاعلية كبيرة في تطوير العلاقات العربية الأفريقية في المجال الاقتصادي.

ملف البحر الأحمر

* كيف تتابعون التطورات الأخيرة في باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن، بحكم موقع جيبوتي الاستراتيجي والقريب من هذه المنطقة؟

- نتابع عن كثب التطورات الأخيرة قرب مضيق باب المندب، ونحرص على تأمين البحر الأحمر ومضيق باب المندب وتذليل العقبات أمام التجارة الدولية، ولذلك نرى ضرورة حلحلة مختلف الأزمات في المنطقة والتكاتف على مختلف المستويات الإقليمية والدولية من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الملاحة في البحر الأحمر.

كما نتابع بقلق بالغ الحرب المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في غزة، وكما عبرنا في أكثر من مناسبة فإننا نؤكد رفضنا الشديد لما يتعرص له أشقاؤنا في غزة من حصار وقتل بربري وتدمير مرعب للبنى التحتية، وندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسئولياته وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الأعزل الذي يتعرض لأبشع أنواع القتل والتهجير القسري.

* هل لديكم تنسيق مع حلفائكم في المنطقة والعالم لحماية الملاحة في البحر الأحمر؟

- تطل جمهورية جيبوتي على مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية الكبيرة للتجارة العالمية، وهذا يجعلها دولة محورية في الجهود المبذولة للحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، ونقوم بالتنسيق والتعاون مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكذلك الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخاصة المملكة العربية السعودية وغيرها لحماية الملاحة البحرية ومكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الأمنية التي تؤرق المنطقة والعالم بأسره.

والقواعد العسكرية الدولية في جيبوتي ليست سوى بعض أوجه التعاون في حفظ الأمن والسلم الدوليين ومكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية ‏وحماية الملاحة في هذا الموقع الاستراتيجي المهم من العالم.

* ما هي رؤيتكم لتخفيف التوتر وخفض التصعيد في هذه المنطقة التي تشكل شرياناً رئيسياً لمرور التجارة العالمية وموارد الطاقة؟

- تتلخص رؤيتنا في التعاون على مختلف المستويات الإقليمية والدولية من أجل حماية أمن البحر الأحمر وتأمين الملاحة فيه لضمان سلاسة النقل البحري عبر هذه المنطقة المهمة جداً.

* برأيكم، كيف ترون دور منتدى الدول المطلة على البحر الأحمر وأهميته في مثل هذه الأزمات؟

- جمهورية جيبوتي من أوائل الدول التي صادقت على إنشاء مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن الذي يضم إلى جانب جيبوتي كلاً من السعودية ومصر والصومال واليمن والسودان والأردن وإريتريا، إدراكاً منا لأهميته الكبيرة ولحاجة دول هذه المنطقة إلى كيان يجمعها ويضطلع بدور مهم في التنسيق والتعاون بينها في مختلف المجالات.

وقد اقترحنا في وقت مبكر أن يكون مقر هذا المجلس في المملكة العربية السعودية الشقيقة لكونها صاحبة السبق في مبادراتها بفكرة نظام أمن البحر الأحمر منذ عام 1956. وبالنظر إلى أن الساحل السعودي الذي يطل على البحر الأحمر هو الأطول من بين الدول الأخرى المشاطئة للبحر الأحمر، ومن هنا فهو أكثر عرضة لمخاطر ما يجري على طول هذا البحر، إضافة إلى أن هذا المجلس الوليد كان مقترحا سعودياً رحبت به الدول الأعضاء.

الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة خلال حضوره الدورة الاستثنائية 42 لمنظمة (إيغاد) في أوغندا يناير الماضي (رويترز)

وأعتقد أن أهمية هذا المجلس تزداد في مثل الأزمات الراهنة، مما يجعل تعاون الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن ضرورة ملحة لتأمين هذه المنطقة المهمة، ومن هنا ندعو إلى تفعيل هذا المجلس وإطلاقه ليواكب المستجدات في المنطقة. وبالنظر إلى ما لاحظناه خلال مشاورات تأسيس المجلس من تحمس واستعداد لدى الدول الأعضاء فإن الفرص المتاحة أمام هذا المجلس ليؤدي المهمات المنوطة به كثيرة، ويعلم الجميع أن المنطقة محاطة بتحديات كثيرة من بينها التطرف والإرهاب والهجرات غير الشرعية، ويمكن التغلب عليها بالتكاتف العالمي والإقليمي.

* كان هنالك طلب أميركي لنصب منصة صواريخ لاستهداف الحوثيين، وتم رفضه من قبل جيبوتي، كيف تتعاملون مع تداعيات أزمة غزة والهجمات في البحر الأحمر؟

- موقفنا واضح وهو رفض استهداف أي طرف انطلاقاً من أراضينا، وذلك أمر سيادي نتمسك به، ولكننا في الوقت نفسه ندعو إلى التعاون والتكاتف من أجل حل الأزمات في المنطقة.

* كيف ترون دور جيبوتي والمملكة العربية السعودية في تحقيق الاستقرار وتخفيف التوتر في هذه المنطقة الحيوية؟ وهل هناك مبادرات مشتركة للتعاون في مجالات مثل الأمن والتجارة والطاقة؟

- كما أكدنا في أكثر من مناسبة، فإن جمهورية جيبوتي دولة محورية في حماية أمن البحر الأحمر بحكم موقعها الاستراتيجي على مضيق باب المندب، وتتمتع بعلاقات متوازنة مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة وبسمعة طيبة في الاستقرار ورعاية السلام في منطقة مضطربة، والمملكة العربية السعودية هي دولة شقيقة ومحورية بحكم مكانتها الدينية بالإضافة إلى ثقلها السياسي والاقتصادي، ولدى البلدين الشقيقين تعاون مشترك في مجالات كثيرة منها الأمن والتجارة والطاقة، ولا شك أن لهذا التعاون الثنائي دوراً مهماً في تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية.

الصومال - إثيوبيا

* كيف تنظر جيبوتي للاتفاقية الأخيرة التي أُعلنت بين إثيوبيا وأرض الصومال وتداعياتها على منطقة القرن الأفريقي؟

- الصومال وإثيوبيا عضوان في الهيئة الحكومية للتنمية الإيغاد وكذلك في الاتحاد الأفريقي، ومعلوم أن مواثيق كلتا المنظمتين تنص على ضرورة احترام سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها، وتؤكد جيبوتي بصفتها رئيسة الدورة الحالية لمنظمة الإيغاد على تمسكها باستقلال وسيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها، ونشعر بقلق شديد تجاه تصاعد الأزمة بين الجارتين الصومال وإثيوبيا وندعوهما إلى إنهاء الخلاف بالحوار. ونعتقد أن منطقتنا لا تستطيع تحمل مزيد من الأزمات ولذلك لا بد من التركيز على التكامل الاقتصادي والتنمية وهذا لا يتحقق إلا من خلال الحوار والتنسيق بين الدول المعنية.

الملف السوداني

* تبذل جيبوتي باعتبارها عضوا في الإيغاد جهوداً كبيرة لوقف الصراع في السودان فأين وصلت جهودكم في هذا الشأن؟

- جمهورية السودان الشقيقة هي عضو مؤسس لمنظمة الإيغاد وهي دولة محورية في المنظمة وبالتالي استقرارها مهم بالنسبة للمنطقة وللعالم. من هذا المنطلق سارعنا منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل (نيسان) 2023 إلى تبني مبادرة تدعو إلى وقف القتال فوراً وجمع طرفي النزاع على طاولة المفاوضات. وجمهورية جيبوتي ترأس الآن الدورة الحالية للمنظمة، ونبذل جهوداً مكثفة ومستمرة بالتنسيق مع الدول الأعضاء الأخرى والمجتمع الدولي من أجل إيجاد حل للصراع المستمر في هذا البلد الشقيق.

وقد استقبلنا في جيبوتي ممثلين عن أطراف الأزمة في السودان من أجل الاستماع إلى وجهات نظرهم ورؤيتهم للحل، والكل أكد رغبته في إنهاء الحرب فوراً نظراً لتداعياتها الخطيرة على البلد وعلى مقدرات الشعب السوداني، وسنستمر في مساعينا لوقف الحرب ونحن متفائلون بأن تفضي هذه المساعي إلى وقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار والتوصل إلى حلول تخرج الشعب السوداني الشقيق من أزمته العصيبة. السودان بلد مهم بثقله العربي والأفريقي ولا شك في أن أزمته الحالية تؤثر بشكل سلبي على استقرار منطقة القرن الأفريقي والدول المجاورة، ولهذا فإننا نشدد على ضرورة إنهاء الحرب وتجنيب هذا البلد الشقيق خطر الانزلاق نحو حرب أهلية ونأمل أن يتجاوب الجميع مع المناشدات الدولية لإنهاء هذه الحرب.

رئيس «مجلس السيادة الانتقالي» السوداني يلتقي سكرتير «إيغاد» في جيبوتي نهاية العام 2023 (إعلام مجلس السيادة)

* ما أهم الملفات على طاولة القمة الأفريقية التي ستعقد في 17 فبراير الحالي وما توقعاتكم لنتائجها؟

- القمة الأفريقية المقبلة تنعقد في ظل أوضاع صعبة في بعض الدول الأفريقية ودول القرن الأفريقي خاصة، ومن المتوقع أن تتصدر أجندة القمة أبرز الملفات الشائكة والأزمات الراهنة وكذلك مختلف التطورات الجيوسياسية المؤثرة.

القواعد العسكرية في جيبوتي

* تنتهج جيبوتي سياسة الحياد في منطقة القرن الأفريقي ومع ذلك توجد بها عدة قواعد عسكرية لعدد من الدول العظمى فما أهمية هذه القواعد بالنسبة لجيبوتي؟

- تنتهج جمهورية جيبوتي سياسة الحياد في منطقة القرن الأفريقي وفي العالم، وتتمتع بعلاقات متوازنة مع جميع الدول الشقيقة والصديقة، وتلك سياسة قامت عليها مبادئ الجمهورية منذ فجر الاستقلال عام 1977. وفيما يخص استضافة القواعد العسكرية الدولية على الأراضي الجيبوتية فذلك يندرج ضمن النهج المتوازن في التعامل مع مختلف الدول في إطار يراعي السيادة الوطنية. وقد أكدنا في أكثر من مناسبة أن هذه القواعد العسكرية تأتي في إطار التعاون والتنسيق لمكافحة الإرهاب والتطرف والقرصنة البحرية وتأمين الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبموجب اتفاقات ثنائية بين كل من جمهورية جيبوتي والدولة التي تتبع لها القاعدة.

ومعلوم أن هذه المنطقة مهددة بمخاطر عدة من بينها الإرهاب والتطرف والقرصنة، إضافة إلى تأثيرها وتأثرها بعدد من الصراعات في المنطقة؛ ومن هنا يتجلى الدور المهم لهذه القواعد العسكرية في حماية أمن منطقة البحر الأحمر، وهي منطقة استراتيجية حيوية تربط بين قارات العالم وتمر بها نسبة كبيرة من التجارة الدولية، وهذا يحتم التعاون الدولي في تأمينها.

* لكن كيف تتعاملون مع مخاوف دول الجوار فيما يتعلق بوجود هذه القواعد؟

- لم نتلق أي مخاوف من دول الجوار بهذا الشأن، هل توجد فعلاً مخاوف؟!

* كيف تستطيع جيبوتي التوفيق في الجمع بين متضادين على أراضيها، الولايات المتحدة والصين بقواعد عسكرية وعلى مسافة قريبة من بعضهما؟

- كما قلت نتمتع بعلاقات متوازنة مع مختلف القوى الكبرى، ولنا أن نتعاون أو نجري اتفاقات مع أي منها في إطار السيادة والمصلحة الوطنية. هذا النهج دليل على أنه بالإمكان أن نتعايش معاً إذا كانت هناك رغبة لذلك. والقواعد العسكرية الدولية في جيبوتي موجهة في المقام الأول نحو التعاون في الحفاظ على أمن منطقة البحر الأحمر وخليج عدن وقارة أفريقيا بشكل عام. وكثير من الدول التي تمتلك قواعد عسكرية في جيبوتي تؤكد اهتمامها بحماية مصالحها التجارية والاستثمارية. وعليه فإن القاعدتين الأميركية والصينية تندرجان ضمن الأهداف المشتركة الرامية إلى تأمين الملاحة الدولية في المنطقة ومكافحة الإرهاب والتطرف وغير ذلك من الأمور التي تزعزع الاستقرار الدولي.

* ما هو موقف بلادكم من تأمين مشروع طريق الحرير المعلن من قبل الصين وعدد من دول المنطقة؟

- مشروع «الحزام والطريق» الصيني تجاري بطبعه، وموقع جمهورية جيبوتي الاستراتيجي يجعلها في قلب هذا المشروع العملاق. ونثمن الاستثمارات الصينية في بلادنا، ومن بينها القطار السريع الرابط بين العاصمة جيبوتي وأديس أبابا، وكذلك إسهام بكين في المنطقة التجارية الدولية الحرة في جيبوتي، وهي أكبر منطقة تجارية حرة في قارة أفريقيا. ونرى أن الصين لديها القدرة على تسريع النمو الاقتصادي من خلال مبادرتها الاستثمارية العملاقة في الدول التي يمر بها طريق الحرير.


مقالات ذات صلة

تعليق جوبالاند التعاون مع الصومال... هل يقود إلى «انفصال»؟

شمال افريقيا تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)

تعليق جوبالاند التعاون مع الصومال... هل يقود إلى «انفصال»؟

محطة جديدة من التوتر بين ولاية جوبالاند، جنوب الصومال، والحكومة الفيدرالية، عقب قرار الإقليم تعليق العلاقات والتعاون مع مقديشو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا أعضاء من مجموعة «فاغنر» الروسية في مالي (أرشيفية - أ.ب)

بعد قرار تشاد... هل خسرت فرنسا آخر موطئ قدم في الساحل؟

تشاد تنهي اتفاق التعاون العسكري والأمني مع فرنسا، لتلتحق بركب دول الساحل؛ مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي دخلت في قطيعة مع فرنسا.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا وزير الخارجية الفرنسي جان - نويل بارو (د.ب.أ)

تشاد تلغي اتفاقيات التعاون الدفاعي مع فرنسا

أعلن وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كلام الله، أنّ بلاده ألغت اتفاقيات التعاون الأمني والدفاعي مع فرنسا، بعيد ساعات قليلة على زيارة نظيره الفرنسي.

«الشرق الأوسط» (نجامينا)
أفريقيا وزير العدل المصري خلال لقائه نظيره الصومالي (وزارة العدل المصرية)

مصر تعزّز حضورها في «القرن الأفريقي» بتعاون قضائي وبرلماني

في خطوة تعزّز من الحضور المصري في منطقة القرن الأفريقي، بحثت الحكومة المصرية، الأربعاء، تعزيز التعاون القضائي مع الصومال.

أحمد إمبابي (القاهرة)
أفريقيا مظاهرة في العاصمة مقديشو لتأييد إجراء انتخابات مباشرة بالصومال (وكالة الأنباء الصومالية)

الصومال يحذر من تصاعد صراعات «القرن الأفريقي» بعد انتخابات جوبالاند

تحذيرات صومالية رسمية من تزايد «صراعات» القرن الأفريقي، بالتوازي مع طعن قدمته مقديشو على إجراء ولاية جوبالاند جنوبي البلاد الانتخابات بالطريقة القديمة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
TT

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

قال المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا، الجمعة، إن هناك تقارير عن عمليات نزوح واسعة من مناطق في ريف حلب الغربي ومناطق داخل المدينة مع إعلان فصائل مسلحة دخولها مدينة حلب.

وأضاف المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا أن بعض العائلات نزحت من حلب وإدلب إلى أماكن إيواء جماعية في حماة.

وأشار المكتب إلى أنه تم إغلاق مطار حلب الدولي، وتعليق جميع الرحلات، مضيفاً أن «الوضع الأمني في حلب يتدهور بشكل سريع».

وسيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة أخرى على مدينة سراقب في محافظة إدلب، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، في إطار هجوم واسع تشنّه في شمال سوريا دخلت خلاله مدينة حلب.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أهمية سراقب (شمال غربي) أنها تمنع أي مجال للنظام من التقدم إلى حلب، وتقع على عقدة استراتيجية تربط حلب باللاذقية (غرب) وبدمشق».

دخلت مجموعات مسلحة بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا، الجمعة، مدينة حلب في شمال سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد قصفها في سياق هجوم مباغت وسريع بدأته قبل يومين على القوات الحكومية، هو الأعنف منذ سنوات.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لكبرى مدن الشمال السوري.

وأضاف أنّها سيطرت على خمسة أحياء في ثانية كبرى مدن البلاد، مشيراً إلى أنّ الجيش السوري «لم يبدِ مقاومة كبيرة».

وهي المرة الأولى التي تدخل فيها فصائل مسلحة إلى حلب منذ استعاد الجيش السوري السيطرة الكاملة على المدينة عام 2016.

وأفاد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في حلب بوقوع اشتباكات بين الفصائل، والقوات السورية ومجموعات مساندة لها.

كذلك، قال شاهدا عيان من المدينة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا مسلحين في منطقتهما، وسط حالة من الهلع.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 277 شخصاً، وفقاً للمرصد، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 28 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم الجيش في المعركة.

وبدأ الهجوم خلال مرحلة حرجة تمر بها منطقة الشرق الأوسط مع سريان وقف إطلاق نار هش في لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب الجيش النظامي في سوريا.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل سيطرت على أكثر من خمسين بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد السوري، في أكبر تقدّم منذ سنوات تحرزه المجموعات المسلحة السورية.

وكان المرصد أفاد، الخميس، بأنّ مقاتلي «هيئة تحرير الشام» وحلفاءهم تمكّنوا من قطع الطريق الذي يصل بين حلب ودمشق.

وتعرّض سكن جامعي في مدينة حلب الجمعة للقصف، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، بحسب وكالة «سانا» الرسمية.

وأدت المعارك إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر (51 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورمايات مدفعية وأحياناً أصوات طائرات»، مضيفاً: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا».

وقال ناصر حمدو البالغ (36 عاماً) من غرب حلب، في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتابع الأخبار على مدار الساعة، وقطع الطريق يثير قلقنا اقتصادياً لأننا نخشى ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان بعض المواد».

ووصلت تعزيزات من الجيش إلى حلب، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري.

وقبل إعلان المرصد دخول «هيئة تحرير الشام» إلى المدينة، أشار المصدر الأمني إلى «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب». وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل ولن تتعرض لأي تهديد».

وتابع: «لم تُقطع الطرق باتجاه حلب، هناك طرق بديلة أطول بقليل»، متعهداً بأن «تفتح كل الطرق قريباً».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 20 غارة على إدلب وقرى محيطة بها، وفق المرصد السوري، أدّت إلى مقتل شخص.

بدوره، أعلن الجيش الروسي، الجمعة، أن قواته الجوية تقصف فصائل «متطرفة».

عناصر تتبع فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

ونقلت وكالات أنباء روسية عن متحدث باسم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سوريا قوله إن «القوات الجوية الروسية تنفذ هجمات بالقنابل والصواريخ على معدات وعناصر جماعات مسلحة غير شرعية ونقاط سيطرة ومستودعات ومواقع مدفعية تابعة للإرهابيين»، موضحاً أنها «قضت» على 200 مسلح خلال الـ24 ساعة الماضية.

ودعت تركيا، الجمعة، إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلّحة في شمال غربي البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، عبر منصة «إكس»، إنّ الاشتباكات الأخيرة «أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية».

أطراف دولية

يعد القتال الناجم عن هذا الهجوم، الأعنف منذ سنوات في سوريا، التي تشهد منذ عام 2011 نزاعاً دامياً عقب احتجاجات شعبية أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص ودفع الملايين إلى النزوح، وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.

وفي عام 2015، تدخلت روسيا إلى جانب الجيش السوري، وتمكنت من قلب المشهد لصالح حليفها، بعدما خسر معظم مساحة البلاد.

وخلال شهرين من الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، كثّفت الدولة العبرية ضرباتها للفصائل الموالية لإيران في سوريا.

وقدمت هذه الفصائل، وأبرزها «حزب الله»، دعماً مباشراً للقوات السورية خلال الأعوام الماضية، ما أتاح لها استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد.

والجمعة، عدّ المتحدّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الوضع في حلب «انتهاك لسيادة سوريا». وأعرب عن دعم بلاده «للحكومة السورية في استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

في إدلب، عدّ رئيس «حكومة الإنقاذ» التي تدير مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» محمد البشير، الخميس، أن سبب العملية العسكرية هو حشد النظام «في الفترة السابقة على خطوط التماس وقصفه مناطق آمنة، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الآمنين».

وتسيطر «هيئة تحرير الشام» مع فصائل مسلحة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس (آذار) 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة، وأعقب هجوماً واسعاً شنّته القوات السورية بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.

وشاهد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، مقاتلين من فصائل عدة في مدينة الأتارب يتقدمون إلى مشارف مدينة حلب، في ظل انسحاب الجيش ودخول دبابات وآليات تابعة للفصائل المعارضة.

وقال مقاتل ملثّم، لمراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا مُهجَّر منذ خمس سنوات، والآن أشارك في المعارك، وإن شاء الله سنعيد أرضنا وبلدنا اللذين أخذهما النظام، وندعو إخوتنا الشباب الجالسين في منازلهم للانضمام إلينا كي نعيد البلد».