وقف تمويل «الأونروا»: مخاوف من توطين اللاجئين في لبنان وفقدان حق العودة

وقفة احتجاجية أمام مكتب «الأونروا» في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان (الوكالة الوطنية)
وقفة احتجاجية أمام مكتب «الأونروا» في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان (الوكالة الوطنية)
TT

وقف تمويل «الأونروا»: مخاوف من توطين اللاجئين في لبنان وفقدان حق العودة

وقفة احتجاجية أمام مكتب «الأونروا» في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان (الوكالة الوطنية)
وقفة احتجاجية أمام مكتب «الأونروا» في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان (الوكالة الوطنية)

أثار وقف دول -على رأسها الولايات المتحدة- تمويل «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا)، مخاوف من التداعيات المحتملة على المستفيدين من الخدمات التي توفرها الوكالة الأممية للاجئين والمجتمعات المضيفة لهم، ومنها لبنان الذي يستضيف نحو نصف مليون لاجئ فلسطيني، على المستويات السياسية والاجتماعية والأمنية.

ويوجد نحو 489 ألف لاجئ فلسطيني في سجلات «الأونروا» في لبنان، يعيش 250 ألفاً منهم داخل 12 مخيماً، موزعة في مختلف أنحاء لبنان.

وقالت جولي مجدلاني، مسؤولة الإعلام والتواصل في لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «لقرار وقف تمويل (الأونروا) تداعيات كبيرة على واقع اللاجئين الفلسطينيين الصعب أصلاً، والذي سيزيد سوءاً مع هذا القرار، وسيكون له تأثير سلبي على الواقعين الاقتصادي والاجتماعي».

وأضافت: «إلى جانب الخدمات الأساسية التي تقدمها (الأونروا) والتي ستتأثر بطبيعة الحال، سيجد الموظفون العاملون في إطار الوكالة أنفسهم من دون رواتب أواخر الشهر الحالي».

وحسب جولي، يبلغ عدد الطلاب المسجلين في 63 مدرسة تديرها «الأونروا» في لبنان نحو 38 ألف طالب، إلى جانب 27 مركزاً صحياً. وتابعت قائلة: «وبالتالي، في غياب المبالغ المطلوبة، فإن جميع هذه المؤسسات ستغلق أبوابها، وسيجد موظفوها أنفسهم بلا عمل ورواتب».

وقالت دوروثي كلاوس، مديرة شؤون «الأونروا» في لبنان، في مؤتمر صحافي بعد اجتماعها مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في بيروت، الثلاثاء، إن وقف تمويل الوكالة الأممية «ستكون له تداعيات كبيرة على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان».

أطفال في مدرسة تديرها «الأونروا» في مخيم مار إلياس في بيروت (أ.ف.ب)

وأضافت: «نحن نعلم أن الحكومة اللبنانية تواجه أزمة كبيرة وهي تستضيف هذا العدد الكبير من اللاجئين، وجهودنا مستمرة في التحاور والتحدث مع المانحين، لنشرح لهم الوضع الحساس والدقيق للاجئين الفلسطينيين؛ حيث يعيش عدد كبير منهم تحت عتبة الفقر في لبنان». وأشارت إلى أن «(الأونروا) تستطيع أن تؤمِّن الخدمات حتى نهاية مارس (آذار) في الوضع الحالي، وليس لدى المنظمة أي خطة بديلة».

ودعا ميقاتي الدول المانحة إلى «إعادة النظر في وقف تمويل (الأونروا) لأن التمويل يشكِّل حاجة ملحة وضرورية لقضية لم يخترها الفلسطينيون؛ بل فُرضت عليهم فرضاً».

كما دعا الدول المانحة «إلى النظر في وضع (الأونروا) في لبنان بطريقة استثنائية؛ لأن هناك خصوصية لبنانية ينبغي أخذها بعين الاعتبار».

مدرسة في أحد مخيمات لبنان (أ.ف.ب)

ورداً على سؤال حول التداعيات السياسية لقرار وقف تمويل «الأونروا»، وهل يكون مدخلاً للتوطين؟ قالت جولي مجدلاني: «المخاطر في عودة النقاش حول التوطين وتصفية القضية الفلسطينية موجودة دائماً، وتشكل تحدياً».

وأضافت: «الأهم هو التركيز حالياً على الفهم الدقيق للحظة السياسية التي تجري في المنطقة، لفهم مآلات المستقبل السياسي للقضية الفلسطينية. من جهة أخرى، لا مبرر لأن يكون القرار سبباً للتوطين؛ لأن الفلسطيني متمسك بحقه في العودة إلى فلسطين».

وكان وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب، قد حذر لدى استقباله السفيرة الأميركية لدى لبنان، ليزا جونسون، هذا الشهر، من أن وقف تمويل «الأونروا»: «سيؤدي إلى حرمان اللاجئين الفلسطينيين من أي أمل في حياة ومستقبل أفضل، وسيشكل تهديداً للأمن الإقليمي وأمن الدول المضيفة والدول المانحة على حد سواء».

وتابعت مسؤولة الإعلام والتواصل في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، قائلة إن الجهود تنصب «على العمل في سبيل التراجع عن قرار وقف التمويل، واستثناء لبنان من هذا القرار كي تبقى الوكالة مستمرة بعملها؛ لأنه لا بديل عن (الأونروا)».

صف دراسي داخل مدرسة «الأونروا» في مخيم مار إلياس في بيروت (أ.ف.ب)

من جانبه، أوضح أستاذ القانون الدولي محمد بسام، أن هناك ارتباطات بين «حق العودة ووكالة (الأونروا)». وقال لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «إسرائيل وبعض الدول الغربية عملت على إنهاء عمل (الأونروا) عبر تخفيض المساعدات المقدمة لها خلال السنوات السابقة، وهو ما يؤثر على قدرتها على تقديم الخدمات للاجئين».

وأضاف بسام: «أحد الاقتراحات هو وضع اللاجئين الفلسطينيين تحت سلطة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بدلاً من (الأونروا)، كونه ينهي صفة اللاجئ الفلسطيني الواردة في القرار 194، وجعله مثل أي لاجئ في العالم، والنتيجة تصفية حق العودة».

وحسب «الأونروا»، فاللاجئ الفلسطيني هو كل من كان موطنه فلسطين في الفترة من يونيو (حزيران) 1946 إلى 15 مايو (أيار) 1948، وفقد منزله ومصدر رزقه بسبب الصراع العربي الإسرائيلي في 1948.

دوروثي كلاوس مديرة شؤون «الأونروا» في لبنان (إ.ب.أ)

وتابع قائلاً: «في حال استمرار وقف التمويل، سيدخل لبنان في أزمة جديدة؛ لأنه سيتحمل مسؤولية دعم اللاجئين، وهذا أمر بالغ الصعوبة بسبب الأزمة الاقتصادية».

وأكد باسل الحسن، رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، في المؤتمر الصحافي الذي عقد اليوم (الثلاثاء) برفقة كلاوس وميقاتي، أن «العناوين السياسية التي تشكل هواجس لدى اللبنانيين، كمسألة حق العودة أو التوطين، غير مطروحة ضمن إطار المسار الحالي للموقف الذي أدى لقطع التمويل عن (الأونروا)».

وأضاف: «بل هو موضوع أشمل يرتبط بمقتضيات المسارات السياسية، وشكل من أشكال الاشتباك بشأن المسارات المتعلقة بما بعد عودة التمويل، وكيف يمكن أن يكون واقع (الأونروا) في الفترة المقبلة».


مقالات ذات صلة

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

المشرق العربي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن «اليوم التالي للحرب يجب أن يكون يوماً لإعادة النظر في كلّ شيء ما عدا حدود لبنان ووحدته».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)

وفاة سجين في «رومية» تحيي قضية «الموقوفين الإسلاميين»

عادت قضية «الموقوفين الإسلاميين» إلى الواجهة مع وفاة سجين السبت جرّاء أزمة قلبية والتأخر في تقديم الإسعافات له ما دفع برفاقه إلى التحرّك داخل سجن رومية المركزي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)

غالانت: سنواصل ضرب «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال

جدّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تأكيده على مواصلة المواجهات مع «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال إلى منازلهم.

«الشرق الأوسط»
تحليل إخباري سفراء «اللجنة الخماسية» خلال اجتماع لهم بسفارة قطر في بيروت (السفارة القطرية)

تحليل إخباري تبادل الشروط يبقى تفصيلاً أمام توافر النيات لانتخاب رئيس للبنان

يتجدد الرهان في لبنان على إمكانية إخراج الوضع السياسي من مرحلة تقطيع الوقت بانتخاب رئيس للجمهورية وظهور بوادر تشير إلى اعتزام «اللجنة الخماسية» استئناف جهودها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي النازحون السوريون في لبنان تحوّلوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)

معظم القوى اللبنانية لا تمانع حواراً مع النظام السوري لإعادة النازحين

عاد ملف النازحين السوريين في لبنان إلى الموائد السياسية اللبنانية.

بولا أسطيح (بيروت)

غالانت: سنواصل ضرب «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال

سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)
سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)
TT

غالانت: سنواصل ضرب «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال

سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)
سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)

جدّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تأكيده على مواصلة المواجهات مع «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، في وقت ساد فيه الهدوء الحذر على جبهة جنوب لبنان، الأحد، بعد توتّر شهده مساء السبت.

وقال غالانت، في تصريح له عند الحدود الشمالية: «الثمن الذي ندفعه لن يذهب سدى، وسنواصل ضرب (حزب الله) حتى نعيد سكان الشمال».

ومساءً، ذكرت وسائل إعلام أن رشقة صاروخية كبيرة أطلقت من جنوب لبنان باتجاه الأراضي الإسرائيلية، مع تسجيل انفجار صواريخ اعتراضية في أجواء القطاع الغربي.

وكان قصف متقطع سجل على بلدات جنوبية عدة؛ ما أدى إلى سقوط 4 جرحى، فيما نفذ «حزب الله» عملية مستهدفاً «التجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا»، و«دورية للجيش الإسرائيلي قرب حاجز كفريوفال»، و«انتشاراً لجنود إسرائيليين في محيط موقع المرج بالأسلحة الصاروخية».

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن مسيّرة شنت غارة استهدفت بلدة عيتا الشعب؛ ما أدى إلى سقوط 4 جرحى، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية.

وأفادت الصحة أيضاً بأن "الغارة الإسرائيلية المعادية التي استهدفت بلدة بيت ليف، أدت إلى استشهاد شخص وإصابة شخصين بجروح، ومن بين الجريحين سيدة جروحها بليغة".

وأشارت «الوطنية» إلى أن درون إسرائيلية ألقت قنابل 4 مرات، الأحد، بالقرب من الجدار الحدودي في بلدة كفركلا.

وأضافت «الوطنية» أن مسيّرة إسرائيلية ألقت مواد حارقة بالقرب من بلدية العديسة، بالتزامن مع قصف مدفعي على البلدة وعلى أطراف بلدة الوزاني.

وكان مساء السبت شهد توتراً على الجبهة؛ حيث تعرضت أطراف يحمر الشقيف ومجرى النهر عند الأطراف الجنوبية فيها لقصف مدفعي، تسبب في اندلاع النيران التي امتدت إلى مشارف المنازل.

وأفادت «الوكالة» أيضاً بأن مسيّرة إسرائيلية ألقت قنبلة حارقة على أحراج العديسة وأخرى قرب البلدية؛ مما تسبب باندلاع النيران فيها، وللسبب نفسه، تحركت سيارات إطفاء لإخماد حريق كبير شبّ في أطراف بلدة الناقورة جراء إلقاء طائرة درون مواد حارقة في المنطقة، حسب «الوطنية».

ومع ارتباط جبهة الجنوب بالحرب على غزة ومسار مفاوضات الهدنة، يعدُّ رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - أنيجما» رياض قهوجي الوضع بجبهة الجنوب في هذه المرحلة كما كان عليه منذ أن فتح «حزب الله» جبهة الإسناد في 8 أكتوبر (تشرين الأول)، مع تراجع في مستوى تهديدات «حزب الله». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الاختلاف اليوم هو أن سقف تهديدات قادة (حزب الله) بات أكثر محدودية مع اقتناعهم بأن التصعيد لم يردع إسرائيل بل كان يوفر الذرائع لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لجر الحزب لحرب واسعة لا تريدها إيران».

وفي حين يلفت إلى أن «الرد على اغتيال القيادي فؤاد شكر لم يكن بمستوى التهديدات والتوقعات وسبقه ضربات استباقية عنيفة من جانب إسرائيل»، يشير إلى «الغارات الجوية اليومية للطيران الإسرائيلي وعمليات الاغتيال المستمرة مقابل ضربات للحزب محصورة بمنطقة جغرافية وعدد من المواقع الإسرائيلية قرب الحدود».

جانب من الدمار الذي لحق بمباني ميس الجبل في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

من هنا يرى أن هذا الواقع سيستمر على ما هو عليه بانتظار حل دبلوماسي، تسعى إليه قوى مثل أميركا وفرنسا، سيأتي بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لكن السؤال يبقى، حسب قهوجي «ماذا سيفعل الحزب إن تمكنت إسرائيل من اغتيال شخصية قيادية جديدة للحزب أو إذا أصرت إسرائيل على تغيير الواقع العسكري في جنوب لبنان بشكل كبير؟».