هل يستطيع العراق تجنب الحرب بين واشنطن وطهران؟

خبراء يتحدثون لـ«الشرق الأوسط» عن أدوات رئيس الحكومة لكبح الفصائل

قوات أميركية على الحدود السورية الأردنية (أرشيفية - سينت كوم)
قوات أميركية على الحدود السورية الأردنية (أرشيفية - سينت كوم)
TT

هل يستطيع العراق تجنب الحرب بين واشنطن وطهران؟

قوات أميركية على الحدود السورية الأردنية (أرشيفية - سينت كوم)
قوات أميركية على الحدود السورية الأردنية (أرشيفية - سينت كوم)

تسود الحيرة في العراق بشأن حدود ومساحة الرد الأميركي المتوقع ضد الفصائل المسلحة المتهمة باستهداف قاعدة عسكرية في المثلث الأردني

السوري العراقي.

وتتركز أسئلة المراقبين حول قدرة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على تجنّب الحرب والضربة الأميركية الوشيكة، حتى مع يقين سائد بأنها ستوجه تحديداً إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران.

ويبذل السوداني «جهوداً ماراثونية لخفض مؤشر التهديد واحتواء أخطار تمدد الصراع»، على ما يقول مستشاره فادي الشكري في بيان صحافي.

ويتزامن الحديث عن «الدعم السياسي» لجهود رئيس الحكومة مع ممانعة فصائل مسلحة الرضوخ لطلبات التهدئة بالتزامن مع بدء مفاوضات الانسحاب مع القوات الأميركية، لكن المسؤول الحكومي قال إن هذه الجهود أثمرت تسوية مع فصيل «كتائب حزب الله» تعليق الهجمات.

وحتى مع صعوبة التكهن بحدود الضربة المتوقعة، يتفق المراقبون الذين استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم على استبعاد قدرة السوداني على إيقاف الرد الأميركي المتوقع.

قرار الفصائل ليس عراقياً

يرى الباحث والمحلل السياسي نزار حيدر أن مشكلة الفصائل المسلحة وسلوكها واحدة من الأزمات المستدامة التي يعيشها العراق منذ التغيير عام 2003 حتى الآن.

وعلى الرغم من أن كل الحكومات التي تعاقبت على السلطة في بغداد وعدت بحصر السلاح بيد الدولة، والكلام لحيدر، فإن الفصائل المسلحة التي تعمل خارج الدولة، التي سمّاها السوداني في وقت سابق «العصابات» ووصف نشاطها بـ«الأعمال الإرهابية»، تزداد عدداً وتسليحاً وجاهزية بل وحتى نفوذاً في مؤسسات الدولة وفي محيط مكتب القائد العام للقوات المسلحة.

ويضيف حيدر أن «السوداني وعد في برنامجه الحكومي بتفكيك هذه الفصائل وحصر السلاح بيد الدولة، لكنه لم يفعل، بسبب تغول الفصائل التي باتت في بعض الأحيان تمتلك سلاحاً أكثر تطوراً من القوات المسلحة».

وبنظر حيدر، فإن «مهمة السوداني معقدة جداً»، إذ عليه التفاوض مع طرف ثالث لإقناعه بالضغط على وكلائه لوقف هجماتهم.

ويخلص حيدر إلى القول: «لا أظن أن السوداني يمتلك خياراتٍ في هذا الملف، وليس عليه سوى كبح هذه الجماعات، أو تعريض العراق إلى حرب مفتوحة لن تنتهي».

أحد أنصار «كتائب حزب الله» يعلق علم الفصيل على سياج السفارة الأميركية في بغداد 2019 (أ.ف.ب)

لا تأثير على واشنطن

يشير أستاذ السياسات في جامعة بغداد، إحسان الشمري، إلى أن السوداني «لا يملك قدرة التأثير في قرار حلفائه في بغداد لإيقاف هجمات الفصائل، فكيف يمكنه التأثير على قرار الرئيس الأميركي جو بايدن وعلى قرار دولة مهيمنة مثل الولايات المتحدة الأميركية».

وقال الشمري، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن «الحرب اليوم تتجاوز حدود العراق، لأنها ترتبط بالأمن القومي والمصالح الحيوية للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، وقرار استعادة الردع الذي تعمل عليه واشنطن يأتي في إطار ترميم الصورة الأميركية التي اهتزت بعد هجوم الأردن».

ويوضح الشمري أن «قرار كتائب حزب الله بتعليق عملياتها ضد القوات الأميركية، هو قرار إيراني، بينما كان يحاول السوداني سابقاً التأثير عليهم ولم يحقق أي اختراق».

ويعتقد الشمري أن الأراضي العراقية ستبقى أرض اشتباك بين القوى الأجنبية المتصارعة، بينما فقدت الحكومة العراقية قدرتها على تحقيق التوازن المطلوب وتجنيب البلاد تداعيات ضربة وشيكة.

فتح الجبهات

من جانبه، يعتقد الكاتب أحمد الياسري، أن بغداد تحوّلت هذه الأيام إلى مدينة رسائل مكثفة بين واشنطن وطهران لاختبار الرد والرد المضاد.

وتداولت مواقع عراقية وإيرانية أن قائد «قوة القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني وأمين مجلس الأمن القومي، علي أكبري أحمديان، أجريا زيارتين لبغداد على خلفية التهديد الأميركي بتوجيه ضربة ضد حلفاء طهران في بغداد.

ويقول الياسري، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن حكومة السوداني لن تتأثر بالضربة الأميركية، التي ستظل في حدود «المنطقة الرمادية»، التي واجهتها الحكومات السابقة في إطار الصراع الأميركي الإيراني.

ويفسر الياسري ما حدث من هجوم على القاعدة الأميركية، أخيراً، في «رغبة طهران في توسيع جغرافيا وساحات الصراع مع واشنطن لتخفيف الضغط عليها وليس لفك الحصار على غزة ومساندتها كما تدعي، إذ شجعت هذا المسار بين جميع أجنحتها في المنطقة (الحوثيين، وحزب الله، والفصائل العراقية)».


مقالات ذات صلة

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

تسير حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، منذ أشهر في خط متقاطع مع الفصائل المسلحة المنخرطة في «وحدة الساحات».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

رفض رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» انجرار العراق نحو الحرب، وحذر من مخاطر انسحاب القوات الأميركية خصوصاً في المناطق المتنازع عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص جنود أميركيون يُسقطون تمثال صدام حسين في بغداد 7 أبريل 2003 (رويترز) play-circle 07:43

خاص جمال مصطفى: عجزت عن تأمين الرشوة للقاضي فأبقوني محتجزاً 10 سنوات إضافية

في الحلقة الأخيرة من الحوار معه، يتحدث جمال مصطفى السلطان عن اعتقال عمّه صدام حسين، وسقوط «أمل المقاومة» ضد الأميركيين.

غسان شربل
المشرق العربي جمال مصطفى السلطان

صدام: عبد الكريم قاسم نزيه لكن الحزب كلّفنا محاولة اغتياله

نقل جمال مصطفى السلطان، صهر صدام حسين وسكرتيره الثاني، عن الرئيس العراقي الراحل قوله في جلسة لمجلس الوزراء إن الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم «كان نزيهاً.

غسان شربل (لندن)

«الشرق الأوسط» تنشر النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
TT

«الشرق الأوسط» تنشر النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من قصف بيروت (أ.ف.ب)

حصلت «الشرق الأوسط» على النص الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان الذي سيعرض على مجلس الوزراء الإسرائيلي بكامل هيئته في وقت لاحق من، مساء اليوم (الثلاثاء)، متضمناً 13 بنداً، هي التالية:

1- «حزب الله» وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية لن تقوم بأي عمل هجومي ضد إسرائيل.

2- إسرائيل، بدورها، لن تنفذ أي عملية عسكرية هجومية ضد أهداف في لبنان، بما في ذلك من البر والجو والبحر.

3- تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701.

4- يحتفظ الطرفان بحق الدفاع الذاتي ضمن أطر المواثيق الدولية.

5- القوات الأمنية والعسكرية الرسمية للبنان ستكون الجهة المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو استخدام القوات في جنوب لبنان.

6- كل بيع أو توريد أو إنتاج للأسلحة أو المواد المتعلقة بالأسلحة إلى لبنان سيكون تحت إشراف وسيطرة الحكومة اللبنانية.

7- سيتم تفكيك جميع المنشآت غير القانونية المعنية بإنتاج الأسلحة والمواد المتعلقة بها.

8- سيتم تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية، وستتم مصادرة أي أسلحة غير قانونية لا تتماشى مع هذه الالتزامات.

9- سيتم تشكيل لجنة مقبولة على إسرائيل ولبنان للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.

10- ستقوم إسرائيل ولبنان بالإبلاغ عن أي انتهاك محتمل لهذه الالتزامات إلى اللجنة وقوة «اليونيفيل» (القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان).

11- ستنشر لبنان قواتها الأمنية الرسمية وقوات الجيش على طول جميع الحدود، ونقاط العبور، والخط الذي يحدد المنطقة الجنوبية وفقاً لخطة الانتشار.

12- ستقوم إسرائيل بسحب قواتها تدريجياً من الجنوب باتجاه الخط الأزرق خلال فترة تصل إلى 60 يوماً.

13- ستدفع الولايات المتحدة لمفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان من أجل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البرية.