مسؤولون لبنانيون يحذرون من تداعيات أمنية لقرار حجب التمويل عن «الأونروا»

وقفات احتجاجية في المخيمات تنديداً بالقرار

وقفة احتجاجية أمام مكتب «الأونروا» في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان (الوكالة الوطنية)
وقفة احتجاجية أمام مكتب «الأونروا» في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان (الوكالة الوطنية)
TT

مسؤولون لبنانيون يحذرون من تداعيات أمنية لقرار حجب التمويل عن «الأونروا»

وقفة احتجاجية أمام مكتب «الأونروا» في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان (الوكالة الوطنية)
وقفة احتجاجية أمام مكتب «الأونروا» في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان (الوكالة الوطنية)

أعرب مسؤولون لبنانيون عن مخاوفهم من تداعيات قرار 11 دولة بحجب التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على الواقع السياسي اللبناني الداخلي وعلى الاستقرار الإقليمي، بينما نفّذ اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات في لبنان وقفات احتجاجية تنديداً بالقرار.

وأكد وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بو حبيب خلال استقباله سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون «أن قطع المساعدات عن (الأونروا) خطأ تاريخي سيؤدي إلى حرمان اللاجئين الفلسطينيين من أي أمل بحياة ومستقبل أفضل، وسيشكل تهديداً للأمن الإقليمي ولأمن الدول المضيفة والدول المانحة على حد سواء».

ومن جهته، أعرب رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل عن خشيته «من أن يكون قرار حجب التمويل عن (الأونروا) مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية، وجعل التوطين أمراً واقعاً ببلدان اللجوء». وقال: «القرار يحرم الوكالة من غوث اللاجئين الفلسطينيين، وتداعياته الإنسانية كارثية»، محذراً من أنه «في حال أرادوا تعميم الحجب عن جميع نشاطات الوكالة في المنطقة، سيكون للقرار تداعيات سياسية كبيرة. لبنان لن يدفع الثمن مرّةً أخرى».

ومن جهته، أدان المكتب السياسي في حركة «أمل» الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها بعض الدول بوقف تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا». وأشار في بيان إلى «أن هذه الإجراءات التعسفية مستنكرة ومستهجنة في زمانها وتوقيتها، فهي تأتي في اللحظة التي يتعرض فيها الشعب الفلسطيني لحرب إبادة جماعية في قطاع غزة، وإلى تنكيل ممنهج في الضفة الغربية».

ودعا الدول والحكومات التي اتخذت مثل هذه الإجراءات «إلى العودة عنها، والتنبه من التداعيات الكارثية التي يمكن أن تسببها للشعب الفلسطيني على مختلف المستويات لا سيما إنسانياً وصحياً وتربوياً».

وقفات احتجاجية

ونفّذ اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات في لبنان وقفات احتجاجية تنديداً بقرار 11 دولة بتعليق تمويلها لـ«الأونروا» مطالبين هذه الدول بالتراجع عن قرارها الذي سيكون وضعاً كارثياً على اللاجئين لنواحي الطبابة والتعليم والإغاثة في كل من لبنان وسوريا والأردن وقطاع غزة والضفة الغربية.

ففي الشمال، نفذت الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية، اعتصاماً أمام مكتب مدير «الأونروا» في مخيم البداوي «احتجاجاً واستنكاراً لرضوخ المفوض العام لسياسة الابتزاز السياسي بتعليق تمويل (الأونروا)».

وفي الجنوب، نظمت اللجنة الشعبية في مخيم الرشيدية وقفة تضامنية مع اللاجئين الفلسطينيين أمام مكتب مدير «الأونروا» في المخيم، استنكاراً واحتجاجاً على ما وصفه منظمو الوقفة بـ«المؤامرة التي تشن حالياً من قبل قوى التآمر على حقوقنا عبر وقف التمويل لـ(الأونروا) من قبل بعض المانحين بحجج واهية رضوخاً لإملاءات العدو».

وطالب مسؤول اللجنة الشعبية في المخيم ياسر هجاج، بـ«بقاء واستمرار عمل ومهام (الأونروا) في غزة وكل مناطق العمليات لخدمة اللاجئين الفلسطينيين إلى حين تطبيق القرار الدولي 194 الذي ينص على حق العودة». وقال إن «اتهامات إسرائيل لـ(الأونروا) هي وسيلة ضغط على إدارتها، ولإشغالها عن دورها في تقديم الخدمات الإنسانية الملحة لأهلنا النازحين من شتى المناطق والمدن والمخيمات». وناشد المجتمع الدولي من «منطلق مسؤوليته وكل المنظمات والمؤسسات»، العمل على «وقف الحرب على غزة فوراً، وتسهيل دخول الغذاء والماء والدواء إلى مراكز الإيواء وتجمعات النازحين والمدنيين».

وقال المسؤول الإعلامي لحركة «فتح» محمد بقاعي: «نحن الفلسطينيين نتمسك بحقوقنا المشروعة وبوكالة (الأونروا)، ونطالب الدول بالعدول عن قراراتها، لأن ذلك يزيد من آلام الفلسطينيين، خصوصاً فلسطينيي الشتات».

وحمّل بقاعي المجتمع الدولي «المسؤولية الكاملة حول ما يحدث للشعب الفلسطيني».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تشن هجوماً جوياً مع قصف مدفعي على جنوب لبنان

المشرق العربي جانب من الدمار في قرية الخيام بجنوب لبنان بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

إسرائيل تشن هجوماً جوياً مع قصف مدفعي على جنوب لبنان

استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية، بعد ظهر اليوم (الثلاثاء)، إحدى السيارات، فيما قصفت المدفعية الإسرائيلية أطراف عدد من البلدات في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان كثيف يتصاعد جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت منطقة في بلدة الخيام جنوب لبنان (د.ب.أ)

لبنان يدعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لمنع انتهاكاتها لوقف إطلاق النار

دعا وزير الدفاع  اللبناني موريس سليم، اليوم (الجمعة)، المجتمع الدولي، للضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها وخرقها لاتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري صورة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد تعرضت لضرر طفيف في دمشق (إ.ب.أ)

تحليل إخباري بعد فراره إلى روسيا وإسقاط نظامه... ما سيناريوهات محاكمة الأسد؟

يطالب الشعب بضرورة محاكمة الأسد بعد  فراره إلى روسيا، حيث لا يكتفي السوريون بطي صفحة الرئيس السابق السياسية، بل يطمحون إلى ما هو أبعد من ذلك.

تمارا جمال الدين (بيروت)
المشرق العربي سوريون ولبنانيون يحتفلون بسقوط النظام السوري في مدينة طرابلس شمال لبنان (أ.ف.ب)

لبنانيون يعدّون سقوط الأسد «عدالة سماوية» لكنهم ينتظرون دور القضاء

يرى لبنانيون فقدوا أحباء في اغتيالات أو تفجيرات منسوبة إلى سوريا التي هيمنت على الحياة السياسية في لبنان في سقوط الأسد نوعاً من «العدالة السماوية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة وزعها الجيش اللبناني لانتشار وحداته في جنوب لبنان (مديرية التوجيه)

لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف النار في جنوب لبنان تبدأ عملها 

تؤكد مصادر عسكرية لبنانية أن لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف النار بين إسرائيل و«حزب الله» بدأت فعلياً عملها على أن تعقد أول اجتماعاتها مطلع الأسبوع المقبل.

بولا أسطيح (بيروت)

مسؤول أميركي سابق: المقابر الجماعية السورية تكشف «آلة الموت» في عهد الأسد

أحد مواقع المقابر الجماعية في سوريا (أ.ف.ب)
أحد مواقع المقابر الجماعية في سوريا (أ.ف.ب)
TT

مسؤول أميركي سابق: المقابر الجماعية السورية تكشف «آلة الموت» في عهد الأسد

أحد مواقع المقابر الجماعية في سوريا (أ.ف.ب)
أحد مواقع المقابر الجماعية في سوريا (أ.ف.ب)

قال السفير الأميركي السابق لقضايا جرائم الحرب، ستيفن راب، اليوم (الثلاثاء)، إن الأدلة التي ظهرت من مواقع المقابر الجماعية في سوريا كشفت «آلة الموت» التي أدارتها الدولة في عهد الرئيس بشار الأسد، الذي أطاحت به المعارضة السورية المسلحة.

وبحسب تقديرات راب، الذي كان يعمل في مكتب العدالة الجنائية العالمية، التابع لوزارة الخارجية الأميركية، تعرض ما يزيد على 100 ألف شخص للتعذيب والقتل منذ عام 2013.

وقال راب، بعد زيارة موقعين لمقابر جماعية في بلدتي القطيفة ونجها، قرب دمشق، لـ«رويترز»: «لدينا بالتأكيد أكثر من 100 ألف شخص تعرضوا للإخفاء والتعذيب حتى الموت في هذه الآلة». وأضاف: «لا يوجد لديّ شك كبير بشأن هذه الأرقام بالنظر إلى ما رأيناه في هذه المقابر الجماعية».

وقال راب، الذي تولى مسؤولية الادعاء أمام محكمتي جرائم الحرب في رواندا وسيراليون: «عندما تتحدث عن هذا النوع من القتل المنظم من قبل الدولة وأجهزتها، فإننا لم نشهد شيئاً كهذا تماماً منذ عهد النازيين».

وأضاف: «من الشرطة السرية التي أخفت الناس من الشوارع والمنازل، إلى السجانين والمحققين الذين جوّعوهم وعذّبوهم حتى الموت، إلى سائقي الشاحنات والجرافات الذين أخفوا جثثهم. آلاف الناس كانوا يعملون في منظومة القتل تلك».

وتحدث سكان سوريون، يعيشون بالقرب من قاعدة عسكرية سابقة، حيث يقع أحد المواقع ومقبرة تستخدم لإخفاء الجثث من مواقع الاحتجاز، عن رؤيتهم المستمرة لشاحنات التبريد التي كانت تنقل الجثث لإلقائها في خنادق حفرتها جرافات بشكل طولي. وفي القطيفة، رفض الناس التحدث أمام الكاميرا أو استخدام أسمائهم خوفاً من الانتقام، قائلين إنهم غير متأكدين بعد من أن المنطقة آمنة بعد سقوط الأسد.

وقال أحدهم، اليوم (الثلاثاء): «هذا هو مكان الرعب».

وداخل موقع محاط بجدران أسمنتية، كان 3 أطفال يلعبون بالقرب من مركبة استطلاع عسكرية روسية الصنع. وكانت التربة مسطحة ومستوية، مع وجود آثار حفر لخنادق بشكل طولي حيث دفنت الجثث.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي حلّلتها «رويترز» أعمال حفر واسعة النطاق بدأت في الموقع بين عامي 2012 و2014، واستمرت حتى عام 2022.

كما أظهرت صور الأقمار الصناعية المتعددة، التي التقطتها شركة ماكسار، خلال تلك الفترة، حفاراً وخنادق كبيرة مرئية في الموقع، إلى جانب 3 أو 4 شاحنات كبيرة.

وقال عمر حجيراتي، وهو أحد قياديي الاحتجاجات السابقة ضد الأسد، ويعيش بالقرب من مقبرة بلدة نجها، إنه يعتقد أن عدداً من أفراد أسرته المفقودين دفنوا في هذه المقبرة.

وأضاف أن السلطات اعتقلت بعضهم، ومنهم اثنان من أبنائه و4 من أشقائه، على ما يبدو بسبب الاحتجاج على حكومة الأسد.

وبينما كان يقف وخلفه خندق طويل مكشوف، كانت تدفن فيه الجثث على ما يبدو، قال حجيراتي: «كان ذنبي، لِمَ يأخذون أسرتي؟»

وقال إنه ينبغي محاسبة المسؤولين عن تلك المقابر الجماعية عبر عملية قضائية واضحة، وإلا فإن الناس سيأخذون حقوقهم بأيديهم.

وأضاف: «(نريد) حقنا، وحقنا على القانون السوري، ليس على قانون من ورا الكواليس... المجازر ومسالخ الموت لا أحد يقبل بها، من عنده إنسانية»، مطالباً بتدخل المنظمات ذات السمعة الطيبة حتى لا يتم التستر على هذا الأمر.

تعرض ما يزيد على 100 ألف شخص للتعذيب والقتل منذ عام 2013 في سوريا (أ.ف.ب)

في سياق متصل، قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، إن الولايات المتحدة تعمل مع عدد من هيئات الأمم المتحدة لضمان المساءلة وحصول السوريين على إجابات عن تساؤلاتهم المتعلقة بالمقابر الجماعية ومواقع الاحتجاز والتعذيب في سوريا.

وخلال إفادته الصحافية الدورية، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، إلى تقديم إجابات لأسر الأفراد الذين تعرضوا للإخفاء والتعذيب والقتل في سوريا ومحاسبة من فعلوا ذلك.

وقال ميلر إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعمل مع المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، من بين هيئات أخرى تابعة للأمم المتحدة.

وأضاف: «لا يزال الضمير في صدمة جراء ظهور الأدلة في سوريا على مدى 10 أيام بعد سقوط نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد... لا يزال يتكشف أمام أعيننا مزيد من الأدلة على مدى وحشيتهم في إساءة معاملة شعبهم، وفي تعذيب شعبهم وقتله».

وتشير تقديرات إلى أن مئات الألوف من السوريين قتلوا منذ عام 2011، عندما تحوّلت حملة الأسد على الاحتجاجات ضد حكمه إلى حرب أهلية واسعة النطاق.

ويتهم السوريون وجماعات حقوق الإنسان وحكومات أخرى الأسد ووالده حافظ، الذي سبقه رئيساً للبلاد وتوفي عام 2000، بارتكاب عمليات قتل واسعة النطاق خارج نطاق القضاء، بما في ذلك عمليات إعدام جماعية داخل نظام السجون، سيئ السمعة في البلاد.

ونفى الأسد مراراً ارتكاب حكومته انتهاكات لحقوق الإنسان، ووصف معارضيه بالمتطرفين.