ما الأبعاد الجيوسياسية للصراع في البحر الأحمر؟

وسط مخاوف من اتساع نطاق المواجهات مع الحوثيين

لم تكن الضربات الأميركية البريطانية على مواقع الجماعة الحوثية مفاجأة وسبقتها تهديدات علنية (إكس)
لم تكن الضربات الأميركية البريطانية على مواقع الجماعة الحوثية مفاجأة وسبقتها تهديدات علنية (إكس)
TT

ما الأبعاد الجيوسياسية للصراع في البحر الأحمر؟

لم تكن الضربات الأميركية البريطانية على مواقع الجماعة الحوثية مفاجأة وسبقتها تهديدات علنية (إكس)
لم تكن الضربات الأميركية البريطانية على مواقع الجماعة الحوثية مفاجأة وسبقتها تهديدات علنية (إكس)

على مدى يومين متتاليين، وجّهت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات محددة على مراكز تابعة للحوثيين في اليمن، تقول إنها تستخدم لإطلاق الصواريخ والمسيرات لاستهداف سفن في البحر الأحمر، الأمر الذي أثار كثيراً من المخاوف، بحسب مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، من تداعيات جيوسياسية واسعة في المنطقة التي تحظى بأهمية استراتيجية، فضلاً عن إمكانية توسع نطاق المواجهة، في ظل تنافس إقليمي ودولي للهيمنة على الممرات الملاحية والتجارة الدولية.

وأعلنت القيادة المركزية الأميركية توجيه ضربة جديدة في الساعات الأولى من صباح السبت إلى منشأة رادار تابعة للحوثيين باستخدام صواريخ من طراز «توماهوك» أطلقت من السفينة الحربية «يو إس إس كارني». ونقلت شبكة تلفزيون «سي إن إن» عن مسؤول أميركي قوله إن ضربات السبت «أصغر بكثير» من حيث الحجم بالمقارنة بالهجمات الأميركية البريطانية على عدة محافظات في اليمن ليل الخميس الماضي.

طائرة تابعة لسلاح الجو البريطاني من طراز «تايفون» تقلع لتنفيذ ضربات جوية ضد أهداف عسكرية في اليمن (رويترز)

في المقابل، أعلن المجلس السياسي الأعلى للحوثيين أن كل المصالح الأميركية والبريطانية «أصبحت أهدافاً مشروعة» رداً على الضربات التي تعرضت لها مواقع الجماعة، حسبما أفاد تلفزيون «المسيرة» التابع للحوثيين. وتحدى الحوثيون إنذارات دولية لوقف هجماتهم على السفن التي تعبر البحر الأحمر، ما أدى إلى تشكيل تحالف تقوده الولايات المتحدة، تحت اسم «حارس الازدهار» لحماية الملاحة في جنوب البحر الأحمر.

نقطة تحول

رأى ريتشارد وايتز، مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون بالولايات المتحدة، أن الضربات الأخيرة للحوثيين «نقطة تحول» في الاستراتيجية الأميركية للتعامل مع الحوثيين، ويمكن اعتبارها «تصحيحاً لأخطاء سابقة»، لافتاً إلى أن تعاظم القدرات العسكرية للحوثيين في منطقة تمثل مسرحاً لمصالح استراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وحول العالم، فضلاً عن وضع الجماعة اليمنية «تعريفات فضفاضة لمعايير استهداف السفن»، دفع إدارة بايدن التي كانت قد رفعت الحوثيين من قائمة الإرهاب، وحاولت تجنب الصدام مع الجماعة، ومن ورائها إيران، إلى تغيير نهجها، واتباع استراتيجية ضرب مصادر الخطر كجزء من منظومة يرى أنها «لا تزال دفاعية» رغم الضربات الأخيرة.

وأوضح وايتز، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن الولايات المتحدة سعت عبر الضربات الأخيرة إلى إطلاق عدة رسائل، منها الفصل بين ما يجري في غزة وبين أي تطورات على جبهات أخرى، وأنها ستتعامل مع أي استهداف لمصالحها في المنطقة بغضّ النظر عما يجري من صراع على جبهة غزة.

ثانياً أنها لن تتردد في «تحييد أذرع إيران» إذا ما تمادت في استهداف المصالح الأميركية، وثالثاً أن واشنطن تدرك حساسية مواقف بعض حلفائها الإقليميين من الانخراط المباشر في صراع ضد الحوثيين، لذا بادرت للتعامل المباشر مع مصادر التهديدات. واعتبر وايتز ذلك رسالة لأطراف عدة، منها «حزب الله» اللبناني، مفادها أن الولايات المتحدة لا تريد توسيع نطاق المواجهة في المنطقة، وخاصة مع إيران، لكنها في الوقت ذاته لن تتخذ موقفاً دفاعياً سلبياً إذا تغيرت قواعد الاشتباك أو استمر تهديد مصالحها.

جنّدت الجماعة الحوثية آلاف المسلحين مستغلة الحرب الإسرائيلية في غزة (إ.ب.أ)

وكانت المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن، ليندا توماس غرينفيلد، قد دافعت عن الهجمات التي شنّتها الولايات المتحدة بالاشتراك مع بريطانيا على جماعة الحوثي في اليمن، وقالت في جلسة مجلس الأمن، يوم الجمعة، إن الهجمات «كانت ضرورية ومتناسبة وتتسق مع القانون الدولي... وجزءاً من ممارسة الولايات المتحدة لحقّها في الدفاع عن النفس».

وشدّدت المندوبة الأميركية على أن الولايات المتحدة حاولت مواجهة خطر الهجمات على السفن في البحر الأحمر، دون اللجوء للقوة العسكرية، لكنها لم تتمكن، وأن بلادها لا ترغب في توسيع النزاع في المنطقة، وإنما «تريد نزع فتيل التوتر واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر».

قواعد الاشتباك

ورأى اللواء محمد الحربي، الخبير الاستراتيجي السعودي، أن التصعيد الأميركي الأخير بتوجيه ضربات مركزة للقدرات الحوثية في المناطق الساحلية وبعض مواقع إطلاق الصواريخ ومنشآت الرادار «لا يزال ضمن قواعد الاشتباك المعمول بها في المنطقة، ولا يوحي بتوسع كبير في أمد وأفق الصراع».

ودلّل الحربي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، على رأيه بعدم سقوط عدد كبير من الخسائر البشرية، وانسحاب سفن إيرانية من المنطقة قبيل تنفيذ الضربة بساعات معدودة، ما يبدو مؤشراً على وجود «ترتيبات تحت الطاولة» قبل توجيه الضربات، فضلاً عن قصف مواقع مرصودة سلفاً ومعروفة بنشاطها في توجيه الضربات الصاروخية وإطلاق المسيرات، كما أنها منتخبة بعناية لتكون بعيدة عن المواقع المدنية، إلا أنه ذهب كذلك إلى اعتبار الضربات بمثابة «رسالة شديدة اللهجة» لإيران وأذرعها في المنطقة.

وأعرب الخبير الاستراتيجي السعودي عن اعتقاده بأن قواعد الاشتباك في منطقة البحر الأحمر «لا تزال منضبطة»، لكنها قد تتغير إذا تمادى الحوثيون في استهدافهم للملاحة بالمنطقة التي عدّها ذات أهمية استراتيجية بالغة، سواء للولايات المتحدة أو لخصومها من الصينيين والروس، معتبراً الضربات الأولى بمثابة «خطوة مبدئية»، يُفهم منها أن الضربة التالية ستكون «قاصمة وأكثر اتساعاً وعمقاً، وربما لن تقتصر على الحوثيين».

وقبل أسبوع، أصدرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة و10 دول أخرى، منها ألمانيا وإيطاليا وأستراليا والبحرين واليابان، تحذيراً في بيان مشترك، تم تفسيره على نطاق واسع على أنه تهديد بالقيام بعمل عسكري ضد أهداف حوثية في اليمن، كأماكن تخزين الصواريخ وإطلاقها، وقالوا إن الهجمات تشكل «تهديداً مباشراً لحرية الملاحة التي تشكل حجر الأساس للتجارة العالمية في أحد أهم الممرات المائية في العالم».

تستغل الجماعة الحوثية الموانئ اليمنية في الساحل المطل على البحر منطلقاً لهجماتها في البحر الأحمر (رويترز)

تنافس دولي

من جانبه، أبدى اللواء أركان حرب ياسر سعد هاشم، رئيس القسم السياسي والعسكري في معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع (IGSDA)، اتفاقاً مع الرأي السابق، معتبراً الضربات الأميركية والبريطانية للقدرات الحوثية كانت «متوقعة»، بل إن توقيت الضربات «كاد يكون معروفاً» لتجنب سقوط خسائر بشرية بأعداد كبيرة، وهو ما عده «مؤشراً على عدم رغبة في إشعال صراع مفتوح».

وربط هاشم، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بين مجريات الأحداث في البحر الأحمر وبين التنافس الدولي على الممرات الملاحية في العالم، خاصة بين الصين وروسيا من جانب، وبين الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جانب آخر، مشيراً إلى أن الضربة الأخيرة إعلان واضح من جانب الولايات المتحدة على أنها حاضرة على مسرح العمليات في المنطقة التي تحظى بأهمية استراتيجية بالغة لمختلف الأطراف، لافتاً إلى الرفض الروسي والصيني للتصويت على القرار الصادر من مجلس الأمن بشأن التهديدات في البحر الأحمر، لإدراكهما أن واشنطن كانت ستتحرك، سواء بغطاء أممي أو من دونه، وربما أرادت موسكو وبكين «توريط الأميركيين في الصراع».

مقاتلة «تايفون» بريطانية تعود إلى قاعدة عسكرية في قبرص بعد تنفيذها عملية عسكرية في اليمن (أ.ف.ب)

وأضاف أن الصراع الواسع بين الولايات المتحدة من جانب، وروسيا والصين من جانب آخر، ومحاولة الأخيرتين توسيع مناطق نفوذهما (روسيا باتجاه أوكرانيا، والصين تجاه تايوان وبحر الصين الجنوبي)، قد يكون هو الحافز لهما في تحدي واشنطن، من خلال الإيحاء لأنظمة حاكمة في إيران وكوريا الشمالية وغيرهما لتهديد مناطق تعتبرها أميركا ضمن أولوياتها الاستراتيجية، في إطار خلق «عملية مقايضة سياسية واسعة». وشدّد على أنه من واجب حكومات وشعوب المنطقة أن «تنأى بنفسها عن هذا الصراع الخطير الذى يعتبر المنطقة ساحة مواجهة خلفية لا أكثر».

ورأى رئيس القسم السياسي والعسكري بمعهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، وهو مؤسسة فكرية غير ربحية متخصصة في أبحاث الأمن، ومقره الإمارات، أن التطور الجديد وانخراط الولايات المتحدة في مواجهة مع الحوثيين يفتح الأفق أمام تطورين مهمين، يتعلق أولهما بتصاعد احتمالات المواجهة مع إيران التي ترتبط بها جماعة الحوثي عقائدياً وتسليحياً، وإن زعمت استقلالية قرارها السياسي. أما الثاني فيشير إلى تحدي تعامل واشنطن مع الميليشيات التي تسيطر على إقليم من الأرض، وهي حالة متكررة في المنطقة العربية في اليمن وسوريا وغزة، وهو تحدٍ أصعب من مواجهة دولة أو تنظيم إرهابي، لأن التدخل يكون محفوفاً باحتمالات تعرض مدنيين ومدن ومناطق آهلة بالسكان للخطر، وهو وضع تراه الولايات المتحدة «خطراً ينبغي تفكيكه لأنه يمثل تحدياً»، خصوصاً إذا كانت تلك الميليشيات تسيطر على مناطق ذات أهمية استراتيجية.

الهجمات الحوثية في البحر الأحمر تؤثر في قناة السويس (أرشيفية - رويترز)

ويمر عبر البحر الأحمر ما يقرب من 15 في المائة من التجارة العالمية المنقولة بحراً، وتربط قناة السويس المصرية بينه وبين البحر الأبيض المتوسط، وهو أقصر طريق شحن بين أوروبا وآسيا، كما يكمن الخوف في ارتفاع أسعار الوقود التي سجلت ارتفاعاً خلال الأسابيع الأخيرة، وتضرر سلاسل التوريد.

وتقول غرفة الشحن الدولية إن 20 في المائة من سفن الحاويات في العالم باتت تتحاشى حالياً طريق البحر الأحمر، وتستخدم بدلاً من ذلك الطريق الأطول بكثير حول الطرف الجنوبي لأفريقيا، أو ما يعرف بطريق «رأس الرجاء الصالح»، واعترفت قناة السويس قبل يومين، في بيان، بتراجع عدد السفن العابرة بنحو 30 في المائة.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
أفريقيا يشكل التأثير الكبير لمنطقة القرن الأفريقي في حركة التجارة الدولية عبر البحر الأحمر نقطة الجذب الأولى للقوى الدولية... وفي الصورة يظهر ميناء تاجورة على ساحل جيبوتي (رويترز)

صراع النفوذ بالقرن الأفريقي... «حرب باردة» تُنذر بصدام إقليمي

تتزايد دوافع اللاعبين الدوليين والإقليميين للتمركز في منطقة «القرن الأفريقي» وهو الأمر الذي حوّلها ميداناً لـ«حرب باردة» ينتظر شرارة لينفجر صداماً إقليمياً.

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي مسلحون حوثيون يشاركون في تظاهرة باليمن (د.ب.أ)

«الحوثيون» يعلنون مهاجمة سفينة في البحر الأحمر

أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن، الثلاثاء، استهداف سفينة شحن في البحر الأحمر، غداة تقرير من «مركز المعلومات البحرية المشترك» عن انفجارين منفصلين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)

هيئة بحرية: تقرير عن واقعة غرب المخا باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إنها تلقت تقريراً عن واقعة في البحر الأحمر على بعد 25 ميلاً بحرياً إلى الغرب من المخا في اليمن، حسب «رويترز».

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة سعودية هدف السباق إلى إحياء روح الإبحار السعودي (الشرق الأوسط)

ساحل أملج يتزين بسباق «البحر الأحمر كلاسيك» للإبحار الشراعي

أُقيم سباق «البحر الأحمر كلاسيك» للإبحار الشراعي، الذي نظَّمته شركة «54» العالمية للرياضة والترفيه، بالتعاون مع شركة «البحر الأحمر العالمية»، والمجتمع المحلي.

«الشرق الأوسط» (أملج)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.