حرب غزة تدخل شهرها الرابع... ومخاوف من توسعها إقليمياً

إسرائيل واصلت قصفها للقطاع وأعلنت تفكيك «الهيكل العسكري» لحماس في الشمال

رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي داخل أحد الأنفاق في خان يونس (صورة من فيديو للجيش الإسرائيلي)
رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي داخل أحد الأنفاق في خان يونس (صورة من فيديو للجيش الإسرائيلي)
TT

حرب غزة تدخل شهرها الرابع... ومخاوف من توسعها إقليمياً

رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي داخل أحد الأنفاق في خان يونس (صورة من فيديو للجيش الإسرائيلي)
رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي داخل أحد الأنفاق في خان يونس (صورة من فيديو للجيش الإسرائيلي)

أعلنت إسرائيل أنها «أكملت تفكيك» بنية القيادة العسكرية لحركة «حماس» في شمال قطاع غزة، بينما تدخل حربها ضد الحركة شهرها الرابع، اليوم (الأحد)، وسط مخاوف من توسعها إقليمياً.

وفجر الأحد، تحدث شهود عن غارات جوية إسرائيلية على خان يونس، المدينة الكبيرة في جنوب قطاع غزة، والمركز الجديد للاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي و«حماس». وأفادت وكالة «وفا» الفلسطينية بسقوط عدد من القتلى والجرحى.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، مساء السبت، أنه يركز عملياته من الآن فصاعداً على وسط غزة وجنوبها، بعد 3 أشهر من الحرب التي أتاحت له حسب قوله: «تفكيك بنية (حماس) العسكرية» في شمال هذا القطاع الصغير، البالغ عدد سكانه نحو 2.4 مليون نسمة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري: «أكملنا تفكيك بنية (حماس) العسكرية في شمال قطاع غزة»، مضيفاً أن مقاتلي الحركة يتحركون «بشكل غير منظم ومن دون قيادة».

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان مساء السبت: «قبل 3 أشهر ارتكبت (حماس) مذبحة فظيعة... أمرت حكومتي الجيش بخوض الحرب للقضاء على (حماس) وإعادة رهائننا، وضمان أن غزة لن تشكل مرة أخرى تهديداً لإسرائيل»، مضيفاً: «يجب ألا ننهي الحرب قبل أن نحقق هذه الأهداف».

وتعهدت إسرائيل «القضاء» على «حماس» بعد هجوم غير مسبوق شنته الحركة على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وأدى إلى مقتل نحو 1140 شخصاً، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. كذلك، اقتيد نحو 250 شخصاً واحتجزوا رهائن، ولا يزال 132 منهم داخل القطاع.

وأدى القصف الإسرائيلي على القطاع مترافقاً مع هجوم بري بدءاً من 27 أكتوبر إلى مقتل 22722 شخصاً، غالبيتهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة في غزة.

وأعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» غير الحكومية، ليل السبت، أنها أجلت موظفيها من مستشفى في وسط غزة.

طفلة فلسطينية أصيبت في قصف إسرائيلي على خان يونس يحملها أحد الأشخاص إلى مستشفى ناصر (أ.ب)

وقالت كارولاينا لوبيز، منسقة خدمات الطوارئ في منظمة «أطباء بلا حدود» في غزة، عبر منصة «إكس»: «أصبح الوضع خطيراً إلى درجة أن بعض أعضاء فريقنا الذين يعيشون في المنطقة لم يتمكنوا حتى من مغادرة منازلهم، بسبب التهديدات المستمرة من المُسيَّرات والقناصة».

إضافة إلى ذلك، قُتل 6 أشخاص، فجر الأحد، في قصف إسرائيلي على جنين، معقل الفصائل الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية المحتلة، حسبما ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية.

وتحدثت الوزارة عن سقوط «6 شهداء بقصف الاحتلال الإسرائيلي تجمعاً للمواطنين في جنين».

«سئمنا!»

وتجمع متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية في ميدان هابيما بتل أبيب، مساء السبت، مطالبين بإجراء انتخابات مبكرة واستقالة الحكومة، وسط الحرب المستمرة مع «حماس» في غزة.

وقال شاشاف نيتزر (54 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «سئمنا! سئمنا! الحكومة عبارة عن حفنة من الأغبياء. يقودوننا إلى مكان فظيع. يقودوننا إلى مستقبل لا يوصف. بيبي نتنياهو وجميع الحمقى الآخرين يدمرون إسرائيل، ويدمرون كل ما كنا نأمله ونحلم به». وأضاف: «نحتاج إلى انتخابات جديدة. نحتاج إلى حكومة جديدة. نحتاج إلى زعيم جديد».

متظاهرون من أقارب المحتجزين في غزة يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة برحيل نتنياهو (إ.ب.أ)

وكانت المعارضة الإسرائيلية قد دعت إلى رحيل نتنياهو، قائلة إنه لا يتمتع بـ«ثقة» الشعب لقيادة حملة عسكرية «طويلة» في غزة.

وفي باريس وفي عدد من المدن الإقليمية في فرنسا، تظاهر آلاف للمطالبة بـ«وقف للنار» ودعماً لسكان غزة.

وأعاد فلسطينيون، السبت، دفن جثامين نبشت من قبورها في مقبرة بمدينة غزة، في المنطقة التي ينفذ فيها الجيش الإسرائيلي هجوماً برياً منذ نهاية أكتوبر، حسبما أظهر فيديو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

فلسطينية مصابة في قصف إسرائيلي تقف داخل مستشفى ناصر في خان يونس (إ.ب.أ)

وأظهرت اللقطات التي صُوّرت في مقبرة حي التفاح، الجثامين التي نبشت في أكفانها وسط أكوام من التراب. وتبدو جثامين أخرى مدفونة جزئياً، بين شواهد مقلوبة في المقبرة الصغيرة المحاطة بالمباني، وحيث تبدو على الأرض بوضوح علامات جنازير الدبابات. ووسط انتشار الذباب، انهمك نحو 10 رجال يضعون قفازات وكمامات، في إعادة دفنها.

ودمَّر الهجوم الإسرائيلي أحياء كاملة في غزة، وأدى إلى نزوح 1.9 مليون شخص يشكلون 85 في المائة من سكانه، حسب الأمم المتحدة. ويعيش سكان القطاع في ظروف مزرية، وسط نقص حاد في المياه والغذاء والدواء والعلاج. وخرج كثير من المستشفيات عن الخدمة جراء الدمار اللاحق بها.

وحذر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث، من أن القطاع الفلسطيني بات «بكل بساطة غير صالح للسكن (...) باتت غزة مكاناً للموت واليأس ويواجه (سكانها) تهديدات يومية على مرأى من العالم».

خطر توسع النزاع

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال زيارته بيروت، إن «إسرائيل أعلنت هدفها المتمثل في القضاء على (حماس). يجب أن تكون هناك طريقة أخرى للقضاء على (حماس) لا تؤدي إلى مقتل هذا العدد الكبير من الأبرياء»، مشدداً على أن تجنب نزاع إقليمي هو «ضرورة قصوى».

ومنذ اندلاع الحرب بين «حماس» وإسرائيل، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلاً يومياً للقصف بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي. ويعلن الحزب استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية، بينما يردّ الجيش بقصف جوي ومدفعي، يقول إنه يستهدف «بنى تحتية» وتحركات مقاتلين.

لكنّ الخشية من توسّع نطاق الحرب تصاعدت بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» صالح العاروري، الثلاثاء، بضربة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله». وقالت السلطات اللبنانية و«حزب الله» و«حماس» وواشنطن، إن إسرائيل نفذت العملية.

وأسفر التصعيد عند الحدود مع إسرائيل عن مقتل 181 شخصاً في الجانب اللبناني، بينهم 135 عنصراً من «حزب الله»، وفق آخر حصيلة، السبت.

في الإقليم أيضاً، كثّف الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن، هجماتهم على سفن تجارية في البحر الأحمر، بينما تستهدف مجموعات أخرى في العراق وسوريا القوات الأميركية المتمركزة في البلدين، باستخدام صواريخ ومُسيَّرات.

واتصلت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بنظيرها الإيراني حسين أمير عبداللهيان، السبت، لحضّ «إيران وحلفائها» على وقف «أعمالهم المزعزعة للاستقرار على الفور».

وأعلن «البنتاغون» أن القوات الأميركية أسقطت مُسيَّرة، صباح السبت، فوق البحر الأحمر في المياه الدولية قرب سفن تجارية. ويزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأردن، اليوم (الأحد)، في إطار جولة له في الشرق الأوسط، تهدف إلى وقف التصعيد في المنطقة.


مقالات ذات صلة

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا البابا فرنسيس يدين «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يدين مجدداً «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة

دان البابا فرنسيس مرة أخرى، اليوم (الأحد)، «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

TT

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)
القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي، يشار غولر، جولة تفقدية لمنطقة الحدود مع سوريا، وعقد اجتماعاً مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرة هناك.

والتقى فيدان الذي يعد أول وزير خارجية يزور دمشق عقب سقوط نظام بشار الأسد، الشرع بحضور وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة، أسعد حسن الشيباني، ومن الجانب التركي نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، والقائم بالأعمال التركي في دمشق، السفير برهان كور أوغلو.

وجاءت زيارة فيدان بعد الزيارة التي قام بها رئيس المخابرات التركي، إبراهيم كالين، لدمشق، الذي كان أول مسؤول أجنبي يزورها ويجتمع مع إدارتها الجديدة، قبل أسبوعين تقريباً، وأعقب ذلك بيومين إعادة فتح السفارة التركية بعد 12 عاماً من إغلاقها، وهي أول سفارة أجنبية تفتح أبوابها بعد سقوط الأسد.

دعم تركي

وقالت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» إن مباحثات فيدان والشرع تناولت «هيكلة الإدارة الجديدة في سوريا، وخطوات المرحلة الانتقالية، ووضع دستور جديد للبلاد يعبر عن المرحلة الجديدة، ويتضمن مشاركة جميع مكونات الشعب السوري في العملية السياسية».

جانب من لقاء الشرع وفيدان في دمشق (الخارجية التركية)

وأضافت المصادر أن فيدان أكد «دعم تركيا للإدارة السورية الجديدة في هذه المرحلة، واستعدادها لتقديم كل ما يلزم من أجل اجتيازها بنجاح، ودعم مرحلة إعادة الإعمار وتلبية احتياجات الشعب السوري».

وبحسب المصادر، تطرقت المباحثات أيضاً إلى «تهيئة الظروف لعودة طوعية آمنة وكريمة للاجئين السوريين، وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة في هذه المرحلة».

كما تم التطرق إلى «مكافحة التنظيمات الإرهابية» وتصدي الإدارة السورية الجديدة للمجموعات التي تعمل على تقسيم البلاد، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تخوض القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة حرباً ضدها في شمال وشرق سوريا بالمناطق المحاذية لحدود تركيا الجنوبية.

وتوقفت وسائل إعلام تركية عند بعض النقاط اللافتة في اللقاء بين فيدان والشرع، منها وضع ظهور العلمين السوري والتركي خلال اللقاء بعدما كان يتم وضع العلم السوري فقط في اللقاءات السابقة للشرع مع الوفود الأجنبية.

كما لفتت إلى أن الشرع ظهر للمرة الأولى وهو يرتدي رابطة عنق (كرافتة) خلال لقائه فيدان. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن في طريق عودته من مصر، حيث شارك في قمة مجموعة الثماني في القاهرة، أن فيدان سيزور دمشق، وسيبحث مع إدارتها الجديدة هيكلة المرحلة المقبلة في سوريا.

تعاون مع «تحرير الشام»

وأكد فيدان، في تصريحات السبت، أن تركيا لم ترصد انخراط «هيئة تحرير الشام»، التي يقودها الشرع، في أي أنشطة إرهابية خلال السنوات الـ10 الأخيرة، مضيفاً: «هذا ليس تقييمنا فحسب، بل هذا ما خلُصت إليه أجهزة الاستخبارات الغربية أيضاً».

وعدّ فيدان الذي تولّى رئاسة المخابرات التركية لمدة 13 عاماً قبل توليه وزارة الخارجية، في يونيو (حزيران) 2023، في مقابلة مع قناة «فرانس 24»، أن «هيئة تحرير الشام» لعبت دوراً في «مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل (داعش) و(القاعدة)»، وقال إن «(تحرير الشام) أظهرت تعاوناً جيداً، خصوصاً في تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بمكافحة (داعش)، وأسهمت بشكل كبير في هذا الصدد».

ولفت إلى أن «تحرير الشام» تعاونت أيضاً مع تركيا حول أهداف معينة، مثل القضاء على زعيم «داعش» السابق، أبو بكر البغدادي، وأنهم لم يعلنوا عن ذلك من قبل؛ «نظراً لحساسية الأمر».

الشرع خلال استقباله فيدان بقصر الشعب في دمشق (إعلام تركي)

وعما إذا كانت تركيا ستتدخل عسكرياً ضد «الوحدات الكردية» في شمال شرقي سوريا، قال فيدان: «(وحدات حماية الشعب) منظمة إرهابية، تم إنشاؤها بشكل مصطنع من أشخاص من تركيا والعراق وسوريا وبعض دول أوروبا، ويجب حلها على الفور، هناك إدارة جديدة في سوريا الآن، ولم تعد روسيا وإيران ونظام الأسد يدعمون (وحدات حماية الشعب) و(حزب العمال الكردستاني)، وأعتقد أن عليهم التعامل مع هذا الأمر من خلال وحدة أراضي سوريا وسيادتها، لكن إذا لم يحدث ذلك؛ فبالطبع علينا حماية أمننا القومي»، وأضاف: «علينا أن نتوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة أيضاً حول هذا الأمر».

وزير الدفاع يتفقد الحدود

وبالتزامن مع زيارة فيدان لدمشق، تفقد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، مناطق الحدود مع سوريا، وعقد لقاء مع قادة الوحدات العسكرية التركية المتمركزة على الحدود.

وقال غولر إن تركيا تعتقد أن الإدارة الجديدة في سوريا، بما في ذلك «الجيش الوطني السوري»، المدعوم من أنقرة، سيطردون مسلحي «وحدات حماية الشعب الكردية» من جميع الأراضي التي تحتلها في شمال شرقي سوريا.

وتدعم الولايات المتحدة «وحدات حماية الشعب»، التي تعدها تركيا ذراعاً في سوريا لحزب العمال الكردستاني المصنف لدى تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، بوصفها حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي.

وتخوض تركيا والفصائل السورية الموالية لها قتالاً ضد «الوحدات الكردية» في مناطق سيطرة «قسد»، منذ سقوط حكم بشار الأسد، وسيطرت على تل رفعت ومنبج، وتواصل القتال حول عين العرب كوباني والرقة مع استمرار الاستهدافات في الحسكة.

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية السورية الأحد (الدفاع التركية)

وقال غولر، الذي رافقه رئيس الأركان التركي وقادة القوات البرية والبحرية والجوية بالجيش التركي خلال زيارته لقيادة الجيش الثاني في غازي عنتاب: «نعتقد أن القيادة الجديدة في سوريا والجيش الوطني السوري، الذي يشكل جزءاً مهماً من جيشها، إلى جانب الشعب السوري، سيحررون جميع الأراضي التي احتلتها المنظمات الإرهابية».

وأضاف: «سنتخذ أيضاً كل الإجراءات اللازمة بالعزم نفسه حتى يتم القضاء على جميع العناصر الإرهابية خارج حدودنا».

وتابع: «الأزمة التي بدأت في سوريا عام 2011 إضافة إلى البيئة غير المستقرة اللاحقة، أعطت تنظيمات (حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب، وداعش الإرهابي) الفرصة لكسب مساحة في سوريا، وهددت أمن حدودنا».

ولفت إلى أن تركيا دفعت ثمناً باهظاً قبل دخولها سوريا، ونفذت عمليات عبر الحدود، بدءاً بعملية «درع الفرات» عام 2016، لجعل التنظيمات الإرهابية تدفع الثمن ولضمان أمن حدودها وشعبها.

وقال إنه في هذا السياق، يعد الجيش التركي الجيش الوحيد سواء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو خارجه الذي يقاتل تنظيم «داعش» ميدانياً، وتحدث عن ثقته بأن «(الجيش الوطني السوري) سينقذ الأرض بأكملها».

وزير الدفاع التركي يشار غولر وقادة القوات المسلحة خلال اتصال بالفيديو مع الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود السورية (الدفاع التركية)

وأضاف غولر خلال لقاء عبر «الفيديو كونفرس» مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرين على الحدود التركية - السورية من مقر القيادة العسكرية في كليس جنوب، أنه بعد الإطاحة بنظام الأسد الدموي في سوريا، بدأت حقبة جديدة الكلمة الحقيقية فيها للشعب السوري، ومن الآن فصاعداً، سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوري، كما فعلنا حتى الآن، وسنكون على تعاون وتنسيق وثيق مع الإدارة الجديدة لضمان سلامة أراضي سوريا ووحدتها السياسية وأمنها واستقرارها.

وأشار إلى أنه نتيجة للعملية التي بدأت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، في إشارة إلى عملية «فجر الحرية» للجيش الوطني السوري، تم تطهير تل رفعت في 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ومنبج في 9 ديسمبر من العناصر الإرهابية.

وتابع: «أود أن ألفت الانتباه إلى نقطة مهمة وهي أن ما يحدث في سوريا اليوم لا ينبغي النظر إليه فقط على أنه (تطورات الشهر الماضي)، فتصرفات النظام، الذي اضطهد شعبه لسنوات، والجهود الكبيرة التي بذلها أصحاب سوريا الحقيقيون، الذين قالوا للنظام (توقف الآن)، جلبت أياماً جيدة».

تركيا وفصائل الجيش الوطني تواصلان القصف على محاور منبج وعين العرب (المرصد السوري)

وذكر أن «النجاح الذي تحقق هو أيضاً نتيجة للكفاح البطولي لقواتنا المسلحة التركية، وخصوصاً شهدائنا وقدامى المحاربين، الذي بدأ في أغسطس (آب) 2016 في عملية (درع الفرات) في حلب شمال غربي سوريا، لحماية وطننا من وراء الحدود، وتضامن وتضحيات شعبنا النبيل».

وعد غولر أنه ينبغي على جميع الأطراف الفاعلة في الميدان أن تأخذ بعين الاعتبار «التضحيات التي قدمتها تركيا والمبادرات التي قامت بها في الخطوات التي يجب اتخاذها في المستقبل؛ ومن أجل التوصل إلى حل عادل ودائم ومستدام، يجب احترام حساسيات تركيا التي ستواصل القيام بدورها لتحقيق الاستقرار في سوريا وضمان العودة الكريمة لملايين اللاجئين الذين استقبلتهم من سوريا».

هجمات ضد «قسد»

في الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 6 من عناصر الوحدات الكردية في عملية نفذتها القوات التركية في منطقة «نبع السلام» ضد عناصر كانوا يستعدون لتنفيذ هجوم في المنطقة.

وقصفت القوات التركية والفصائل الموالية لها ضمن منطقة «نبع السلام»، في شمال شرقي سوريا، بالمدفعية الثقيلة، محطة للوقود ومدرسة في بلدة أبو راسين شمال غربي الحسكة، ما أدى إلى تدميرهما، كما استهدفت مناطق في ريف تل تمر شمال غربي الحسكة.

ويشهد محور جسر قرة قوزاق بريف حلب الشرقي، اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني» وقوات «قسد»، بالأسلحة الثقيلة، مع قصف مدفعي عنيف استهدف أطراف الجسر الاستراتيجي الذي يربط ضفتي نهر الفرات غرباً وشرقاً، في محاولة لتمهيد الطريق أمام تقدم الفصائل، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.