العراق يبدأ «مشاورات فنية» لإنهاء الوجود العسكري الأجنبي

السوداني يصوّب نحو واشنطن بعد «خرق الاتفاق»... ومستشاره: وصلنا مع التحالف الدولي إلى النهاية

رئيس الحكومة العراقية خلال إلقاء كلمة في «تأبين» سليماني والمهندس ببغداد الجمعة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة العراقية خلال إلقاء كلمة في «تأبين» سليماني والمهندس ببغداد الجمعة (أ.ف.ب)
TT

العراق يبدأ «مشاورات فنية» لإنهاء الوجود العسكري الأجنبي

رئيس الحكومة العراقية خلال إلقاء كلمة في «تأبين» سليماني والمهندس ببغداد الجمعة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة العراقية خلال إلقاء كلمة في «تأبين» سليماني والمهندس ببغداد الجمعة (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، أنه بصدد تحديد موعد لبدء مشاورات «فنية» لإنهاء وجود قوات التحالف الدولي، وفي حين شدّد على أن «قوات الحشد الشعبي جزء لا يتجزأ من القوات المسلّحة العراقية»، أكد أن الهجوم الأميركي الأخير عليها «خَرَق المبادئ الأساسية للعلاقات بين الدول».

وشارك السوداني مع مسؤولين في الحكومة ومجلس القضاء، اليوم الجمعة، في «حفل تأبين» لهيئة الحشد الشعبي في «ذكرى مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس»، اللذين وصفهما بيان حكومي بـ«قادة النصر»، بعد يوم واحد من الضربة الأميركية التي استهدفت مقر حركة «النجباء» في بغداد وقتلت مسؤول كتيبة الصواريخ فيها «أبو تقوى السعيدي».

وخلال كلمته في التأبين، قال السوداني إن «الاعتداء الذي أدى إلى (اغتيال المهندس)، وضيف العراق الجنرال قاسم سليماني، مثّل ضربة لكل الأعراف والمواثيق والقوانين التي تحكم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، مثلما كان جريمة نكراء غير مبرَّرة».

إنهاء التحالف

وأضاف السوداني: «الحكومة بصدد تحديد موعد بدء عمل اللجنة الثنائية لوضع ترتيبات إنهاء وجود قوات التحالف الدولي في العراق بصورة نهائية».

وشدّد السوداني على أن «الحكومة لن تفرّط بكل ما من شأنه استكمال السيادة الوطنية على أرض العراق وسمائه».

وتُعدّ تصريحات السوداني ضد الأميركان والتحالف الدولي هي الأقوى منذ تولّيه منصبه أواخر عام 2022، رغم تنفيذ الأميركان عدة ضربات ضد مقارّ «الحشد الشعبي»، كان آخِرها، الشهر الماضي، باستهداف مقر لـ«كتائب حزب الله»، في منطقة جرف الصخر، جنوب بغداد.

وفي حينها، قال الأميركيون إنهم نفّذوا العملية ردّاً على استهداف مقر السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، وسط العاصمة.

رئيس الحكومة العراقية يتوسط رئيس الحشد الشعبي فالح الفياض (يمين) ورئيس مجلس القضاء فائق زيدان (يسار) (أ.ف.ب)

وبينما رفع السوداني سقف توصيفه لتلك العملية التي استهدفت السفارة، والتي أطلق عليها الناطق العسكري باسمه «عمل إرهابي»، فإن الناطق نفسه كرر العبارة نفسها لوصف الهجوم الأميركي الذي قتل «آمر لواء في الحشد الشعبي وقيادياً في حركة النجباء».

كانت قوى سياسية عراقية قد رفعت الضغط على الحكومة العراقية في أثر الهجوم لاتخاذ إجراءات «صارمة» لإخراج القوات الأجنبية، وحذّرتها من «التراخي هذه المرة»، في حين تصاعدت مطالبات بـ«طرد السفيرة الأميركية».

وطالب رئيس حركة «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، الحكومة العراقية بإخراج القوات الأميركية «بالسرعة القصوى»، وقال إن «استنكار الهجمات لم يعد مُجدياً أمام الهجمات الأميركية المتكررة».

المصير الأميركي العراقي

وفي سياق حديثه عن الاتفاقية الاستراتيجية الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008، التي لا تزال تثير جدلاً واسعاً، قال السوداني إن «ما حصل أخيراً خرق للشراكة والعلاقة بين البلدين؛ لأنه خالف ميثاق الأمم المتحدة من المساواة في السيادة بين الدول وحظر استخدام القوة في العلاقات الدولية».

وعدّ السوداني أن «الحوادث الأخطر هي التي تكررت لأكثر من مرة في العراق، من خلال قيام قوات التحالف الدولي باعتداءات ضدّ مقارّ الحشد الشعبي».

وقال السوداني: «الحشد الشعبي يمثل وجوداً رسمياً تابعاً للدولة وخاضعاً لها وجزءاً لا يتجزأ من القوات المسلّحة».

وتابع: «أكدنا مراراً أنه في حال حصول خرق أو تجاوز من قِبل أية جهة عراقية، أو إذا جرى انتهاك القانون العراقي، فإن الحكومة العراقية هي الجهة الوحيدة التي لها أن تقوم بمتابعة حيثيات هذه الخروقات».

صورة وزّعتها منصات مقرَّبة من «الحشد الشعبي» العراقي تُظهر إحدى السيارات المحترقة في موقع هجوم الجمعة (تلغرام)

«لا طريق آخر»

في هذا السياق، يقول حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بعد خرق مهامّ التفويض الخاصة بعمل التحالف الدولي في العراق، قام رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلّحة محمد شياع السوداني بتشكيل لجنة مشتركة لوضع جدول زمني لإنهاء عمل التحالف الدولي في العراق».

وأوضح علاوي أن «هذا الملف تعمل عليه الحكومة العراقية منذ اليوم الأول لعملها باعتباره أحد الموضوعات السيادية للدولة في إدارة السيادة الوطنية، لكن الأزمة في قطاع غزة وانعكاسها على دول المنطقة أرجآ الحوارات الخاصة بذلك».

وأضاف أنه «بعد مواقف الحكومة العراقية والقوى السياسية، صار لزاماً العمل الجديّ على إنهاء مهامّ التحالف الدولي».

وأشار علاوي إلى أن هذه العملية «ستنتج عن عمل اللجنة المشتركة لتحديد السقوف الزمنية ودعم السيادة الوطنية العراقية، والتي كان من المفروض أن تقوم بها الحكومات السابقة بصورة تامة، خصوصاً بعد انتهاء المعارك ضد تنظيم داعش عام 2017، لكن الخلافات السياسية والعقبات التي تَلَت ذلك حالت دون إنهاء المهام بصورة كاملة».

عناصر من «النجباء» يحملون رايات الحركة خلال تشييع «أبو تقوى السعيدي» أمس الخميس (أ.ف.ب)

جدولة انسحاب

وفي تصريح، لوسائل إعلام محلية، أكد هشام الركابي، وهو أحد مستشاري رئيس الوزراء، أن «الحكومة العراقية تشعر بخيبة أمل كبيرة بعد الهجوم» الذي استهدف مقر «الحشد الشعبي في بغداد».

وقال الركابي: «ما حدث يهدد بتقويض الحوارات الفعلية مع الجانب الأميركي لإخراج قوات التحالف».

وبدأت فِرق فنية من الجانبين العراقي والأميركي حوارات لجدولة عملية انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، وفقاً لما ذكره الركابي.

ويستند وجود القوات الأميركية في العراق إلى ترخيص حكومي يتيح لها العمل في إطار مهمة «التحالف الدولي» للقضاء على تنظيم «داعش»، لكن الحكومة العراقية تقول إن قواتها «باتت مقتدرة» وبإمكانها حماية العراق.

وأعلن رئيس الحكومة العراقية، الشهر الماضي، أن بغداد بصدد «إعادة ترتيب العلاقة مع التحالف الدولي وإنهاء وجودها في العراق».

اشتباك في البصرة

في سياق آخر، اندلع اشتباك مسلّح بين عناصر فصيلين داخل حفل لتأبين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في محافظة البصرة (جنوب).

وقالت وسائل إعلام محلية إنه «سُمع صوت إطلاق نار كثيف في محيط المكان الذي أقيم فيه التأبين»، دون معرفة الأسباب، في حين أكدت مصادر طبية إخلاء عدد من الجرحى للعلاج في أحد مستشفيات المدينة.

وأظهرت مقاطع فيديو، لم يتسنّ التحقق من صحتها على الفور، مجموعة مسلّحين يرتدون الزي العسكري وهم يتبادلون إطلاق النار في أحد شوارع المدينة، بينما كان بعضهم يحتمي خلف السيارات خلال الاشتباك.


مقالات ذات صلة

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
TT

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس، إنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل.

وأكد حسين، في كلمة خلال «منتدى الجامعة الأميركية» بدهوك في إقليم كردستان، أنَّ «القوات المسلحة تلقّت أوامر من رئيس الحكومة بمنع أي هجمات تنطلق من الأراضي العراقية»، وشدد على أن بلاده «لا تريد الحرب، وتسعى لإبعاد خطرها»، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية.

من جهته، قال رئيس البرلمان محمود المشهداني، إنَّ «ما يحدث اليوم في منطقة الشرق الأوسط يمكن تسميته المجالَ الحيوي للنكبة الثانية».

بدوره، حثّ الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، الدول الكبرى على بذل «جهود جادة لحل هذه القضايا وإنهاء الحروب». ودعا رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، إلى «إبعاد العراق عن الحرب».