الحرب مستعرة في غزة عشية العام الجديد... والقصف الإسرائيلي يقتل 150 فلسطينياً

الحصيلة ترتفع إلى 21822 قتيلاً و56451 جريحاً منذ 7 أكتوبر

TT

الحرب مستعرة في غزة عشية العام الجديد... والقصف الإسرائيلي يقتل 150 فلسطينياً

نازحون فلسطينيون فروا من منازلهم بسبب الضربات الإسرائيلية يلجأون إلى مخيم في رفح (رويترز)
نازحون فلسطينيون فروا من منازلهم بسبب الضربات الإسرائيلية يلجأون إلى مخيم في رفح (رويترز)

أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة اليوم (الأحد)، أن إجمالي عدد القتلى الفلسطينيين جراء القصف الإسرائيلي ارتفع إلى 21822، في حين زاد عدد المصابين إلى 56451 منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول). وأضافت الوزارة أن 150 فلسطينياً قُتلوا وأصيب 286 جراء القصف الإسرائيلي على القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

وبحسب مصادر فلسطينية، فإن من بين القتلى وزير الأوقاف والشؤون الدينية الأسبق، خطيب المسجد الأقصى يوسف سلامة، الذي قضى مع عدد من أفراد أسرتهفي غارة إسرائيلية على منزله في مخيم المغازي وسط قطاع غزة.

يأتي هذا في الوقت الذي قارب فيه العام القاتم بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين على الانتهاء اليوم (الأحد)، في ظل غياب أي مؤشرات على إمكانية وضع حدّ قريباً للحرب المستعرة في قطاع غزة، والتي تعدّ الأكثر عنفاً في الأراضي الفلسطينية، وقد تلت هجوماً على إسرائيل هو الأكثر دموية في تاريخها.

ولم تهدأ الغارات الجوية الإسرائيلية، ولم تتوقف المعارك البريّة بين الجيش الإسرائيلي وعناصر «حماس»، بينما يسود اليأس بين سكان القطاع المحاصر الذين يعانون من تداعيات الحرب اليومية، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال محمود أبو شحمة من مخيم للنازحين في رفح عند الحدود مع مصر: «كنا نأمل بأن يأتي عام 2024 في ظل ظروف أفضل، وبأن نحتفل برأس السنة في منازلنا مع عائلاتنا».

وأضاف أبو شحمة (33 عاماً) النازح من خان يونس في جنوب قطاع غزة أيضاً: «نأمل بأن تنتهي الحرب ويكون بإمكاننا العودة إلى منازلنا والعيش بسلام».

واندلعت الحرب بعدما نفّذت «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر، أودى بحياة نحو 1140 شخصاً، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لوكالة الصحافة الفرنسية، تستند إلى بيانات رسمية. واقتيد خلال الهجوم نحو 250 رهينة إلى قطاع غزة لا يزال 129 منهم محتجزين، وفق إسرائيل.

وقتل 170 جندياً إسرائيلياً داخل غزة، وفق الجيش.

وتفرض إسرائيل منذ 9 أكتوبر، حصاراً محكماً على قطاع غزة الذي كان يخضع أصلاً للحصار منذ عام 2007، تاريخ سيطرة حركة «حماس» عليه، ما تسبّب بنقص حاد في المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب والوقود والدواء. ولا تكفي قوافل المساعدات اليومية التي تدخل القطاع للتخفيف من معاناة السكان، وفق الأمم المتحدة التي أشارت إلى نزوح أكثر من 85 في المائة من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.

وحذّرت منظمة الصحة العالمية من الخطر المزداد لانتشار أمراض معدية. وأعلنت الأمم المتحدة أن غزة «على بعد أسابيع» فقط من الدخول في مجاعة.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد السبت، أن الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد «حماس» ستستمر «أشهراً عدة»، مجدِّداً تعهده القضاء على الحركة الفلسطينية.

وأضاف في مؤتمر صحافي: «سنضمن أن غزة لن تشكّل بعد الآن تهديداً لإسرائيل».

وبينما كان نتنياهو يتحدّث، تظاهر أكثر من ألف شخص في تل أبيب للضغط على حكومته لإعادة الرهائن المحتجزين في غزة.

وقال نير شافران (45 عاماً): «آمل بأن يتم التوصل إلى اتفاق آخر، وإن كان جزئياً، أو أن يتم الإفراج عن بعضهم. أحاول التشبّث بكل ذرة أمل».

وأتاح اتفاق هدنة استمرت أسبوعاً في نوفمبر (تشرين الثاني)، الإفراج عن إطلاق سراح 80 من الرهائن الإسرائيليين مقابل 240 من المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. كما أفرجت «حماس» عن رهائن أجانب لم يكونوا مدرجين في الصفقة الأساسية.

ويعاني غال جلبوع - دلال من الصدمة منذ اقتحم عناصر «حماس» حفلاً موسيقياً كان موجوداً فيه برفقة شقيقه غاي في 7 أكتوبر.

وقال: «كنت معه هناك وأُخذ في اللحظة التي لم أكن فيها معه. بالتالي، ذهبت معه وعدت من دونه، كأن الزمن توقف في تلك اللحظة».

وفي قطاع غزة، يواصل الفلسطينيون إحصاء قتلاهم. وفي قرية الزوايدة وسط قطاع غزة، تمّ انتشال جثة طفل من تحت الركام السبت في أعقاب ضربة إسرائيلية.

وقال مدير الدفاع المدني في المحافظة الوسطى رامي العائدي: «قمنا بانتشال 9 شهداء من عائلة مسالمة جداً»، مضيفاً: «تمّ استهداف منزلين مجاورين».

وفي خان يونس، تحدّثت مصادر طبية عن نقص حاد في كل الحاجات الأساسية.

وقال الطبيب أحمد أبو مصطفى في تسجيل مصوّر نشرته منظمة الصحة العالمية، إن المستشفى يستقبل أعداداً من المرضى تفوق إمكاناته، مشيراً إلى نقص في الأسرّة والمعدات الطبية على مختلف أنواعها.

وأخرجت المعارك 23 مستشفى و53 مركزاً طبياً عن الخدمة، بينما دمّرت 104 سيارات إسعاف، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

ويواصل الوسطاء الدوليون جهودهم للتوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار.

ويبحث وفد من حركة «حماس» بالقاهرة في مقترح مصري لوقف إطلاق النار على 3 مراحل.

ورداً على سؤال حول المفاوضات، قال نتنياهو السبت، إن «(حماس) أعطت مجموعة من الإنذارات التي رفضناها»، مضيفاً: «نشهد تحوّلاً معيناً، (لكن) لا أريد إثارة آمال»، من دون تقديم تفاصيل إضافية.

ومن جانبه، قال الجيش الإسرائيلي اليوم، إن صفارات الإنذار دوت في شمال إسرائيل. ولم يذكر الجيش بحسابه على «تلغرام» تفاصيل أخرى.‏

ويشن «حزب الله» هجمات صاروخية شبه يومية على إسرائيل منذ اندلاع الصراع بين حركة «حماس» وإسرائيل بقطاع غزة في 7 أكتوبر، بينما تقصف إسرائيل جنوب لبنان بالمدفعية وتشن غارات جوية، مما أسفر عن مقتل العشرات من مقاتلي «حزب الله»، بالإضافة إلى مدنيين.


مقالات ذات صلة

ارتفاع حصيلة قتلى الجيش الإسرائيلي إلى 350 قتيلاً منذ 7 أكتوبر

شؤون إقليمية الرقيب أول نعوم إسرائيل عبدو (الجيش الإسرائيلي)

ارتفاع حصيلة قتلى الجيش الإسرائيلي إلى 350 قتيلاً منذ 7 أكتوبر

أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندي في شمال قطاع غزة، مما يرفع حصيلة قتلى الجيش إلى 350 قتيلاً منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال فعالية تكريم ضحايا السابع من أكتوبر (أ.ب)

ترمب: هجوم 7 أكتوبر «ما كان ليحصل لو كنت رئيساً»

أكّد الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات المقبلة أنّ هجوم «حماس» غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 «ما كان ليحصل» لو كان رئيساً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي تعدد الجبهات في ذكرى «الطوفان»

تعدد الجبهات في ذكرى «الطوفان»

حلّت، أمس، ذكرى مرور عام على عملية «طوفان الأقصى» التي تعد أكبر هجوم شنته حركة «حماس» ضد إسرائيل، وتحول راهناً إلى حرب متعددة الجبهات عبّرت عن نطاقها صواريخ

«الشرق الأوسط» (عواصم)
المشرق العربي نتنياهو يجتمع مع غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أكتوبر العام الماضي (د.ب.أ)

نتنياهو يتعهد بـ«مواصلة القتال» في ذكرى هجوم 7 أكتوبر

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ«مواصلة القتال» حتى تحقيق أهداف الحرب التي اندلعت قبل عام في قطاع غزة، وذلك في كلمة إلى الإسرائيليين (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي المرشح الجمهوري دونالد ترمب يتحدث للصحافة في بنسلفانيا (فيلادلفيا) في 10 سبتمبر (إ.ب.أ)

ترمب: قطاع غزة يمكن أن يصبح «أفضل من موناكو»

رأى المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب الاثنين أن قطاع غزة قد يصبح «أفضل حتى من إمارة موناكو» عند إعادة إعماره بعد الحرب المدمّرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«سكاي بار» بيروت... من ملهى صاخب إلى مركز إيواء للنازحين

من داخل «سكاي بار» في وسط بيروت الذي يستقبل النازحين اللبنانيين (الشرق الأوسط)
من داخل «سكاي بار» في وسط بيروت الذي يستقبل النازحين اللبنانيين (الشرق الأوسط)
TT

«سكاي بار» بيروت... من ملهى صاخب إلى مركز إيواء للنازحين

من داخل «سكاي بار» في وسط بيروت الذي يستقبل النازحين اللبنانيين (الشرق الأوسط)
من داخل «سكاي بار» في وسط بيروت الذي يستقبل النازحين اللبنانيين (الشرق الأوسط)

في ملهى «سكاي بار» الليلي وسط بيروت، ضيفة صغيرة، لا تشبه زوار الملهى التقليديين، لا عمراً ولا شكلاً.

ركضت الطفلة ميليسا كالشهب من إحدى زوايا «سكاي بار»، أحد ملاهي بيروت الليلية الشهيرة، حيث كانت تلعب وتضحك.

وبينما كانت تروي أمها سحر كيف انتهى بها وبعائلتها الحال في الملهى بعد رحلة النزوح من الضاحية الجنوبية - بئر حسن، سارعت الصغيرة إلى الجلوس على الفرشة بجانبها متأبطة ذراعها، بوجه الكاميرا، فبررت الأم لـ«الشرق الأوسط»: «ابنتي تحب التصوير... هي مشهورة على (تيك توك)».

وإلى جانب سحر التي نزحت مع زوجها وأولادها الخمسة، وأصغرهم ميليسا ذات الست سنوات، وأخيها، يجلس مئات النازحين. يفترشون الأرض حيث كان الزبائن السابقون يمضون لياليهم بالسهر والغناء والرقص، بعدما فتح «سكاي بار» أبوابه لعائلات نازحة شرّدها القصف المتواصل الدامي على جنوب لبنان وشرقه والضاحية الجنوبية لبيروت، في مبادرة إنسانية «ترفع لها القبعة امتناناً وشكراً» بحسب سحر.

النازحة اللبنانية سحر مع ابنتها الصغرى ميليسا (الشرق الأوسط)

ووفقاً للسلطات اللبنانية، نزح 1.2 مليون شخص في لبنان منذ بدء القصف الإسرائيلي المكثّف في 23 سبتمبر (أيلول)، في أسوأ أزمة نزوح في تاريخ البلاد.

على حلبة الرقص حيث كان يشعل السهيرة الأجواء الليلية، أطفال يلعبون ويركضون، وفي الزوايا حيث كانت الأرائك مصفوفة، تمتد الفرش ويستلقي البعض عليها بينما يجلس البعض الآخر يتبادل أطراف الحديث مع من بجواره.

أما على المدخل حيث كان يقف الأمن لإدخال الزبائن الذين كانوا يأتون بملابس السهرة الأنيقة، جوارب وملابس مغسولة نُشرت لتجف.

أطفال يلعبون بالطابة داخل «سكاي بار» (أ.ف.ب)

مبادرة «سكاي بار» مركزا للإيواء

وفتح «سكاي بار» أبوابه يوم الانفجار الذي اغتيل فيه الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية، ويقول عمار المير أحد المنظمين الرئيسيين في «سكاي بار»، والذي يعمل في الملهى الليلي منذ عام 2012، لـ«الشرق الأوسط»: «المبادرة بدأت عندما توجه صاحب الملهى إلى المكان لتفقده فوجد النازحين يفترشون الطرقات وينامون على الأرصفة والدرج بالخارج، فطلب من الأمن فتح الأبواب وقال: لا أريد أن ينام الناس على الطرقات».

صورة من أمام الملهى الليلي المشهور في لبنان «سكاي بار» (الشرق الأوسط)

ويضيف: «بادئ الأمر، يوم فتحنا الأبواب أدخلنا 9 عائلات، أما الآن فأصبح لدينا نحو 400 شخص أغلبيتهم من النساء والأطفال، حيث يوجد لدينا نحو 176 طفلاً، كما يوجد شيوخ ورجال».

وفي حين يشير إلى أن «أغلب الرجال ينامون خارج (سكاي بار) في الباحة أمامه»، حيث يجلس عشرات النازحين من الرجال على فرش على الأرض، وفي خيام بلاستيكية، يتابع: «الأفضلية داخل الملهى للنساء والأطفال والشيوخ».

أما عن القدرة الاستيعابية، فيقول المير: «إننا وصلنا إلى الذروة، لكن بحال كان هناك حالات صعبة فنحن نسعى جاهدين لاستقبالهم».

وقُتل أكثر من 1900 شخص في الغارات الإسرائيلية منذ بدء الحرب في لبنان، عندما أطلق «حزب الله» «جبهة الدعم» لغزة في 8 أكتوبر (تشرين الأول).

عائلات نازحة لجأت إلى «سكاي بار» في بيروت حيث الأمان (أ.ف.ب)

معاملة إنسانية

عند الدخول إلى «سكاي بار» يلاقيك هواء التكييف العذب، وتلفت نظافته الانتباه. في الداخل فوضى منظمة رغم العدد الكبير. الأرضيات السوداء لا غبار عليها، وكل عائلة لها ركنها مع طاولة صغيرة برفوف لترتيب الحاجبات.

ويوضح المير في هذا المجال، أن صاحب الملهى «طلب أن نؤمن للنازحين كل وسائل الراحة من تكييف هوائي وشفاطات (لشفط الروائح) وكهرباء على مدار الساعة، مأكل ومشرب وملابس، حتى أننا استحدثنا «دوش» (رشاشات مياه) وصّلنا سخانات مياه ضخمة في الحمامات ليتمكنوا من الاستحمام ولتكون المياه الساخنة كافية لكل الموجودين».

وتخبر سحر التي نزحت في البداية من بئر حسن بعد التهديد الإسرائيلي بقصف المنطقة قبل نحو أسبوع، إلى مدرسة تؤوي النازحين في بسكنتا (قضاء المتن الشمالي)، ثم توجهت إلى بيروت خوفاً على زوجها الذي يعمل في العاصمة من خطورة الطرقات، أن «المعاملة ممتازة، أمنوا لنا الحمامات، الكهرباء، الإنترنت، كل احتياجات أولادي، الفرش، الحرامات، الأدوية... الطعام فطور وغداء وعشاء... الألعاب للأولاد... نشعر بالأمان وكأننا في بيتنا أنا سعيدة جداً هنا».

وتضيف أنها خرجت من منزلها ببعض الملابس لها ولأولادها وزوجها، وتتابع: «معاملتهم إنسانية جداً وهم يسألوننا باستمرار إذا كنا نحتاج لأي شيء، حتى إذا رأوا شخصاً جالساً بمفرده يسألونه عن أحواله... يهتمون بنفسياتنا أيضاً».

نحو 400 شخص أغلبيتهم من النساء والأطفال موجودون في ملهى «سكاي بار» (أ.ف.ب)

تقرير متلفز أرشد النازحين إلى «سكاي بار»

وتؤكد السيدة ندى حمود، النازحة من بلدة رب ثلاثين الجنوبية الحدودية، والتي كانت تجلس في ركنها داخل الملهى مع زوجها وابنها الذي لا يتعدى عمره الخمس سنوات ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، ما تصفه سحر عن حسن المعاملة والاهتمام.

وتقول ندى لـ«الشرق الأوسط»: «بداية نزحنا إلى الضاحية الجنوبية لكن عندما اشتد القصف ولم يعد لدينا مكان نذهب إليه خرجنا إلى الطرقات منذ خمسة أيام... ثم تذكرنا أننا شاهدنا على التلفزيون أن (سكاي بار) فتح لإيواء النازحين فسألنا الناس ليدلونا على الطريق وجئنا».

وتحكي السيدة الأربعينية ذات العينين الزرقاوين كحلهما سواد التعب، بينما تلتفت بين الفينة والأخرى لتتفقد ابنها الذي يلعب خلفها: «وصلنا إلى هنا في حالة يرثى لها... لكن الشباب هنا أمنوا لنا كل شيء حتى الحليب والحفاضات لابني... يسألوننا باستمرار عن احتياجاتنا وكل ما نطلبه يلبونه».

في الزوايا حيث كانت الأرائك مصفوفة تمتد الفرش ويستلقي البعض عليها بينما يجلس البعض (أ.ف.ب)

شباب الأمن يبحثون عن المحتاجين

عند الساعة الثالثة إلا ربع من بعد الظهر، وصلت وجبة الغذاء الساخنة، أطباق من المعكرونة بالبشاميل واللخمة مغطاة بالجبنة السائحة ويشير المير إلى أن «الشركة لديها شيف يحضر الطعام يومياً ويرسله إلى «سكاي بار» كما أن الجمعيات تقدم مبادرات وتساعد أحياناً».

ويحكي الحاج أبو طلال عبد حاوي القادم من بريقع الجنوبية وهو ينتظر أن يحضروا له وجبة الغداء أنه نام نحو الأسبوع في الشارع في منطقة الزيتونة (وسط بيروت)، بعد أن نزح مع زوجته وابنته بادئ الأمر إلى منزل ابنه في الضاحية، لكن بعد أن اشتد القصف هربوا جميعا إلى الشارع.

«كنا ننام على الأرض، على الرصيف أنا ابني لديه أربعة أطفال» يروي الرجل المسن لـ«الشرق الأوسط»، وهو يجلس مع زوجته على كراسي في الخارج في باحة «سكاي بار»، حيث الشجيرات تظللهما من أشعة الشمس. فمن بسنهما اعتادوا الجلوس في حدائق منازلهم في الجنوب بجانب زرعة الحبق والياسمين والفل، ولا يطيقون الأماكن المغلقة.

ويضيف الحاج أبو طلال: «جاء شاب واصطحبنا إلى هنا يوم الخميس ووعدنا بتأمين كل احتياجاتنا، وهذا ما حصل... حتى الأدوية يؤمنوها لنا».

الأمن والأمان

وفي حين يوضح المير أن المنظمين يحاولون ضبط الأمن في الملهى قدر المستطاع من خلال التأكد من مكان نزوح الأشخاص ومن أين جاءوا وما تبعاتهم السياسية وإذا كان أي أحد ينتمي إلى حزب، يشير إلى أن الرجال ينامون خارج الملهى الليلي في الباحة لضمان الأمن والأمان للسيدات والأطفال والشيوخ.

أما عن المنظمين فيوجد خمسة، منهم ثلاثة شباب من إدارة «سكاي بار»، يبقى منهم شابان بشكل دائم، أما الثلاثة الآخرون فيأتون ويذهبون.

ويلفت المير إلى أن «أغلب النازحين من اللبنانيين مع العلم أننا لا نهتم بالجنسية، طالما أن الشخص نازح، إلا أن نسبة السوريين لا تتخطى العشرة في المائة».