الشرائح الإلكترونية وسيلة اتصال لسكان قطاع غزة مع العالم

سعرها يتراوح بين 15 و70 دولاراً حسب سرعتها ومدتها

فلسطيني يستمع إلى الراديو الخاص به في مخيم للاجئين في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يستمع إلى الراديو الخاص به في مخيم للاجئين في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الشرائح الإلكترونية وسيلة اتصال لسكان قطاع غزة مع العالم

فلسطيني يستمع إلى الراديو الخاص به في مخيم للاجئين في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يستمع إلى الراديو الخاص به في مخيم للاجئين في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

أصبحت الشريحة الإلكترونية (eSIM) الوسيلة الوحيدة للكثير من سكان قطاع غزة للتواصل مع أقاربهم أو نقل مجريات الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، في ظل الانقطاعات المتكررة لشبكتي الهاتف والإنترنت.

والثلاثاء، انقطعت خدمات الاتصالات والإنترنت بالكامل في القطاع المحاصر، للمرة الرابعة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وفقا لما ذكرته وكالة «الصحافة الفرنسية».

وأصبحت هذه الشرائح وسيلة اتصال بالعالم للكثير من سكان القطاع بعد أن يبتاعها لهم أقارب أو معارف في الخارج. وتعمل الشرائح وفق مبدأ بسيط: لتشغيلها، يتعيّن على المستخدم مسح «رمز الاستجابة السريعة» (QR code) المرسل من الخارج باستخدام كاميرا الهاتف النقال، ما يتيح وصله بشبكة اتصالات هاتفية خارجية، غالبا ما تكون إسرائيلية، وأحيانا مصرية.

وقال الصحافي هاني الشاعر (35 عاما) لوكالة «الصحافة الفرنسية» «لا خيار أمامنا في ظل انقطاع الاتصالات والإنترنت في القطاع سوى استخدام هذه الشرائح».

وإذ أكد أهميتها في المساعدة على «نقل الصوت والصورة»، اعتبر أنه «لولا هذه الخدمة لانقطعنا عن العالم على الصعيد المهني والشخصي أيضا».

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة (حماس) في السابع من أكتوبر، في أعقاب هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على جنوب إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة.

وأدى الهجوم غير المسبوق لمقتل نحو 1140 شخصا في إسرائيل غالبيتهم من المدنيين وفق أرقام رسمية إسرائيلية. وأخذ نحو 250 شخصا رهائن لا يزال 129 منهم في غزة، وفق المصادر ذاتها.

وردت إسرائيل بقصف مكثف ومدمّر على القطاع، وبدأت عمليات برية أواخر أكتوبر، ما تسبب بمقتل 20915 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق آخر أرقام حكومة حماس.

وتسببت الحرب بأزمة إنسانية حادة شملت نزوح 1.9 مليون شخص يشكلون 85 في المائة من سكان القطاع، وفق الأمم المتحدة. كما شددت إسرائيل حصارها وقيّدت إدخال المساعدات.

في ظل الدمار الواسع الذي طال مناطق واسعة، أكدت سمر لبد التي كانت تقطن مدينة غزة بشمال القطاع، أنها «فقدت الاتصال مع الجميع لأكثر من أسبوع».

وأوضحت ربة المنزل البالغة من العمر 38 عاما، والنازحة حاليا إلى مدينة رفح (جنوب) مع أولادها الثلاثة، أن شقيقها المقيم في بلجيكا قام «بإرسال شريحة إلكترونية لي لتوفير الإنترنت لنتمكن من الاتصال بعضنا ببعض».

وتابعت «الاتصال ليس ثابتا لكنه يفي بالغرض، على الأقل نتواصل مع بعض للاطمئنان ولو بشكل غير مستمر».

على رغم ذلك، لا تتمكن لبد من الاتصال بأقارب آخرين موجودين حاليا في خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع وحيث تتركز العمليات العسكرية منذ أيام.

وأضافت «لكني أطمئن عليهم عبر هذه الخدمة المتوافرة مع أحد الأشخاص الذي يقيم معهم لأن هاتفه يدعمها».

ولا يضمن الحصول على الشريحة الإلكترونية توافر خدمة الاتصال، إذ إنها غير ممكنة سوى في المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل، أو تتطلب الانتقال إلى أماكن مرتفعة للتمكن من التقاط إشارة جيدة.

في متجره للهواتف النقالة في مدينة رفح (جنوب)، يستقبل إبراهيم مخيمر الكثير من الصحافيين والمراسلين. وأكد أن هؤلاء هم «أكثر فئة تستخدم الشريحة الإلكترونية بسبب نقل الصورة الصحافية إلى العالم الخارجي في ظل سعي الاحتلال (لأن يتمّ) تجاهل قطاع غزة وألا يقوم العالم الخارجي بدعم القطاع الذي لا يتمتع بأي مقومات للحياة».

وإضافة إلى الصحافيين، أكد مخيمر أن هذه الشرائح تلقى إقبالا من عناصر «الإسعاف والدفاع المدني الذين يريدون معرفة أماكن القصف لنجدة من يمكن أن يقدموا له المساعدات»، وكذلك من عاملين مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) «من أجل توجيه البضائع... والمساعدات إلى الأماكن الصحيحة من أجل إنقاذ الناس».

وفي حين أن الشرائح تهدف لتعويض انقطاع الاتصالات، تبقى المفارقة في أن تشغيلها رهن توافر الإنترنت، وهو ما يتطلّب «ساعتين أو ثلاث ساعات»، وفق المصور الصحافي ياسر قديح.

وتابع «لجأنا للعمل باستخدام الشرائح الإلكترونية بسبب انقطاع خدمات الاتصال والإنترنت... لكننا نعاني لالتقاط إشارة جيدة للتمكن من إرسال موادنا الصحافية، إذ تتطلب هذه الشرائح الوجود في أماكن مرتفعة ومفتوحة لتكون الإشارة جيدة».

وأوضح قديح أن سعر الشريحة «يراوح بين 15 و70 دولارا حسب سرعتها ومدتها» بين أسبوع وشهرين.

من جهته، أكد الشاعر أن «الشرائح الإلكترونية بالنسبة لنا كصحافيين تعتبر قشة لا يوجد أمامنا (خيار) سوى التعلق بها للتمكن من العمل».

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش حذرت أواخر أكتوبر من أن قطع الاتصالات في غزة قد يكون بمثابة «غطاء لفظائع جماعية ويسهم في الإفلات من العقاب على انتهاكات لحقوق الإنسان».

عدا عن دورهم في نقل صورة الحرب، بات الصحافيون الفلسطينيون في غزة الذين تتوافر معهم شريحة إلكترونية، صلة وصل بين سكان القطاع وأقاربهم في الخارج.

وأوضح هاني الشاعر «الكثير من المغتربين يتواصلون معنا لمعرفة أخبار قطاع غزة وأخبار ذويهم، ونحن نطمئنهم عن أماكن القصف وأخبار ذويهم في ظل انقطاع هذه الشبكة الفلسطينية وبقاء الشرائح الإلكترونية فقط هي المتصلة على الشبكات الخلوية الدولية».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يعزي بالسنوار... ويؤكد وقوفه «إلى جانب الشعب الفلسطيني»

المشرق العربي لوحة إعلانية في أحد شوارع القدس تحمل صورة يحيى السنوار وحسن نصر الله وكُتب عليها بالعبرية: «من يستفيد من فُرقتنا؟ الوحدة الآن» (أ.ف.ب)

«حزب الله» يعزي بالسنوار... ويؤكد وقوفه «إلى جانب الشعب الفلسطيني»

قدّم «حزب الله» اللبناني التعازي برئيس المكتب السياسي في حركة «حماس» يحيى السنوار الذي قضى خلال عملية عسكرية إسرائيلية في غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي يحيى السنوار... جثته نُقلت إلى مكان سري في إسرائيل (إ.ب.أ)

نقل جثمان السنوار إلى مكان سريّ في إسرائيل

أكدت السلطات الإسرائيلية، الجمعة، أن جثمان رئيس حركة «حماس»، يحيى السنوار، الذي قُتل برفح، نُقل إلى مكان «سريّ» في إسرائيل، وذلك بعد إتمام عملية التشريح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون وقائد قوات «يونيفيل» الجنرال أرولدو لاثارو (الأمم المتحدة)

نصائح دولية للبنان بطلب وقف إطلاق النار من جانب واحد

تنشط الاتصالات الدولية لإخراج وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل من المراوحة، لئلا يدخل في «إجازة» يمكن أن تمتد إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

محمد شقير (بيروت)
أوروبا سفن ترسو في ميناء «بيرايوس» باليونان (رويترز)

عمال ميناء «بيرايوس» باليونان يوقفون شحنة ذخيرة متجهة إلى إسرائيل

قال مسؤولون في خفر السواحل ونقابة عمال الموانئ اليونانية، إن العشرات من العمال الأعضاء في النقابة منعوا تحميل حاوية ذخيرة متجهة إلى إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
خاص زعيم «حماس» يحيى السنوار في صورة تعود إلى عام 2021 (د.ب.أ)

خاص «الشرق الأوسط» ترصد تحركات زعيم «حماس» في الأيام الأخيرة التي سبقت قتله

ترصد «الشرق الأوسط» في هذا التقرير تحركات زعيم «حماس» يحيى السنوار في الأيام التي سبقت قتله، غرب رفح، إذ كان يختبئ في منزلين متجاورين ويجول على مقاتليه.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«حماس» تؤكد مقتل السنوار... و«القسّام» تتعهد «مواصلة الجهاد حتى تحرير فلسطين»

السنوار خلال مسيرة في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
السنوار خلال مسيرة في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تؤكد مقتل السنوار... و«القسّام» تتعهد «مواصلة الجهاد حتى تحرير فلسطين»

السنوار خلال مسيرة في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
السنوار خلال مسيرة في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

نعت «كتائب القسام»، الذراع العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، الجمعة، رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار الذي قتله الجيش الإسرائيلي، معتبرة أنه «ارتقى مقبلاً غير مدبر في أشرف المعارك».

وقالت، في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «مسيرة الجهاد لن تتوقّف» حتى «تحرير فلسطين»، معتبرة أن إسرائيل تخطىء إن ظنّت أنها «باغتيال قادة المقاومة... ستدفعها إلى التراجع».

وأكدت «حماس»، في وقت سابق (الجمعة)، مقتل رئيس المكتب السياسي للحركة، الذي أعلنت إسرائيل قتله (الخميس) في رفح جنوب قطاع غزة.

وقال القيادي في الحركة خليل الحية، في بيان مصور، إن السنوار قُتل «مشتبكاً ومواجهاً لجيش الاحتلال في مقدمة الصفوف».

وذكر: «ننعى القائد الوطني الكبير الأخ المجاهد الشهيد يحيى السنور»، مضيفاً أن قتل السنوار «وكل القادة ورموز الحركة الذين سبقوه... لن يزيد حركتنا ومقاومتنا إلا قوة وصلابة وإصراراً على المضي في دربهم».

وتابع أن الرهائن الإسرائيليين في غزة لن يعودوا إلا بوقف «العدوان»، على الجيب الفلسطيني المحاصر، وانسحاب القوات الإسرائيلية.

والسنوار (61 عاماً) المكنّى «أبو إبراهيم» كان بمثابة «الرجل الحي الميت»، وكان هدفاً رئيسياً لإسرائيل منذ الهجوم الذي شنّته الحركة على جنوب الدولة العبرية وأشعل شرارة حرب في غزة، تمدّدت إلى لبنان، ويُخشى أن تتحول إلى نزاع إقليمي.