تعرض قطاع غزة اليوم (الثلاثاء)، لعمليات قصف جديدة مع إعلان إسرائيل تكثيفاً جديداً للقتال ضد حركة «حماس» رغم الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار والخسائر البشرية المدنية الفادحة في القطاع الفلسطيني المحاصَر، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
ورأى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، أن السلم لن يتحقق إلا في حال كانت غزة «منزوعة السلاح وخالية من التطرف»، بعد أكثر من شهرين ونصف الشهر على اندلاع الحرب بين الدولة العبرية وحركة «حماس».
ورداً على ذلك، توعدت إسرائيل حركة «حماس» بالقضاء عليها. واستتبعت ذلك بحرب ألحقت دماراً هائلاً بقطاع غزة وكارثة إنسانية، إذ يتهدد الجوع السكان، فيما خرجت غالبية المستشفيات عن الخدمة.
وصباح الثلاثاء ارتفعت أعمدة دخان في سماء خان يونس جنوب قطاع غزة، بعد عملية قصف، فيما أعلنت إسرائيل أنها باتت تركز هجومها على «حماس» في هذه المدينة التي نزح إليها الكثير من سكان القطاع بعد فرارهم من الشمال.
وأفاد أحد مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن الضربات الإسرائيلية تواصلت خلال الليل، خصوصاً على خان يونس ورفح المجاورة عند الحدود مع مصر، حيث يُقيم عشرات آلاف النازحين في خيام.
ونُقلت جثث نحو 30 ضحية سقطوا في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، إلى مستشفى ناصر في خان يونس، حسبما أفادت وزارة الصحة في حكومة «حماس».
وأفاد الجيش الإٍسرائيلي اليوم بأنه ضرب في الساعات الـ24 الأخيرة 100 هدف لحركة «حماس» بينها «فتحات أنفاق ومنشآت ومواقع عسكرية تُستخدم لشن هجمات على الجنود في قطاع غزة» بما يشمل جباليا في شمال قطاع غزة وخان يونس.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، الثلاثاء، إن مدفعية القوات الإسرائيلية استهدفت الطوابق العلوية في مقر الجمعية بخان يونس، جنوب قطاع غزة، مشيرةً إلى أن المقر يضم آلاف النازحين، حسب «وكالة أنباء العالم العربي».
وأفاد تلفزيون فلسطين في وقت سابق، بأن 26 فلسطينياً قُتلوا في خان يونس جنوب قطاع غزة منذ مساء أمس، ولم يعطِ التلفزيون مزيداً من التفاصيل.
من ناحية أخرى، قالت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، إن مقاتليها يخوضون «اشتباكات ضارية» في خان يونس منذ صباح اليوم.
وكتبت «سرايا القدس» على حسابها بـ«تلغرام»: «يخوض مجاهدونا اشتباكات ضارية بالقذائف المضادة للدروع والأسلحة الرشاشة وقذائف الهاون مع قوات العدو المتوغلة في محاور التقدم شرق وشمال خان يونس منذ ساعات الصباح».
وقال نتنياهو، الاثنين، بعدما زار غزة: «لن نتوقف (...) سنكثّف القتال في الأيام المقبلة. ستكون الحرب طويلة».
وفي مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» حدد نتنياهو ثلاثة «شروط مسبقة» لتحقيق السلام.
وكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في مقاله: «يجب تدمير حماس، ويجب نزع سلاح غزة، ويجب استئصال التطرّف من المجتمع الفلسطيني».
«شهادات مروِّعة»
ارتفعت حصيلة القصف الإسرائيلي على القطاع إلى 20674 قتيلاً وزهاء 55 ألف جريح غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس».
وبدأت الحملة الإسرائيلية الأكثر حصداً للأرواح، ضد حركة «حماس» في قطاع غزة، بعد هجوم الحركة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) داخل أراضي الدولة العبرية الذي خلَّف نحو 1140 قتيلاً، معظمهم من المدنيين، وخُطف خلاله نحو 250 شخصاً، لا يزال 129 منهم محتجزين في غزة، وفق الأرقام الإسرائيلية.
وصباح الثلاثاء أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل عنصرين في صفوفه لترتفع إلى 158 حصيلة الجنود الإسرائيليين الذين قُتلوا منذ بدء الهجوم البري في قطاع غزة في 27 أكتوبر.
وفي القطاع الذي تفرض عليه إسرائيل حصاراً مطبقاً منذ 9 أكتوبر، صار وضع 1.9 مليون نازح -أي 85 في المائة من السكان- يائساً، وفق وكالات الأمم المتحدة التي تقول إنه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة.
وحصدت عمليات القصف في الأيام الأخيرة أعداداً كبيرة من القتلى.
وقادت منظمة الصحة العالمية، السبت، بعثة جديدة إلى المستشفيات في مدينة غزة، سلمت خلالها خصوصاً من 19 ألف لتر من الوقود إلى مجمع الشفاء الطبي الأكبر في القطاع.
ونقلت منظمة الصحّة العالمية شهادات «مروّعة» عن قصف مخيّم المغازي للاجئين الفلسطينيين وسط غزة، مشيرةً إلى أنّ هذه الروايات جمعتها طواقمها من «مستشفى الأقصى» الذي نُقل إليه ضحايا هذا القصف الإسرائيلي الذي أوقع عشرات القتلى والجرحى.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة تيدروس أدهانوم غيبريسوس في منشور على منصّة «إكس» إنّ «هذه الضربة الأخيرة تُظهر ضرورة وقف إطلاق النار فوراً».
WHO today visited Al-Aqsa Hospital, where scores of injured people were taken overnight following strikes in central #Gaza, including in the vicinity of the Maghazi refugee camp.Palestinian health authorities reported that 70 people were killed, while Al-Aqsa Hospital staff... pic.twitter.com/B5503C82CT
— Tedros Adhanom Ghebreyesus (@DrTedros) December 25, 2023
وأدت الضربة على مخيم المغازي إلى سقوط ما لا يقل عن 70 قتيلاً، حسب وزارة الصحة التابعة لـ«حماس»، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه «يتحقق من الحادث».
ولم يشهد وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ارتفاعاً ملحوظاً رغم اعتماد مجلس الأمن الدولي قراراً، الجمعة، يطالب بنقل المساعدات «فوراً وعلى نطاق واسع» إلى القطاع.
ضغوط إسرائيلية للإفراج عن الرهائن
في إسرائيل، تتواصل الضغوط للإفراج عن الرهائن. وأطلقت عائلات رهائن محتجزين في قطاع غزة صيحات استهجان ضد رئيس الوزراء نتنياهو في أثناء إلقائه خطاباً في الكنيست، الاثنين.
وردّد أقارب المحتجزين الذين حملوا لافتات وصوراً لأبنائهم: «الآن! الآن!»، رداً على قول نتنياهو إن الجيش يحتاج إلى «المزيد من الوقت» لاستكمال العملية العسكرية.
ومساء الاثنين، تظاهرت عائلات رهائن أمام وزارة الدفاع في تل أبيب.
وتشترط حركة «حماس» وقف القتال قبل بدء مفاوضات جديدة للإفراج عن رهائن جدد.
وعلى الرغم من مواقف طرفي النزاع المتشددة، لا يزال الوسطاء المصريون والقطريون يحاولون التفاوض على هدنة جديدة، بعد هدنة أولى دامت أسبوعاً في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، أتاحت الإفراج عن 105 رهائن و240 معتقلاً فلسطينياً، بالإضافة إلى إدخال قوافل مساعدات إنسانية أكبر إلى غزة.
ضربات أميركية في العراق
وثمة مخاوف كبيرة من توسع نطاق القتال على الصعيد الإقليمي، مع تبادل شبه يومي للقصف بين «حزب الله» اللبناني الموالي لإيران والجيش الإسرائيلي عند الحدود بين الدولة العبرية ولبنان وهجمات المتمردين الحوثيين على سفن في البحر الأحمر وبحر العرب.
وكثرت الهجمات المنسوبة إلى فصائل موالية لإيران على القوات الأميركية في العراق وسوريا.
والثلاثاء، أعلنت الولايات المتحدة أنها شنت ضربات جوية على ثلاثة مواقع تستخدمها فصائل موالية لإيران في العراق.
ونددت الحكومة العراقية «بفعل عدائي واضح» أدى إلى مقتل عنصر على الأقلّ من فصيل عراقي في «الحشد الشعبي» وإصابة 18 شخصاً بينهم مدنيون.
والاثنين اتّهمت طهران إسرائيل بقتل أحد قادة «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الإيراني» بضربة على منطقة السيدة زينب قرب دمشق، في «هجوم صاروخي» إسرائيلي في دمشق، حسب الإعلام الرسمي الإيراني.
ولم يصدر تعليق على الفور من إسرائيل، واكتفى متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالقول: «لا نعلّق على تقارير إعلامية أجنبية».
أما «حزب الله» الموالي لإيران، فأكد في بيان: «نَعدّ هذا الاغتيال اعتداءً صارخاً ووقحاً وتجاوزاً للحدود».
وأكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أن إسرائيل «ستدفع ثمن هذه الجريمة».