محطات النفط والطاقة خارج الخدمة شمال شرقي سوريا

«الشرق الأوسط» ترصد آثار القصف التركي على حقل السعيدة بريف مدينة القامشلي

القصف التركي طال الخزانات الرئيسية لمحطات الطاقة وأدى لاحتراقها بالكامل، وتناثرت أنابيب التوصيل على الأرض، وانهارت شبكة التسخين
القصف التركي طال الخزانات الرئيسية لمحطات الطاقة وأدى لاحتراقها بالكامل، وتناثرت أنابيب التوصيل على الأرض، وانهارت شبكة التسخين
TT
20

محطات النفط والطاقة خارج الخدمة شمال شرقي سوريا

القصف التركي طال الخزانات الرئيسية لمحطات الطاقة وأدى لاحتراقها بالكامل، وتناثرت أنابيب التوصيل على الأرض، وانهارت شبكة التسخين
القصف التركي طال الخزانات الرئيسية لمحطات الطاقة وأدى لاحتراقها بالكامل، وتناثرت أنابيب التوصيل على الأرض، وانهارت شبكة التسخين

في حقل السعيدة النفطي، الذي يقع على بعد نحو 30 كيلومتراً بالريف الشرقي لمدينة القامشلي، الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، يقف مدير المحطة حسن العلي مع مجموعة من العمال والموظفين يقومون بتقييم آثار الأضرار الناجمة عن القصف التركي، الذي طال المحطة، ليل السبت - الأحد، بعدما تعرضت للقصف بـ3 صواريخ حوّلتها إلى بقعة سوداء جراء تسرب آلاف براميل النفط الخام.

وطال القصف خزاناتها الرئيسية، وأدت لاحتراقها بالكامل، وتناثرت أنابيب التوصيل على الأرض، وانهارت شبكة التسخين والقواطع الرئيسية، كما تسبب القصف بانقطاع التيار الكهربائي الذي يغذي المحطة والقرى المجاورة، وتحولت خزانات المحطة وشبكة السخانات والقواطع الرئيسية إلى كتلة متفحمة.

مدير المحطة حسن العلي ومجموعة من العمال والموظفين يقفون فوق برك من النفط الأسود بعد تعرض المحطة لقصف تركي جوي
مدير المحطة حسن العلي ومجموعة من العمال والموظفين يقفون فوق برك من النفط الأسود بعد تعرض المحطة لقصف تركي جوي

يقول المسؤول النفطي حسن العلي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المحطة تعرضت لقصف بطائرات تركية حربية «في تمام الساعة 10 والربع (مساء)، فتحت الطائرات التركية بدايةً جدار الصوت، ليعقب ذلك قصف صاروخي، الأمر الذي أرعب سكان المنطقة، ثم قصفت محطتنا بصاروخين اثنين، أخرجاها عن الخدمة نهائياً».

وبحسب العلي، أدى القصف لاحتراق سخانات النفط وفواصل التجميع وخطوط النقل والقواطع الرئيسية عن الخدمة، وقدّرت نسبة الضرر بأكثر من 50 بالمائة، وتحتاج لعمل شهرين على الأقل لصيانتها حتى تعود للخدمة.

وقامت الطائرات التركية، ليل السبت - الأحد، بسلسلة غارات على مواقع حدودية، شملت محطات للنفط والطاقة، والتهمت ألسنة النيران حقل العودة النفطي في ريف القحطانية، ومحطة سعيدة النفطية، وكذلك شركة الكهرباء في قرية «بانا شكفتيه» في منطقة «كوجرات» التابعة لمنطقة المالكية أو «ديريك» بحسب تسميتها الكردية.

وتخضع هذه الحقول المحاذية للحدود التركية شمالاً لسيطرة عسكرية من «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من تحالف دولي، تقوده الولايات المتحدة الأميركية، بينما تديرها شركات نفطية تتبع «الإدارة الذاتية لإقليم شمال شرقي سوريا».

القصف التركي طال الخزانات الرئيسية لمحطات الطاقة وأدى لاحتراقها بالكامل، وتناثرت أنابيب التوصيل على الأرض، وانهارت شبكة التسخين.
القصف التركي طال الخزانات الرئيسية لمحطات الطاقة وأدى لاحتراقها بالكامل، وتناثرت أنابيب التوصيل على الأرض، وانهارت شبكة التسخين.

وأكد الإداري حسن العلي أن الطاقة الإنتاجية للمحطة قبل القصف كانت بحدود 6 آلاف برميل يومياً، وهي جزء من محطات حقول السويدية، لكنها اليوم باتت خارج الخدمة. مضيفاً: «تعرضت هذه المحطة للقصف التركي 4 مرات خلال عامين، آخرها ليل السبت، ومرة بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومرتان قبل عامين».

وتعرضت مناطق «الإدارة الذاتية» بداية أكتوبر الماضي لسلسلة هجمات تركية جوية مستخدمة الطائرات المسيّرة والحربية، أسفرت عن سقوط 44 شخصاً، بينهم 35 عنصراً من قوى الأمن الداخلي (الأسايش)، ركّزت بشكل خاص على محطات رئيسية للنفط والغاز ضمن الحقول المترامية بالقرب من الحدود السورية - التركية، وأخرى لتوليد الكهرباء وضخّ المياه في مدينتي الحسكة والقامشلي، ما تسبّب بأضرار بالغة في منطقة تعد فيها البنية التحتية هشّة أساساً جراء استمرار الحرب الدائرة منذ سنوات.

ونقل دلكش، الذي يعمل موظفاً في محطة العودة المجاورة لمحطة السعيدة التي تعرضت لقصف مماثل، وكان موجوداً أثناء القصف: «قصفت المحطة بـ3 صواريخ، استهدف الأول الخزان الرئيسي لتجميع النفط الخام، فيما قصف الثاني مشغل صيانة آبار النفط الرئيسية، والثالث معمل توليد الكهرباء، ما تسبب بقطع التيار الكهربائي عن المنطقة برمتها».

وشاهد موفد «الشرق الأوسط» اندلاع النيران وسحب الدخان الأسود الكثيف المتصاعدة في محطة العودة التي تعرضت للقصف ليلاً، ومنذ ساعات الصباح كان رجال الإطفاء وسياراتهم ينهمكون بإخماد وإطفاء اللهب.

محطة السعيدة للنفط والغاز
محطة السعيدة للنفط والغاز

وأشار أحمد إبراهيم، مدير حقول النفط في منطقة الرميلان النفطية، إلى أن محطة العودة هي المنشأة الكبرى والأكثر استراتيجية التي طالها القصف التركي الأخير، «إذ تُعد مصدراً رئيسياً لتغذية خطوط الكهرباء الخدمية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع أساساً معقد، والبنية التحتية للطاقة الكهربائية هشة وضعيفة، وتحتاج للصيانة. واعتبر أن تركيا تهدف من هجماتها المتكررة لزيادة معاناة سكان المنطقة. مضيفاً: «تسعى أنقرة لخلق أزمات خدمية واجتماعية وأمنية».

إلى ذلك، طالبت «الإدارة الذاتية»، في بيان رسمي نُشر على موقعها، اليوم (الأحد)، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل العاجل لردع الهجمات التركية، وناشدت القوى والجهات الحريصة على تحقيق الاستقرار بضرورة اتخاذ مواقف رادعة للهجمات، وإجراء تحقيق وتشكيل لجان تقصي حقائق لرصد وتوثيق الهجمات التركية. ونوّهت أن تلك الهجمات وتداعياتها ستؤثر على مجالات الخدمة والوضع الإنساني للسكان المحاصرين، وحذّرت من تأثيراتها السلبية وتداعياتها على عموم المنطقة، «كما نحذر من عرقلة جهود مكافحة الإرهاب وتعميق الأزمة على الأصعدة والمجالات كافة»، بحسب البيان.


مقالات ذات صلة

40 % ارتفاعاً في إيرادات «طاقة عربية» خلال العام الماضي

الاقتصاد فني يحرك صماماً في أنبوب غاز في منشأة للغاز تابعة لـ«طاقة عربية» (الموقع الإلكتروني لشركة «طاقة عربية»)

40 % ارتفاعاً في إيرادات «طاقة عربية» خلال العام الماضي

أعلنت شركة «طاقة عربية» عن ارتفاع إيراداتها خلال العام الماضي بنسبة 40 في المائة، لتصل إلى 18.9 مليار جنيه (370 مليون دولار)، مقارنة بعام 2023.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد محطة ضخ النفط لخط أنابيب دروجبا في بولندا (رويترز)

توقف تدفق النفط عبر خط أنابيب «دروجبا» إلى التشيك

قال وزير الصناعة التشيكي، إن تدفقات النفط عبر خط الأنابيب الروسي «دروجبا» إلى جمهورية التشيك توقفت مرة أخرى، لكن لا يوجد خطر من نقص في الإمدادات.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
الاقتصاد علم العراق يرفرف أمام حقل نفطي (رويترز)

تأجيل محادثات استئناف صادرات نفط كردستان العراق بسبب خلافات مالية

تأجلت المحادثات لتسريع استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق، حتى يوم الخميس المقبل، بسبب خلافات بشأن الشروط بين شركات النفط ووزارة النفط العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد محطة للغاز الطبيعي المسال تديرها شركة «سخالين» للطاقة في جزيرة سخالين بالمحيط الهادئ (رويترز)

إنتاج النفط والغاز يتراجع في «سخالين» الروسية

تراجع إنتاج النفط والغاز في جزيرة سخالين الروسية الواقعة في المحيط الهادئ خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد شعار «أرامكو السعودية» على صهريج لتخزين النفط (الموقع الإلكتروني لـ«أرامكو»)

«أرامكو السعودية» تتصدر أرباح عمالقة الطاقة في عام 2024

تصدرت شركة «أرامكو السعودية» قائمة كبرى الشركات في مجال الطاقة من حيث الأرباح على مستوى العالم، محققةً 106.2 مليار دولار عام 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

العفو عن مدان بـ«سرقة القرن» يثير جدلاً في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال في قضية «سرقة القرن»... (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال في قضية «سرقة القرن»... (أ.ف.ب)
TT
20

العفو عن مدان بـ«سرقة القرن» يثير جدلاً في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال في قضية «سرقة القرن»... (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال في قضية «سرقة القرن»... (أ.ف.ب)

أثار شمول العفو العام في العراق مداناً بـ«سرقة القرن» جدلاً واسعاً في البلاد، وأعاد التذكير بانتقادات وُجّهت إلى القانون الذي صوت عليه البرلمان، الشهر الماضي، ضمن «سلة واحدة» مع قانونَي «الأحوال الشخصية» و«إعادة العقارات المصادرة».

وتركزت الاعتراضات على القوانين الثلاثة في أنها جاءت ضمن صفقة بين أحزاب من أجل «شمول متورطين كبار بسرقة المال العام وبجرائم إرهابية»، كما يقول منتقدون.

وطبقاً لكتاب متداول يحمل توقيع «مجلس القضاء» عن رئيس محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية، القاضي خالد صدام، فإن «المحكوم الهارب هيثم رمضان تم شموله بقانون العفو العام».

وشغل هيثم الجبوري منصب المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وسبق أن كان عضواً بمجلس النواب لدورتين شغل خلالهما رئاسة اللجنة الاقتصادية.

وهو، إلى جانب المتهم الرئيس نور زهير، أحد كبار المتورطين بسرقة أموال التأمينات الضريبة، في القضية التي تفجرت خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

نسخة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لقرار العفو عن هيثم الجبوري (إكس)
نسخة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لقرار العفو عن هيثم الجبوري (إكس)

ورغم أن حكومة مصطفى الكاظمي هي التي ألقت القبض على المتهمين الرئيسيين بالسرقة، فإن اتهامات كثيرة طالت موظفين سابقين في مكتب رئيس الوزراء، الأمر الذي نفاه الكاظمي مراراً، وغالباً ما أوضح أنها «اتهامات لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة، وتقف وراءها أهداف سياسية».

وأخيراً قال الكاظمي، في تصريحات متلفزة، إن تحقيقات دولية مستقلة أظهرت «براءة فريقي الحكومي من التهم المنسوبة إليه؛ لأن الأدلة ضعيفة، وكانت مدفوعة بكيدية سياسية» على حد تعبيره.

وأصدرت محكمة جنايات الكرخ لمكافحة الفساد، في وقت سابق، أحكاماً بالسجن: لمدة 10 سنوات بحق المتهم نور زهير، و6 سنوات بحق موظفين آخرين قيل إنهم متورطون في الجريمة، كما قرّرت المحكمة سجن عضو مجلس النواب السابق هيثم الجبوري لمدة 3 سنوات.

وما زال مصير المتهم الرئيس بسرقة الأموال الضريبية نور زهير غير معروف، وكان قد غادر البلاد بعد قرار السلطات الإفراج عنه شريطة «إعادة ما سرقه من أموال»، ولم يُعرف حتى الآن حجم الأموال التي أعادها، وما إذا كان مشمولاً بقانون العفو أم لا.

بدوره، أكد عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، محمد جاسم الخفاجي، الثلاثاء، شمول الجبوري بالعفو العام. وأشار في تدوينة عبر «فيسبوك» إلى «شمول واحد من (سراق المال العام) بالعفو، من أصل مئات سيتم شمولهم».

وأضاف الخفاجي: «لم تتم مساندتنا عندما طلبنا تحصين القانون من هؤلاء الذين سرقوا أموال الشعب، وتم اتهامنا بأننا ضد الأبرياء والمظلومين».

وسبق أن تحدث أعضاء في البرلمان، منهم النائب ياسر الحسيني، عن أن «قانون العفو العام سيشمل المتورطين بسرقة القرن وغيرهم من الفاسدين».

واستولت 5 شركات على ما لا يقل عن 2.5 مليار دولار بين سبتمبر (أيلول) 2021، وأغسطس (آب) 2022 من خلال 247 صكاً صُرفت ثم سحبت نقداً من حسابات هذه الشركات، التي فرّ معظم مالكيها خارج البلاد.

صورة متداولة لنور زهير المتهم الرئيسي في القضية المعروفة بـ«سرقة القرن»... (فيسبوك)
صورة متداولة لنور زهير المتهم الرئيسي في القضية المعروفة بـ«سرقة القرن»... (فيسبوك)

أوامر قبض

إلى ذلك، أعلنت «هيئة النزاهة الاتحادية»، الثلاثاء، عن إحصائية لنشاطاتها المتعلقة بمكافحة الفساد والمنفذة خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.

وذكرت «الهيئة»، في بيان، أن «نشاطاتها المنفذة توزعت بين 95 عملية ضبط؛ 20 متهماً تم ضبطهم بالجرم المشهود، بينما بلغت أوامر القبض والاستقدام القضائية بحق ذوي الدرجات العليا 32 أمراً».

وأضافت أن «عدد أحكام الإدانة القضائية 185 حكماً، و318 عدد المدانين بأحكام قضائية، فضلاً عن 61 ملفاً لتسليم الهاربين والأموال المهربة، و4335 عدد استمارات المشمولين بكشف الذمم المالية المتسلّمة».

وأوضحت أن «عدد المشمولين بالكشف الذين ظهر لديهم تضارب في المصالح 3، فيما بلغ عدد زيارات مراقبة الأداء الوظيفي في مؤسسات الدولة 78، في حين أن تقارير تشخيص مشاكل ومعوقات العمل والظواهر السلبية ومتابعة معالجتها بلغت (2) تقرير، بالإضافة إلى 9 إصدارات ورقية والحلقات التلفزيونية والإذاعية، إلى جانب 25 نشاطاً للبحوث والدراسات والتقارير الإحصائية والدورات والورشات والندوات».