الراعي يجدد مطالبته بحياد لبنان

دعا إلى الدفاع دبلوماسياً عن حق الشعب الفلسطيني في العودة

الراعي في عظة الأحد (إكس)
الراعي في عظة الأحد (إكس)
TT

الراعي يجدد مطالبته بحياد لبنان

الراعي في عظة الأحد (إكس)
الراعي في عظة الأحد (إكس)

جدد البطريرك الماروني بشارة الراعي مطالبه بحياد لبنان، وعودته كمدافعٍ بالدبلوماسية عن أي حقوق ضائعة، وذلك في ظل معركة عسكرية يخوضها «حزب الله» ضد إسرائيل في الجنوب، دعماً لغزة، فيما رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن الحياد «يعني الهروب».

وكان الراعي بدأ قبل عامين بالدعوة إلى تطبيق «الحياد الناشط» في لبنان، وإبعاده عن الصراعات في الشرق الأوسط، وهو ملف أثار برودة في العلاقة مع «حزب الله»، قبل أن تتحسن العلاقة تدريجياً بين الطرفين في الأشهر الماضية. وتنقسم القوى السياسية اللبنانية بين مؤيد للانخراط العسكري في معركة غزة، وبين رافض لهذا التدخل. ويقول أنصار الرأي الأخير إن حلحلة أي ملف تتم بالطرق الدبلوماسية والسياسية.

ويؤيد الراعي حل النزاعات بالطرق الدبلوماسية، وقال في عظته خلال قداس الأحد: «في سياق امتداد الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس في قطاع غزّة إلى جنوب لبنان خلافاً لقرار مجلس الأمن 1701، ووقوع ضحايا لبنانيّة، وهدم منازل، وإتلاف بساتين وأحراش، وتهجير أهلنا هناك، نعود فنكرّر وجوب عودة لبنان إلى ذاته، أي إلى حياده الإيجابيّ الناشط في رسالته، كأرض للتلاقي والحوار، وكصاحب دور في حلّ النزاعات بالطرق السلميّة، وكمدافع بالطرق الدبلوماسيّة عن الحقوق المسلوبة في أي بلد عربيّ، وفي طليعتها حقوق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى أرضه، وبإقرار دولة خاصّة به».

وأوضح الراعي أن حياد لبنان «ليس أمراً جديداً أو ابتكاراً، بل هو من صميم هويّته. فيرقى إلى سنة 1860، زمن المتصرّفيّة، فإلى ما قبل إعلان دولة لبنان الكبير بشهرين، وتحديداً في 10 يوليو (تموز) 1920، إذ أعلنه مجلس إدارة المتصرّفيّة حياداً سياسيّا بحيث لا يحارِب ولا يحارَب، ويكون بمعزلٍ عن أيّ تدخّل حربيّ».

وأشار الراعي إلى أن الحياد «تكرّس لاحقاً في الميثاق الوطنيّ (سنة 1943) بحيث ينعم لبنان بالاستقلال التام عن الدول الغربيّة والعربيّة. فلا وصاية ولا حماية، ولا امتياز، ولا يوجد مركز ممتاز لأيّ دولة من الدول». وتابع الراعي: «منذ ذلك الحين ظهر (الحياد) أو (التحييد) في جميع البيانات الوزاريّة»، لافتاً إلى أن حياد لبنان «يجد جذوره أيضاً في ميثاق جامعة الدول العربيّة سنة 1945، وفي مجمل أعمالها الإعداديّة ومداخلات اللبنانيّين. فكان الإجماع على أن يكون لبنان دولة مساندة لا دولة مواجهة، وأن يكون لبنان عنصر تضامن بين العرب، وليس عامل تفكيك وتغذية للنزاعات العربيّة، وخروجاً عن التضامن العربيّ لصالح استراتيجيات لا تخدم المصالح العربيّة المشتركة».

وأشار الراعي إلى «بيان بعبدا» في 11 يونيو (حزيران) 2012 الذي وافقت عليه بالإجماع الكتل السياسيّة، وأكد الإعلان حياد لبنان بتعبير (النأي بالنفس)، واعتمده مجلس الأمن من بين وثائقه، وفي 19 مارس (آذار) 2015، طالب الفئات اللبنانيّة بتطبيقه نصّاً وروحاً.

رد الإفتاء الجعفري

ولا تحظى دعوة الراعي لحياد لبنان بإجماع سياسي لبناني، وسرعان ما جاء الرد على لسان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي قال في تهنئة بمناسبة الميلاد: «لا يمكننا ترك الدماء المظلومة في غزّة دون صراخ، ولا يمكننا كفّ اليد»، معتبراً أن «الحياد هنا هروب».

وأكد قبلان أن «الانخراط بمعركة المظلوم والمقتول والمعذب والمحتلة أرضه والمغتصبة بلاده أكبر فرائض السماء، ومن أكبر فرائض الرب الانتصار لأشلاء أطفال غزة ونسائها وكنائسها ومساجدها، والانحياز للحق ضرورة دين بمقدار ضرورة الصخرة التي بُنِيت عليها الكنيسة والركن الذي قام عليه المسجد».


مقالات ذات صلة

سلام «يستشير» النواب في شكل حكومته… وتفاؤل بـ«أداء جديد»

المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام (إ.ب.أ)

سلام «يستشير» النواب في شكل حكومته… وتفاؤل بـ«أداء جديد»

برزت دعوات الكتل النيابية اللبنانية إلى تشكيل «حكومة كفاءات» مع إطلاق الرئيس المكلف، نواف سلام، الاستشارات النيابية غير الملزمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون ينتشرون قرب الجدار الفاصل مع لبنان (رويترز)

إسرائيل تدفع بتعزيزات إلى كفركلا وتواصل نسف بيوت جنوب لبنان

دفعت القوات الإسرائيلية الأربعاء بتعزيزات جديدة إلى المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، استعداداً للتوجه إلى بلدة كفركلا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام (رويترز)

لبنان: سلام يحتوي تداعيات مقاطعة «الثنائي الشيعي» الاستشارات بلقاء بري

قاطع الثنائي الشيعي «حزب الله» و«حركة أمل»، الأربعاء، الاستشارات النيابية غير الملزمة التي عقدها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، نواف سلام، في البرلمان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي 
رئيس الجمهورية اللبناني مجتمعاً مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة المكلف أمس (رويترز)

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

تكثفت الاتصالات في لبنان لمعالجة تداعيات تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة وسط معارضة «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري لهذا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يلوح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ) play-circle 01:44

ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟

يستغرب كثيرون معارضة «الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل)» الشديدة تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.

بولا أسطيح (بيروت)

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
TT

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)

ثلاث رسائل أساسية يحملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته القصيرة للبنان الجمعة، وهي الزيارة الثالثة من نوعها بعد الزيارتين اللتين قام بهما بعد حادثة تفجير المرفأ صيف عام 2020؛ وتتناول «سيادته على أراضيه، وإصلاحه اقتصاده لتوفير التنمية والازدهار، والمحافظة على وحدته».

ويحط ماكرون في بيروت وبمعيته وفد رسمي ضيق، يضم وزيري الخارجية والدفاع جان نويل بارو وسيباستيان لو كورنو، ومبعوثه الخاص إلى لبنان الوزير السابق جان إيف لو دريان، وعدداً قليلاً من النواب ومجموعة من الشخصيات التي لديها صلات «خاصة» بلبنان، وهم مدعوون شخصيون لماكرون.

ووفق البرنامج المتوافر، فإن ماكرون سيلتقي العماد عون في قصر بعبدا، بعدها سيتحدث الرئيسان إلى الصحافة. كذلك سيلتقي ماكرون الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ورئيس الوزراء المكلف نواف سلام الذي سبق لفرنسا أن اقترحته رئيساً لحكومة إصلاحية مقابل انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وفي سياق اجتماعاته، سيلتقي ماكرون قادة الفينول في مقر السفير الفرنسي في بيروت ورئيسي مجموعة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار «الجنرالين الأميركي والفرنسي» لمراجعة كيفية تطبيق الاتفاق، والعمل على تسريع انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني.

تريد باريس أن تكون إلى جانب لبنان اليوم وغداً، كما كانت بالأمس، وهي تعتبر، وفق المصادر الرئاسية، أن لبنان «بلد أكبر من حجمه»، وأنه «يتحلى، في الشرق الأوسط اليوم، بقيم سياسية ورمزية واستراتيجية». وتعتبر هذه المصادر أن «انخراط فرنسا إلى جانب لبنان، اليوم، يمكن أن يتم في ظروف أفضل بعد انتخاب عون وتكليف سلام، وبسبب التطورات التي حصلت في الإقليم». وباختصار، تريد باريس أن «تساهم في بزوغ لبنان الجديد».

يحتل ملف «السيادة» الأولوية في المقاربة الفرنسية، التي تذكر مصادرها بما قامت وتقوم به باريس لمساعدة الجيش اللبناني، إن بالتجهيز أو بالتدريب، أو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإقامة لجنة المراقبة.

وتركز فرنسا على أهمية تمكين الدولة اللبنانية بفرض الرقابة على حدودها، والسيطرة على كامل أراضيها، معتبرة أن ذلك يعد «جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ القرار 1701». وتضيف المصادر، المشار إليها، أن ثمة «فرصة للبنانيين لإظهار أنهم قادرون على ترميم سيادتهم». أما بخصوص الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، فقد قالت المصادر الرئاسية إن باريس تريد أن يتم وفق البرنامج الموضوع له، داعية إسرائيل، و«حزب الله» أيضاً، إلى الالتزام به.

ثمة عنصر آخر أشار إليه قصر الإليزيه، في معرض العمل لسيادة لبنان، ويتمثل في تركيز وزير الخارجية الفرنسي، عند زيارته لدمشق ولقائه أحمد الشرع، على «ضرورة احترام السيادة اللبنانية، وفرض الرقابة على الحدود، ومنع التهريب، وألا تكون سوريا مصدر تهديد لجيرانها»؛ وهي المسائل نفسها التي تناولها ميقاتي في زيارته إلى سوريا مؤخراً.

تقيم باريس فاصلاً بين عودة السيادة وبين دعوة «حزب الله» للتحول إلى حزب سياسي مثل بقية الأحزاب العاملة في لبنان، وهي تدرج هذا التحول في إطار المحافظة على وحدة لبنان. وتقوم القراءة الفرنسية على اعتبار أن «حزب الله» فقد الكثير من قدراته العسكرية ومن قياداته، وخسر استراتيجياً بسبب سقوط نظام الأسد، ويصعب عليه اليوم التزود بالسلاح كما كان الحال في السابق.

وبالنظر لكل هذه التحولات، فقد ذكرت مصادر «الإليزيه» أن الرئيس ماكرون «شجع دوماً (حزب الله) على التحول إلى حزب سياسي، وأنه كان جزءاً من طاولة الحوار التي ترأسها ماكرون في عام 2020، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر التخلي عن سلاحه، والدخول بشكل كامل في اللعبة السياسية» اللبنانية. وترى باريس أنه «بدلاً من ميزان القوى الذي كان سائداً في السابق، فإن المطلوب أن يدخل (حزب الله) في عقد سياسي حكومي، ما يمكن من عودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي، ويحافظ على وحدة جميع اللبنانيين».

أما الرسالة الثالثة التي يحملها ماكرون، فعنوانها «رغبة باريس في الاستمرار في مواكبة اللبنانيين ومساعدتهم على القيام بالإصلاحات البنيوية المطلوبة منهم»، التي تمر بداية بتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعد شرطاً لإعادة إنهاض الاقتصاد اللبناني.

وتعتبر فرنسا أن لا مساعدات للبنان «من غير ترميم الثقة الدولية به»؛ الأمر الذي يحتاج إلى توفير الشفافية و«تنظيف» الاقتصاد. والأهم من ذلك، أن باريس التي تريد العمل من أجل إنهاض الاقتصاد اللبناني، تصر على إجراء الإصلاحات من أجل أن تكون قادرة على تعبئة الأسرة الدولية من أجل مساعدة لبنان. ولدى سؤالها عما إذا كانت فرنسا تحضر لمؤتمر دولي، على غرار الذي دعت إليه الخريف الماضي لدعم الجيش واللبنانيين، لم توفر إجابة واضحة، بل فهم أن فرنسا لن تتردد في القيام بكل مع هو مفيد من أجل مساعدة لبنان.

وأشارت المصادر الفرنسية، أكثر من مرة، إلى العمل المشترك الذي تقوم به باريس بالتشاور والتنسيق مع السعودية، وأيضاً مع الولايات المتحدة، بما في ذلك فريق العمل الذي سيصل إلى البيت الأبيض في «حقائب» دونالد ترمب، مؤكدة أن التشاور «مستمر» مع واشنطن، وأن الطرفين «توصلا إلى رؤية مشتركة» بالنسبة للبنان.