إسرائيل تقيّد الصلاة في الأقصى... وإصابات واعتقالات في أنحاء الضفة

«عملية دهس» لشُرطية قرب جنين

الشرطة الإسرائيلية تُطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق فلسطينيين في ضاحية باب الجوز بالقدس اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
الشرطة الإسرائيلية تُطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق فلسطينيين في ضاحية باب الجوز بالقدس اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقيّد الصلاة في الأقصى... وإصابات واعتقالات في أنحاء الضفة

الشرطة الإسرائيلية تُطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق فلسطينيين في ضاحية باب الجوز بالقدس اليوم الجمعة (أ.ف.ب)
الشرطة الإسرائيلية تُطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق فلسطينيين في ضاحية باب الجوز بالقدس اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

للأسبوع الحادي عشر على التوالي، منعت الشرطة الإسرائيلية عشرات ألوف المصلّين من الوصول إلى المسجد الأقصى، لأداء صلاة الجمعة فيه، كما فعلت، منذ شن الحرب على قطاع غزة. وعندما أصرّ المُصلّون على البقاء قريبين من الحَرَم الشريف، في وادي الجوز المحاذي للبلدة القديمة من القدس، هاجمتهم بقنابل الغاز، مما أدى إلى إصابة عشرات بحالات اختناق، على أثر استنشاقهم الغاز المُسيل للدموع.

ووفقاً لـ«دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس»، فإن الشرطة الإسرائيلية شرعت في فرض قيود شديدة على دخول المصلّين المسجد الأقصى، من 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن القيود تزداد حِدّة في أيام الجمعة. وانتشرت قوات كبيرة من الشرطة عند بوابات البلدة القديمة، وأقامت الحواجز لمنع المصلّين من المرور، كما انتشرت قوات كبيرة في أزقّة البلدة القديمة وعند البوابات الخارجية للمسجد الأقصى. ولم تسمح الشرطة الإسرائيلية بالعبور سوى لكبار السن.

فلسطينيون في باحات مجمع الأقصى قبل صلاة الجمعة (رويترز)

وقال مسؤول في «إدارة الأوقاف» إن 12 ألفاً فقط تمكنوا من أداء صلاة الجمعة، اليوم، في المسجد الأقصى، مقارنة مع أكثر من 50 ألفاً في الجُمع العادية، ما قبل فرض القيود. وكانت فعاليات وطنية وإسلامية في القدس قد دعت لإغلاق المساجد الصغيرة بالقدس في موعد صلاة الجمعة، والتوجه إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة. لكن قوات ضخمة من الشرطة حضرت ولم تسمح للمصلّين بالمرور، بما في ذلك مئات المصلّين الذين قدموا من المدن والبلدات العربية من سكان إسرائيل «فلسطينيي 48»، ما أجبرهم على أداء الصلاة في الشوارع القريبة من البلدة القديمة في القدس. وهاجمت الشرطة عشرات المصلّين الذين تجمعوا للصلاة في حي وادي الجوز قرب البلدة القديمة. وقال شهود إن الشرطة أطلقت قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتجاه الفلسطينيين، ولاحقتهم بالشوارع مستخدمة المياه العادمة. كما أشار شهود إلى اعتداءات الشرطة على مصلّين في مناطق باب العامود وباب الساهرة حيث حاول فلسطينيون أداء الصلاة بالشوارع.

قوات إسرائيلية خلال انتشارها اليوم الجمعة في وادي الجوز شرق القدس (أ.ف.ب)

وشهدت الضفة الغربية بجميع مناطقها اعتداءات من الشرطة الإسرائيلية، طيلة ليلة الخميس - الجمعة وفي النهار، وأفادت مصادر فلسطينية بأنه أصيب مواطنان برصاص قوات الجيش لدى اقتحامه بلدة حلحول شمال الخليل. وأفاد مواطنون بأن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة، وسيّرت آلياتها في شوارعها، ما أدى لاندلاع مواجهات. واعتقلت قوات الجيش شابّين من قرية خرسا، جنوب بلدة دورا في محافظة الخليل. واستولت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الجمعة، على 31 مركبة من بلدة صوريف، شمال غربي الخليل، وذلك دون تفسير. وخلال انسحابها داهمت عدة منازل وفتّشتها وعبثت بمحتوياتها، وحطّمت صَرحاً مشيّداً في البلدة.

كما اعتقلت قوات الجيش شاباً من مدينة قلقيلية، في عملية عسكرية كبيرة، وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال اقتحمت المدينة بعدة آليات عسكرية، وتمركزت في حي كفر سابا، وحاصرت منزلاً واعتقلت منه الشاب توفيق أبو لبدة، كما نشرت القناصة فوق عدد من بنايات الحي. وأصيب مواطن، واعتقل اثنان آخران، خلال اقتحام قوات الاحتلال، فجر الجمعة، مدينة طوباس، واعتقلت مواطنيْن بعد مداهمة منزليهما؛ للضغط على نجليهما لتسليم نفسيهما.

الشرطة الإسرائيلية تراقب وصول المصلين لأداء صلاة الجمعة في الأقصى (د.ب.أ)

كما اقتحمت قوات الجيش، فجر الجمعة، قرى شمال شرقي جنين. وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال اقتحمت قرى دير أبو ضعيف وجلبون وجلقموس، ونشرت القناصة على أسطح البنايات وشنّت حملة تمشيط وتفتيش واسعة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة في دير أبو ضعيف.

وأُصيب فلسطيني من الضفة الغربية بجروح، بعد إطلاق قوات الجيش النار عليه في بلدة برطعة قرب جنين، بزعم محاولته تنفيذ عملية دهس. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بإصابة شُرطية من حرس الحدود دهساً. وقال طاقم طبيّ إسرائيليّ وصل إلى المكان، إن «شرطيّة تعرضت للدهس عند مفترق برطعة، وأصيبت بجروح طفيفة في ساقها، ونُقلت للمستشفى؛ لاستكمال تلقّي العلاج». وأضاف الطاقم، في بيان: «وخلال الحدث أُصيب أحد المشتبه بهم بطلق ناري في ساقه، وجرى نقله من قِبل الهلال الأحمر، وفرّ مشتبه به آخر، وجارٍ التحقيق في تفاصيل الحدث».

جانب من مسيرة في رام الله اليوم الجمعة دعماً للفلسطينيين في غزة (رويترز)

وكان الجيش قد أقام، منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، حاجزاً أغلق به برطعة في كلا الاتجاهين، يومياً من الساعة السادسة مساء، وحتى السادسة صباحاً، وعندما يفتحه يسمح للمواطنين بالمرور عبره مشياً فقط. وهذا هو المدخل الوحيد للبلدة والقرى المجاورة لها، للتواصل مع محافظة جنين وبلداتها وبقية محافظات الوطن، مما تسبَّب في إغلاق معظم المحالّ التجارية وتحوّل إلى حصار خانق.

وفي كفر قدوم، شرق قلقيلية، أصيب طفل برضوض، الجمعة، جراء اعتداء قوات الجيش عليه، بعد عملية اقتحام. وأفادت مصادر محلية بأن القوات هاجمت القرية، عقب انطلاق المسيرة الأسبوعية، وداهمت منزل المواطن عبد الله موسى علي، واعتدَت على طفله ساري (15 عاماً) بالضرب، ما أدى لإصابته برضوض في أنحاء متفرقة من جسده.


مقالات ذات صلة

عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى

المشرق العربي مستوطنون يقتحمون الأقصى (أرشيفية - وفا)

عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى

اقتحم عشرات المستوطنين اليوم (الثلاثاء)، باحات المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة، بحماية الشرطة الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية الباحة الخارجية للمسجد الأقصى (أ.ف.ب)

النيابة العامة الإسرائيلية تقدم لائحة اتهام ضد إمام وخطيب الأقصى

قدمت النيابة العامة الإسرائيلية لائحة اتهام ضد رئيس الهيئة الإسلامية العليا وإمام وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري لـ«تحريضه على الإرهاب».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي تجمع للمستوطنين في القدس اليوم بمناسبة احتفال إسرائيل بسيطرتها على المدينة عام 1967 (إ.ب.أ)

مسيرة الأعلام: مستوطنون يعتدون على الفلسطينيين بحماية الجنود

ترافقت مسيرة الأعلام الاستيطانية في القدس اليوم مع اعتداءات على الفلسطينيين تحت حماية الشرطة الإسرائيلية وجنود حرس الحدود.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي «مسيرة الأعلام» لليمين المتطرف في القدس القديمة ذات الأغلبية الفلسطينية العام الماضي (إ.ب.أ)

تأهب فلسطيني للتصدي لمسيرة إسرائيلية استفزازية بالقدس

حذرت «الهيئة الإسلامية - المسيحية لنصرة القدس والمقدسات» من خطورة التصعيد الإسرائيلي على المسجد الأقصى، عشية إحياء ذكرى احتلال المدينة المقدسة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية كتابات على جدران في دبلن تقول «النصر لفلسطين» بعد أن أعلنت آيرلندا الأربعاء أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية (رويترز)

إسرائيل تكسر القوالب وتدرس معاقبة إسبانيا والنرويج وآيرلندا

تتجه إسرائيل لإقامة مستوطنة مقابل كل دولة تعترف بالدولة الفلسطينية معاقبة السلطة بمصادرة أموال المقاصة، والعودة إلى الاحتلال والاستيطان شمال الضفة.

نظير مجلي (تل أبيب)

الاغتيالات وتداعياتها قد تجران «حزب الله» وإسرائيل لحرب لا يريدانها

قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

الاغتيالات وتداعياتها قد تجران «حزب الله» وإسرائيل لحرب لا يريدانها

قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يكرر فيه «حزب الله» وإسرائيل، منذ بداية الحرب قبل ستة شهور، أنهما غير معنيين بتوسيع نطاق الحرب، وفيما يؤكد الوسيط الأميركي عاموس هوكستين أن هناك صيغة اتفاق بينهما على وقف النار وأكثر، وتؤكد أوساط عدة وجود تفاهمات أميركية إيرانية بالحفاظ على سقف محدود لا يتم تجاوزه إلى حرب واسعة، فإن التصرفات على الأرض تشير إلى احتمال غير قليل بأن تفلت الأمور في لحظة ما وتسفر عن اشتعال حرب مدمرة لا أحد يريدها.

فـ«حزب الله» يعلن بصراحة أنه لا يريد توسيع الحرب، وأنه في حال التوصل إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة سيوقف قصف إسرائيل فوراً. وفي إسرائيل يؤكدون أن كل ما يريدونه هو إعادة سكان الجليل المهجرين إلى بيوتهم ليعيشوا فيها بسلام من دون تهديد بالقصف من «حزب الله»، ويطلبون ابتعاد قوات «حزب الله» إلى مسافة 10 كيلومترات من الحدود القائمة بين البلدين، ويفضلون تحقيق ذلك بالمفاوضات السياسية.

لكن ما يجري على الأرض يبدد التفاؤل بإمكانية عبور هذه الجولة من دون حرب واسعة. فإسرائيل نفذت اغتيالات دقيقة بشكل لافت بحق عدد كبير من القادة الميدانيين لـ«حزب الله»، بينهم قائد «قوات الرضوان» في الجنوب وسام الطويل، الذي كان يعد مسؤولاً عن القصف البعيد المدى باتجاه إسرائيل، وتم اغتياله في يناير (كانون الثاني) الماضي، وطالب عبد الله (أبو طالب)، قائد القطاع الشرقي (تم اغتياله قبل شهر)، ومحمد نعمة ناصر، قائد القطاع الغربي، الذي اغتيل قبل يومين، وجميعهم يحملون رتبة تضاهي رتبة عميد في الجيش. ورد «حزب الله» على هذه الاغتيالات بقصف مكثف لمواقع ذات حساسية استراتيجية، وردت إسرائيل على الرد بقسوة.

«حزب الله» لم يخرج كل أسلحته

وفي تقرير لمعهد أبحاث «آلما» الإسرائيلي المتخصص بشؤون لبنان، فإن القيادة العسكرية الإسرائيلية تعترف بأن «حزب الله» ما زال يرد على العمليات الحربية الإسرائيلية والاغتيالات بشكل محدود، وتحت السقف المتفق عليه بين واشنطن وطهران. فهو يلتزم بتنفيذ القصف على منطقة جغرافية تقتصر على المواقع والمصانع العسكرية بشكل رئيسي. ومع أنه يستخدم أسلحة جديدة ويظهر ضلوعاً بأسرار إسرائيل العسكرية، إلا أنه لا يخرج كل أسلحته وقدراته. وهذا الحذر من قبل «حزب الله» ينعكس أيضاً في نتائج القصف. فحتى الآن قتل 550 لبنانياً، بينهم 370 عنصراً من «حزب الله»، في مقابل 29 قتيلاً إسرائيلياً، كما أن الدمار قائم في الجنوب اللبناني وفي الشمال الإسرائيلي على السواء، وكذلك اضطرار الأهالي إلى ترك بيوتهم وبلداتهم (نحو 70 ألف إسرائيلي و200 ألف لبناني). ومع ذلك، فإن الاغتيالات الإسرائيلية مستمرة، وكذلك القصف من قبل «حزب الله».

وقد ارتدع قادة الجيش الإسرائيلي عن الانطلاق إلى حرب موسعة حتى الآن، برغم نتائج استطلاعات أشارت إلى أن 62 في المائة من المواطنين يطالبون بتوسيع الحرب لتوجيه ضربة قاضية لـ«حزب الله»، لأنهم أدركوا أن الجمهور لا يدرك الثمن الذي سيدفعه فيما لو اشتعلت حرب مفتوحة مع «حزب الله»، وأكدوا أن «إسرائيل قادرة على محو بيروت وإعادة لبنان إلى العصور الوسطى، لكن ذلك سيكون له ثمن باهظ. فقد يتمكن (حزب الله) من تدمير أحياء في تل أبيب وحيفا، ويوقع ألوف القتلى».

وقد بدأت أصوات ترتفع محذرة من أن إسرائيل ليست جاهزة لحرب مع «حزب الله»، خصوصاً أن إيران تهدد بالانضمام إليها في حال بلغت عمقاً كبيراً ضد «حزب الله».

مخاطر الحرب ضد «حزب الله»

ونشر معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب دراسة في مطلع الأسبوع خلصت إلى أنه «إذا اندلعت حرب شاملة ضد (حزب الله)، فمن الأفضل لإسرائيل أن تعمل على صياغتها بحيث تكون قصيرة ومحدودة جغرافياً قدر الإمكان، وذلك بهدف إلحاق أضرار مادية ومعنوية أقل بالجبهة الداخلية الإسرائيلية. وفي كل الأحوال، المطلوب تنسيق كبير للتوقعات مع الجمهور فيما يتعلق بالهدف والإنجاز المطلوب في الحرب، وكذلك المخاطر المتوقعة منها والاستعداد المطلوب لها. ولم يتم حتى الآن اتخاذ أي خطوات لإعداد الجمهور لهذا السيناريو».