قتلى غزة يتجاوزون أي خسارة للعرب في حروبهم مع إسرائيل

على مدى الأعوام الأربعين الماضية

دفن جثامين أفراد في عائلة فلسطينية قضت بالقصف الإسرائيلي على رفح الجمعة (أ.ب)
دفن جثامين أفراد في عائلة فلسطينية قضت بالقصف الإسرائيلي على رفح الجمعة (أ.ب)
TT

قتلى غزة يتجاوزون أي خسارة للعرب في حروبهم مع إسرائيل

دفن جثامين أفراد في عائلة فلسطينية قضت بالقصف الإسرائيلي على رفح الجمعة (أ.ب)
دفن جثامين أفراد في عائلة فلسطينية قضت بالقصف الإسرائيلي على رفح الجمعة (أ.ب)

تجاوز عدد سكان قطاع غزة الذين أُبْلِغَ عن مقتلهم خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 10 أسابيع في القطاع، فعلياً عدد القتلى في أي صراع عربي آخر مع إسرائيل منذ أكثر من 40 عاماً، وربما أي صراع آخر منذ تأسيس دولة إسرائيل عام 1948. وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الخميس، أن عدد القتلى تجاوز 20 ألف شخص، ما يجعله أعلى من أحد أكثر التقديرات موثوقية عن القتلى في لبنان إثر الغزو الإسرائيلي عام 1982. وعلى الرغم من أن المسؤولين في غزة قالوا إن إحصاء القتلى أصبح يشكّل تحدياً متنامياً، فإن معظم الخبراء يقولون إن العدد المذكور من المرجح أن يكون أقل من العدد الحقيقي، ويعربون عن صدمتهم من ضخامة الخسارة.

وقال بعض الخبراء العسكريين إن عدد القتلى في هذه الحرب كان أسرع من عدد القتلى في المراحل الأكثر دموية من الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في أفغانستان أو العراق. وقال عزمي كيشاوي، محلل شؤون غزة في مجموعة الأزمات الدولية، إن هذه الحرب كانت «أكثر رعباً» من أي حرب أخرى شهدها من قبل. وقال إنه فر هو وأسرته من منزله في شمال غزة، وانتقلوا 6 مرات حتى الآن. وهم يعيشون الآن في خيمة بالقرب من ملجأ للأمم المتحدة في مدينة رفح الجنوبية.

مراسم دفن فلسطينيين من عائلة حجازي قضوا في غارات إسرائيلية على رفح يوم 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

ويشن الجيش الإسرائيلي حملة جوية وبرية مكثفة للقضاء على حركة «حماس»، الجماعة الفلسطينية المسلحة التي تحكم غزة، والتي قادت الهجوم الذي وقع في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، والذي قال مسؤولون إنه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص في إسرائيل، من بينهم مئات الجنود.

ويعكس ارتفاع عدد القتلى كيف اختارت إسرائيل شن الحرب مستخدمة آلاف الغارات الجوية والقنابل الثقيلة والمدفعية في منطقة صغيرة مكتظة بالمدنيين الذين لا يستطيعون الفرار. وقالت إسرائيل إن «حماس» بنت شبكة أنفاق واسعة تحت الأرض لحماية مقاتليها وأسلحتها، واضعة البنية التحتية المدنية والسكان على الأرض في مرمى النيران.

ومن المعتقد أن الحرب الأخيرة بين إسرائيل و«حماس» هي الصراع الأكثر دموية لدى الفلسطينيين منذ تأسست إسرائيل منذ 75 عاماً. ووفقاً للمكتب المركزي للإحصاء الفلسطيني، قُتل ما يُقدر بنحو 15 ألف فلسطيني خلال الحرب التي أعقبت إنشاء إسرائيل عام 1948.

وإذا كانت الأرقام الواردة من غزة دقيقة، فإن الوفيات في الصراع الحالي تجاوزت أيضاً التقديرات الأكثر استدلالاً للخسائر في الأشهر الثلاثة الأولى من غزو لبنان في عام 1982. ولكن كما هي الحال في غزة اليوم، يقول باحثون إن عدد القتلى في لبنان قد لا يُعرف أبداً على وجه اليقين بسبب ضبابية الحرب، حتى بعد مرور 4 عقود عليها.

فلسطينيون أصيبوا في الغارات الإسرائيلية خلال نقلهم للعلاج في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس يوم 4 ديسمبر (أ.ف.ب)

ويأتي هذا التقدير من تحليل سجلات الشرطة والمستشفيات الذي جمعته صحيفة «النهار» عام 1982، التي كانت في ذلك الوقت من بين أكثر الصحف احتراماً في العالم العربي. وقُدر عدد القتلى بنحو 17825 شخصاً. ولكن الصحيفة قالت إن هذا العدد كان على الأرجح أقل من العدد الحقيقي، وفي عام 1982 ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «ترقيم الموتى بشكل صحيح أمر مستحيل عملياً» في لبنان. وفي حرب الشرق الأوسط عام 1967، قُدر عدد القتلى المصريين والسوريين وغيرهم بنحو 19 ألف شخص أثناء القتال ضد إسرائيل، بينما قُتل عدد مماثل — معظمهم من السوريين والمصريين — في حرب عام 1973، وفقاً لوكالة «أسوشيتد برس». وكما هي الحال في حربي غزة ولبنان، فإن عدد القتلى في هذه الحروب غير معروف أيضاً، ولكن يُعتقد أن معظم القتلى هم من المقاتلين. وفي المقابل، أعلنت وزارة الصحة في غزة، وهي جزء من الحكومة التي تديرها «حماس» في القطاع، يوم الأربعاء أن نحو 70 في المائة من القتلى هم من النساء والأطفال. ولا تعطي السلطات في غزة أي معلومات عن عدد القتلى من المقاتلين. وكانت الوزارة قد أعلنت، الخميس، أن عدد القتلى بلغ 20 ألفاً و57 شخصاً. وتزعم إسرائيل أنها قتلت نحو 7 آلاف من مقاتلي «حماس»، ولكنها لم توضح كيف توصلت إلى هذا العدد.

فلسطينيون يبكون أقارب قُتلوا في غارات إسرائيلية على خان يونس بجنوب قطاع غزة الجمعة (إ.ب.أ)

ومن المتوقع أن ترتفع حصيلة القتلى في غزة بشكل كبير عندما يتمكن الفلسطينيون من انتشال الجثث إثر الدمار الهائل الذي أحدثته الحرب. وقال متحدث باسم حكومة غزة يوم الأربعاء إنه بالإضافة إلى القتلى، هناك 6700 شخص في عداد المفقودين. ويُعتقد أن كثيراً منهم ما زالوا تحت الأنقاض. قال عمر شاكر، مدير مكتب «هيومن رايتس ووتش» في إسرائيل وفلسطين: «من المرجح أن كثيراً من الأشخاص المفقودين تحت الأنقاض قد لقوا حتفهم». وأضاف أنه لهذا السبب: «من المرجح أن يرتفع عدد القتلى حتى إن توقف القصف اليوم». ولم تتمكن أي منظمة مستقلة من التحقق من عدد القتلى في غزة بسبب صعوبات العمل في القطاع. ومع استمرار الصراع، أصبح جمع أعداد الضحايا أكثر صعوبة. تجمع وزارة الصحة في غزة بيانات عدد القتلى من سجلات المستشفيات والمشارح المحلية، وفق ما ذكره مسؤولون في المنطقة. ولكن في الأسابيع الأخيرة، قال المكتب الإعلامي الحكومي إنه تدخل للمساعدة في جمع الأرقام بعد قصف منشآت وزارة الصحة، وأصبحت 27 مستشفى، من أصل 36 مستشفى في غزة، خارج الخدمة بسبب الغارات الجوية وسط حصار إسرائيلي فرض قيوداً مشددة على دخول المواد الغذائية والمياه والوقود والأدوية. كما أن الانقطاعات المتكررة في الاتصالات الناجمة عن الهجمات الإسرائيلية على أبراج الاتصالات، والسيطرة الإسرائيلية على خطوط الاتصالات في القطاع، فضلاً عن نقص الوقود، جعلت جمع المعلومات أمراً صعباً للغاية. قال محمود الفرا، المتحدث باسم المكتب الإعلامي الحكومي، إن على الأشخاص الذين يجمعون البيانات الاستفادة القصوى من «الإمكانات المتاحة» وسط القتال. وأضاف: «من الصعب إحصاء هؤلاء لأن عدد الشهداء كبير». طوال فترة الحرب، أصدرت وزارة الصحة في غزة أرقاماً محدثة للقتلى وُصفت بأنها موثوق بها على نطاق واسع من قبل منظمة الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية، ودراسة نُشرت هذا الشهر في مجلة «ذا لانسيت» الطبية البريطانية.

بحث عن ناجين بين الأنقاض في رفح يوم 20 ديسمبر الحالي (أ.ب)

وفي هذا الشهر، عندما قالت الوزارة إن عدد القتلى قد تجاوز 15 ألفاً، قال بعض المسؤولين الإسرائيليين إنهم يعتقدون أن هذا الرقم دقيق تقريباً. غير أن الجيش الإسرائيلي قال أيضاً إن عدد القتلى المُعلن عنه في غزة لا يمكن الوثوق به لأن المنطقة تخضع لإدارة «حماس». وفي 26 أكتوبر، أصدرت الوزارة قائمة بأسماء وأرقام بطاقات الهوية لعدد 6747 شخصاً قالت إنهم قُتلوا حتى تلك اللحظة جراء القصف الإسرائيلي - وهو إحصاء عزز مصداقية هذه الأرقام. ويضم موظفو الوزارة كثيراً من موظفي الخدمة المدنية الذين سبقوا سيطرة «حماس» على غزة عام 2007، وقد دافع مسؤولو الجماعات الإنسانية عن سجل الوزارة وقالوا إن لديها تاريخاً من الإبلاغ بحسن نية وتقديم معلومات موثوق بها. لكن الوزارة تعرضت لانتقادات بعد انفجار في 17 أكتوبر في المستشفى الأهلي في مدينة غزة، عندما أصدرت الحكومة على الفور تقريباً أرقام الخسائر التي تراوحت بين 500 قتيل و833 قتيلاً. وبعد أيام، أعلنت عن إحصاء نهائي قدره 471 قتيلاً. وبعد الانفجار، وصف جون كيربي، المتحدث باسم البيت الأبيض، الوزارة بأنها «واجهة لـ(حماس)»، وقال الرئيس جو بايدن للصحافيين إنه «ليست لديه فكرة أن الفلسطينيين يقولون الحقيقة حول عدد القتلى». أضاف بايدن: «إنني متأكد من أن الأبرياء قد قتلوا، وهذا هو ثمن شن الحرب». وقد تسببت الحرب بتعقيدات أخرى لا تعد ولا تحصى في جمع أرقام دقيقة لعدد الضحايا. وقد فر ما يُقدر بنحو 85 في المائة من سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة من منازلهم، بعد أن أمرت إسرائيل بإخلاء جزء كبير من الأراضي، في محاولة للهروب من الغارات الجوية والغزو البري الذي تقوم به إسرائيل. وتحوّل أكبر مركز سكاني فيها، مدينة غزة، إلى أنقاض؛ إذ ينام الآلاف في الشوارع، ويعيش آخرون في ملاجئ مكتظة عن آخرها تعج بالأمراض. ولم تتوافر الكهرباء تقريباً منذ أكثر من شهرين. والطعام والماء النظيف نادران. وتقول الأمم المتحدة إن نصف السكان معرّضون لخطر المجاعة، وإن 90 في المائة منهم لا يحصلون على الطعام لمدة يوم كامل.

وقال أحمد فؤاد الخطيب، وهو من أشد نُقّاد «حماس»، والذي نشأ في غزة، لكنه يعيش الآن في كاليفورنيا، إن الغارات الجوية الإسرائيلية قتلت حتى الآن أكثر من 30 فرداً من عائلته، بمن في ذلك أشخاص في السبعينات من العمر، وأبناء العمومة الذين تتراوح أعمارهم بين 3 أشهر و9 سنوات. وقال إنه في وقت مبكر من الحرب، قُصف منزل طفولته، ما أسفر عن مقتل ابن عمه. وفي الأسبوع الماضي، تعرض منزل عمته وعمه للقصف، ما أسفر عن مقتل 31 شخصاً على الأقل. وبينما كان يجلس في كاليفورنيا، شاهد على هاتفه فيديو لمنزلهم المدمر. وأضاف أن أياً من هؤلاء الأشخاص لم يكن منتمياً أو مرتبطاً بحركة «حماس». «لقد كان منزلاً عائلياً»، كما أردف.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

المشرق العربي الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

قضى الفلسطيني نعمان أبو جراد وزوجته ماجدة وبناتهما الست العام الماضي بأكمله في نزوح على طول قطاع غزة، محاولين البقاء على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يفحصون أنقاض مسجد شهداء الأقصى في دير البلح بعدما تعرض للتدمير في غارة إسرائيلية (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعلن «تطويق» جباليا في شمال قطاع غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أن قواته «تطوق» منطقة جباليا في شمال قطاع غزة بعد تقييم يفيد بأن حركة «حماس» تعيد بناء قدراتها هناك بعد أشهر من القتال.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا فلسطينيون يحملون أعلاماً ولافتات في سيدني بأستراليا خلال مظاهرة تطالب بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)

الآلاف يتظاهرون في أوروبا دعماً لغزة بعد عام على اندلاع الحرب

تظاهر آلاف الأشخاص دعما لغزة في أوروبا وجنوب أفريقيا ومئات في فنزويلا في الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال اجتماع لمجلس الأمن الأربعاء (أ.ب)

غوتيريش يدعو للإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن الإسرائيليين

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت، إلى إنهاء «أعمال العنف المروعة» و«سفك الدماء» في غزة ولبنان، بعد عام من الحرب الإسرائيلية على غزة.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة (الولايات المتحدة))
المشرق العربي فلسطينيون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في غارة إسرائيلية بمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (أرشيفية - رويترز)

24 قتيلاً في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن 24 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم وأصيب 93 آخرون في ضربات جوية إسرائيلية على مسجد ومدرسة يؤويان مئات النازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: قيادة جماعية لـ«حزب الله» بانتظار نهاية الحرب

صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)
صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: قيادة جماعية لـ«حزب الله» بانتظار نهاية الحرب

صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)
صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب)

بدأ في لبنان التداول باسم رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» إبراهيم أمين السيد، خليفة محتملاً للأمين العام للحزب حسن نصر الله الذي قتل في غارة إسرائيلية، قبل نحو أسبوعين في ضاحية بيروت الجنوبية.

إبراهيم أمين السيد رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» (موقعه في الإنترنت)

وبرز اسم السيد رغم عدم تأكيد إسرائيل، كما «حزب الله»، حتى الساعة مقتل رئيس المجلس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين، في الغارات التي شنتها طائرات حربية إسرائيلية بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة، على موقع يُعتقد أنه كان يوجد فيه تحت الأرض في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهو الذي كان يُرجح أن يخلف نصر الله.

إلا أن مصادر مطلعة على أجواء الحزب تنفي كل ما يُتداول في هذا المجال «جملة وتفصيلاً»، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحد حالياً مرشح لخلافة نصر الله. لا صفي الدين ولا السيد ولا أي شخصية أخرى، فالقيادة الراهنة جماعية».

وأصدرت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» السبت، بياناً تحدثت فيه عن «أخبار كاذبة وشائعات لا قيمة لها يتم تداولها تتعلق بالوضع التنظيمي لعدد من كبار مسؤولي (حزب الله)»، مشيرة إلى أنها «تندرج في إطار الحرب النفسية المعنوية ضد جمهور المقاومة».

القيادي البارز في «حزب الله» هاشم صفي الدين خلال مشاركته في تشييع قيادي من الحزب قُتل في إدلب بسوريا (أ.ف.ب)

ويستبعد الناشط السياسي المعارض لـ«حزب الله» علي الأمين، إقدام الحزب في هذه الفترة على تعيين أمين عام جديد، «لأن المرشح أو المُعيّن، أياً كان، مرشح للموت»، مؤكداً أن «الحزب أصلاً في حالة تشتت وغير قادر على القيام بخطوة كهذه في ظرف كهذا، فضلاً عن أن الشيخ نعيم قاسم هو أمين عام بالوكالة بوصفه نائباً للأمين العام».

 

من هو السيد؟

ولد السيد في منطقة البقاع، شرق لبنان، عام 1955. تلقى تعليماً دينياً مكثفاً في الحوزات العلمية. وانضم إلى «حزب الله» منذ تأسيسه في أوائل الثمانينات، وأسهم في تطوير الحركة السياسية والعسكرية للحزب. والسيد تدرج في المناصب في «حزب الله» حتى أصبح رئيس المجلس السياسي، حيث يقوم بإدارة السياسات العامة للحزب والتواصل مع القوى السياسية اللبنانية والدولية.

ووفق الأمين، فإن السيد «كان مندوب حركة (أمل) في إيران قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ثم انتسب إلى (حزب الله). وقد قرأ الرسالة المفتوحة للحزب والبيان الأول له عند تأسيسه رسمياً، أي كان الناطق باسمه في فبراير (شباط) 1985».

السيد خلال إحدى زياراته للبطريرك الماروني بشارة الراعي (موقعه على الإنترنت)

ويشير إلى أنه «قريب للنائب جميل السيد، وكان نائباً في البرلمان ورئيس كتلة (الوفاء للمقاومة) من عام 1992 إلى عام 1996». ويرى الأمين أن «اقتراب السيد من إتمام السبعين لا يجعله خياراً موفقاً للأمانة العامة، وبخاصة في هذه الظروف»، مرجحاً أن يكون «الكلام عن تعيين السيد من خارج سياق الحزب... خصوصاً أنه في الـ15 سنة الأخيرة كان مهمشاً وأشبه بمتقاعد، فلا نراه إلا في زياراته إلى البطريركية المارونية، كما أنه لا يُعدّ من القيادات الحيوية داخل الحزب التي تم اغتيال معظمها».

موقع إلكتروني رسمي

ويُعدّ السيد أول رئيس للمجلس السياسي للحزب ومن الشخصيات القيادية القديمة، وله دور بارز في بناء شبكة العلاقات السياسية بلبنان، خصوصاً مع القوى السياسية الأخرى مثل حركه «أمل» و«التيار الوطني الحر» وغيرهما.

وبعكس صفي الدين الذي كانت إطلالاته العلنية والإعلامية محدودة، تُسجل إطلالات كثيرة للسيد سواء خلال خطب في عاشوراء، أو خلال لقاءات سياسية علنية مصورة كان يقوم بها.

كما أن اللافت أن «له موقعاً رسمياً على شبكة الإنترنت يحمل اسمه، وهو ما يفتقده معظم مسؤولي وقيادات (حزب الله)».

دمار هائل نتيجة إحدى الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

هذا الموقع ينشر خطاباته ومواقفه التي يعود آخرها لشهر يوليو (تموز) الماضي، والتي عدّ فيها أن «الانتصار على العدوّ سينتج تداعيات كبرى على مستوى الأجيال المقبلة».

رفض المنصب

وتردد عبر مواقع إلكترونية أنه بعد ترجيح فرضية اغتيال هاشم صفي الدين، رفض أمين السيد تولي منصب الأمين العام للحزب، وطلب السفر إلى طهران للتفرغ للعبادة. لكن هذه المعلومات لم يؤكدها أي مصدر موثوق.

ويقول مطلعون على جو الحزب إن «منصبه رئيساً للمجلس السياسي يجعله مسؤولاً عن توجيه السياسات الداخلية والخارجية للحزب»، ويتحدثون عن «شخصية مؤثرة في النقاشات السياسية المتعلقة بالصراعات الإقليمية».