«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

إسرائيل قالت إنها تنتظر «رداً إيجابياً» من «حماس»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».


مقالات ذات صلة

رسائل «حماس» في عملية تسليم الرهائن بدير البلح

المشرق العربي الأسرى الثلاثة على منصة التسليم وسط مقاتلي «القسام» (أ.ف.ب) play-circle 00:36

رسائل «حماس» في عملية تسليم الرهائن بدير البلح

لم تكن عملية تسليم كتائب «القسام» 3 أسرى إسرائيليين، اليوم (السبت)، تقليديةً، لا من حيث الشكل ولا المضمون.

لينا صالح (بيروت)
خاص نزار عوض الله مع المرشد الإيراني علي خامنئي في طهران اليوم (موقع خامنئي - أ.ف.ب)

خاص نزار عوض الله... «كلمة السر الخفية» في مفاوضات غزة

كشفت أوساط حركة «حماس» وأخرى قريبة منها عن أن القيادي البارز نزار عوض الله لعب دوراً أساسياً في مفاوضات هدنة غزة. فمن هو؟

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي يستقبل خليل الحية عضو مجلس قيادة «حماس» خلال اجتماعهما في طهران (أ.ب)

للمرة الأولى منذ وقف النار في غزة... خامنئي يستقبل قادة من «حماس»

استقبل المرشد الإيراني علي خامنئي اليوم (السبت)، في طهران قادة من حركة «حماس»، للمرة الأولى منذ دخول هدنة بين إسرائيل والحركة الفلسطينية حيز التنفيذ في قطاع غزة

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية الأسير الإسرائيلي أوهاد بن عامي الذي تحتجزه «حماس» في غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 يرافقه عناصر من «حماس» قبل تسليمه إلى «الصليب الأحمر» في دير البلح (أ.ب) play-circle

نتنياهو: المشاهد «الصادمة» للرهائن الثلاث لن تمر دون رد

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل لن تتجاهل مشهد الرهائن الثلاث وهم في حالة «ضعف وهزال».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عملية إطلاق سراح أو ليفي وإيلي شرابي وأوهاد بن عامي من قبل «حماس» في غزة (رويترز) play-circle 00:36

إسرائيل تتسلم 3 رهائن... ونتنياهو يتوعّد بسبب مشاهد «صادمة»

سلمت حركة «حماس» السبت ثلاثة من الرهائن الإسرائيليين إلى الصليب الأحمر في عملية التبادل الخامسة للأسرى ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إغلاق «الصرف الصحي» وسيلة حوثية لمعاقبة السكان

صورة تظهر تردي شبكة الصرف الصحي في صنعاء (الشرق الأوسط)
صورة تظهر تردي شبكة الصرف الصحي في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

إغلاق «الصرف الصحي» وسيلة حوثية لمعاقبة السكان

صورة تظهر تردي شبكة الصرف الصحي في صنعاء (الشرق الأوسط)
صورة تظهر تردي شبكة الصرف الصحي في صنعاء (الشرق الأوسط)

أقدم عناصر الجماعة الحوثية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء على سد قنوات الصرف الصحي الخاصة بالمنازل في مناطق وأحياء متفرقة من المدينة لإجبار السكان على دفع رسوم خدمات غير مستحقة، وسط تصاعد معاناة ملايين اليمنيين جراء الحرب وما خلفته من انقطاع للرواتب وندرة العمل وغلاء الأسعار وغياب الخدمات.

وعوضاً من أن تقوم الجماعة الحوثية بإصلاح منظومة المجاري المهددة بالانهيار التام في صنعاء ومدن أخرى، أفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بقيام عناصر الجماعة في «مؤسسة المياه والصرف الصحي» بسد قنوات المجاري عن منازل في أحياء «المجمع الليبي، مسيك، السنينة، الرباط، سعوان، جدر» التابعة لمديريات شعوب وآزال والثورة ومعين.

وتحدث شهود عن استخدام الحوثيين كميات من مادة الأسمنت المستخدم في البناء داخل أكياس مُحكمة الإغلاق ووضعوها على فتحات المجاري، الأمر الذي أدى لانسدادها وطفحها إلى داخل المنازل، وهو ما يهدد بحدوث مخاطر بيئية وصحية.

جاء ذلك بينما لا تزال صنعاء تعيش وضعاً مأساوياً يهدد بكارثة بيئية جراء استمرار طفح المجاري في معظم شوارعها وحاراتها.

وذكرت المصادر أن الجماعة الحوثية تقوم بسد مجاري الصرف الصحي لإجبار السكان على دفع رسوم استخدامها، على الرغم من أن معظم مشاريع المياه في صنعاء يتم تمويلها وتشغيلها من قبل المنظمات الدولية.

تحذيرات من كارثة بيئية وصحية تهدد سكان صنعاء (الشرق الأوسط)

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تحرم منذ سنوات السكان في مناطق سيطرتها من الحصول على أقل الخدمات؛ كالكهرباء والصحة والمياه وخدمات المجاري، وتقوم بممارسة كل وسائل الضغط والابتزاز بحقهم لإجبارهم على تقديم الأموال.

زيادة المعاناة

اشتكى سكان في صنعاء من تعرض قنوات المجاري بمناطقهم للانسداد وتدفق بعضها إلى منازلهم، وذكر بعضهم لـ«الشرق الأوسط»، أن أحياءهم تواجه كارثة بيئية حقيقية تستوجب من الجماعة الكف عن تلك الممارسات غير القانونية التي تزيد من معاناتهم.

واتهم السكان عناصر الجماعة الحوثية القائمين على إدارة مؤسسة المياه والمجاري بتسخير كل جهدهم وطاقاتهم من أجل مضاعفة الأعباء المعيشية والحياتية عليهم، بينما يتجاهلون باستمرار مشاكل انقطاع المياه وطفح المجاري وما ينتج عنها من معاناة كبيرة.

ويتحدث خالد، وهو من سكان حي الرباط في صنعاء، عن قيام عاملين في المؤسسة الخاضعة للحوثيين بسد قناة المجاري الخاصة بمنزله من نقطة تفتيش تابعة للشبكة الرئيسية في وسط الشارع، ما أدى لانحباس المياه العادمة وعدم خروجها من منزله.

طفلة يمنية في حي بصنعاء تبحث عن طعام وسط المخلفات (الشرق الأوسط)

ولدى ذهابه إلى فرع المؤسسة الخاضعة للجماعة للمراجعة، أفاد خالد بأن موظفين حوثيين طلبوا منه المسارعة بتسديد ما عليه من فواتير سابقة للمياه والمجاري تصل إلى ما يعادل 300 دولار (الدولار نحو 530 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الحوثيين)، حتى تتم إعادة تشغيل قناة الصرف الصحي الخاصة بمنزله.

وسبق لجماعة الحوثيين أن توعدت سكان صنعاء لمرات عدة في السابق بسد قنوات المجاري عن منازلهم في حال عدم قياميهم بتسديد فواتير تحصيل خدمات المياه والصرف الصحي.

كما عمدت الجماعة خلال السنوات الماضية إلى رفع تعرفة خدمة المياه والصرف الصحي وغيرها من الخدمات الأخرى من أجل تنغيص معيشة اليمنيين وزيادة معاناتهم.

وتحدثت مصادر في صنعاء عن قيام الجماعة بكتابة تحذيرات على فواتير التحصيل تهدد بسد المجاري عن أي مشترك في المدينة يتخلف عن التسديد.