مأساة مرضى سرطان فلسطينيين... رحلة شاقة للوصول إلى الأردن للعلاج

شاب فلسطيني مريض بالسرطان تم إجلاؤه من قطاع غزة يجلس على كرسي متحرك في صالة الوصول على الجانب المصري من معبر رفح (أ.ف.ب)
شاب فلسطيني مريض بالسرطان تم إجلاؤه من قطاع غزة يجلس على كرسي متحرك في صالة الوصول على الجانب المصري من معبر رفح (أ.ف.ب)
TT

مأساة مرضى سرطان فلسطينيين... رحلة شاقة للوصول إلى الأردن للعلاج

شاب فلسطيني مريض بالسرطان تم إجلاؤه من قطاع غزة يجلس على كرسي متحرك في صالة الوصول على الجانب المصري من معبر رفح (أ.ف.ب)
شاب فلسطيني مريض بالسرطان تم إجلاؤه من قطاع غزة يجلس على كرسي متحرك في صالة الوصول على الجانب المصري من معبر رفح (أ.ف.ب)

قرر الفلسطيني ضياء القطّاع الخروج من وسط قطاع غزة إلى جنوبه سيراً على الأقدام لإنقاذ ابنه محمد (11 عاماً) المريض بسرطان الدم، بحسب تقرير أعدته «وكالة أنباء العالم العربي».

أوقات عصيبة مليئة بالتفاصيل المرعبة عاشها ضياء قبل أن يصل إلى الأردن مع مجموعة من أهالي غزة، الذين خرجوا بصحبة أطفالهم من مرضى السرطان قبل أيام قليلة.

بدأت معاناة ضياء فور انقطاع جرعات الكيماوي في مستشفى الرنتيسي في غزة، لتظهر أعراض مقلقة على الابن محمد تمثلت في انتفاخ الجسم والالتهابات والألم المتواصل.

وقال ضياء لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «حتى المسكنات لم نجدها، وبدأت أرى محمد يموت أمامي والانتفاخ في جسمه يزيد كل يوم».

في اليوم السادس والثلاثين للحرب، قرر ضياء الخروج من وسط مدينة غزة مع محمد وشقيقته الصغيرة (ست سنوات)، وحكى: «واجهت أصعب 10 ساعات في حياتي، حيث مشينا وسط مئات الجثث التي كانت موجودة على طول شارع صلاح الدين ووسط دمار هائل وروائح كريهة... القصف كان حولنا؛ وابني محمد منهك من المرض؛ وابنتي بلا طعام وماء؛ وبقينا نمشي حتى وصلنا إلى مستشفى شهداء الأقصى في الجنوب».

الملكة رانيا تزور الأطفال مرضى السرطان الذين تم إجلاؤهم من غزة (رويترز)

وأكد ضياء، أن جنوداً إسرائيليين أرغموه وأطفاله على المشي لمسافات طويلة مع رفع أيديهم وتوجيه البنادق نحوهم، على الرغم من أن حالة ابنه محمد كانت سيئة جداً، وأضاف: «كنت في هذه اللحظة لا أستطيع الرجوع؛ فلا بد من أن أجازف من أجل ابني... إما أن نموت جميعاً أو أنقذ أطفالي وأعالج محمد».

وصل ضياء وأطفاله إلى جنوب قطاع غزة بعد رحلة رعب، تاركاً زوجته الحامل محاصرة في مدينة غزة من دون طعام ولا ماء ولا يعلم مصيرها؛ وأكد أن الدبابات الإسرائيلية تحاصر كل المربع السكني الذي توجد فيه زوجته.

خرج ضياء وأطفاله من معبر رفح بالتنسيق مع منظمتي الصليب الأحمر والصحة العالمية، بعد أن أمضوا ليلتهم بين الجثث والدمار الهائل قرب مستشفى شهداء الأقصى.

وأوضح ضياء، أن انتظاره طال لأكثر من 11 يوماً في العاصمة المصرية القاهرة بعد خروجه من القطاع بسبب ما وصفها بأنها «إجراءات معقدة تواجه أبناء قطاع غزة في السفر، حتى جاءت الموافقة ووصلنا إلى الأردن».

وبدأ الابن محمد القطّاع علاجه مرة أخرى في مركز الحسين للسرطان في العاصمة عمان، حيث أطلقت جهات عدة حملات تبرع وإغاثة لمرضى السرطان القادمين من غزة.

حملات تبرع

وخصص مركز الحسين للسرطان، أمس (الاثنين)، ليكون يوماً وطنياً مفتوحاً للتبرع لمرضى السرطان القادمين من غزة ضمن حملة «أنقذوا مرضى السرطان من غزة» عبر بثّ مباشر ومشترك بين 15 إذاعة محلية أردنية لاستقبال التبرعات.

وخلال اليوم، جرى جمع 507 آلاف دينار أردني (نحو 714.8 ألف دولار أميركي) ستوجه لاستقبال أكبر عدد ممكن من مرضى غزة للعلاج في مركز الحسين للسرطان، وإرسال الأدوية والمستلزمات الطبية الطارئة إلى مستشفيات غزة.

وقالت نسرين قطامش، المدير العام لمؤسسة الحسين للسرطان، خلال البث المشترك للإذاعات الأردنية: إن علاج مرضى السرطان في غزة حتى قبل الحرب كان دون المطلوب، حيث لم تكن تتوافر أدوية عدة بسبب منع دخولها إلى القطاع، وعلى رأسها العلاج بالأشعة.

وأوضحت، أن عدد مرضى السرطان في قطاع غزة يصل إلى تسعة آلاف، مشيرة إلى أن الحملة تهدف إلى استقبال 100 مريض في مركز الحسين للسرطان خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى 250 - 300 مريض خلال السنوات المقبلة سيتم علاجهم في الأردن، فضلاً عن دعم سيصل إلى مرضى السرطان في غزة ضمن حملة التبرعات.

حملة لمركز ومؤسسة الملك حسين للسرطان لجمع التبرعات لمرضى السرطان من غزة (فيسبوك المركز)

وذكرت، أن مركز الحسين استقبل 13 مريض سرطان من غزة قبل أسبوعين، موضحة أن جميعها حالات حرجة تحتاج إلى تدخل طبي طارئ، حيث لا يحتمل وضعهم الصحي أي تأخير.

وأكدت قطامش، أن هناك مجموعة ثانية يُنتظر وصولها إلى الأردن من غزة؛ لكنها قالت: إن إجراءات الإخلاء تأخذ وقتاً أكثر من اللازم؛ وهو ما يؤثر على حياة مرضى السرطان، مشيرة إلى أن مركز الحسين يسعى لاستقبال أكبر عدد من مرضى السرطان من غزة لاستكمال علاجهم.

المريضة أسماء أبو رزق (36 عاماً) من غزة، والتي وصلت إلى عمَّان قبل أيام قليلة من اندلاع الحرب لاستكمال علاجها من مرض سرطان الغدة الدرقية في مركز الحسين للسرطان. وتحتاج أسماء إلى جرعة يود مشع كل ستة أشهر، وهو غير متوافر في القطاع.

وقالت أسماء لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: إن «وضع مرضى السرطان في قطاع غزة صعب للغاية حتى قبل الحرب... نعاني صعوبات كثيرة في العلاج بسبب الحصار وعدم توفر العلاج اللازم والإمكانات المطلوبة».

وكان من المفترض أن تعود أسماء إلى زوجها وأطفالها الثلاثة في مدينة رفح جنوب القطاع؛ لكنها لم تستطع، حيث تقول: إن الاتصالات مع عائلتها صعبة.

وعلى صعيد الدعم النفسي لمرضى السرطان القادمين من غزة، أقامت جمعيات غير ربحية من بينها جمعية أصدقاء مرضى السرطان في الأردن فعالية ترفيهية في الهواء الطلق لأكثر من 35 مريضاً من القطاع للتخفيف من حدة الضغوط التي تواجههم والقلق الدائم على أهاليهم في القطاع، وذلك بالشراكة مع فريق مبادرة «صناع الأمل».

مريض فلسطيني بالسرطان تم إجلاؤه من قطاع غزة يصل في سيارة إسعاف على الجانب المصري من معبر رفح الحدودي (أ.ف.ب)

وقالت عبير غنّام، رئيسة جمعية أصدقاء مرضى السرطان في الأردن: إن الدعم النفسي لمرضى السرطان القادمين من غزة لا يقل أهمية عن الدعم المادي، وأضافت: «حاولنا عبر عدد من الفقرات التفاعلية رسم البسمة على وجوه المرضى، خاصة الأطفال».

وأكدت غنام، أن فكرة تمضية وقت حر بين الألعاب والمرافق وأخذ الصور التذكارية الخاصة تساعد المرضى معنوياً وتخفف من وطأة جلسات العلاج المتعبة، «خاصة أن مرضى غزة تركوا أهاليهم وأقاربهم خلفهم ولا يعرفون مصيرهم خلال هذه الحرب».


مقالات ذات صلة

اتفاق «لجنة إدارة غزة» خطوة مرتقبة على طريق الهدنة

شؤون إقليمية أطفال فلسطينيون ينقذون أشياء من تحت أنقاض مبنى دُمر في غارة جوية إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 02:40

اتفاق «لجنة إدارة غزة» خطوة مرتقبة على طريق الهدنة

مساعٍ مصرية للتوصل إلى اتفاق بين حركتَي «حماس» و«فتح»، في القاهرة بشأن تشكيل «لجنة لإدارة غزة» تتزامن مع حراك متصاعد لإقرار هدنة في القطاع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية عائلات الرهائن الإسرائيليين خلال احتجاجات للمطالبة بالإفراج عنهم أمام منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقدس في نوفمبر 2024 (أ.ب)

عائلات المحتجزين لا تصدق نتنياهو وتطالب ترمب بالضغط عليه

لم تقبل عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس» الاكتفاء بالأنباء المتفائلة حول استئناف المفاوضات مع الحركة واقتراب التوصل لوقف إطلاق النار وصفقة تبادل أسرى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جانب من احتفال «الجامعة العربية» بـ«اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني» (الجامعة العربية)

«الجامعة العربية»: «حل الدولتين» سبيل تحقيق الاستقرار في المنطقة

وصف الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الظرف الذي تمر به القضية الفلسطينية حالياً بأنه «تاريخي وصعب».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطينيون وسط الأنقاض أمام مبنى دُمِّر بغارة جوية إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

الأردن: حل القضية الفلسطينية داخل فلسطين

قال جعفر حسان، رئيس وزراء الأردن، اليوم (الأحد) إن حل القضية الفلسطينية داخل فلسطين، وإن الأردن لن يكون وطناً بديلاً لأحد.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

السيناتور غراهام: تجديد احتلال غزة لا يضمن عدم عودة «حماس»

قال السيناتور الجمهوري النافذ، ليندسي غراهام، إن الرئيس المنتخب دونالد ترمب، يريد أن يرى وقفاً لإطلاق النار وصفقة لتبادل الرهائن في غزة قبل توليه منصبه.

إيلي يوسف (واشنطن)

قتيل بقصف إسرائيلي استهدف سيارة على طريق مطار دمشق

صورة الرئيس السوري بشار الأسد في أحد شوارع العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
صورة الرئيس السوري بشار الأسد في أحد شوارع العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
TT

قتيل بقصف إسرائيلي استهدف سيارة على طريق مطار دمشق

صورة الرئيس السوري بشار الأسد في أحد شوارع العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
صورة الرئيس السوري بشار الأسد في أحد شوارع العاصمة دمشق (أ.ف.ب)

شنّت إسرائيل الثلاثاء ضربة على سيارة على طريق مطار دمشق الدولي، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، ما أسفر عن مقتل شخص لم تتضح هويته وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ونقلت وكالة «سانا» عن مصدر في شرطة ريف دمشق «انفجار سيارة جراء عدوان إسرائيلي استهدفها على طريق مطار دمشق الدولي»، دون تفاصيل أخرى.

وأفاد المرصد بأن مسيّرة إسرائيلية نفذت الضربة على السيارة، «ما أدى إلى مقتل شخص كان بداخلها وإصابة آخر دون معرفة هويتهما حتى اللحظة».

وحصلت الضربة قرب جسر عقربا في ريف دمشق، حيث يوجد مطار عسكري مخصص للمروحيات.

وكثّفت إسرائيل منذ سبتمبر (أيلول) بشكل ملحوظ ضرباتها على سوريا على وقع المواجهة المفتوحة التي كانت تخوضها مع «حزب الله» في لبنان المجاور قبل أن يسري وقف لإطلاق النار منذ الأسبوع الماضي.

ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا. وتقول أخيراً إنها تعمل على منع «حزب الله» من «نقل وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.