التعليم في غزة... مأساة أخرى تفاقم خسائر الحرب

الصراع أثَّر على 625 ألف طالب

فتاة فلسطينية تتفحص الأضرار بفناء مدرسة تديرها «الأونروا» في غزة (أ.ف.ب)
فتاة فلسطينية تتفحص الأضرار بفناء مدرسة تديرها «الأونروا» في غزة (أ.ف.ب)
TT

التعليم في غزة... مأساة أخرى تفاقم خسائر الحرب

فتاة فلسطينية تتفحص الأضرار بفناء مدرسة تديرها «الأونروا» في غزة (أ.ف.ب)
فتاة فلسطينية تتفحص الأضرار بفناء مدرسة تديرها «الأونروا» في غزة (أ.ف.ب)

أدى القصف الإسرائيلي المكثف لقطاع غزة إلى تحول الحياة فيه إلى صراع يومي من أجل البقاء، وقد أصبح التعليم أحد الضحايا الكثيرين لهذه الحرب التي دمرت عدداً هائلاً من المدارس، ومنعت آلاف الطلاب من تحصيل دروسهم.

وقال جوناثان كريك، المتحدث باسم «اليونيسيف» في القدس، لصحيفة «الغارديان» البريطانية: «لا يوجد أي شكل من أشكال التعليم أو الدراسة في قطاع غزة في الوقت الحالي».

وأضاف: «كان هناك ما يقرب من 625 ألف طالب في سن الدراسة في قطاع غزة قبل الحرب، ولا يذهب أي منهم إلى المدارس الآن. إن مستوى العنف والأعمال العدائية المستمرة، والقصف المكثف الذي يحدث، لا يسمح بالتعليم».

وربما لم تلقَ هذه المأساة الاهتمام اللازم وسط أزمات أكثر إلحاحاً، فقد قُتل نحو 19 ألف مواطن فلسطيني في غزة، وأصيب أكثر من 52 ألفاً، 70 في المائة منهم من النساء والأطفال، منذ اندلاع الحرب، في حين يعاني آخرون من المجاعة أو المرض الشديد.

ويرى المعلمون وجماعات الإغاثة أنه حتى لو تم الاتفاق على وقف إطلاق نار طويل الأمد، فإن العودة إلى الحياة الطبيعية في غزة ستستغرق وقتاً طويلاً؛ حيث يتوقعون أن تمر أسابيع عديدة، وعلى الأرجح عدة أشهر، قبل أن يبدأ أي طفل في غزة الدراسة مرة أخرى، مشيرين إلى أنه ليس هناك أي احتمال لإعادة فتح المدارس في الوقت الحالي الذي تتصاعد فيه الغارات الجوية والهجمات بكثافة ووحشية.

طفل يقف تحت المطر في مدرسة تديرها «الأونروا» في رفح بجنوب قطاع غزة حيث لجأ الفلسطينيون النازحون داخلياً (أ.ف.ب)

وأكدت جماعات الإغاثة أنه بالنسبة للناجين من القصف، فإن هذه الفجوة في تعليمهم، بالإضافة إلى الوقت الضائع بسبب «كورونا» والصراعات السابقة، ستلقي بظلالها الطويلة على مستقبلهم، مما يزيد من إرث الصدمة والخسارة الناجمة عن هذه الحرب.

وقال محمد موسى (14 عاماً) إنه حين فر من منزله في أكتوبر (تشرين الأول) خوفاً من تعرضه للقصف الإسرائيلي، اصطحب معه جهاز الكومبيوتر المحمول الخاص به، وكان يأمل أن يظل قادراً على حضور الفصول الدراسية عبر تطبيق «زوم»؛ حيث كان يأمل في الحصول على منحة دراسية.

وأضاف: «لكن، بعد شهرين من الحرب، الشيء الجديد الوحيد الذي تعلمته هو كيفية صنع الخبز على نار مفتوحة».

ومن جهتها، قالت سها موسى، معلمة الرياضيات في مدرسة الزيتون، غرب غزة: «أحب طلابي كثيراً وأشتاق لهم، وأفكر فيهم طوال الوقت. في السابق، كانت أمنيتهم الكبرى هي الحصول على درجة جيدة في اختباراتهم. أما الآن، فكل تفكيرهم بالتأكيد منصب على كيفية النجاة من الموت».

ووفقاً لأرقام صادرة عن الأمم المتحدة، فإنه بحلول منتصف ديسمبر (كانون الأول)، قُتل ما لا يقل عن 200 معلم بقطاع غزة، وأصيب أكثر من 500، وتضرر 352 مبنى مدرسياً، أي أكثر من 70 في المائة من البنية التحتية التعليمية في القطاع.

وقد تحول كثير من المدارس التي لا تزال قائمة إلى ملاجئ، بما في ذلك أكثر من 150 مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ونحو 130 مدرسة تديرها السلطات المحلية. وفي هذه المدارس، يستخدم اللاجئون اليائسون الكراسي والمقاعد الخشبية الخاصة بالطلاب لإشعال النار للطهي، بسبب عدم توفر الغاز، مما ينذر بأزمة في المعدات المدرسية أيضاً بعد انتهاء الحرب.

فلسطينيون يقيمون في خيام بملعب إحدى مدارس «الأونروا» (د.ب.أ)

وحتى إذا أعيد بناء الفصول الدراسية، وتم جلب الكتب والمعدات والأدوات المدرسية من جديد للقطاع، فإن المعلمين وجماعات الإغاثة يشعرون بالقلق من أن الأطفال سوف ينظرون إلى مدارسهم بشكل مختلف، بعد أن أمضى كثير منهم وقتاً طويلاً مكتظين بها، متحملين البرد والجوع والقذارة والرعب؛ حيث سيحتاج الطلاب إلى وقت طويل لإعداد أنفسهم للدراسة مرة أخرى.


مقالات ذات صلة

مقتل 50 فلسطينياً بنيران إسرائيلية أثناء انتظار المساعدات في غزة

المشرق العربي فلسطيني يحمل رجلاً أصيب في غارة إسرائيلية أثناء انتظاره المساعدة في خان يونس اليوم (رويترز)

مقتل 50 فلسطينياً بنيران إسرائيلية أثناء انتظار المساعدات في غزة

قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الثلاثاء)، إن نيران القوات الإسرائيلية قتلت 50 فلسطينياً على الأقل أثناء انتظارهم شاحنات مساعدات في خان يونس بجنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة )
تحليل إخباري فلسطيني يحمل رجلاً مصاباً في أثناء وقوفه في طابور للحصول على المساعدة باتجاه مستشفى في رفح جنوب غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري التصعيد الإسرائيلي - الإيراني يفتح نافذة للتهدئة في غزة

دعوة جديدة من إسرائيل بتسريع مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، جاءت بشكل مفاجئ تزامناً مع تواصل التصعيد ضد إيران، منذ مواجهاتهما التي بدأت، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون مساعدات غذائية من مؤسسة مدعومة أميركياً في رفح جنوب غزة يوم (أ.ب)

المجازر مستمرة في غزة رغم احتدام الحرب الإسرائيلية – الإيرانية

منذ فجر الجمعة الماضي، خطفت الحرب الإسرائيلية – الإيرانية الأنظار من مشهد الحرب في غزة، لكن المجازر الإسرائيلية، وخاصة بحق منتظري المساعدات في القطاع، لم تتوقف.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص عناصر من «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» داخل أنفاق في غزة (غيتي)

خاص مصادر: «الجهاد» تعاني أزمة مالية... وتخشى تداعيات حرب إيران

كشفت مصادر في حركة «الجهاد» الفلسطينية أن الحركة تعاني ضائقة مالية حادة، معربة عن قلقها من تفاقم الأزمة جراء الحرب التي تخوضها إيران باعتبارها أكبر مموليها.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا عميد بلدية مصراتة يزور «قافلة الصمود» عند حدود المدينة (بلدية مصراتة)

«قافلة الصمود» عالقة بين سرت ومصراتة... وتثير غضباً في ليبيا

«أينما يتم إيقافنا فتلك حدود إسرائيل»، مقولة رددها بعض أفراد «قافلة الصمود» العالقة في ليبيا بين سرت ومصراتة، ما أوجب اعتذار القائمين عليها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مقتل 50 فلسطينياً بنيران إسرائيلية أثناء انتظار المساعدات في غزة

فلسطيني يحمل رجلاً أصيب في غارة إسرائيلية أثناء انتظاره المساعدة في خان يونس اليوم (رويترز)
فلسطيني يحمل رجلاً أصيب في غارة إسرائيلية أثناء انتظاره المساعدة في خان يونس اليوم (رويترز)
TT

مقتل 50 فلسطينياً بنيران إسرائيلية أثناء انتظار المساعدات في غزة

فلسطيني يحمل رجلاً أصيب في غارة إسرائيلية أثناء انتظاره المساعدة في خان يونس اليوم (رويترز)
فلسطيني يحمل رجلاً أصيب في غارة إسرائيلية أثناء انتظاره المساعدة في خان يونس اليوم (رويترز)

أفادت قناة «الأقصى» الفلسطينية اليوم (الثلاثاء)، بمقتل أكثر من 50 شخصاً جراء استهداف إسرائيلي لسكان ينتظرون المساعدات في خان يونس بجنوب قطاع غزة. وذكرت القناة أن 200 آخرين أصيبوا جراء الاستهداف الإسرائيلي لمنتظري المساعدات في حي الشيخ ناصر بشرق خان يونس.

مشيعون يصلون خلال جنازة فلسطينيين قتلوا فيما وصفته وزارة الصحة في غزة بغارات إسرائيلية بخان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

وفي وقت سابق اليوم، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة مقتل أكثر من 45 وإصابة المئات «كحصيلة أولية» جراء الاستهداف الإسرائيلي لمنتظري المساعدات صباح اليوم، لافتة إلى أن القتلى والجرحى وصلوا إلى مجمع ناصر الطبي.

فلسطينيات يبكين خلال جنازة من قتلوا بغارات إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

وذكرت الوزارة في بيان أن أقسام الطوارئ والعناية المركزة والعمليات تشهد حالة من الاكتظاظ الشديد مع وصول هذا العدد الكبير من الضحايا. وجددت وزارة الصحة دعوتها إلى كل الجهات المعنية لتعزيز الإمدادات الطبية الطارئة، بحسب البيان.

عائلة تبكي طفلها المتوفى في غارة اليوم على خان يونس (رويترز)

واندلعت الحرب في قطاع غزة قبل نحو 20 شهراً بعد أن اقتحم مسلحون بقيادة حركة «حماس» جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن ذلك الهجوم تسبب في مقتل 1200، أغلبهم من المدنيين واحتجاز 251 رهينة بما يجعله أدمى يوم في تاريخ إسرائيل.

فلسطينيون يحملون إمدادات الإغاثة في بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (رويترز)

وتقول سلطات الصحة في قطاع غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ ذلك الحين قتلت ما يقرب من 55 ألف فلسطيني أغلبهم مدنيون، وسوت أغلب القطاع بالأرض، وشردت أغلب سكانه، وأشاعت بينهم الجوع وسوء التغذية.