ماذا بعد استهداف السفارة الأميركية؟ كل شيء وارد إلا وقف الهجمات

«الرد الحاسم» ليس محل شك... و«الإطار» لا يملك سوى المناورة

علم أميركي يظهر على مدخل قاعة الطعام بمجمع السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
علم أميركي يظهر على مدخل قاعة الطعام بمجمع السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
TT

ماذا بعد استهداف السفارة الأميركية؟ كل شيء وارد إلا وقف الهجمات

علم أميركي يظهر على مدخل قاعة الطعام بمجمع السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
علم أميركي يظهر على مدخل قاعة الطعام بمجمع السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)

ماذا بعد استهداف السفارة الأميركية في بغداد بصاروخين لم يسفرا عن أضرار جسيمة؟ ثمة أضرار سياسية متوقعة، ومؤشرات على «فرز اضطراري» داخل «الإطار التنسيقي» الحاكم. يقول قيادي شيعي بارز إنه «لا يعني أن الرد الأميركي محل شك الآن، ولن يوقف هجمات فصائل محددة ضد مصالح واشنطن».

وخلال الساعات الماضية، كررت دوائر أميركية مختلفة عبارة واحدة على مسامع المسؤولين العراقيين، «نمتلك حق الدفاع عن النفس» سمعها رئيس الوزراء العراقي من وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، عبر الهاتف في وقت متأخر من ليل الجمعة، وسطّرها مسؤولون في الخارجية والسفارة في بغداد، في بيانات متواترة.

وحدد أوستن، وفقاً لبيان «البنتاغون»، فصيلَي «النجباء» و«كتائب حزب الله» على أنهما «مسؤولان عن معظم الهجمات ضد أفراد التحالف»، وأن بلاده «تحتفظ بحق الرد» على الهجمات.

وفسر سياسيون عراقيون «لهجة الأميركيين» بأنها «إشارة إلى رد حاسم ضد هدفين محددين دون غيرهما»، لكن طبيعته غير واضحة حتى الآن، عدا تكهنات تفيد بأن العمليات المتوقعة ستشمل «أهدافاً متحركة تنوي إطلاق صواريخ على المصالح الأميركية» كما حدث في أبو غريب وكركوك وجرف الصخر، وفقاً لما ذكره القيادي الشيعي، الذي طلب إخفاء هويته.

وقال القيادي، عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط»، إن «تلك العمليات لن تذهب أكثر من ذلك»؛ لأن واشنطن «تنتظر من الحكومة ومن (الإطار التنسيقي) جهوداً أكبر لوقف الهجمات (...) وهذا ما سيحدث على المستوى الميداني».

محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

الرد الأميركي «الحاسم»

واكتسبت فرضية «الرد الحاسم» التي كررها الأميركيون خلال الساعات الماضية تأكيداً إضافياً، بعدما وصف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الهجوم بأنه «عمل إرهابي»، لكنه حذّر من «هجوم أميركي مباشر دون موافقة الحكومة»، فيما قد يفسره الأميركيون ضوءاً أخضر للرد.

وكان «الإطار التنسيقي» أصدر بياناً، بعد اجتماع لبحث تداعيات الهجوم، وقال إنه «يندد بما نفذته جماعة مشبوهة ضد البعثات الدبلوماسية التي نلتزم بحمياتها في العراق».

ووضعت السفيرة الأميركية في بغداد، ألينا رومانوسكي، ضغطاً أكبر على رئيس الحكومة و«الإطار التنسيقي» بعدما دعت قوات الأمن العراقية إلى اعتقال منفذي الهجوم وتقديمهم إلى العدالة. وقالت إن «الوقت حان لفعل شيء وتحقيق النتائج».

وعلى ما يبدو، فإن الحكومة العراقية تحاول مجاراة الضغط الأميركي، بعدما أعلن مسؤول عسكري بارز «التوصل إلى خيوط مهمة ستقود إلى اعتقال المنفذين».

وبحسب الجنرال يحيى رسول، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، فإن «القيادة استبدلت الفوج المكلف حماية المنطقة الخضراء».

خيط بين إيران و«الإطار»

وغالباً، ما يُنظر إلى رئيس الوزراء العراقي على أن موقعه التنفيذي والسياسي يحتم عليه الحذر في التعامل مع واشنطن من جهة، وحلفائه من الأحزاب الشيعية التي يمتلك بعضها مجموعات مسلحة موالية لإيران، لكن الخيط الرفيع بينهما بدأ يختفي إلى حد ما، منذ بدء الأزمة في غزة.

«من الصعب تغيير استراتيجية المقاومة في العراق والمنطقة المرتبطة بقطاع غزة بحجة متغيرات سياسية تواجهها قوى الإطار التنسيقي، هذا ما نسمعه منهم (الفصائل الموالية لإيران)، لهذا لا تملك القوى التي تدعم الحكومة سوى المناورة»، يقول القيادي العراقي.

ومنذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، تواجه القوى الشيعية أزمة «الأدوار المركبة»، إذ يشتبك نفوذها السياسي، وطموحها في إنجاح الحكومة الحالية، مع دورها فيما يعرف بـ«محور المقاومة».

ويقول القيادي، إن «مسألة وقف هجمات الفصائل، أو محاولة إيقافها، شبه مستحيلة؛ لأن ذلك سيعني التقاطع مع دوائر إيرانية على صلة بالملف العراقي».

وفشلت وساطات قادها تيار سياسي داخل الإطار مع فصائل مسلحة بهدف وقف تلك الهجمات، حتى «مع حساسية الموقف الإقليمي الراهن».

ورفض المسؤول عن «كتائب سيد الشهداء»، أبو آلاء الولائي، «إيقاف العمليات أو تخفيفها»، وقال في منشور على منصة «إكس»، إنه «يتفهم دوافع الوساطات ويدرك أهمية تعدد الأدوار، لكن المقاومة ثقافة لا تموت».

ومن المحتمل أن تلجأ قوى في الإطار إلى «تكتيك لتبادل الأدوار» بهدف التخلص أو تخفيف الضغط في الوقت الراهن.

وقد يعني هذا، وفقاً للقيادي، أن «تتحمل جماعة صغيرة عبء الهجمات المنفذة»، لأنها «لن تتوقف، كما لا يستطيع الإطار التنسيقي الذهاب بعيداً في العلاقة معها أو تأييد أنشطتها المسلحة».

وتحدث هذا القيادي عن «فرز سياسي سيضطر إليه الإطار التنسيقي خلال الفترة المقبلة، لأنه يريد خوض الانتخابات المحلية منتصف هذا الشهر في ظرف هادئ ومستقر».


مقالات ذات صلة

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

توتر سياسي واسع داخل المعسكر الشيعي الحاكم في العراق بعد التراجع عن إدراج «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» اليمنية على قوائم الإرهاب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مقاتلون حوثيون خلال استعراض في صنعاء باليمن 21 سبتمبر 2024 (رويترز)

الرئاسة العراقية تنفي علمها بقرار اعتبار «حزب الله» والحوثيين «جماعتَين إرهابيتَين»

نفت رئاسة الجمهورية العراقية علمها أو مصادقتها على قرار اعتبار جماعتَي «أنصار الله (الحوثيين)»، و«حزب الله» اللبناني إرهابيَّتين، وتجميد أصولهما وأموالهما.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
TT

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

قالت عائلة المعتقل الفلسطيني المسن من قياديي حركة «حماس» محمد أبو طير، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري، وفق ما نشرت «رويترز».

وقال مصعب نجل محمد أبو طير (75 عاماً): «داهمت قوات إسرائيلية منزل العائلة في قرية دار صلاح شرق بيت لحم قبل الفجر منذ نحو ثلاثة أسابيع واعتقلت والدي الذي أمضى ما مجموعه 44 عاماً في سجون الاحتلال».

وأضاف لـ«رويترز» عبر الهاتف: «يعاني والدي من أمراض السكري والضغط والصدفية ولا نعلم إن كان يحصل على دوائه أم لا ولا نعرف سبب اعتقاله».

وأوضح مصعب أبو طير أن تحويل والده للاعتقال الإداري لأربعة أشهر يعني أن إسرائيل لم تجد تهماً توجهها إلى والده. وقال: «هذه المرة الأوضاع في السجون الإسرائيلية صعبة جداً ووضع والدي الصحي لا يتحمل هذه الظروف».

وتستخدم إسرائيل قانوناً بريطانياً قديماً يتيح لها اعتقال الفلسطينيين من دون محاكمة بين ثلاثة وستة أشهر قابلة للتجديد بدعوى وجود ملف أمني سري للمعتقل.

ولم يصدر بيان من الجهات الإسرائيلية ذات الصلة عن أسباب اعتقال أبو طير.

وقال نادي الأسير الفلسطيني، في بيان: «قرار الاحتلال بنقل المعتقل الإداري المقدسي والمسنّ محمد أبو طير إلى قسم ركيفت الواقع تحت الأرض في سجن نيتسان بالرملة، هو قرار إعدام بحقه». وعاودت إسرائيل فتح ركيفت بعد الحرب للزج بمعتقلي غزة فيه.

وأضاف النادي في بيانه: «أبو طير هو نائب سابق (في المجلس التشريعي الفلسطيني)، وقد قرر الاحتلال إبعاده عن القدس إلى جانب مجموعة من النواب المقدسيين كما أقدم الاحتلال لاحقاً على سحب هويته المقدسية».

وفاز أبو طير في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في 2006، وحصلت حركة «حماس»، التي شاركت فيها للمرة الأولى، على أغلبية مقاعد المجلس.

وتشير الإحصاءات الفلسطينية الرسمية إلى أن عدد المعتقلين إدارياً من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ 3368 حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وحذرت الرئاسة الفلسطينية «من خطورة ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمسّ كرامتهم الإنسانية وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة».

واستنكرت الرئاسة في بيان لها اليوم «بشكل خاص ما يتعرض له القائد الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجون الاحتلال».


«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
TT

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية، في خطوة قال مفوض الوكالة، فيليب لازاريني، إنها تعكس تضامناً عالمياً واسعاً مع اللاجئين الفلسطينيين.

وقال لازاريني، في منشور على «إكس»، إن قرار الأمم المتحدة «هو أيضاً إقرار بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات الإنسانية والتنموية للاجئي فلسطين، إلى حين التوصُّل إلى حل عادل ودائم لمعاناتهم المستمرة منذ عقود».

وزعمت إسرائيل، أوائل العام الماضي، أن 12 من موظفي «أونروا» شاركوا في الهجوم الذي شنَّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وأشعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ مما دفع دولاً عدة، من بينها الولايات المتحدة إلى تعليق تمويل الوكالة.

وخلصت مراجعة، صدرت في وقت لاحق من ذلك العام أجرتها مجموعة عمل أممية، إلى أن إسرائيل لم تقدِّم أدلةً على مزاعمها بأنَّ موظفين في «أونروا» أعضاء في جماعات إرهابية.

وتأسست «أونروا» في 1949 بعد إعلان قيام إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في العام السابق، وتقدم خدمات تعليمية وصحية، ومساعدات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.


تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
TT

تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)

أوردت وكالة «بلومبرغ» أن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، سيبدأ، غداً (السبت)، جولة في الشرق الأوسط تستمر أربعة أيام تشمل إسرائيل والأردن.

وقالت الوكالة إن والتز سيلتقي أثناء زيارته لإسرائيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ.

ويلتقي أثناء زيارته للأردن بالملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي لمناقشة دور الأردن في تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.