فرنسا تجمد مساعداتها للبنان لفرض حل لـ«أزمة الفراغ» في الجيش

مصدر فرنسي لـ«الشرق الأوسط»: قبلنا على مضض بالفراغ الرئاسي والمالي... ولن نقبل بالعسكري

ميقاتي خلال اجتماعه مع الوفد الفرنسي (دالاتي ونهرا)
ميقاتي خلال اجتماعه مع الوفد الفرنسي (دالاتي ونهرا)
TT

فرنسا تجمد مساعداتها للبنان لفرض حل لـ«أزمة الفراغ» في الجيش

ميقاتي خلال اجتماعه مع الوفد الفرنسي (دالاتي ونهرا)
ميقاتي خلال اجتماعه مع الوفد الفرنسي (دالاتي ونهرا)

ربما تكون فرنسا قد سلمت بأن انتخاب رئيس للبنان بات عصياً في المدى المنظور، لكنها لم تعلن استسلامها في ملف منع الفراغ في قيادة الجيش اللبناني، المركز الماروني الأهم في البلاد بعد فراغ أول في رئاسة الجمهورية منذ أكثر من سنة، وفراغ آخر في حاكمية مصرف لبنان.

وأتت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان أخيراً لتتركز على هذا العنوان، وتقارب العنوان الرئاسي من باب «رفع العتب» عبر تأكيد على الموقف السابق لجهة حث اللبنانيين على القيام بـ«واجبهم» في انتخاب رئيس للبلاد يعيد الانتظام إلى الحياة الدستورية بالبلاد التي تعاني من أزمة اقتصادية ومالية حادة، كما يواجه احتمالاً متصاعداً وتهديداً كبيراً بالانغماس في الحرب الدائرة بغزة لا تشبه حال حرب الاستنزاف الصغيرة التي يخوضها «حزب الله» عند الحدود الجنوبية تحت عنوان «دعم الفلسطينيين».

وتستشعر فرنسا خطراً كبيراً يحدق بلبنان؛ «حفلة الجنون» الدائرة على حدوده الجنوبية، وخطر الفراغ العسكري والأمني الذي يحدق بالبلاد، كلها أمور تجعل دبلوماسيتها في حالة استنفار قصوى. ولعل هذا يفسر الزيارات المتوالية - المعلنة وغير المعلنة - للمسؤولين الفرنسيين إلى لبنان خلال الأيام الماضية، وآخرها أمس زيارة وفد مشترك من وزارتي الدفاع والخارجية. ووضع جنودها في قوة الطوارئ الدولية العاملة بجنوب لبنان (يونيفيل) وعددهم 700 جندي يجعلها أكثر استنفاراً. وتقول مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط»، إن الفراغ في قيادة الجيش «خطر أمني لفرنسا بذات مستوى الخطر على أمن لبنان».

ويضيف المصدر أن ثمة خطراً إسرائيلياً محدقاً بلبنان، وإذا كان من الممكن لملف رئاسة الجمهورية أن ينتظر بعض الوقت رغم أهميته، فإن الفراغ في قيادة الجيش اللبناني يشكل كابوساً أمنياً لا بد من العمل لتفاديه فوراً ودون أي تأخير. ويوضح المصدر أن فرنسا لن تتدخل في «كيفية منع الفراغ، سواء عبر تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون أو عبر ملء الفراغ في هيئة الأركان التي يمكن أن تحل محل قائد الجيش حال انتهاء ولايته في يناير (كانون الثاني) المقبل». ويقول المصدر إن فرنسا «لا تتمسك بالتمديد لقائد الجيش»، موضحاً أن المسؤولين الفرنسيين أبلغوا نظراءهم اللبنانيين بالقيام «بما يرونه مناسباً لمنع الفراغ في قمة هرم المؤسسة العسكرية».

وإذ أكد المصدر أن لودريان سمع تطمينات من المسؤولين اللبنانيين مفادها أن الأمر قيد المعالجة، كشف أن فرنسا اتخذت خطوات للضغط على المسؤولين اللبنانيين في هذا المجال، موضحاً أن قراراً اتخذ بربط المساعدات المخصصة للجيش ومشروعات التعاون معه بحل هذه المسألة.

وكان من المقرر لفرنسا أن تقدم مساعدة عسكرية كبيرة للجيش هي عبارة عن آليات عسكرية، كما كان هناك اتفاق مع وزارة الجيوش الفرنسية لتوحيد طلبات شراء الأدوية لصالح الجيشين اللبناني والفرنسي، ما من شأنه إحداث خفض بنحو 70 في المائة من الثمن لصالح لبنان.

رئاسياً، لم تحمل زيارة لودريان شيئاً، سوى إعادة تأكيده على «الخيار الثالث»، بعد أن تخلت فرنسا عن تسويق ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، وعدم قدرة المعارضة على إيصال مرشحها جهاد أزعور إلى قصر بعبدا. المواقف في المقابل من الجهة اللبنانية كانت على حالها، لجهة تمسك كل طرف بمرشحه، خصوصاً «حزب الله» الذي أبلغ لودريان مباشرة باستمراره بالتمسك بترشيح فرنجية، فيما كان اللقاء مع النائب جبران باسيل قصيراً لدرجة لم تسمح حتى بالمجاملات. قال له لودريان: «أنا آتٍ للبحث في ملف الرئاسة وقيادة الجيش»، فرد باسيل بأنه يرفض الحديث في الموضوع الثاني، وأتاه رد سريع من لودريان: «إذن ليس ثمة ما نتكلم به».

إلى ذلك، بدأ وفد فرنسي يرأسه المدير العام للشؤون السياسية والأمنية في وزارة الخارجية الفرنسية فريدريك موندولي جولة على المسؤولين اللبنانيين، استهلها بلقاء مع وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، ثم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي قال مكتبه الإعلامي إن هدف الزيارة «هو حض لبنان على اتخاذ الخطوات الأساسية للإسراع في تعزيز الاستقرار بالجنوب».


مقالات ذات صلة

سلام: لا شطب للودائع والبدء بالإصلاح المالي في إعادة التفاوض مع «صندوق النقد»

المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (إ.ب.أ)

سلام: لا شطب للودائع والبدء بالإصلاح المالي في إعادة التفاوض مع «صندوق النقد»

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أنه على تواصل شبه يومي مع البنك الدولي في سبيل إقرار تخصيص مبلغ أولي قيمته 250 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

القضاء اللبناني يختم التحقيق في ملفّ رياض سلامة

أفاد مصدر قضائي مطلع بأن القاضي حلاوي «ختم التحقيق في ملفّ سلامة ورفيقَيه، وأحاله إلى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم لإبداء مطالعته».

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري قوات سورية في بلدة حوش السيد علي قرب الحدود اللبنانية السورية أمس (أ.ب)

تحليل إخباري هل يحل تطبيق القرار 1680 أزمة الحدود اللبنانية السورية؟

بعد المواجهات المسلّحة التي اندلعت على الحدود الشرقية للبنان، وُضع القرار 1680 مجدداً على طاولة البحث.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي من عمليات التصويت في الانتخابات النيابية عام 2022 (غيتي)

«الثنائي الشيعي» يسعى للتزكية في انتخابات جنوب لبنان لـ«تفادي الأخطار الإسرائيلية»

يحاول ثنائي «حزب الله» و«أمل» تجنب معارك انتخابية في الجنوب في ضوء منع إسرائيل إدخال البيوت الجاهزة إليها وملاحقتها بالمسيرات لكوادر «حزب الله» العسكرية

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي قوات سورية تتجمع في قرية حوش السيد علي على الحدود مع لبنان (أ.ب)

الجيش اللبناني يدخل بلدة حدودية بعد انسحاب المجموعات السورية منها

أفادت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام»، الأربعاء، بأن الجيش دخل بلدة حوش السيد علي الحدودية في قضاء الهرمل شرق البلاد بعد انسحاب المجموعات السورية منها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

أميركا أمام مجلس الأمن: «حماس» مسؤولة عن سقوط القتلى في غزة منذ استئناف القتال

القائمة بأعمال مبعوث أميركا بالأمم المتحدة دوروثي شيا (أ.ب)
القائمة بأعمال مبعوث أميركا بالأمم المتحدة دوروثي شيا (أ.ب)
TT

أميركا أمام مجلس الأمن: «حماس» مسؤولة عن سقوط القتلى في غزة منذ استئناف القتال

القائمة بأعمال مبعوث أميركا بالأمم المتحدة دوروثي شيا (أ.ب)
القائمة بأعمال مبعوث أميركا بالأمم المتحدة دوروثي شيا (أ.ب)

قالت الولايات المتحدة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اليوم الجمعة، إن حركة «حماس» الفلسطينية هي المسؤولة عن سقوط قتلى في قطاع غزة منذ استئناف الأعمال القتالية.

وقالت دوروثي شيا، القائمة بأعمال مبعوث الولايات المتحدة بالأمم المتحدة لمجلس الأمن: «تتحمل (حماس) المسؤولية الكاملة عن الحرب الدائرة في قطاع غزة واستئناف الأعمال القتالية. كان من الممكن تجنب كل روح تزهق إذا قبلت (حماس) الخطة المؤقتة التي طرحتها الولايات المتحدة يوم الأربعاء الماضي»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضافت شيا: «لا يجوز أن تلعب (حماس) دوراً في مستقبل غزة، وحان وقت تغيير طريقة التفكير في القطاع».

وأعلنت «حماس»، الجمعة، أنها تُناقش المقترح الأميركي لاستئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك مع تكثيف إسرائيل عملياتها العسكرية بالقطاع للضغط على الحركة لإطلاق سراح الرهائن المتبقّين لديها.

ويهدف المقترح، الذي طرحه ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي، وعرضه، الأسبوع الماضي، إلى تمديد وقف إطلاق النار حتى أبريل (نيسان) المقبل، بعد انتهاء شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي؛ لإتاحة الوقت للتفاوض على وقف دائم للحرب.