جنود إسرائيليون يحتجزون عشرات الفلسطينيين بعد تجريدهم من ملابسهم بغزة

«الأسرى العراة»: صورة لسلاح ذي حدين

TT

جنود إسرائيليون يحتجزون عشرات الفلسطينيين بعد تجريدهم من ملابسهم بغزة

عشرات الفلسطينيين المعتقلين في غزة يظهرون شبه عراة (تويتر)
عشرات الفلسطينيين المعتقلين في غزة يظهرون شبه عراة (تويتر)

أظهرت صور من غزة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي اعتقالاً جماعياً من قبل الجيش الإسرائيلي لرجال أجبروا على خلع ملابسهم باستثناء الملابس الداخلية، والركوع في الشارع، ووضع عصابات الأعين، وتم وضعهم في مركبات عسكرية.وأثارت هذه الصور، منذ انتشارها الخميس، نقاشات في إسرائيل وكثير من الدول حول العالم. فقد ظهر فيها مجموعة من الشبان الفلسطينيين، الذين تقول السلطات الإسرائيلية إنهم من عناصر النخبة في حركة «حماس» ممن سلّموا أنفسهم، رافعين أيديهم، خلال المعارك في قطاع غزة.

وفيما ذكرت بعض المواقع الإخبارية إنها التقطت في شمال القطاع، قالت مواقع أخرى إنها في خان يونس في الجنوب.ويظهر في الصور عشرات الشبان الفلسطينيين، غالبيتهم شبه عراة، وهم مقيدو اليدين، فيما يصرخ جنود إسرائيليون في وجوههم ويوجهون لهم الأوامر بفظاظة.بعض المعلقين في إسرائيل عدّوا الصور دليلاً على «النصر» في هذه الحرب، خصوصاً في ظل عدم توافر صور يظهر فيها يحيى السنوار، زعيم «حماس» في قطاع غزة، أو محمد ضيف، قائد «كتائب عز الدين القسام»، أو نائبه مروان عيسى، مستسلمين أو قتلى.

وأضاف هؤلاء المعلقون أن الصور تعني أنه بات بإمكان الجيش أن يوقف القتال الآن وهو يفاخر بمثل هذا «الإنجاز» ضد مقاتلي «حماس» الذين يظهرون مذلولين. عند اليهود، هذه الصور تشفي الغليل وتدغدغ غريزة الثأر والانتقام. لكنها، في المقابل، يمكن أن تُحدث أثراً سلبياً في الغرب، حيث لا يحبون الانتقام والثأر، خصوصاً أن مشاهد الأسرى بهذا الوضع تُظهر إسرائيل بصورة وحشية وغير إنسانية فيما هي تحاول تقديم نفسها بوصفها تحرص على القيم الغربية وحقوق الإنسان.وقد اقترح أحد القادة السابقين للمخابرات الإسرائيلية أن يُقال إن هؤلاء الأسرى الفلسطينيين خلعوا ملابسهم بمبادرة منهم حتى يثبتوا للجيش الإسرائيلي أنهم لا يضعون أحزمة ناسفة حول أجسادهم، وعندها سيتفهمون في الغرب هذه الصورة ويتقبلونها. بل قد يرون فيها دليلاً على أن إسرائيل لا تقتل من يستسلم.

لكن المشكلة، التي لا يبدو أن أصحاب نظرية «صورة النصر» هذه لم يأخذوها بالاعتبار، هي أن هذه الصور يمكن أن تتحول بسرعة إلى سلاح ذي حدين. فأولاً، كانت هناك صور إذلال مماثلة في التاريخ قامت بها جيوش كثيرة. في إحداها ظهر فيها يهود تم حبسهم في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية، بأيدي النازيين. وقد سيقوا يومها إلى معسكرات الاعتقال والإبادة. وثانياً، بات بإمكان «حماس» أن تنشر هي الأخرى «صور نصر» شبيهة بالصور التي أخذها الإسرائيليون. فلدى «حماس» 138 أسيراً ومحتجزاً، بينهم ضباط في الجيش الإسرائيلي وجنود من الشباب والصبايا. فماذا ستقول إسرائيل إذا قررت «حماس» التعامل معهم بالمثل؟

وفي تعليقه على الصور، قال دانييل هاغاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن جباليا والشجاعية، من أحياء مدينة غزة، هما «مركزا ثقل» للمسلحين. وتابع: «إنهم يختبئون تحت الأرض ويخرجون ونحن نقاتلهم... كل من بقي في تلك المناطق، يخرج من فتحات الأنفاق، وبعضهم من المباني، ونقوم بالتحقيق في من هو مرتبط بـ(حماس) ومن ليس كذلك. نعتقلهم جميعاً ونستجوبهم».

صورة من غزة لاعتقال القوات الإسرائيلية لعشرات الرجال وإجبارهم على خلع ملابسهم (تويتر)

ونشر «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» صورة لأحد المعتقلين، وقال في بيان على موقعه الإلكتروني، الخميس، إن «الجيش الإسرائيلي اعتقل وأساء إلى عشرات المدنيين الفلسطينيين». وقال البيان: «تلقى (المرصد الأورومتوسطي) تقارير تفيد بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي شنَّت حملات اعتقال عشوائية وتعسفية ضد النازحين، بينهم أطباء وأكاديميون وصحافيون وكبار السن».

وحددت شبكة «سي إن إن» الموقع الجغرافي لبعض الصور في بيت لاهيا، شمال مدينة غزة.وتعليقاً على الصور المنتشرة للأسرى شبه العراة، اتهم عزت الرشق القيادي الكبير في حركة "حماس" القوات الإسرائيلية اليوم الجمعة بارتكاب "جريمة نكراء بحق مدنيين أبرياء عزل".

ودعا الرشق منظمات حقوق الإنسان الدولية إلى التدخل لكشف ما حدث للرجال والمساعدة في إطلاق سراحهم. وقال الرشق إن الرجال ألقي القبض عليهم في مدرسة في غزة كانت تستخدم كملجأ من القصف الإسرائيلي المتواصل منذ أسابيع وأدى إلى نزوح كثيرين من سكان غزة.

الجيش الإسرائيلي يقتاد رجالاً فلسطينيين في آليات عسكرية بغزة (تايمز أوف إسرائيل)

وعبّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلقها إزاء الصور وقالت إن كل المحتجزين والمعتقلين يجب أن يعاملوا بطريقة إنسانية وبكرامة وفقاً للقانون الإنساني الدولي، بحسب "رويترز".

وانتقد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي تدعم بلاده حركة "حماس" إسرائيل أيضا، متهما إياها "بالوحشية في معاملة الأسرى والمواطنين الأبرياء".

وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي في إفادة صحافية روتينية ردا على سؤال حول الصور "نتحدث عن أفراد تم القبض عليهم في جباليا والشجاعية (في مدينة غزة)، معاقل حماس ومراكز ثقلها". وأضاف "نتحدث عن رجال في سن الخدمة العسكرية تم اكتشافهم في مناطق كان من المفترض أن يخليها المدنيون قبل أسابيع".


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

تحليل إخباري فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

حديث إسرائيلي رسمي عن إنشاء «مناطق عازلة» في قطاع غزة، أثار تساؤلات بشأن مدى تأثيراتها على اتفاق الهدنة المحتمل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي تسبب القصف الإسرائيلي على غزة في استشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني أكثر من نصفهم نساء وأطفال (رويترز)

تجمدوا حتى الموت... البرد يودي بحياة 3 أطفال في غزة

توفي 3 أطفال فلسطينيين في الساعات الـ48 الماضية بسبب البرد الشديد، حيث قال الأطباء إنهم تجمدوا حتى الموت أثناء وجودهم في مخيمات غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يدخل نفقاً بُني لدعم المحتجزين ويرمز إلى أنفاق «حماس» خلال تجمع جماهيري في تل أبيب (رويترز)

إسرائيل و«حماس» تتبادلان اتهامات «عرقلة صفقة غزة»

بدَّدت إسرائيل وحركة «حماس»، أمس الأربعاء، أجواء التفاؤل بقرب عقد صفقة في قطاع غزة، تشمل هدنة مؤقتة وتبادلاً للأسرى، وتراشقتا بالاتهامات حول مسؤولية عرقلة.

كفاح زبون (رام الله)
شمال افريقيا أشخاص يتفقدون موقع القصف الإسرائيلي على خيام تؤوي فلسطينيين نازحين من بيت لاهيا (أ.ف.ب)

​«هدنة غزة»: «جمود» يدفع المفاوضات إلى «مصير غامض»

مغادرة الوفد الإسرائيلي الدوحة للتشاور بشأن اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة فتح تكهنات بشأن «مستقبل مسار الجمود الحالي» في ظل طلب الوسطاء «التعاون»

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي جانب من قداس منتصف الليل في بيت لحم (إ.ب.أ)

الحرب على غزة ودمارها الموضوع الرئيسي بقداس منتصف الليل في بيت لحم

خيَّمت الحرب المدمرة في قطاع غزة على قداس منتصف الليل في بيت لحم الذي ترأسه بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا.

«الشرق الأوسط» (بيت لحم)

قصور «قرى الأسد»... أناقة دولة الجريمة المنظمة

شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
TT

قصور «قرى الأسد»... أناقة دولة الجريمة المنظمة

شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)

لسنوات، ظلت قصور «قرى الأسد» ومنازلها الفاخرة أشبه بـ«محمية» للحلقة الضيقة حول الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وزوجته أسماء من رجال أعمال وقادة أمنيين وعسكريين برتب رفيعة.

لكن بعد سقوط النظام، باتت المنطقة الواقعة غرب دمشق، في عهدة السلطة الجديدة التي نشرت فصائل مسلحة لحمايتها من السرقة أو محاولات إحراق الوثائق، كما جرى في قصر يسار إبراهيم الذي يوصف بأنه الذراع المالية للسيدة الأولى السابقة.

ولا تبدو على المسلحين المكلفين حراسة القصور أي علامات اهتمام بتفاصيلها الفاخرة من مسابح وصالات رياضة حديثة وأثاث مستورد. فكل ذلك بالنسبة إليهم دليل إضافي على حياة البذخ التي عاشها رجال السلطة على حسابهم.

ويقول أحدهم لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يدخل جيشهم إلى منزلنا ومناطقنا لا يتركون أبواباً أو بلاطاً أو حديداً أو شرائط كهربائية داخل الجدران. يقومون بـ(التعفيش) المنهجي؛ فلا يبقى من بيوتنا إلا هياكل عظمية... هل كانوا فعلاً يحتاجون إلى ذلك؟».

وخلال جولة لـ«الشرق الأوسط» في المنطقة، رصدت عدداً من علامات الهروب المرتبك لقاطني هذه القصور. ففي منزل اللواء الركن كمال علي حسن، رئيس شعبة المخابرات العسكرية، على سبيل المثال، تنتصب شجرة ميلاد نصف مزينة وسط الصالون الكبير، توحي بأن العائلة رحلت على عجل قبل الانتهاء من مهمة التزيين.