عائلات محتجزين إسرائيليين في غزة تطالب بالعودة إلى المفاوضات

قالت إنها تخاف على حياة أولادها من ضربات الجيش أكثر من «حماس»

صور المحتجزين لدى «حماس» على ملصق في تل أبيب اليوم الأربعاء (رويترز)
صور المحتجزين لدى «حماس» على ملصق في تل أبيب اليوم الأربعاء (رويترز)
TT

عائلات محتجزين إسرائيليين في غزة تطالب بالعودة إلى المفاوضات

صور المحتجزين لدى «حماس» على ملصق في تل أبيب اليوم الأربعاء (رويترز)
صور المحتجزين لدى «حماس» على ملصق في تل أبيب اليوم الأربعاء (رويترز)

بعد اليأس من الحكومة الإسرائيلية والوصول إلى اقتناع تام بأنها لا تضع قضية المحتجزين لدى حركة «حماس» في رأس سلّم الاهتمام، يتداول قادة «منتدى عائلات الرهائن» في إمكانية التوجه إلى «الأخ الأكبر»، الرئيس الأميركي جو بايدن، للتدخل لدى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وأعضاء مجلس قيادة الحرب وكذلك قادة الجيش، ليوقفوا الحرب ويعودوا إلى طاولة المفاوضات حول صفقة تبادل، تعيد المحتجزين والمحتجزات جميعاً إلى بيوتهم، «الآن فوراً ومهما كلّف ذلك من ثمن».

وقال مؤيدو هذه الفكرة إن «حكومتنا باتت عاجزة عن فهم آلامنا وعن فهم دورها في حماية الأسرى، ولا تتمتع بالحد الأدنى من صفات الرحمة التي يظهرها الرئيس بايدن لموضوع الأسرى، ولذلك يجب تسليمه الملف. نثق به أكثر».

وقد جاء هذا الموقف في أعقاب جلسة مشحونة، شابها التوتر والصراخ والبكاء والشجار، بين وفد من عائلات الأسرى، ونتنياهو وعضوي مجلس إدارة الحرب، وزير الدفاع، يوآف غالانت، ووزير الدولة، بيني غانتس، مساء الثلاثاء، والتي انتهت بخيبة أمل كبيرة وخوف شديد على أرواح المحتجزين لدى «حماس».

صورة وزعتها «كتائب القسام» لميا ليمبرغ الرهينة التي أفرج عنها مقاتلو «حماس» مع كلبها يوم 28 نوفمبر الماضي (كتائب القسام - رويترز)

ويتضح من تسريبات جديدة عن هذا اللقاء، أن عائلات الأسرى القابعين في سجون «حماس»، والأسيرات المحررات اللاتي حضرن اللقاء، أعربوا عن مخاوفهم من الحرب ومن تصريحات القادة السياسيين والعسكريين الذين يتحدثون عن «الإصرار على مواصلة الأعمال القتالية». وروت إحدى المخطوفات التي تحررت قائلة: «نحن لا نعرف ماذا يجري اليوم للمخطوفين اليوم وما هي درجة معاناتهم. لكنني أقول من تجربتي في هذا الأسر إنني كنت ميتة من الخوف طيلة الوقت. أنتم تقولون إنكم في الحرب تحررون الأسرى. وأنا أقول لكم إن القصف الذي ينفذه جيشنا يهدد حياتهم. كنا نسمع في الأنفاق دوي الانفجارات ونرتعد خوفاً. لكن رجال حماس كانوا ينامون بهدوء ولا يتأثرون ولا يخافون القصف. وكانوا يمزحون ويتحرشون بنا. لذلك أتوسل إليكم اتركوا هذه الحرب فهي لن تأتي بنتيجة سوى تهديد حياة الأسرى الإسرائيليين».

وقالت أسيرة أخرى محررة: «صدقوني حين أقول لكم إننا كنا نخشى الموت من القصف الإسرائيلي أكثر من خشيتنا من الموت بأيدي حماس. رجال حماس لم يهددوا بقتلنا. لكننا عندما كنا نسمع دوي الانفجارات كنا نحس بها تحت أقدامنا وفوق رؤوسنا فنقول هذه هي آخرتنا. أنتم تقصفون هناك في كل يوم وفي كل ساعة وليل نهار والمخطوفون هم أكثر من يعاني».

عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس» خلال مظاهرة في تل أبيب يوم 2 ديسمبر (أ.ف.ب)

وقد خرج قادة «منتدى عائلات الرهائن» من الاجتماع بخيبة أمل قاسية واتهموا نتنياهو بعدم الجدية. فقد تهرب من الإجابات عن أسئلتهم. وكان يقرأ من ورقة حملها. وقال لهم إنه لا يخبرهم بكل ما يريدون سماعه لأنه لا يريد أن يفشي الأسرار حول العمليات التي يقوم بها الجيش حتى لا يستفيد منها العدو. وأكد انه يعمل على إطلاق سراح جميع الأسرى بلا استثناء. وعندما قاطعه بعضهم راح رجاله يصرخون في وجوههم. وغضب نتنياهو في مرحلة معينة وصاح بهم: «لقد أعطيتكم احتراماً أكثر من اللازم». فأجابت أسيرة محررة منهن: «أنت يجب أن تذهب إلى البيت. أنت أهملتنا وهدرت دماءنا. تقصيرك جعلنا مخطوفين. وواجبك أن تنقذ بقية الأسرى. إن كنت لا تستطيع ذلك استقل ودع قائداً آخر ذا قامة يقوم بالواجب ويضع قضية الأسرى فوق أي اعتبار. ما هذه المسخرة».

وقد حاول غالانت تهدئتهن فقال: «صدقوني، إننا نعمل كل ما في وسعنا لإطلاق سراح أسرانا. لدينا مصنع مخابرات يتابع ويراقب ويرصد ويلاحق، وعندما يكون هناك شك في وجود أسرانا في مكان ما لا نقصف، خوفاً من إصابتهم. نعمل بدقة بالغة. لدينا تكنولوجيا عالية...». فقاطعته إحدى الأسيرات قائلة: «غانتس. لا ترخ عينيك. ولا توجه أنظارك إلى الأرض. انظر إليّ. ضع عينيك في عيني. قل الحقيقة. لقد كانوا ينقلوننا من مكان إلى مكان وطائرة مروحية قصفت بالقرب منا. كدنا نموت. وأنت كنت ستدعي أن حماس قتلتنا. وأنا أقول لك ليس حماس. أنتم الذين تقتلوننا».

امرأة تستعد لوضع ملصق في تل أبيب يتضمن صور محتجزين في غزة (رويترز)

وانفجرت أسيرة أخرى تقول: «أنتم تضعون السياسات الحزبية فوق قضية الأسرى. أنتم تتصرفون كرجال أقوياء لأنكم ذكور. تتحدثون عن القوة. عن تحطيم حكم حماس. لكنكم لا تفهمون ولا تستوعبون ما فعلتموه بنا. زوجي كان يضرب رأسه بقبضة يده حتى ينزف دماً، من شدة الخوف والقهر. والآن هو وحده في أسر حماس، بعدما تحررت أنا في الصفقات. إنه لا يقوى على الاحتمال. أتعرفون ماذا يعني لا يقوى على الاحتمال. أنا أعرف. لأنني شاهدت كيف مات بجانبي في الأسر الأسير اريه زلمنوفتش. أنتم تتحدثون عن العضلات. تريدون أن تثبتوا أن عضلاتكم أكبر من عضلات رجال حماس. كفوا عن هذه السخافة. أطلقوا سراحهم. كونوا إنسانيين تجاه الأولاد الذين أرسلتموهم إلى القتال وتركتموهم يؤسرون بلا قتال».

وعقّب المحرر العسكري في صحيفة اليمين الإسرائيلي «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، على هذا اللقاء اليوم (الأربعاء) قائلاً إن «لقاء أمس (الثلاثاء) بين عائلات المخطوفين وكابينت الحرب كان صعباً. فلم تكن لرئيس الوزراء والوزراء أجوبة جيدة للأسئلة التي وجهت إليهم. فلم يكن بوسعهم حتى أن يقولوا إن الاستراتيجية التي يتخذونها تضمن أن يعود المخطوفون إلى الديار في نهاية المسيرة، في موعد ما». وأضاف: «الحقيقة يجب أن تقال: 61 يوماً في الحرب علقت إسرائيل في مأزق في مسألة المخطوفين. المخطط الأصلي علق بعد أن لم تحرر حماس كل النساء والأطفال الذين لديها، ولم يكن هناك مخطط جديد. المعنى هو أن الـ 137 إسرائيلياً في الأسر في غزة معلقون بين الحياة والموت، والوعد بأن يعودوا إلى الديار يستند في هذه اللحظة أساسا إلى الأقوال وبقدر أقل إلى الأفعال. لقد فقدت إسرائيل زمناً باهظ الثمن إلى أن عيّن كل الموظفين الذين يعالجون مسألة المخطوفين. بعد ذلك فقدت زمناً آخر إلى أن دخلت في مفاوضات جدية مع حماس (بوساطة أميركية - مصرية وقطرية). بعد ذلك فقدت زمنا آخر في محاولة تحسين المخطط الذي تقرر، والآن هي تفقد مرة أخرى زمناً انطلاقاً من التفكير في أن الضغط العسكري سيدفع حماس إلى تنازلات ومساومات. هذه الحجة مشروعة، لكن لا يوجد لها سند. من حيث الوقائع، المخطط السابق تغير بشكل طفيف فقط في أيام القتال. بالمقابل بقي المخطوفون لأكثر من أسبوع في الأسر، حتى الهدنة». وتابع: «من اطلع على شهادات المحررين عما اجتازوه هناك أو استمع إلى تصريحات الناطق بلسان الخارجية الأميركية الذي قدّر بأن حماس لم تحرر آخر النساء كي لا يكشفن ما اجتزنه على يديها، يمكنه أن يفهم ما هو معنى كل لحظة إضافية في الأسر ناهيك عن خطر الحياة. لا خلاف على أن حماس لم تلتزم بالاتفاق السابق. كما لا خلاف أيضاً على أن يحيى السنوار هو الشيطان على الأرض. الانتظار هو مراهنة قد تتبين كخطأ مأساوي لن يكون هناك أي سبيل لإصلاحه».

واختتم قائلاً: «صحيح حتى يوم أمس تفضل إسرائيل الطريق المتصلبة. هذا موضع خلاف، لكنه مشروع، ما دام المخطوفون كل الوقت في رأس سلم الأولويات. ولما كان الحديث يدور عمن تركتهم الدولة لمصيرهم في السبت الأسود، فمن واجبها ألا تتركهم لمصيرهم مرة أخرى. وحتى لو كان هذا تكتيك مفاوضات، فإن الهدف الاستراتيجي لإعادة كل المخطوفين يجب أن يبقى: فهو هام بقدر لا يقل عن الهدف الدبلوماسي لإسقاط حكم حماس في غزة. من دونه لا يمكن لإسرائيل أن تنظر إلى نفسها ولا إلى مواطنيها».


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حزب الله»: هاجمنا قاعدة أسدود البحرية وقاعدة استخبارات عسكرية قرب تل أبيب

ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله»: هاجمنا قاعدة أسدود البحرية وقاعدة استخبارات عسكرية قرب تل أبيب

ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)
ضابط شرطة يسير في مكان سقوط المقذوف بعد أن أبلغ الجيش الإسرائيلي عن وابل من المقذوفات التي تعبر إلى إسرائيل من لبنان في معالوت ترشيحا بشمال إسرائيل (رويترز)

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيان، الأحد، أنه شن هجوماً بطائرات مسيَّرة على قاعدة أسدود البحرية في جنوب إسرائيل للمرة الأولى.

وأعلن الحزب في وقت لاحق الأحد أنه قصف بالصواريخ قاعدة استخبارات عسكرية اسرائيلية قرب تل أبيب، في هجوم هو الثاني من نوعه على منطقة تل أبيب خلال ساعات.

وقال الحزب في بيان إن مقاتليه استهدفوا عند «عند الساعة 01:00» اليوم (الأحد) «قاعدة غليلوت (مقر وحدة الاستخبارات العسكرية 8200) التي تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 110 كيلومترات، في ضواحي مدينة تل أبيب، بصليةٍ من الصواريخ النوعية»، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على الهجوم بعد، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وأعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق صافرات الإنذار في شمال إسرائيل ووسطها. ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر موقع «إكس» أنه: «متابعة للإنذارات في وسط البلاد جرى رصد إطلاق 8 قذائف صاروخية من لبنان، حيث جرى اعتراض معظمها. يتم فحص تقارير عن سقوط بعضها أو شظايا من عمليات الاعتراض».

ووسعت إسرائيل حربها التي تشنها على قطاع غزة لتشمل لبنان في الأسابيع الماضية، وقتلت كثيراً من كبار قادة جماعة «حزب الله» التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية في مقتل الآلاف، ونزوح ما لا يقل عن مليون لبناني من جنوب لبنان، وألحقت دماراً واسعاً في أنحاء مختلفة من البلاد.