الجيش الإسرائيلي يتوغل في جنوب قطاع غزة

مجموعة من الدبابات الإسرائيلية تقوم بمناورات بالقرب من حدود إسرائيل مع غزة وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» في 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
مجموعة من الدبابات الإسرائيلية تقوم بمناورات بالقرب من حدود إسرائيل مع غزة وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» في 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يتوغل في جنوب قطاع غزة

مجموعة من الدبابات الإسرائيلية تقوم بمناورات بالقرب من حدود إسرائيل مع غزة وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» في 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
مجموعة من الدبابات الإسرائيلية تقوم بمناورات بالقرب من حدود إسرائيل مع غزة وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» في 4 ديسمبر 2023 (رويترز)

توغّلت عشرات الآليات العسكرية الإسرائيلية، الاثنين، في جنوب قطاع غزة الذي وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته البرية في اتجاهه، رغم وجود مئات آلاف المدنيين فيه، كثير منهم سبق أن نزحوا من مناطق أخرى في القطاع المحاصر.

ويشنّ الجيش الإسرائيلي عمليات برية في شمال القطاع منذ 27 أكتوبر (تشرين الأول)، أي بعد 20 يوماً على اندلاع الحرب مع «حماس». وتركزت العمليات البرية في شمال القطاع الذي طلب الجيش من سكانه إخلاءه والتوجه نحو مناطق الجنوب، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

ومنذ استئناف القتال، الجمعة، بعد انتهاء هدنة استمرت أسبوعاً مع حركة «حماس»، ركّز الجيش الإسرائيلي بشكل أساسي على الضربات الجوية، مع قصف مكثّف على مناطق في الجنوب.

وقالت رئيسة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» ميريانا سبولياريتش التي وصلت، الاثنين، إلى غزة إن معاناة السكان في القطاع الفلسطيني المحاصر «لا تطاق».

وأكدت سبولياريتش عبر منصة «إكس»: «من غير المقبول ألا يكون لدى المدنيين مكان آمن للذهاب إليه في غزة، ومع وجود حصار عسكري، لا توجد استجابة إنسانية كافية ممكنة حالياً».

وأصرت أيضاً على أنه «يجب إطلاق سراح الرهائن والسماح للجنة الدولية لـ(الصليب الأحمر) بزيارتهم بأمان».

وقال الجيش الإسرائيلي، الاثنين، إنه «يتصرف بقوة ضد (حماس) والمنظمات الإرهابية» في قطاع غزة، خصوصاً في مدينة خان يونس الجنوبية.

وذكر شهود لوكالة الصحافة الفرنسية أن عشرات الدبابات وناقلات الجنود والجرافات العسكرية الإسرائيلية توغلت في بلدة القرارة شمال شرقي خان يونس.

وقال أمين أبو هولي (59 عاماً)، وهو من سكان منطقة القرارة، إن «عشرات الدبابات وناقلات الجند والجرافات العسكرية توغلت نحو 2000 متر في بلدة القرارة»، موضحاً أن الدبابات دخلت «من بوابة كيسوفيم العسكرية الإسرائيلية... وهي تتمركز في منطقة أبو هولي غرب طريق صلاح الدين» التي تصل بين شمال القطاع وجنوبه.

وقال معاذ محمد (34 عاماً)، وهو صاحب محل أحذية يسكن البلدة: «هربنا عصر الأحد أنا وزوجتي وأطفالي الثلاثة وأبي وأمي. الدبابات الآن توجد على جانبي طريق صلاح الدين وتغلقها بالكامل على مفترق المطاحن بين دير البلح وخان يونس، وتطلق القذائف والرصاص باتجاه أي سيارة أو أي مواطن يتحرك بالمنطقة».

وتصاعد الدخان في السماء بعد قصف على شمال غزة وفوق رفح في الجنوب، وفق صور التقطتها وكالة الصحافة الفرنسية.

قرابة 16 ألف قتيل

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس»، الاثنين، ارتفاع حصيلة القتلى إلى 15899 قتيلاً، 70 في المائة منهم نساء وأطفال، جراء القصف الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر.

وأدى هجوم «حماس» إلى مقتل 1200 شخص في إسرائيل معظمهم مدنيون قضوا بغالبيتهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، مقتل 3 جنود، الأحد، في شمال قطاع غزة، ما يرفع حصيلة القتلى من الجنود إلى 75 جندياً منذ بدء العملية البرية، وإلى 401 جندي منذ بدء الحرب، بينهم الجنود الذين قضوا في هجوم «حماس» وجنود احتياط وعناصر أمن.

ووفق الجيش، ما زال 137 رهينة محتجزين في قطاع غزة بعد إطلاق سراح 105 رهائن، بينهم 80 أُطْلِق سراحهم لقاء الإفراج عن 240 أسيراً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية خلال الهدنة.

وقد أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الاثنين، أن «حماس» تحتجز ضمن الرهائن، جثث 15 شخصاً هم 11 مدنياً و4 عسكريين بينهم ضابط كبير.

وتقول «حماس» إن القصف الإسرائيلي تسبب بمقتل عدد من الرهائن في القطاع.

واندلعت اشتباكات، الاثنين، في مدينة غزة التي استُهدفت بعمليات قصف جوي. وذكر شهود أن دبابات إسرائيلية أطلقت النار، ودخلت للمرة الأولى سوق البلدة القديمة؛ حيث دمرت عشرات الأكشاك.

وكانت غارة على مدخل مستشفى كمال عدوان في شمال مدينة غزة، الاثنين، قد أسفرت عن سقوط عدد من القتلى، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

واتهمت حكومة «حماس» في بيان الجيش الإسرائيلي بارتكاب «انتهاك خطير» للقانون الإنساني الدولي.

ورداً على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية، لم يؤكد الجيش الإسرائيلي على الفور إن كان قد قصف محيط المستشفى. ومنذ اندلاع الحرب، تتهم إسرائيل «حماس» بإقامة مراكز في المستشفيات أو تحتها، واستخدام المدنيين دروعاً بشرية، وهو ما تنفيه الحركة بشدّة، متّهمة بدورها الدولة العبرية بشنّ «حرب مستشفيات».

فوضى في المستشفيات

وطال القصف وفق مصورين ومراسلين لوكالة الصحافة الفرنسية، خان يونس ورفح في الجنوب، ودير البلح في الوسط، وغيرها من المناطق، ما أدى لسقوط كثير من القتلى والجرحى.

ويحذّر الجيش الإسرائيلي يومياً السكان عبر منشورات يلقيها جواً من «هجوم رهيب وشيك» في خان يونس ومحيطها، داعياً إياهم إلى المغادرة.

ومنذ بداية الحرب، نزح مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى جنوب القطاع؛ أملاً في الفرار من القتال، أو استجابة لأوامر الجيش الإسرائيلي الذي يسيطر الآن على مناطق عدة في الشمال.

ويعيش هؤلاء في ظروف صعبة وتحت وطأة القصف في الجنوب، ويحتمون بأعداد كبيرة في ملاجئ مؤقتة ومدارس وخيم، وينامون في العراء أو في سياراتهم.

وفي حين أصبحت معظم مستشفيات شمال القطاع خارج الخدمة، تعاني مستشفيات الجنوب فوضى عارمة في ظل تدفق أعداد كبيرة من الجرحى تفوق قدرتها الاستيعابية، بينما نفدت مخزونات الوقود فيها لتشغيل مولدات الكهرباء.

وفي منطقة مدمرة في مدينة رفح، كان هناك ناجون يبحثون بين الأنقاض، الاثنين.

وقال أبو جاهر الحاج، وهو من سكان رفح: «كنا جالسين في البيت وسمعنا صوتاً هائلاً ومرعباً، وبدأت قطع الإسمنت تقع علينا، كأن زلزالاً وقع. لم نشهد مثل هذا الأمر من قبل. اهتزت الأرض بقوة».

وإلى الشمال في دير البلح، ينتظر جرحى على الأرض الحصول على مكان في مستشفى «الأقصى».

وقالت الفلسطينية ولاء أبو لبدة: «ابنتي البالغة 4 سنوات تحت الأنقاض، لا أعرف إن كانت حية أم ميتة. أوقفوا الحرب، لقد سئمنا من الحرب».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه نفّذ نحو «10 آلاف غارة جوية» على غزة منذ بداية الحرب، دمّرت أو ألحقت أضراراً بأكثر من نصف الوحدات السكنية، وفقاً للأمم المتحدة.

وباتت الحاجات هائلة في القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي مطبق، حيث نزح وفق الأمم المتحدة 1.8 مليون شخص بسبب الحرب، من أصل إجمالي سكان القطاع البالغ 2.4 مليون نسمة.

وباستثناء أيام الهدنة السبعة التي دخلت خلالها مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية عبر مصر، فإن معبر رفح الحدودي لا يُفتح إلا جزئياً للسماح بمرور عدد قليل من الشاحنات، أو إجلاء أجانب بأعداد محدودة جداً.

قتلى في الضفة

بالتوازي، تثير بؤر توتر عدة في الشرق الأوسط قلق المجتمع الدولي، بعد أحداث، الأحد، في البحر الأحمر وفي العراق، في حين تزداد أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة، وعلى الحدود بين إسرائيل ولبنان.

وشنّ الجيش الإسرائيلي، فجر الاثنين، عمليات في مناطق مختلفة من الضفة الغربية خصوصاً في جنين، حيث انتشرت نحو 30 آلية عسكرية، وفق وكالة «وفا» الفلسطينية.

وقُتل 3 فلسطينيين برصاص إسرائيلي خلال عمليات عسكرية للجيش في مناطق متفرقة في الضفة، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية والجيش الذي قال إنه كان يردّ على إطلاق نار استهدفه.

وأكدت الوزارة «استشهاد شابين برصاص الاحتلال الإسرائيلي، واحتجاز جثمانيهما خلال عدوان على قلقيلية»، في شمال الضفة، من دون تفاصيل إضافية.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: «أحبط مقاتلو وحدة جدعون ومقاتلو الاحتياط والقوات الخاصة في الجيش وبتوجيه من (الشاباك) مجموعة إرهابية أطلقت النار مرات عدة على قواتنا في قلقيلية». وأضاف: «قامت القوات بملاحقة المطلوبين، ووقع تبادل إطلاق النار قُتل خلاله إرهابيان اثنان وأصيب آخرون».

وفي مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين شمال القدس، أعلنت وزارة الصحة «استشهاد الشاب علي إبراهيم علقم (32 عاماً) برصاصة في القلب أطلقها عليه جنود الاحتلال الإسرائيلي».

وتشهد الضفة تصاعداً في التوترات منذ اندلاع الحرب في غزة. ومنذ السابع من أكتوبر، قُتل أكثر من 250 فلسطينياً بنيران الجيش الإسرائيلي أو مستوطنين في مناطق مختلفة من الضفة، على ما تفيد به وزارة الصحة الفلسطينية.

وعلى صعيد آخر، استؤنفت، الاثنين، في القدس محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهم تتعلق بالفساد بعد تعليقها نحو شهرين بسبب الحرب. ويُتهم نتنياهو، زعيم حزب «الليكود» اليميني، بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وهو ينفي هذه الاتهامات.


مقالات ذات صلة

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا البابا فرنسيس يدين «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يدين مجدداً «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة

دان البابا فرنسيس مرة أخرى، اليوم (الأحد)، «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

TT

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)
القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي، يشار غولر، جولة تفقدية لمنطقة الحدود مع سوريا، وعقد اجتماعاً مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرة هناك.

والتقى فيدان الذي يعد أول وزير خارجية يزور دمشق عقب سقوط نظام بشار الأسد، الشرع بحضور وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة، أسعد حسن الشيباني، ومن الجانب التركي نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، والقائم بالأعمال التركي في دمشق، السفير برهان كور أوغلو.

وجاءت زيارة فيدان بعد الزيارة التي قام بها رئيس المخابرات التركي، إبراهيم كالين، لدمشق، الذي كان أول مسؤول أجنبي يزورها ويجتمع مع إدارتها الجديدة، قبل أسبوعين تقريباً، وأعقب ذلك بيومين إعادة فتح السفارة التركية بعد 12 عاماً من إغلاقها، وهي أول سفارة أجنبية تفتح أبوابها بعد سقوط الأسد.

دعم تركي

وقالت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» إن مباحثات فيدان والشرع تناولت «هيكلة الإدارة الجديدة في سوريا، وخطوات المرحلة الانتقالية، ووضع دستور جديد للبلاد يعبر عن المرحلة الجديدة، ويتضمن مشاركة جميع مكونات الشعب السوري في العملية السياسية».

جانب من لقاء الشرع وفيدان في دمشق (الخارجية التركية)

وأضافت المصادر أن فيدان أكد «دعم تركيا للإدارة السورية الجديدة في هذه المرحلة، واستعدادها لتقديم كل ما يلزم من أجل اجتيازها بنجاح، ودعم مرحلة إعادة الإعمار وتلبية احتياجات الشعب السوري».

وبحسب المصادر، تطرقت المباحثات أيضاً إلى «تهيئة الظروف لعودة طوعية آمنة وكريمة للاجئين السوريين، وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة في هذه المرحلة».

كما تم التطرق إلى «مكافحة التنظيمات الإرهابية» وتصدي الإدارة السورية الجديدة للمجموعات التي تعمل على تقسيم البلاد، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تخوض القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة حرباً ضدها في شمال وشرق سوريا بالمناطق المحاذية لحدود تركيا الجنوبية.

وتوقفت وسائل إعلام تركية عند بعض النقاط اللافتة في اللقاء بين فيدان والشرع، منها وضع ظهور العلمين السوري والتركي خلال اللقاء بعدما كان يتم وضع العلم السوري فقط في اللقاءات السابقة للشرع مع الوفود الأجنبية.

كما لفتت إلى أن الشرع ظهر للمرة الأولى وهو يرتدي رابطة عنق (كرافتة) خلال لقائه فيدان. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن في طريق عودته من مصر، حيث شارك في قمة مجموعة الثماني في القاهرة، أن فيدان سيزور دمشق، وسيبحث مع إدارتها الجديدة هيكلة المرحلة المقبلة في سوريا.

تعاون مع «تحرير الشام»

وأكد فيدان، في تصريحات السبت، أن تركيا لم ترصد انخراط «هيئة تحرير الشام»، التي يقودها الشرع، في أي أنشطة إرهابية خلال السنوات الـ10 الأخيرة، مضيفاً: «هذا ليس تقييمنا فحسب، بل هذا ما خلُصت إليه أجهزة الاستخبارات الغربية أيضاً».

وعدّ فيدان الذي تولّى رئاسة المخابرات التركية لمدة 13 عاماً قبل توليه وزارة الخارجية، في يونيو (حزيران) 2023، في مقابلة مع قناة «فرانس 24»، أن «هيئة تحرير الشام» لعبت دوراً في «مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل (داعش) و(القاعدة)»، وقال إن «(تحرير الشام) أظهرت تعاوناً جيداً، خصوصاً في تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بمكافحة (داعش)، وأسهمت بشكل كبير في هذا الصدد».

ولفت إلى أن «تحرير الشام» تعاونت أيضاً مع تركيا حول أهداف معينة، مثل القضاء على زعيم «داعش» السابق، أبو بكر البغدادي، وأنهم لم يعلنوا عن ذلك من قبل؛ «نظراً لحساسية الأمر».

الشرع خلال استقباله فيدان بقصر الشعب في دمشق (إعلام تركي)

وعما إذا كانت تركيا ستتدخل عسكرياً ضد «الوحدات الكردية» في شمال شرقي سوريا، قال فيدان: «(وحدات حماية الشعب) منظمة إرهابية، تم إنشاؤها بشكل مصطنع من أشخاص من تركيا والعراق وسوريا وبعض دول أوروبا، ويجب حلها على الفور، هناك إدارة جديدة في سوريا الآن، ولم تعد روسيا وإيران ونظام الأسد يدعمون (وحدات حماية الشعب) و(حزب العمال الكردستاني)، وأعتقد أن عليهم التعامل مع هذا الأمر من خلال وحدة أراضي سوريا وسيادتها، لكن إذا لم يحدث ذلك؛ فبالطبع علينا حماية أمننا القومي»، وأضاف: «علينا أن نتوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة أيضاً حول هذا الأمر».

وزير الدفاع يتفقد الحدود

وبالتزامن مع زيارة فيدان لدمشق، تفقد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، مناطق الحدود مع سوريا، وعقد لقاء مع قادة الوحدات العسكرية التركية المتمركزة على الحدود.

وقال غولر إن تركيا تعتقد أن الإدارة الجديدة في سوريا، بما في ذلك «الجيش الوطني السوري»، المدعوم من أنقرة، سيطردون مسلحي «وحدات حماية الشعب الكردية» من جميع الأراضي التي تحتلها في شمال شرقي سوريا.

وتدعم الولايات المتحدة «وحدات حماية الشعب»، التي تعدها تركيا ذراعاً في سوريا لحزب العمال الكردستاني المصنف لدى تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، بوصفها حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي.

وتخوض تركيا والفصائل السورية الموالية لها قتالاً ضد «الوحدات الكردية» في مناطق سيطرة «قسد»، منذ سقوط حكم بشار الأسد، وسيطرت على تل رفعت ومنبج، وتواصل القتال حول عين العرب كوباني والرقة مع استمرار الاستهدافات في الحسكة.

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية السورية الأحد (الدفاع التركية)

وقال غولر، الذي رافقه رئيس الأركان التركي وقادة القوات البرية والبحرية والجوية بالجيش التركي خلال زيارته لقيادة الجيش الثاني في غازي عنتاب: «نعتقد أن القيادة الجديدة في سوريا والجيش الوطني السوري، الذي يشكل جزءاً مهماً من جيشها، إلى جانب الشعب السوري، سيحررون جميع الأراضي التي احتلتها المنظمات الإرهابية».

وأضاف: «سنتخذ أيضاً كل الإجراءات اللازمة بالعزم نفسه حتى يتم القضاء على جميع العناصر الإرهابية خارج حدودنا».

وتابع: «الأزمة التي بدأت في سوريا عام 2011 إضافة إلى البيئة غير المستقرة اللاحقة، أعطت تنظيمات (حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب، وداعش الإرهابي) الفرصة لكسب مساحة في سوريا، وهددت أمن حدودنا».

ولفت إلى أن تركيا دفعت ثمناً باهظاً قبل دخولها سوريا، ونفذت عمليات عبر الحدود، بدءاً بعملية «درع الفرات» عام 2016، لجعل التنظيمات الإرهابية تدفع الثمن ولضمان أمن حدودها وشعبها.

وقال إنه في هذا السياق، يعد الجيش التركي الجيش الوحيد سواء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو خارجه الذي يقاتل تنظيم «داعش» ميدانياً، وتحدث عن ثقته بأن «(الجيش الوطني السوري) سينقذ الأرض بأكملها».

وزير الدفاع التركي يشار غولر وقادة القوات المسلحة خلال اتصال بالفيديو مع الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود السورية (الدفاع التركية)

وأضاف غولر خلال لقاء عبر «الفيديو كونفرس» مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرين على الحدود التركية - السورية من مقر القيادة العسكرية في كليس جنوب، أنه بعد الإطاحة بنظام الأسد الدموي في سوريا، بدأت حقبة جديدة الكلمة الحقيقية فيها للشعب السوري، ومن الآن فصاعداً، سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوري، كما فعلنا حتى الآن، وسنكون على تعاون وتنسيق وثيق مع الإدارة الجديدة لضمان سلامة أراضي سوريا ووحدتها السياسية وأمنها واستقرارها.

وأشار إلى أنه نتيجة للعملية التي بدأت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، في إشارة إلى عملية «فجر الحرية» للجيش الوطني السوري، تم تطهير تل رفعت في 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ومنبج في 9 ديسمبر من العناصر الإرهابية.

وتابع: «أود أن ألفت الانتباه إلى نقطة مهمة وهي أن ما يحدث في سوريا اليوم لا ينبغي النظر إليه فقط على أنه (تطورات الشهر الماضي)، فتصرفات النظام، الذي اضطهد شعبه لسنوات، والجهود الكبيرة التي بذلها أصحاب سوريا الحقيقيون، الذين قالوا للنظام (توقف الآن)، جلبت أياماً جيدة».

تركيا وفصائل الجيش الوطني تواصلان القصف على محاور منبج وعين العرب (المرصد السوري)

وذكر أن «النجاح الذي تحقق هو أيضاً نتيجة للكفاح البطولي لقواتنا المسلحة التركية، وخصوصاً شهدائنا وقدامى المحاربين، الذي بدأ في أغسطس (آب) 2016 في عملية (درع الفرات) في حلب شمال غربي سوريا، لحماية وطننا من وراء الحدود، وتضامن وتضحيات شعبنا النبيل».

وعد غولر أنه ينبغي على جميع الأطراف الفاعلة في الميدان أن تأخذ بعين الاعتبار «التضحيات التي قدمتها تركيا والمبادرات التي قامت بها في الخطوات التي يجب اتخاذها في المستقبل؛ ومن أجل التوصل إلى حل عادل ودائم ومستدام، يجب احترام حساسيات تركيا التي ستواصل القيام بدورها لتحقيق الاستقرار في سوريا وضمان العودة الكريمة لملايين اللاجئين الذين استقبلتهم من سوريا».

هجمات ضد «قسد»

في الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 6 من عناصر الوحدات الكردية في عملية نفذتها القوات التركية في منطقة «نبع السلام» ضد عناصر كانوا يستعدون لتنفيذ هجوم في المنطقة.

وقصفت القوات التركية والفصائل الموالية لها ضمن منطقة «نبع السلام»، في شمال شرقي سوريا، بالمدفعية الثقيلة، محطة للوقود ومدرسة في بلدة أبو راسين شمال غربي الحسكة، ما أدى إلى تدميرهما، كما استهدفت مناطق في ريف تل تمر شمال غربي الحسكة.

ويشهد محور جسر قرة قوزاق بريف حلب الشرقي، اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني» وقوات «قسد»، بالأسلحة الثقيلة، مع قصف مدفعي عنيف استهدف أطراف الجسر الاستراتيجي الذي يربط ضفتي نهر الفرات غرباً وشرقاً، في محاولة لتمهيد الطريق أمام تقدم الفصائل، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.