«النيران الصديقة» تدخل البيوت الإسرائيلية

مستوطن يقتل جندياً... وشكاوى نسوية من عنف الأزواج المسلحين

الوزير إيتمار بن غفير في موقع حادثة إطلاق النار في القدس يوم الخميس الماضي (أ.ف.ب)
الوزير إيتمار بن غفير في موقع حادثة إطلاق النار في القدس يوم الخميس الماضي (أ.ف.ب)
TT

«النيران الصديقة» تدخل البيوت الإسرائيلية

الوزير إيتمار بن غفير في موقع حادثة إطلاق النار في القدس يوم الخميس الماضي (أ.ف.ب)
الوزير إيتمار بن غفير في موقع حادثة إطلاق النار في القدس يوم الخميس الماضي (أ.ف.ب)

شهدت إسرائيل في الأيام الأخيرة عدة أحداث تبيّن أن الخطوة التي أقرتها حكومة بنيامين نتنياهو قبل شهر ونصف الشهر تحت عنوان «تقوية الثقة بالنفس لدى المواطنين في الدفاع عن أنفسهم في وجه الإرهاب»، وبموجبها تم توزيع الأسلحة الشخصية (مسدسات وبنادق إم 16) على آلاف المواطنين، بدأت تتحول إلى نيران صديقة تقتل يهوداً وتكشف كم بات المجتمع اليهودي اليوم عنيفاً وهستيرياً.

فقد كشفت جمعيات نسوية أن كثيرين من الأزواج المسلحين حديثاً يهددون نساءهم بالقتل، وأن هناك تراجعاً كبيراً في صيانة مكانة المرأة نتيجة التهديدات التي تتلقاها من ذكورية الرجال المسلحين، وأن زيادة كبيرة حصلت في حالات تفكك العائلة، لكن الحادثة التي تركت أثراً أكبر تتعلق بقتل يوفال دورون كاستلمان، المواطن الذي وُجد يوم الخميس الماضي في القدس، عندما قام شابان فلسطينيان بإطلاق الرصاص على مواطنين في محطة باص. وكاستلمان هو محامٍ، وكان من خريجي قوات حرس الحدود ويحمل السلاح. فعندما شاهد الفلسطينيين وهما يقتلان ثلاثة مواطنين ويجرحان تسعة، هجم عليهما وقتل أحدهما، في حين وُجد جندي آخر وقتل الثاني.

وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير خلال توزيع أسلحة على متطوعين في عسقلان بجنوب إسرائيل يوم 27 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

لكن، عندها، حضر مستوطن يميني متطرف من سكان إحدى البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، وهو جندي مسرّح، يحمل السلاح. وراح يطلق الرصاص باتجاه كاستلمان الذي راح يصرخ بأنه يهودي ويطلب من المستوطن أن يكف عن إطلاق النار. وركع على ركبتيه ورفع يديه مستسلماً، ورمى أرضاً المسدس الذي يحمله وخلع معطفه وفتح قميصه حتى لا يشك فيه بأنه فلسطيني يرتدي حزاماً ناسفاً، لكن ذلك لم ينفع. فقد أصر المستوطن على أن كاستلمان فلسطيني يجب قتله، مع أنه لا يشكل عليه أي خطر، وأنه سيكسب مجد البطولة في تصفيته.

وقد قُتل كاستلمان برصاص المستوطن، لكن هذا لم يمنع الشرطة من الإعلان أنه خطأ غير مقصود، وأنها لن تفتح ملف تحقيق. وقامت القناة «14» للتلفزيون، التابعة لنتنياهو ولليمين الاستيطاني، بإجراء مقابلة مع المستوطن تم استهلالها بالقول: «أنت بطل إسرائيل». وهو بدوره تباهى بذلك، ولكن في يوم السبت نشرت امرأة تسكن في حي قريب شريطاً على الشبكات الاجتماعية يبيّن كيف كان كاستلمان يستجدي حياته ويرفع يديه إلى أعلى ويرمي المسدس، وقالت: «هذا الرجل ليس بطلاً، إنه قاتل».

بن غفير محاطاً بمسؤولين أمنيين خلال تفقده موقع حادثة إطلاق النار في القدس يوم 30 نوفمبر (إ.ب.أ)

وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» (الاثنين) أن الجندي ظل يتوسل حتى أخرسه المستوطن برصاصة دخلت فمه. عندها فقط تراجعت الشرطة واستدعت المستوطن للتحقيق، ولكن اليمين لم يتعلم من ذلك شيئاً. وحتى بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، حاول التخفيف من وطأة الحدث وعدّ أنه يدخل في إطار «نيران صديقة» و«حدث مؤسف، لكنه عادي في وقت الحروب». وراح يمتدح الجندي القتيل قائلاً: «بطل إسرائيل، عمل بطولي رائع، عائلة صهيونية رائعة، ملح الأرض». ولم يضف أي كلمة عزاء أو أي تعبير عن الحزن. وكتب يوسي فيرتر في «هآرتس»: «روبوت ياباني كان سينجح في أن يظهر متعاطفاً أكثر من رئيس الحكومة الإسرائيلية. نتنياهو لم يظهر في أقواله فقط الانغلاق وعدم الإنسانية الصادمة، بل بث أيضاً الغباء والصبيانية والإهمال».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته مركزاً للمنضمين حديثاً إلى الجيش في تل هشومير بوسط إسرائيل يوم الأحد (المكتب الإعلامي الحكومي - د.ب.أ)

وعلى الرغم من مرور أربعة أيام على الحادثة، وفقط بعد أن غرد بيني غانتس وغادي آيزنكوت حول عملية القتل، سارع نتنياهو إلى الاتصال بوالد الجندي معزياً. وقد نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً افتتاحياً قالت فيه: «إن موت كاستلمان المأساوي يعود إلى أن من أطلق النار عليه كان مقتنعاً بأنه مخرّب عربي، لكن السبب الحقيقي لمقتله هو فكرة أن المخرب هو (ابن موت) و(محظور على المخرب أن يخرج حياً من العملية). هذه فكرة يروّج لها سياسيون على مدى السنين، في حملة مكثفة يشارك فيها رجال إعلام ومتصدرو رأي في اليمين أيضاً. في حالات عديدة حين يُقتل المخرب لا أحد يحقق إذا كان إطلاق النار الفتاك عليه كان ضرورياً حقاً، ومطلق النار يتلقى إسناداً علنياً ويعد بطلاً». وتابعت الصحيفة: «إن ربط هذه الحملة بسياسة توزيع السلاح بالجملة التي يتبعها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير يؤدي بإسرائيل إلى وضع من الفوضى والغرب المتوحش. صحيح أنه في حالة النار المعنية في القدس ارتكب الخطأ جنود، لكن لا شك أن مواصلة توزيع السلاح على المدنيين ستؤدي إلى أخطاء أخرى في المستقبل. مدنيون يتدخلون في أحداث أمنية من شأنهم أن يشتبه بهم كمخربين، وأن (يُصفّوا) هم أيضاً. وعليه، فإن التحقيق الجنائي الذي يتم (والذي حاولت الشرطة التملص منه بالادعاء المثير للحفيظة بأنه كان (ناراً صديقة) هو فقط الخطوة الأولى لاستخلاص الدروس من الحدث. الدرس الأول يجب أن يكون بوقف تام لحملة وسياسة (المخرب لن يخرج حياً من العملية)، لا بالقول ولا بالغمز. يجب العودة إلى فرض حكم القانون وأنظمة فتح النار التي تحظر النار على من لم يعد يشكل خطراً».

يُذكر أن رئيس شعبة الأسلحة النارية في وزارة الأمن القومي الإسرائيلية، يسرائيل أفيسار، قدم استقالته من منصبه، الاثنين، في أعقاب مصادقة مساعدين ومقربين من الوزير بن غفير، على إصدار رخص حمل سلاح لمواطنين من دون أن يكونوا مخولين بذلك بشكل قانوني. وبحسب تقارير رسمية، فإنه بسبب سياسة بن غفير، الذي سعى منذ توليه منصبه إلى تسهيل شروط إصدار رخص حمل سلاح، وسعى إلى تخفيف الشروط أكثر منذ بدء الحرب الحالية على غزة، فقد وصل عدد طلبات رخص السلاح إلى 255 ألفاً، وصودق على نحو 20 ألفاً منها. ويدعم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، خطة بن غفير ويشجع المواطنين على حيازة السلاح.


مقالات ذات صلة

إسرائيل: الرهائن قتلوا من مسافة قريبة جداً بين الخميس وصباح الجمعة

شؤون إقليمية جانب من جنازة ألموغ ساروسي في مدينة رعنانا الإسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)

إسرائيل: الرهائن قتلوا من مسافة قريبة جداً بين الخميس وصباح الجمعة

أفادت وزارة الصحة الإسرائيلية بأن التشريح الذي أجري صباح اليوم (الأحد) لجثث الرهائن الـ6 أظهر أنهم قتلوا «من مسافة قريبة جداً بين الخميس وصباح الجمعة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

«الصحة الفلسطينية»: قتيلان إضافيان برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال الضفة

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم (الأحد)، مقتل فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي في بلدة كفر دان القريبة من مدينة جنين في شمال الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية موقع عملية إطلاق النار في الضفة الغربية (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على منفذ عملية الخليل

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، «القضاء» على المشتبه به في تنفيذ إطلاق النار الذي وقع في الضفة الغربية، وأسفر عن مقتل 3 من عناصر الشرطة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عائلات فلسطينية تغادر مخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية هرباً من العملية العسكرية الإسرائيلية (أ.ب)

الخارجية الفلسطينية: تفجير الأوضاع في الضفة امتداد لجرائم الإبادة والتهجير

قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية الأحد إن «التحريض الإسرائيلي على تفجير الأوضاع في الضفة امتداد لجرائم الإبادة والتهجير بحق شعبنا».

«الشرق الأوسط» (رام الله )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يستقبل سيجريد كاج كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (صفحة الخارجية المصرية عبر فيسبوك)

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة احتواء التصعيد في الضفة الغربية

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة احتواء التصعيد العسكري في الضفة الغربية، واضطلاع إسرائيل بمسؤولياتها في توفير الأمن للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

وزير الدفاع السوري لنظيره الإيراني: نحن في القارب نفسه

رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)
رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)
TT

وزير الدفاع السوري لنظيره الإيراني: نحن في القارب نفسه

رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)
رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)

قال وزير الدفاع السوري، العماد علي محمود عباس، إن سوريا ودول محور المقاومة في «القارب نفسه» وعلى «الجبهة نفسها» يقاتلون إسرائيل، وإن «التعاون المشترك» سيجعلهم أقوى في مواجهة «المحور المتغطرس»، وفق ما أفادت به وسائل إعلام إيرانية قالت إن وزير الدفاع السوري هنأ، في اتصال هاتفي اليوم الأحد، نظيره الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، بتعيينه وزيراً للدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية.

وفي حين لم تشر وسائل الإعلام السورية الرسمية إلى خبر الاتصال بين الوزيرين حتى إعداد هذا التقرير، فقد أفادت وكالة «مهر» الإيرانية بأن الوزير الإيراني أكد دعم بلاده «إرساء الأمن واحترام وحدة الأراضي السورية»، مشيراً إلى القواسم المشتركة بين البلدين، لا سيما دعم سوريا محور المقاومة، لافتاً إلى أنه «يجب تنفيذ الاتفاقيات بين البلدين؛ بما في ذلك نتائج زيارتكم إلى طهران».

اللجنة الاقتصادية المشتركة السورية - الإيرانية في دمشق خلال أبريل الماضي (سانا)

يُذكر أن وزير الدفاع السوري، العماد علي محمود عباس، زار طهران في مارس (آذار) الماضي في ظل ازدياد احتمالات توسع الحرب مع إسرائيل وتصعيد الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية التي تستهدف القوات الموالية لـ«الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله».

وعلق الوزير الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، على نتائج الزيارة الماضية من وزير الدفاع السوري إلى طهران، بالقول: «سوف يتوسع التعاون بسرعة أكبر».

رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)

كما عبر الوزير الإيراني عن أسفه لعدم رؤية بلاده «أي رد فعل مناسب من المجتمع الدولي تجاه جرائم الكيان الصهيوني»، مشدداً على أنه يجب أن يستمر التعاون بين إيران وسوريا، وأن هذا «التعاون سيؤدي حتماً إلى هزيمة الكيان الصهيوني».

ونقلت «مهر» عن وزير الدفاع السوري تطلعه إلى استمرارية العلاقات بإيران، وبذل القوات المسلحة في البلدين «مزيداً من الجهود بما يتماشى مع أهداف البلدين». وقال: «نحن معكم، وعلى الجبهة نفسها. إن أمن البلدين واحد»، وإن «محور المقاومة في القارب نفسه، ويقاتلون كيان الاحتلال الذي ارتكب كثيراً من الجرائم ضد الإنسانية في غزة وسوريا واليمن». وشدد على أن التعاون المشترك «سيجعلنا أقوى في مواجهة هذا المحور المتغطرس» متمنياً تطوير هذا التعاون والاتفاقيات، والاستمرار على «هذا المنوال في مواجهة قوى الشر» وفق «مهر».

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

الاتصال الهاتفي بين وزيرَي الدفاع الإيراني والسوري، جاء بعد ساعات من تصريح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن «موسكو مهتمة بتطبيع العلاقات بين النظام السوري وتركيا»، مؤكّداً أنّ «اجتماعاً جديداً سيُعقد في المستقبل القريب».

ورأت مصادر متابعة في دمشق أن «طهران، ومع كل تطور إيجابي تحققه موسكو فيما يخص ملف التقارب السوري ـ التركي، تبعث برسائل تؤكد نفوذها في سوريا، وتذكّر الجانب السوري بـ(وجوب تنفيذ الاتفاقيات المشتركة وتسديد الديون المستحقة عليه)، في نوع من الضغوط على دمشق حتى لا تمضي في ملف التقارب بعيداً عن المصالح الإيرانية».

منطقة البوكمال نقطة استراتيجية للمسلّحين المُوالين لإيران شرق سوريا (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن ضغوطاً قوية تمارَس على دمشق من الحليفين: الروسي؛ للدفع باتجاه التقارب مع تركيا، والإيراني؛ للتريث واستثمار هذا الملف في إعادة صياغة التوازنات في المنطقة؛ لا سيما مع الجانب الأميركي.

ورجحت المصادر تصدير دمشق موقفين لحليفيها: الأول إظهار التجاوب مع مساعي موسكو وبث رسائل إيجابية تجاه التقارب مع تركيا، والموقف الثاني يهادن الضغوط الإيرانية ويظهر التمسك بثبات الموقف من «محور المقاومة» والالتزام بسياساته، وإظهار التريث تجاه التقارب مع تركيا.

ولفتت المصادر إلى ما سبق أن تناولته وسائل إعلام عربية عن «زيارة سرية من رئيس الأركان السوري، العماد عبد الكريم محمود إبراهيم، إلى إيران دون إبلاغ الرئيس بشار الأسد، وذلك في الأسبوع الأول من أغسطس (آب) الماضي. ورغم خطورة تلك المعلومات، فإنه لم يصدر رد فعل من دمشق؛ بل جرى تجاهلها تماماً. وهذا يضعنا أمام احتمالين: إما وجود انقسام داخل القيادة في سوريا، وإما هي (عملية توزيع أدوار، وتصدير مواقف عدة للتحايل على ضغوط الحليفين)».

اقرأ أيضاً

اقرأ أيضاً