مشاورات أممية لـ«استدراك الأخطر» في حرب غزة

مشروع قرار جديد في مجلس الأمن يركز على 3 أولويات

مجلس الأمن مجتمعاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
مجلس الأمن مجتمعاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
TT

مشاورات أممية لـ«استدراك الأخطر» في حرب غزة

مجلس الأمن مجتمعاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)
مجلس الأمن مجتمعاً في نيويورك (صور الأمم المتحدة)

يعقد أعضاء مجلس الأمن جلسة مشاورات مغلقة، الاثنين، يستمع خلالها إلى إحاطة من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو في شأن الوضع الإنساني المتردي و«المقلق جداً» في غزة بعد استئناف القتال الضاري بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي «حماس».

وطلبت الإمارات العربية المتحدة عقد الاجتماع في إطار بند «الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية»، أملاً في دفع جهودها الرامية إلى إصدار قرار جديد من مجلس الأمن «في محاولة لاستدراك الجوانب الأخطر» من الحرب بين إسرائيل و«حماس»، وفقاً لتعبير أحد الدبلوماسيين في الأمم المتحدة، وبما يؤدي إلى وقف الأعمال العدائية، وإطلاق مزيد من الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، وتوصيل المزيد من المساعدات الإنسانية الملحة لأكثر من مليونين من المدنيين المحاصرين في القطاع، على غرار هدنة الأيام السبعة التي يسرتها قطر ومصر والولايات المتحدة، وانتهت الأسبوع الماضي بإطلاق «حماس» لـ86 من الرهائن الإسرائيليين، و24 من المواطنين الأجانب، مقابل إطلاق 240 من الفلسطينيين الأسرى لدى إسرائيل.

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو (صور الأمم المتحدة)

3 أولويات

ويرتقب أن يطلب أعضاء المجلس تحديثاً من ديكارلو حول الوضع في غزة، وزيارتها لكل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة والأردن خلال الشهر الماضي، حين شددت على 3 أولويات في شأن الأزمة، وهي التوصل إلى «وقف لإطلاق النار لأسباب إنسانية»، و«تحسين توصيل المساعدات الإنسانية» إلى غزة، بالتزامن مع «الإطلاق الفوري وغير المشروط» لجميع الرهائن، والعمل ثالثاً على «منع تصعيد النزاع أو توسيعه».

وكان متوقعاً أن يطلب الأعضاء تحديثاً من المسؤولة الأممية الرفيعة في شأن مقترحات الأمين العام للمنظمة الدولية لمراقبة تنفيذ القرار 2712، الذي يدعو إلى «عمليات إنسانية عاجلة ومديدة»، بالإضافة إلى «هدنات مؤقتة وممرات إنسانية في كل أنحاء قطاع غزة لعدد كافٍ من الأيام» لتمكين توصيل المساعدات الإنسانية «من دون عوائق»، وإطلاق جميع الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» والجماعات الأخرى. وطلب القرار من الأمين العام تحديد «خيارات لرصد تنفيذه بشكل فعال»، علماً بأن غوتيريش أعلن إنشاء فريق عمل يتألف من إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام، ودائرة عمليات السلام، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ومكتب الشؤون القانونية بهدف «إعداد مقترحات على وجه السرعة في هذا الصدد».

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (صور الأمم المتحدة)

«ساعات من الموت»

وبعد معاودة القتال، جددت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية والمنظمات الإنسانية دعواتها إلى وقف النار. وقال الناطق باسم صندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» جيمس ألدير بعد زيارة مستشفى ناصر في خان يونس، الأحد، إنه «في كل مكان تتجه إليه يوجد أطفال مصابون بحروق من الدرجة الثالثة، بشظايا، وإصابات في الدماغ، وكسور في العظام»، مضيفاً أن «هناك أمهات يبكين على أطفال يبدون كأنهم على مسافة ساعات من الموت، وهناك عمال طبيون يركضون من طفل جريح إلى طفل جريح، وهناك قنابل لا هوادة فيها».

ويقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن أكثر من 15 ألف فلسطيني قُتلوا في غزة منذ بدء القتال في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، علماً بأن أكثر من 1.8 مليون شخص نزحوا بين المناطق المختلفة في القطاع. وأضاف أن أكثر من 1200 إسرائيلي ومواطن أجنبي قُتلوا في إسرائيل.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في صورة تذكارية مع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية حول الحرب في غزة (صور الأمم المتحدة)

التصعيد في الضفة

ورغم أنهم يعبّرون مراراً عن «قلقهم البالغ» من استئناف الأعمال العدائية، ويكررون «أهمية احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين»، يرجح أن يضغط أعضاء مجلس الأمن من أجل اتخاذ موقف موحد «يطالب بحماية المرافق الصحية وكذلك العاملين في المجالين الطبي والإنساني»، بالإضافة إلى الدعوة من أجل «وقف إطلاق النار»، وإلى زيادة توصيل المساعدات الإنسانية «بما في ذلك الغذاء والمياه والأدوية والوقود».

وكان مرجحاً أن يعبّر أعضاء المجلس عن قلقهم من خطر التصعيد في الضفة الغربية، في ظل مخاوف من تدهور الوضع هناك بسبب عنف المستوطنين.

ولا يزال أعضاء المجلس يتفاوضون على مشروع قرار اقترحته الإمارات بغية «زيادة ومراقبة» المساعدات الإنسانية لغزة.

مجلس الأمن (صور الأمم المتحدة)

ويتطلع بعض الأعضاء إلى توجيه أسئلة لديكارلو حول الجهود الدبلوماسية في المنطقة، بما في ذلك «المساحة المحتملة للمناقشات السياسية الرامية إلى حل النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في ضوء تأكيدات من أعضاء كثيرين، مثل الصين والإكوادور وغانا والغابون واليابان ومالطا وسويسرا والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، على أهمية حل الدولتين لتحقيق السلام الدائم في المنطقة.

وتطالب الصين وروسيا بعقد مؤتمر دولي للسلام من أجل تحقيق هذا الهدف.


مقالات ذات صلة

الأحداث الكبرى خلال 15 شهراً من الحرب في قطاع غزة (تسلسل زمني)

المشرق العربي فلسطينيون فرحون بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة (أ.ب)

الأحداث الكبرى خلال 15 شهراً من الحرب في قطاع غزة (تسلسل زمني)

قال مسؤول مطلع على المفاوضات لوكالة «رويترز»، الأربعاء، إن إسرائيل وحركة «حماس» اتفقتا على وقف القتال في غزة وتبادل الرهائن الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية متظاهرون إسرائيليون يشاركون في احتجاجات نظمت اليوم للمطالبة بالتحرك لإطلاق سراح الرهائن في غزة (أ.ف.ب)

سموتريتش: اتفاق غزة «صفقة خطيرة» لأمن إسرائيل

اعتبر وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرّف بتسلئيل سموتريتش أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «صفقة خطيرة» بالنسبة إلى أمن إسرائيل.

الخليج السعودية تأمل في أن ينهي الاتفاق بشكل دائم الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة (رويترز) play-circle 00:55

السعودية ترحب باتفاق وقف النار في غزة

رحبت السعودية باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مثمنة الجهود التي بذلتها دولة قطر، ومصر، والولايات المتحدة بهذا الشأن.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي فرحة الفلسطينيين باتفاق وقف إطلاق النار في غزة (رويترز)

ترحيب عربي ودولي باتفاق وقف النار في غزة

توالت ردود الفعل الدولية المرحبة باتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون يحتفلون بأنباء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (إ.ب.أ) play-circle 00:57

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

كشف سامي أبو زهري المسؤول في حركة «حماس» لوكالة «رويترز» اليوم (الأربعاء) إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «إنجاز كبير».

«الشرق الأوسط» (غزة)

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
TT

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)

ثلاث رسائل أساسية يحملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته القصيرة للبنان الجمعة، وهي الزيارة الثالثة من نوعها بعد الزيارتين اللتين قام بهما بعد حادثة تفجير المرفأ صيف عام 2020؛ وتتناول «سيادته على أراضيه، وإصلاحه اقتصاده لتوفير التنمية والازدهار، والمحافظة على وحدته».

ويحط ماكرون في بيروت وبمعيته وفد رسمي ضيق، يضم وزيري الخارجية والدفاع جان نويل بارو وسيباستيان لو كورنو، ومبعوثه الخاص إلى لبنان الوزير السابق جان إيف لو دريان، وعدداً قليلاً من النواب ومجموعة من الشخصيات التي لديها صلات «خاصة» بلبنان، وهم مدعوون شخصيون لماكرون.

ووفق البرنامج المتوافر، فإن ماكرون سيلتقي العماد عون في قصر بعبدا، بعدها سيتحدث الرئيسان إلى الصحافة. كذلك سيلتقي ماكرون الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ورئيس الوزراء المكلف نواف سلام الذي سبق لفرنسا أن اقترحته رئيساً لحكومة إصلاحية مقابل انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وفي سياق اجتماعاته، سيلتقي ماكرون قادة الفينول في مقر السفير الفرنسي في بيروت ورئيسي مجموعة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار «الجنرالين الأميركي والفرنسي» لمراجعة كيفية تطبيق الاتفاق، والعمل على تسريع انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني.

تريد باريس أن تكون إلى جانب لبنان اليوم وغداً، كما كانت بالأمس، وهي تعتبر، وفق المصادر الرئاسية، أن لبنان «بلد أكبر من حجمه»، وأنه «يتحلى، في الشرق الأوسط اليوم، بقيم سياسية ورمزية واستراتيجية». وتعتبر هذه المصادر أن «انخراط فرنسا إلى جانب لبنان، اليوم، يمكن أن يتم في ظروف أفضل بعد انتخاب عون وتكليف سلام، وبسبب التطورات التي حصلت في الإقليم». وباختصار، تريد باريس أن «تساهم في بزوغ لبنان الجديد».

يحتل ملف «السيادة» الأولوية في المقاربة الفرنسية، التي تذكر مصادرها بما قامت وتقوم به باريس لمساعدة الجيش اللبناني، إن بالتجهيز أو بالتدريب، أو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإقامة لجنة المراقبة.

وتركز فرنسا على أهمية تمكين الدولة اللبنانية بفرض الرقابة على حدودها، والسيطرة على كامل أراضيها، معتبرة أن ذلك يعد «جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ القرار 1701». وتضيف المصادر، المشار إليها، أن ثمة «فرصة للبنانيين لإظهار أنهم قادرون على ترميم سيادتهم». أما بخصوص الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، فقد قالت المصادر الرئاسية إن باريس تريد أن يتم وفق البرنامج الموضوع له، داعية إسرائيل، و«حزب الله» أيضاً، إلى الالتزام به.

ثمة عنصر آخر أشار إليه قصر الإليزيه، في معرض العمل لسيادة لبنان، ويتمثل في تركيز وزير الخارجية الفرنسي، عند زيارته لدمشق ولقائه أحمد الشرع، على «ضرورة احترام السيادة اللبنانية، وفرض الرقابة على الحدود، ومنع التهريب، وألا تكون سوريا مصدر تهديد لجيرانها»؛ وهي المسائل نفسها التي تناولها ميقاتي في زيارته إلى سوريا مؤخراً.

تقيم باريس فاصلاً بين عودة السيادة وبين دعوة «حزب الله» للتحول إلى حزب سياسي مثل بقية الأحزاب العاملة في لبنان، وهي تدرج هذا التحول في إطار المحافظة على وحدة لبنان. وتقوم القراءة الفرنسية على اعتبار أن «حزب الله» فقد الكثير من قدراته العسكرية ومن قياداته، وخسر استراتيجياً بسبب سقوط نظام الأسد، ويصعب عليه اليوم التزود بالسلاح كما كان الحال في السابق.

وبالنظر لكل هذه التحولات، فقد ذكرت مصادر «الإليزيه» أن الرئيس ماكرون «شجع دوماً (حزب الله) على التحول إلى حزب سياسي، وأنه كان جزءاً من طاولة الحوار التي ترأسها ماكرون في عام 2020، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر التخلي عن سلاحه، والدخول بشكل كامل في اللعبة السياسية» اللبنانية. وترى باريس أنه «بدلاً من ميزان القوى الذي كان سائداً في السابق، فإن المطلوب أن يدخل (حزب الله) في عقد سياسي حكومي، ما يمكن من عودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي، ويحافظ على وحدة جميع اللبنانيين».

أما الرسالة الثالثة التي يحملها ماكرون، فعنوانها «رغبة باريس في الاستمرار في مواكبة اللبنانيين ومساعدتهم على القيام بالإصلاحات البنيوية المطلوبة منهم»، التي تمر بداية بتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعد شرطاً لإعادة إنهاض الاقتصاد اللبناني.

وتعتبر فرنسا أن لا مساعدات للبنان «من غير ترميم الثقة الدولية به»؛ الأمر الذي يحتاج إلى توفير الشفافية و«تنظيف» الاقتصاد. والأهم من ذلك، أن باريس التي تريد العمل من أجل إنهاض الاقتصاد اللبناني، تصر على إجراء الإصلاحات من أجل أن تكون قادرة على تعبئة الأسرة الدولية من أجل مساعدة لبنان. ولدى سؤالها عما إذا كانت فرنسا تحضر لمؤتمر دولي، على غرار الذي دعت إليه الخريف الماضي لدعم الجيش واللبنانيين، لم توفر إجابة واضحة، بل فهم أن فرنسا لن تتردد في القيام بكل مع هو مفيد من أجل مساعدة لبنان.

وأشارت المصادر الفرنسية، أكثر من مرة، إلى العمل المشترك الذي تقوم به باريس بالتشاور والتنسيق مع السعودية، وأيضاً مع الولايات المتحدة، بما في ذلك فريق العمل الذي سيصل إلى البيت الأبيض في «حقائب» دونالد ترمب، مؤكدة أن التشاور «مستمر» مع واشنطن، وأن الطرفين «توصلا إلى رؤية مشتركة» بالنسبة للبنان.