العراق... «الإطار التنسيقي» متمسك بإجراء الانتخابات المحلية في موعدها

لانتهاز فرصة غياب الصدر وتياره والتحكّم بمجالس المحافظات في الوسط والجنوب

مؤيدو مقتدى الصدر خلال احتجاج في مدينة الصدر ببغداد أبريل الماضي (أ.ب)
مؤيدو مقتدى الصدر خلال احتجاج في مدينة الصدر ببغداد أبريل الماضي (أ.ب)
TT

العراق... «الإطار التنسيقي» متمسك بإجراء الانتخابات المحلية في موعدها

مؤيدو مقتدى الصدر خلال احتجاج في مدينة الصدر ببغداد أبريل الماضي (أ.ب)
مؤيدو مقتدى الصدر خلال احتجاج في مدينة الصدر ببغداد أبريل الماضي (أ.ب)

رغم الأحاديث المتداوَلة والمشككة بإمكانية إجراء الانتخابات المحلية في 18 ديسمبر (كانون الأول)، فإن معظم الإشارات الصادرة عن قادة قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية تؤكد أنها مصممة على إجرائها في موعدها، مستثمرة بذلك غياب التيار الصدري عنها، لتكريس هيمنتها على المجالس المحلية في محافظات وسط وجنوب البلاد ذات الغالبية الشيعية.

وباستثناء الخشية من «اختلال المعادلة المكوناتية» في المدن ذات التنوع السكاني، كما ذهب إلى ذلك رئيس تيار «الحكمة الوطنية» وعضو الإطار عمار الحكيم، قبل أيام، في حال عدم مشاركة الصدر وجمهوره في الانتخابات، فإن مظاهر الارتياح تبدو واضحة داخل صفوف قوى «التنسيقي» في الإجمال، من «زهد» الصدر وتياره في مقاعد الحكومات المحلية... وهي حكومات تمكّن القوى المهيمنة عليها من الانفراد والتحكم بجميع القرارات السياسية والأمنية والاقتصادية لأربع سنوات مقبلة.

صورة نشرها إعلام «الإطار التنسيقي» لاجتماع عقده بحضور السوداني

وتبدو مظاهر الارتياح «الإطاري»، من خلال المواقف المتواصلة التي تصدر عن قادته، وتذهب إلى «التمسك الشديد بإجراء الانتخابات»، وحضّ الموطنين على المشاركة فيها، في مقابل دعوة الصدر المعلنة إلى مقاطعتها.

ووصف القيادي في «الإطار التنسيقي» ورئيس منظمة «بدر» هادي العامري، انتخابات مجالس المحافظات بأنها «تحدٍّ حقيقي» للقوى والأطراف السياسية المشاركة في العملية السياسية في العراق. وقال في كلمة له، الخميس، خلال المؤتمر الموحّد للإعلان عن تحالفه في محافظة المثنى الجنوبية: «نحن نشجع على المشاركة في الانتخابات، وهي واجب على الجميع. إن هذه الانتخابات تحدٍّ حقيقي لنا، ومهمتنا اليوم حضّ الناس على المشاركة فيها».

هادي العامري (وكالة الأنباء العراقية)

وتعليقاً على إمكانية انتهاز «الإطاريين» فرصة عدم مشاركة الصدر في الانتخابات، يقول أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد إحسان الشمري، إن «ما تحقق للإطار الشيعي الحاكم بعد استقالة الكتلة الصدرية من البرلمان، والسيطرة عليه بشكل كامل منهم، ومن ثم تشكيل الحكومة وفق قياساتهم ورغباتهم، وأكثر من ذلك السيطرة على الدولة واحتكار مؤسساتها، شجَّعه على اعتماد سياسة الإقصاء القصوى لتيار الصدر».

وأضاف الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإطاريين استغلوا بشكل كبير الصمت الذي يُبديه الصدر إزاء هذه السياسات، لذلك يسعون من خلال الانتخابات المحلية، رغم وجود آراء بتأجيلها، إلى إكمال الاستراتيجية التي انطلقوا منها في إكمال سيطرتهم، والاستحواذ على جميع مفاصل الدولة».

ويرى أن «بعض أعضاء الإطار التنسيقي يعمل على إنهاء الوجود السياسي للصدريين، وإضعافهم تدريجياً، باعتبار أن من يقف خارج أبواب السلطة، ستكون حظوظه في السيطرة والنفوذ ضعيفة جداً، لذلك يبدو أن أمامهم فرصة سانحة لعملية الهيمنة على مجالس المحافظات».

ويرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الياسري أن «الثنائية الإيرانية الأميركية لم تعد هي المحرك الرئيسي للمعادلة السياسية العراقية، هناك ثنائيات جديدة تتشكل، أعتقد أن تحول قوى الإطار من كتلة خاسرة في الانتخابات، إلى كتلة مهيمنة، صنع تحوّلاً داخلياً جديداً، جعل الإطار يسعى إلى الإجهاز على كل مفاصل الدولة، وليس المكاسب البرلمانية أو الحكومات المحلية فقط».

الآلاف من أتباع الصدر في مظاهرة بساحة «التحرير» وسط بغداد (د.ب.أ)

ويقول الياسري لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإطار التنسيقي متجه إلى اعتماد استراتيجية داخلية أحادية يريد من خلالها السيطرة على كل مواقع الدولة، ليس في الفضاء الشيعي فحسب، وإنما في الفضاء العام، وقد رأينا كيف انتهت قضية رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، وكذلك تحييد الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهما كانا حليفين للصدر قبل انسحابه من البرلمان».

ويضيف: «أعتقد أن الإطاريين سيحاولون الإجهاز على ما تبقى من مواقع، وإعادة العملية السياسية إلى المنطقة الصفرية، ليبدأوا من جديد كلاعبين وحيدين في الساحة، لكن وفق الصراعات البينية داخل الإطار، خصوصاً أنهم نزلوا في قوائم انتخابية متعددة، وذلك لا يعني انقسامهم بالضرورة، إنما يعني أنهم يسعون إلى معرفة أوزانهم الانتخابية، مع عدم وجود منافس شرس مثل تيار الصدر».

ويَخْلص الياسري إلى القول إن «ما يقوم به الإطاريون يمكن أن يسحب البلاد إلى ديكتاتورية من نوع جديد، عمادها احتكار التمثيل. وذلك بكل تأكيد يخالف حتى متبنياتهم المتعلقة بالنظام التمثيلي والمحاصصة وغيرها، وأظن أن ذلك سيُلحق أفدح الأضرار بالبلاد على المديين القريب والمتوسط».


مقالات ذات صلة

تعاون أمني عراقي ـ تركي لتطويق تداعيات أحداث سوريا

المشرق العربي وكيل وزير الداخلية التركي منير أوغلو لدى استقباله وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري (موقع وزارة الداخلية)

تعاون أمني عراقي ـ تركي لتطويق تداعيات أحداث سوريا

وصل وزير الداخلية العراقي، عبد الأمير الشمري، إلى أنقرة على رأس وفد أمني رفيع المُستوى، تلبيةً لدعوة رسميَّة تلقاها من نظيره التركيّ، علي يرلي قاي.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي احتفال قومي كردي في أربيل (أ.ف.ب)

معركة «محاكم» و«تغريدات» بين هوشيار زيباري ومحمد الحلبوسي

يبدو أن الخلافات السياسية القديمة - الجديدة بين «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، وحزب «تقدُّم»، تقف وراء «المعركة» بين هوشيار زيباري ومحمد الحلبوسي.

فاضل النشمي (بغداد)
يوميات الشرق حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)

«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

يقدم مهرجان «بين ثقافتين» الذي أطلقته وزارة الثقافة في مدينة الرياض، رحلة ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة.

عمر البدوي (الرياض)
المشرق العربي دورية عسكرية عراقية بمحاذاة السياج الحدودي مع سوريا (رويترز)

واشنطن تعلن عديد قواتها في العراق بعد تراجع جدل الانسحاب

فيما أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني حاجة بلاده إلى تنويع مصادر التسليح لقواتها المسلحة، كشفت واشنطن عن العدد الحقيقي لقواتها في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
رياضة عربية خيسوس كاساس مدرب العراق (منتخب العراق)

فوضى في مؤتمر مدرب العراق... وكاساس: منتخب البحرين «يشبهنا»

أكد الإسباني خيسوس كاساس، مدرب العراق، أن فريقه سيلعب بطريقة مختلفة في المواجهة المرتقبة أمام البحرين ضمن الجولة الثانية للمجموعة الثانية كأس الخليج لكرة القدم.

علي القطان (الكويت)

سوريا: مخلفات الحرب والألغام تحصد حياة 24 شخصاً خلال شهر

عناصر من «الخوذ البيضاء» يحاولون السيطرة على حريق بإحدى السيارات جراء انفجار في حلب (الخوذ البيضاء - إكس)
عناصر من «الخوذ البيضاء» يحاولون السيطرة على حريق بإحدى السيارات جراء انفجار في حلب (الخوذ البيضاء - إكس)
TT

سوريا: مخلفات الحرب والألغام تحصد حياة 24 شخصاً خلال شهر

عناصر من «الخوذ البيضاء» يحاولون السيطرة على حريق بإحدى السيارات جراء انفجار في حلب (الخوذ البيضاء - إكس)
عناصر من «الخوذ البيضاء» يحاولون السيطرة على حريق بإحدى السيارات جراء انفجار في حلب (الخوذ البيضاء - إكس)

لقي ما لا يقل عن 24 شخصاً حتفهم، وأُصيب العشرات، خلال أقل من شهر؛ جراء انفجار مخلّفات الحرب والألغام في المناطق السورية.

قال الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء»، على موقعه الإلكتروني، ليل الثلاثاء - الأربعاء، إن انفجار مخلفات الحرب تَصاعد بشكل كبير بعد التطورات الميدانية على الأرض، وانهيار نظام الأسد، وتلاشي خطوط التَّماس التي تنتشر فيها الألغام والذخائر غير المنفجرة بشكل كبير.

وأضاف أن «هذه المخلفات تهدد حياة السوريين وتُعمّق مأساتهم في رحلة البحث عن الأمان، والعودة لمنازلهم والعمل في مزارعهم بمناطق سورية واسعة»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وأشار إلى مقتل ثلاثة أشخاص، وإصابة ثلاثة بجروح بالغة، على أثر أربعة انفجارات منفصلة لألغام من مخلفات نظام الأسد.

وأوضح أن الحوادث الأربع التي استجابت لها فرق الدفاع المدني لانفحار مخلفات الحرب، أمس الثلاثاء، هي مقتل شخصين من فرق تابعة للشرطة المدنية بمدينة الباب، بانفجار لغم في قرية خربشة بريف حلب الشرقي.

ولفت إلى مقتل شخص بانفجار لغم في قرية الحامدية جنوب إدلب، وإصابة طفلة بجروح بليغة بانفجار لغم في بلدة عاجل بريف حلب الغربي، وإصابة مدنيين اثنين بجروح متوسطة بانفجار لغم في مدينة تادف شرق حلب.

وكشف عن مقتل مدني، وإصابة اثنين بجروح؛ أحدهما إصابته بالغة، بانفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب، يوم الأحد الماضي، في قرية القسطل بريف مدينة السلمية الشرقي في محافظة حماة، وإصابة 12 مدنياً؛ بينهم 9 أطفال بجروح، في 4 حوادث لانفجار مخلفات الحرب في سوريا، يوم السبت الماضي.

وقال الدفاع المدني إن فرقه وثّقت من تاريخ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مقتل 20 مدنياً؛ بينهم 8 أطفال وامرأة، وإصابة 22 مدنياً؛ بينهم 12 طفلاً بجروح بالغة، في انفجار لمخلفات الحرب والألغام بالمناطق السورية.