طبيب بريطاني: 900 طفل فلسطيني خضعوا لعمليات بتر أطرافهم خلال حرب غزة

أبو ستة: القوات الإسرائيلية استخدمت ذخائر الفسفور الأبيض المحظور في الحرب

البروفيسور غسان أبو ستة خلال عمله في غزة (إكس)
البروفيسور غسان أبو ستة خلال عمله في غزة (إكس)
TT

طبيب بريطاني: 900 طفل فلسطيني خضعوا لعمليات بتر أطرافهم خلال حرب غزة

البروفيسور غسان أبو ستة خلال عمله في غزة (إكس)
البروفيسور غسان أبو ستة خلال عمله في غزة (إكس)

قال الطبيب البريطاني الفلسطيني الذي عاد إلى لندن بعد فراره من غزة، إنه أُجبر على إجراء عمليات بتر لستة أطفال في ليلة واحدة، وهو يروي الـ43 يوماً «المروعة» التي قضاها في قلب الحرب، مشاركا ضمن مجموعة تعمل على جمع أدلة تفيد بأن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في العدوان على غزة.

ووصل البروفسور غسان أبو ستة، جراح التجميل، إلى غزة في الساعات الأولى من يوم 9 أكتوبر (تشرين الأول)، لتقديم المساعدة الطبية.

وفي نهاية المطاف، غادر في 18 نوفمبر (تشرين الثاني)، وعاد الآن إلى منزله في غرب لندن، حيث يعيش مع عائلته.

وخلال فترة وجوده في غزة، عمل على مدار الساعة في مستشفى الشفاء والأهلي، حيث أجرى عمليات جراحية لضحايا القصف الإسرائيلي المكثف والعملية البرية، والتي تشير التقديرات إلى أنها أودت بحياة 14800 شخص حتى الآن.

ويعتقد البروفسور أبو ستة أن ما يصل إلى 900 طفل في غزة خضعوا لعملية بتر أطرافهم منذ بداية الحرب، وقال لصحيفة «تليغراف» بعد مؤتمر صحافي أمس (الاثنين) إنه نفذ هذا الإجراء على ستة أطفال بمفردهم في ليلة واحدة.

وقال: «في اليوم الرابع أو الخامس من الحرب، كان نصف قائمة العمليات الخاصة بي، والتي كانت تتراوح بين 10 إلى 12 حالة كل يوم، من الأطفال». وتابع: «عندما تبدأ في إجراء عمليات جراحية للأطفال، فأنت تعلم أن هذه ستكون نحو واحدة من 10 إلى 15 عملية جراحية سيحتاجها الطفل قبل أن يصل إلى سن البلوغ، وتتوقف أجسامهم عن النمو».

ووصف البروفيسور أبو ستة كيف أن العديد من الأشخاص الموجودين على طاولة العمليات كانوا ضحايا صواريخ شظايا أطلقها الإسرائيليون، واحتاجوا إلى بتر أجزاء «صعبة للغاية» من أجسادهم مثل منتصف الفخذ، حيث كان على المسعفين أن ينشروا من خلال قطعة من القماش شبكة من العضلات السميكة، وعظم الفخذ، أقوى عظم في الجسم.

وتعتبر القنابل المتشظية مميتة بشكل خاص، لأنها تنفجر عند الاصطدام لتتحول إلى وابل من الشظايا المعدنية الصغيرة وسريعة الحركة، وفقا لـ«تليغراف».

حقائق

القنابل المتشظية

مميتة بشكل خاص، لأنها تنفجر عند الاصطدام لتتحول إلى وابل من الشظايا المعدنية الصغيرة وسريعة الحركة.

وقال البروفيسور أبو ستة: «كنا نأكل عندما نستطيع ذلك، فقط لأنك بحاجة إلى الاستمرار والمضي قدمًا». وقال في رسالة صوتية تمت مشاركتها في وقت سابق من هذا الشهر: «تذهب إلى النوم وأنت تعلم أن اليوم التالي سيبدو كئيبًا مثل اليوم السابق، لكننا نعيش على الأمل».

طفلة تنتظر تلقي العلاج في مستشفى الشفاء بمدينة غزة بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

وكان أبو ستة يعمل في المستشفى الأهلي عندما أصبح آخر مستشفى يعمل في غزة، وفي وقت سابق، تم تكليفه بمعالجة أكثر من 600 مريض إلى جانب جراحين آخرين. وقال إنه كان يعمل في نوبات عمل مدتها 17 ساعة وكان «مرهقا إلى درجة الألم».

 

«الهدف النهائي هو التطهير العرقي لغزة»

 

والآن بعد أن عاد إلى لندن، وافق البروفيسور أبو ستة على العمل لتقديم أدلة شهود على جرائم الحرب «الإبادة الجماعية» التي  ارتكبتها إسرائيل.

 

وقال أبو ستة إن القوات الإسرائيلية استخدمت ذخائر الفسفور الأبيض، المحظور في الحرب بموجب القانون الدولي، لأنه تعرف على الحروق المميزة التي أحدثها السلاح عندما عالج الضحايا في الحرب بين إسرائيل وغزة عام 2009.

 

وتابع الطبيب الفلسطيني: «هذه (الحرب) هي الفرق بين الفيضان والتسونامي. لقد كان هذا التسونامي والحروب الأخرى كانت مجرد فيضانات»، وأردف: «ليس هناك شك في ذهني أن الهدف النهائي هو التطهير العرقي لغزة... يتعين على حكومة المملكة المتحدة أن تصر على السماح للعاملين في المجال الطبي بدخول غزة، وعليها ضمان إجراء تحقيق مناسب في جرائم الحرب المحتملة».

 

 

وقبل بدء المؤتمر الصحافي، عُرض على الصحافيين مقطع فيديو مدته دقيقتان، تم تجميعه من الصور ولقطات الفيديو التي جمعها البروفيسور أبو ستة خلال فترة وجوده في غزة، والتي اعتبرت صادمة للغاية. وأظهرت اللقطات آثار الهجوم على المستشفى الأهلي.

 

 

وفي المقطع، الهواء كثيف بالدخان، واللون الأحمر الغريب لصفارة سيارة الإسعاف هو المصدر الوحيد للضوء. ويصل إلى داخل الممرات الطبية البيضاء في المستشفى، المليئة بالأطفال والكبار الذين يصرخون ويبكون بشكل هستيري.

 

«لحم يتساقط من الجرحى»

 

وأظهرت الصور التي جمعها البروفيسور أبو ستة أطرافاً مشوهة ومغطاة بجروح شظايا. وفي إحداها يمكن رؤية ذراع وقد انفجرت، ولحمها يتساقط على سرير المستشفى. وتظهر صورة أخرى جثة طفل صغير هامدة، ملطخة باللون الأسود بسبب الغبار.

 

كما نشر البروفيسور أبو ستة تحديثات منتظمة حول القتال الذي حاصر مستشفيات شمال غزة على موقع «إكس»، (تويتر سابقًا)، قائلًا إنه «من المهم وصف الدمار الهائل والوحشية التي تحدث».

 

 لم أرَ أي مقاتل من حماس في «مستشفى الشفاء»

غسان أبو ستة

وقال إنه لم ير أي مقاتل من حماس في مستشفى الشفاء، الذي يقول الجيش الإسرائيلي إن أرضه تخفي مركز قيادة المنظمة الإرهابية، وأردف: «لم أر في أي وقت من الأوقات أي شرطة مسلحة في الشفاء، حتى رجال الأمن في الشفاء كانوا هناك فقط لمراقبة عدد الأقارب الذين يحاولون الوصول إلى قسم الطوارئ».

وأضاف أنه كان يتجول في المستشفى بحرية، ويذهب إلى الطابق السفلي ومرافق التخزين لجمع المواد الطبية اللازمة لعمليته الجراحية التالية، ولم ير «شيئًا».

وزعم الجيش الإسرائيلي أنه توجد أسلحة ومتفجرات داخل مجمع مستشفى الشفاء الطبي، كما نشر علناً لقطات لأنفاق تحت الأرض أسفل المستشفى يقول إن (حماس) استخدمتها.


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.