مساعٍ مصرية مُكثفة لإنفاذ «هدنة غزة»

محادثات مع قطر وأميركا للاتفاق على الإجراءات التنفيذية

السيسي وبايدن (الرئاسة المصرية)
السيسي وبايدن (الرئاسة المصرية)
TT

مساعٍ مصرية مُكثفة لإنفاذ «هدنة غزة»

السيسي وبايدن (الرئاسة المصرية)
السيسي وبايدن (الرئاسة المصرية)

تسعى مصر، بالشراكة مع قطر والولايات المتحدة الأميركية، إلى ضمان تنفيذ فوري وسريع للهدنة المتفق عليها، بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال مصدر مصري مسؤول، الخميس، إن المباحثات والاتصالات مستمرة بين مصر وقطر والولايات المتحدة، على مدار الساعة، لـ«سرعة بدء الهدنة».

وأضاف المصدر، حسب «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، أن «مصر تُجري اتصالات مع الأطراف كافة للاتفاق على الإجراءات التنفيذية لإنفاذ الهدنة». ومن المقرر أن تسري الهدنة خلال ساعات، وفق المصدر المصري.

وزير الخارجية المصري خلال مباحثات مع وزيرة الدولة للتعاون الدولي في قطر الثلاثاء بشأن الوضع في غزة (الخارجية المصرية)

كان المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، قد قال إن محادثات تُجريها بلاده مع مصر بشأن ما وصفها بـ«تفاصيل الخطة التنفيذية لاتفاق الهدنة الإنسانية في قطاع غزة»، مؤكداً في تصريح له أن الأمور «تسير بشكل إيجابي».

وأعلنت الحكومة الإسرائيلية وحركة «حماس»، الأربعاء، عن صفقة لتبادل المحتجزين وهدنة لأربعة أيام، بما يمنح سكان القطاع فرصة لالتقاط الأنفاس بعد شهر ونصف من بدء الحرب. وتتضمن الصفقة إفراج «حماس» عن 50 رهينة من النساء والأطفال، مقابل إطلاق سراح عشرات الأسرى الفلسطينيين في إسرائيل.

وعشية تنفيذ الهدنة، أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن، تحدث مساء الأربعاء، إلى زعماء مصر وإسرائيل وقطر، في أول محادثات معلنة معهم منذ الإعلان عن اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس».

مظاهرة في تل أبيب 28 أكتوبر الماضي تطالب بالإفراج عن الأسرى لدى «حماس» (أ.ف.ب)

وقال البيت الأبيض إنّ المحادثات مع القادة الثلاثة تناولت «الاتفاق على ضمان إطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم (حماس) خلال هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وآخر التطورات في المنطقة».

ووفق البيان الأميركي، فإن بايدن قال للسيسي إن «الولايات المتحدة لن تسمح بأي حال من الأحوال بالترحيل القسري للفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية»، أو «إعادة رسم حدود غزة». كما أكّد بايدن «التزامه بإقامة دولة فلسطينية واعترف بدور مصر الأساسي في تهيئة الظروف لتحقيق هذه النتيجة».

وشدد بايدن على أنه «لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف أن تظل غزة ملاذاً لحركة (حماس)، حيث يمكنهم تهديد إسرائيل والفلسطينيين على حد سواء وتهديد أي طريق نحو سلام دائم».

وقفة في جنين بالضفة الغربية الثلاثاء دعماً للأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال (وفا)

من جانبها، قالت الرئاسة المصرية، في بيان نشرته عبر «فيسبوك»، إن السيسي «أكد أن الجهود المصرية تأتي في إطار حرص مصر على حقن الدماء وتحقيق الاستقرار في المنطقة»، مشدداً على «ضرورة البناء على الهدنة الإنسانية الحالية للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإدخال الكميات المطلوبة من المساعدات الإغاثية والوقود لجميع مناطق القطاع».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، عن مسؤولين مصريين، أنهم «تلقوا قائمة بأسماء أول عشرة محتجزين ستفرج عنهم (حماس) ضمن صفقة التبادل مع إسرائيل»، وأن «(حماس) تطالب الآن بتسليم المحتجزين لمصر مباشرةً، بينما كانت تريد إسرائيل تسليمهم للصليب الأحمر قبل نقلهم إليها».

وأشارت الصحيفة إلى أن تنفيذ الاتفاق تأخر بعد أن قال مسؤولون مصريون إن «حماس» لم تقدم قائمة كاملة بأسماء الدفعة الأولى من المحتجزين الذين ستفرج عنهم.

ويرى السفير حازم خيرت، سفير مصر السابق لدى تل أبيب، أن اتفاق الهدنة سيعطي فرصة للمساعي السياسية لوقف الحرب، كما سيسمح بفتح ممرات آمنة للتخفيف من حجم الكارثة التي يعيشها أهل القطاع.

وقال خيرت، في تصريحات نقلتها «وكالة أنباء الشرق الأوسط»، إن نجاح مصر في الوساطة يرجع إلى قدرتها على التواصل مع كل من حركة «حماس» والحكومة الإسرائيلية، وعلاقتها المتوازنة مع الأطراف كافة، بالإضافة إلى خبرتها الطويلة في هذا الملف وفي التعامل مع الجانبين. مطالباً الدول العربية ببذل جهد جماعي وتكاملي إزاء القضية الفلسطينية، واصفاً التعاون والتنسيق المصري - القطري في هذا الشأن بأنه مثال يُحتذى به عربياً.


مقالات ذات صلة

ما حيثيات اتهامات «الجنائية الدولية» لنتنياهو وغالانت والضيف؟

شؤون إقليمية المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (الموقع الرسمي للمحكمة) play-circle 02:06

ما حيثيات اتهامات «الجنائية الدولية» لنتنياهو وغالانت والضيف؟

مع إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال لرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت والقيادي في «حماس» محمد الضيف، إليكم أبرز ما جاء في نص المذكرات.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
شؤون إقليمية عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

حذر عسكريون إسرائيليون، في تسريبات لوسائل إعلام عبرية، من أن عرقلة نتنياهو لصفقة تبادل أسرى، تؤدي إلى تقوية حركة «حماس»، وتمنع الجيش من إتمام مهماته القتالية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي «كتائب القسام» تعلن أن مقاتليها تمكنوا من قتل 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك ببلدة بيت لاهيا (رويترز)

«كتائب القسام» تقول إنها قتلت 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك بشمال قطاع غزة

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، الخميس، أن مقاتليها تمكّنوا من قتل 15 جندياً إسرائيلياً في اشتباك ببلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رحّبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي  خليل الحية (رويترز)

«حماس»: لا صفقة تبادل أسرى إلا بعد انتهاء حرب غزة

قال القائم بأعمال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، إنه لن تكون هناك صفقة تبادل أسرى وسجناء مع إسرائيل، إلا بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».