مساعٍ إسرائيلية لفرض عقوبة الإعدام... ونائب يطالب بإحراق غزة

إيهود باراك: الحكومة تدير ظهرها لأميركا وتضرب رأسها بالحائط

فلسطينيون يتفقدون أنقاض المباني المدمرة بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على بلدة خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتفقدون أنقاض المباني المدمرة بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على بلدة خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)
TT

مساعٍ إسرائيلية لفرض عقوبة الإعدام... ونائب يطالب بإحراق غزة

فلسطينيون يتفقدون أنقاض المباني المدمرة بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على بلدة خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتفقدون أنقاض المباني المدمرة بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على بلدة خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ب)

فيما بدأت شخصيات إسرائيلية وأميركية تحذر من المواقف المتغطرسة التي تدعو فقط للحرب من باب «إذا فشلت القوة فمزيد من القوة»، خرج وزراء ونواب في اليمين المتطرف بتصريحات هستيرية تدعو إلى إحراق غزة عن بكرة أبيها، ووقف المفاوضات الجارية مع «حماس» حول صفقة تبادل أسرى. كما بادرت مجموعة من نواب معسكر اليمين الحاكم إلى المطالبة بقانون يفرض عقوبة الإعدام على الفلسطينيين الذين يدانون بالإرهاب في المحاكم «حتى تختفي ظاهرة السجناء وصفقات التبادل».

وجاءت هذه التصريحات في ظل انتشار أنباء عن موافقة إسرائيل على الطلب الأميركي بإدخال 60 ألف لتر من الوقود إلى المؤسسات الدولية العاملة في إغاثة قطاع غزة. ومع أن حاجة القطاع من الوقود تصل إلى مليون لتر يومياً في الظروف العادية، وأن هذا الوقود سيستخدم فقط لأغراض طوارئ عاجلة خصوصاً المستشفيات، فإن المسؤولين الإسرائيليين عدّوا الخطوة «رضوخاً أمام (حماس)... وإهانة لإسرائيل جيشاً وحكومة وشعباً».

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مؤتمر صحافي مع بنيامين نتنياهو في 28 أكتوبر الماضي (رويترز)

مفاوضات مع «حماس»

وفي منشور على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، قام وزير المالية بتسلئيل سموترتش، وهو يشغل منصب وزير ثانٍ في وزارة الدفاع، بمهاجمة الحكومة على مجرد إجراء مفاوضات مع «حماس» قائلاً: «بعد 41 يوماً لا يزال يحيى السنوار (رئيس حماس في غزة) قادراً على إجراء مفاوضات، وتحديد شروط إطلاق سراح الرهائن، ما يعني أننا لسنا في الاتجاه الصحيح؛ فقد حان الوقت لكي يبدأ كابينت الحرب بث القوة، وقطع الاتصالات، والإثبات بالأفعال لهذا النازي، ومن الآن فصاعداً نحن فقط من يضع الشروط».

وتابع سموترتش: «يجب أن نثبت له قبل كل شيء أننا مصرون على تدميره وتدمير منظمته بالكامل. كان يجب أن نرفض منذ وقت طويل التفاوض والحديث معه إلا بالحديد والنار، حتى يركض هو وراءنا ويتوسل لعقد صفقة معنا. هذا هو السبيل الوحيد لإعادة جميع المختطفين، وإعادة الأمن لدولة إسرائيل؛ لذلك لن نتوقف حتى ننتصر».

فلسطينيون يحاولون إنقاذ الجرحى بعد غارة إسرائيلية على رفح في قطاع غزة (أ.ب)

وضع الأصبع في العين

وقال وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، إن القرار بإدخال وقود إلى غزة مثل وضع الأصبع في العين، موجع وخاطئ وخطير. وقال النائب عن حزب «الليكود»، نيسيم فاتوري، إن «الانشغال الإسرائيلي في صفقات مع (حماس)، وفي انقطاع الإنترنت أو إدخال الوقود، يدل على أننا لم نتعلم شيئاً. نحن إنسانيون أكثر من اللازم، غزة يجب إحراقها بالوقود وليس إدخال الوقود إليها. يجب أن تكون سياستنا لا ماء ولا وقود إلا بعد أن يطلقوا سراح أسرانا».

وقال أفيغدور ليبرمان رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» المعارض، إنه لا يريد خوض نقاش مع نتنياهو بل تذكيره بما قاله فقط قبل 10 أيام، عندما صرح بأنه «لا دخول للتر واحد من الوقود من دون إطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين». وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن أنه أنجز تقريباً بشكل تام المرحلة الأولى من الحرب البرية على «حماس»، ويتجه الآن إلى المرحلة الثانية، قائلاً: «إذا أتيح لنا الاستمرار فإننا نمتلك الإرادة والجاهزية والقدرات لمواصلة الحرب حتى نحقق هدفها في تحطيم قدرات (حماس)».

تصاعد الدخان في أعقاب غارة إسرائيلية على خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

اغتيال قيادات

وقال الناطق بلسان الجيش دانئيل هغاري إن قواته حققت مكاسب جديدة، إذ كشف أن «حماس» استخدمت «الشفاء» مقراً لعملياتها ومخبأً لبعض الرهائن، وخطفت جثتي رهينتين إسرائيليتين من المستشفى، وقال إن قواته وجهت ضربة قاسية لقادة «حماس» الكبار من الدرجة الثانية، وهم أحمد غندور وروحي مشتهى وسامر أبو سراج وعصام دعليس وأيمن صيام، «الذين نفحص إن كانوا قد فارقوا الحياة من جراء عملياتنا». ويوم الجمعة أعلن عن اغتيال أحمد بحر، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة «حماس».

ولفت النظر في حديثه، تعبير «إذا أتيح لنا...»، إذ رأى مراقبون أن هذه دلالة على أن إسرائيل بدأت تتعرض لضغوط لوقف الحرب. وربطت صحيفتا «يديعوت أحرونوت» و«هآرتس» الإسرائيليتان بين هذا التصريح وبين زيارة قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال مايكل إريك كوريلا، إلى تل أبيب يوم الجمعة، لإجراء محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين حول الحرب على قطاع غزة والتصعيد المستمر على المناطق الحدودية مع لبنان، وأيضاً التصعيد في الضفة الغربية.

جنود إسرائيليون في محيط مستشفى «الشفاء» (أ.ب)

تحذير أميركي من توسع الحرب

وقال موقع «واللا»، مساء الخميس، نقلاً عن مسؤولَين إسرائيليَين رفيعَي المستوى إن «هذه الزيارة تعد الثانية للجنرال الأميركي الرفيع إلى إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة. وتأتي على خلفية الجهود التي تبذلها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لردع إيران و(حزب الله) اللبناني، ومنع تحول الحرب على غزة إلى حرب إقليمية». ولفت إلى «مخاوف لدى الإدارة الأميركية من أن استمرار العمليات في غزة وعمليات الجيش الإسرائيلي في لبنان، والتي تصاعدت في الأسبوعين الأخيرين، ستؤدي إلى تصعيد كبير ضد (حزب الله) وفتح جبهة ثانية» ضد إسرائيل.

جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم وسط العملية البرية المستمرة في غزة (رويترز)

انهيار كل الفرضيات

ومن جانبه، حذر إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، من سياسة الحكومة التي «تدير ظهرها إلى الحليف الأكبر الولايات المتحدة، وتضرب رأسها في الحائط». وقال إن 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي سيُخط في التاريخ الإسرائيلي ليس فقط على أنه القصور الأخطر في تاريخ الدولة، بل على أنه انهيار لكثير من الفرضيات التي اتخذها نتنياهو، مثل فرضية أن «(حماس) هي ذخر، والسلطة هي عبء». كما انهارت فرضية أنه وجد الطريق للسلام مع العالم العربي، في ظل تجاهل الفلسطينيين. وانهارت أيضاً فرضية أنه يمكن الاستخفاف بالولايات المتحدة وخداعها، مثلما فعل نتنياهو مع أوباما وبايدن. انهارت فرضية «سيد الأمن» الذي يتحدث 15 سنة عن إسقاط حركة «حماس». وفي مقابل كل هذه الانهيارات وجد نتنياهو نفسه يوجه 1.5 مليار دولار لـ«حماس»، والآن أصبح أمام أفظع النتائج. وأخيراً انهارت فرضية الزعيم من «مصاف آخر»، فقد أخطأ الرجل في تقييمه للسنوار، ولبوتين، ولأوباما، ولترمب والآن يخطئ في بايدن.

لذلك يدعو باراك إلى إنهاء حكم نتنياهو، والبحث عن طريقة أخرى تظهر قيادات جديدة عاقلة وقوية تردع «حماس» وأمثالها من جهة، ولكن من جهة أخرى تفتح الطريق أمام سلام شامل في المنطقة، مع العالم العربي كله من دون تجاهل القضية الفلسطينية، وفق حل الدولتين.


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في غارة جوية على منزل بمخيم النصيرات وسط غزة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً في موقع غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مقتل 5 في غارة جوية على منزل بمخيم النصيرات وسط غزة

قال مسعفون لـ«رويترز»، اليوم السبت، إن خمسة أشخاص، بينهم طفلان، قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي صورة وزعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز)

تقرير: ثغرة في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي وراء الفشل في اعتراض صاروخ الحوثي

قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن الفشل الأخير في اعتراض الصواريخ اليمنية التي تستهدف إسرائيل قد يكون مرتبطاً بضعف في نظام الدفاع الجوي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 16 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جندية إسرائيلية تشغّل طائرات مسيّرة (موقع الجيش الإسرائيلي)

تقرير: إسرائيل كوّنت أول وحدة قتالية للفتيات المتدينات جراء نقص الجنود

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن إسرائيل كوّنت لأول مرة وحدة قتالية للفتيات المتدينات بالكامل بها مستشارة دينية نسائية بسبب نقص الجنود المقاتلين مع تعدد الحروب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية تنشط في منطقة جبل الشيخ بسوريا في هذه الصورة المنشورة بتاريخ 9 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:10

ماذا يربط «7 أكتوبر» باحتلال إسرائيل لجبل الشيخ؟

إصرار إسرائيل على احتلال جانب آخر من جبل الشيخ، ضمن جنيها ثمار انهيار نظام الأسد، يشير إلى «عقدة 7 أكتوبر» في تل أبيب.

نظير مجلي (تل أبيب)

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

TT

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)
القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي، يشار غولر، جولة تفقدية لمنطقة الحدود مع سوريا، وعقد اجتماعاً مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرة هناك.

والتقى فيدان الذي يعد أول وزير خارجية يزور دمشق عقب سقوط نظام بشار الأسد، الشرع بحضور وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة، أسعد حسن الشيباني، ومن الجانب التركي نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، والقائم بالأعمال التركي في دمشق، السفير برهان كور أوغلو.

وجاءت زيارة فيدان بعد الزيارة التي قام بها رئيس المخابرات التركي، إبراهيم كالين، لدمشق، الذي كان أول مسؤول أجنبي يزورها ويجتمع مع إدارتها الجديدة، قبل أسبوعين تقريباً، وأعقب ذلك بيومين إعادة فتح السفارة التركية بعد 12 عاماً من إغلاقها، وهي أول سفارة أجنبية تفتح أبوابها بعد سقوط الأسد.

دعم تركي

وقالت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» إن مباحثات فيدان والشرع تناولت «هيكلة الإدارة الجديدة في سوريا، وخطوات المرحلة الانتقالية، ووضع دستور جديد للبلاد يعبر عن المرحلة الجديدة، ويتضمن مشاركة جميع مكونات الشعب السوري في العملية السياسية».

جانب من لقاء الشرع وفيدان في دمشق (الخارجية التركية)

وأضافت المصادر أن فيدان أكد «دعم تركيا للإدارة السورية الجديدة في هذه المرحلة، واستعدادها لتقديم كل ما يلزم من أجل اجتيازها بنجاح، ودعم مرحلة إعادة الإعمار وتلبية احتياجات الشعب السوري».

وبحسب المصادر، تطرقت المباحثات أيضاً إلى «تهيئة الظروف لعودة طوعية آمنة وكريمة للاجئين السوريين، وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة في هذه المرحلة».

كما تم التطرق إلى «مكافحة التنظيمات الإرهابية» وتصدي الإدارة السورية الجديدة للمجموعات التي تعمل على تقسيم البلاد، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تخوض القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة حرباً ضدها في شمال وشرق سوريا بالمناطق المحاذية لحدود تركيا الجنوبية.

وتوقفت وسائل إعلام تركية عند بعض النقاط اللافتة في اللقاء بين فيدان والشرع، منها وضع ظهور العلمين السوري والتركي خلال اللقاء بعدما كان يتم وضع العلم السوري فقط في اللقاءات السابقة للشرع مع الوفود الأجنبية.

كما لفتت إلى أن الشرع ظهر للمرة الأولى وهو يرتدي رابطة عنق (كرافتة) خلال لقائه فيدان. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن في طريق عودته من مصر، حيث شارك في قمة مجموعة الثماني في القاهرة، أن فيدان سيزور دمشق، وسيبحث مع إدارتها الجديدة هيكلة المرحلة المقبلة في سوريا.

تعاون مع «تحرير الشام»

وأكد فيدان، في تصريحات السبت، أن تركيا لم ترصد انخراط «هيئة تحرير الشام»، التي يقودها الشرع، في أي أنشطة إرهابية خلال السنوات الـ10 الأخيرة، مضيفاً: «هذا ليس تقييمنا فحسب، بل هذا ما خلُصت إليه أجهزة الاستخبارات الغربية أيضاً».

وعدّ فيدان الذي تولّى رئاسة المخابرات التركية لمدة 13 عاماً قبل توليه وزارة الخارجية، في يونيو (حزيران) 2023، في مقابلة مع قناة «فرانس 24»، أن «هيئة تحرير الشام» لعبت دوراً في «مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل (داعش) و(القاعدة)»، وقال إن «(تحرير الشام) أظهرت تعاوناً جيداً، خصوصاً في تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بمكافحة (داعش)، وأسهمت بشكل كبير في هذا الصدد».

ولفت إلى أن «تحرير الشام» تعاونت أيضاً مع تركيا حول أهداف معينة، مثل القضاء على زعيم «داعش» السابق، أبو بكر البغدادي، وأنهم لم يعلنوا عن ذلك من قبل؛ «نظراً لحساسية الأمر».

الشرع خلال استقباله فيدان بقصر الشعب في دمشق (إعلام تركي)

وعما إذا كانت تركيا ستتدخل عسكرياً ضد «الوحدات الكردية» في شمال شرقي سوريا، قال فيدان: «(وحدات حماية الشعب) منظمة إرهابية، تم إنشاؤها بشكل مصطنع من أشخاص من تركيا والعراق وسوريا وبعض دول أوروبا، ويجب حلها على الفور، هناك إدارة جديدة في سوريا الآن، ولم تعد روسيا وإيران ونظام الأسد يدعمون (وحدات حماية الشعب) و(حزب العمال الكردستاني)، وأعتقد أن عليهم التعامل مع هذا الأمر من خلال وحدة أراضي سوريا وسيادتها، لكن إذا لم يحدث ذلك؛ فبالطبع علينا حماية أمننا القومي»، وأضاف: «علينا أن نتوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة أيضاً حول هذا الأمر».

وزير الدفاع يتفقد الحدود

وبالتزامن مع زيارة فيدان لدمشق، تفقد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، مناطق الحدود مع سوريا، وعقد لقاء مع قادة الوحدات العسكرية التركية المتمركزة على الحدود.

وقال غولر إن تركيا تعتقد أن الإدارة الجديدة في سوريا، بما في ذلك «الجيش الوطني السوري»، المدعوم من أنقرة، سيطردون مسلحي «وحدات حماية الشعب الكردية» من جميع الأراضي التي تحتلها في شمال شرقي سوريا.

وتدعم الولايات المتحدة «وحدات حماية الشعب»، التي تعدها تركيا ذراعاً في سوريا لحزب العمال الكردستاني المصنف لدى تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، بوصفها حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي.

وتخوض تركيا والفصائل السورية الموالية لها قتالاً ضد «الوحدات الكردية» في مناطق سيطرة «قسد»، منذ سقوط حكم بشار الأسد، وسيطرت على تل رفعت ومنبج، وتواصل القتال حول عين العرب كوباني والرقة مع استمرار الاستهدافات في الحسكة.

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية السورية الأحد (الدفاع التركية)

وقال غولر، الذي رافقه رئيس الأركان التركي وقادة القوات البرية والبحرية والجوية بالجيش التركي خلال زيارته لقيادة الجيش الثاني في غازي عنتاب: «نعتقد أن القيادة الجديدة في سوريا والجيش الوطني السوري، الذي يشكل جزءاً مهماً من جيشها، إلى جانب الشعب السوري، سيحررون جميع الأراضي التي احتلتها المنظمات الإرهابية».

وأضاف: «سنتخذ أيضاً كل الإجراءات اللازمة بالعزم نفسه حتى يتم القضاء على جميع العناصر الإرهابية خارج حدودنا».

وتابع: «الأزمة التي بدأت في سوريا عام 2011 إضافة إلى البيئة غير المستقرة اللاحقة، أعطت تنظيمات (حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب، وداعش الإرهابي) الفرصة لكسب مساحة في سوريا، وهددت أمن حدودنا».

ولفت إلى أن تركيا دفعت ثمناً باهظاً قبل دخولها سوريا، ونفذت عمليات عبر الحدود، بدءاً بعملية «درع الفرات» عام 2016، لجعل التنظيمات الإرهابية تدفع الثمن ولضمان أمن حدودها وشعبها.

وقال إنه في هذا السياق، يعد الجيش التركي الجيش الوحيد سواء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو خارجه الذي يقاتل تنظيم «داعش» ميدانياً، وتحدث عن ثقته بأن «(الجيش الوطني السوري) سينقذ الأرض بأكملها».

وزير الدفاع التركي يشار غولر وقادة القوات المسلحة خلال اتصال بالفيديو مع الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود السورية (الدفاع التركية)

وأضاف غولر خلال لقاء عبر «الفيديو كونفرس» مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرين على الحدود التركية - السورية من مقر القيادة العسكرية في كليس جنوب، أنه بعد الإطاحة بنظام الأسد الدموي في سوريا، بدأت حقبة جديدة الكلمة الحقيقية فيها للشعب السوري، ومن الآن فصاعداً، سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوري، كما فعلنا حتى الآن، وسنكون على تعاون وتنسيق وثيق مع الإدارة الجديدة لضمان سلامة أراضي سوريا ووحدتها السياسية وأمنها واستقرارها.

وأشار إلى أنه نتيجة للعملية التي بدأت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، في إشارة إلى عملية «فجر الحرية» للجيش الوطني السوري، تم تطهير تل رفعت في 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ومنبج في 9 ديسمبر من العناصر الإرهابية.

وتابع: «أود أن ألفت الانتباه إلى نقطة مهمة وهي أن ما يحدث في سوريا اليوم لا ينبغي النظر إليه فقط على أنه (تطورات الشهر الماضي)، فتصرفات النظام، الذي اضطهد شعبه لسنوات، والجهود الكبيرة التي بذلها أصحاب سوريا الحقيقيون، الذين قالوا للنظام (توقف الآن)، جلبت أياماً جيدة».

تركيا وفصائل الجيش الوطني تواصلان القصف على محاور منبج وعين العرب (المرصد السوري)

وذكر أن «النجاح الذي تحقق هو أيضاً نتيجة للكفاح البطولي لقواتنا المسلحة التركية، وخصوصاً شهدائنا وقدامى المحاربين، الذي بدأ في أغسطس (آب) 2016 في عملية (درع الفرات) في حلب شمال غربي سوريا، لحماية وطننا من وراء الحدود، وتضامن وتضحيات شعبنا النبيل».

وعد غولر أنه ينبغي على جميع الأطراف الفاعلة في الميدان أن تأخذ بعين الاعتبار «التضحيات التي قدمتها تركيا والمبادرات التي قامت بها في الخطوات التي يجب اتخاذها في المستقبل؛ ومن أجل التوصل إلى حل عادل ودائم ومستدام، يجب احترام حساسيات تركيا التي ستواصل القيام بدورها لتحقيق الاستقرار في سوريا وضمان العودة الكريمة لملايين اللاجئين الذين استقبلتهم من سوريا».

هجمات ضد «قسد»

في الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 6 من عناصر الوحدات الكردية في عملية نفذتها القوات التركية في منطقة «نبع السلام» ضد عناصر كانوا يستعدون لتنفيذ هجوم في المنطقة.

وقصفت القوات التركية والفصائل الموالية لها ضمن منطقة «نبع السلام»، في شمال شرقي سوريا، بالمدفعية الثقيلة، محطة للوقود ومدرسة في بلدة أبو راسين شمال غربي الحسكة، ما أدى إلى تدميرهما، كما استهدفت مناطق في ريف تل تمر شمال غربي الحسكة.

ويشهد محور جسر قرة قوزاق بريف حلب الشرقي، اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني» وقوات «قسد»، بالأسلحة الثقيلة، مع قصف مدفعي عنيف استهدف أطراف الجسر الاستراتيجي الذي يربط ضفتي نهر الفرات غرباً وشرقاً، في محاولة لتمهيد الطريق أمام تقدم الفصائل، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.